22-أبريل-2022
فتحي بلعيد أ ف ب

كان قد تم إيقاف عدد من المواطنين بمنوبة على خلفية إفطارهم في رمضان (صورة أرشيفية/ فتحي بلعيد/ أ ف ب)

الترا تونس - فريق التحرير

 

طالبت جمعيات تونسية، في بيان مشترك، الخميس 21 أفريل/ نيسان 2022، السّلط، بالكف عن "ملاحقة وهرسلة وإيقاف المفطرين في شهر رمضان، مع تقديمهم للعدالة في حالة سراح بما أنهم لا يمثلون أي خطر على السلم العام، ولضمان حقهم في محاكمة عادلة".

جمعيات تونسية: نستنكر تواصل الاستهداف الممنهج للأقليات في تونس والتعدي على الحريات الفردية خاصة في شهر رمضان وندعو السّلط إلى رفع اليد عنها

ويأتي البيان الذي حمل عنوان "لا للتعدي على الحريات الفردية"، على إثر إيقاف عدد من المواطنين بولاية منوبة على خلفية إفطارهم في شهر رمضان "في تعدٍ صارخ على حقهم في الاختلاف وفي ممارسة حرياتهم الفردية" وفق الجمعيات.

واستنكرت الجمعيات الممضية "تواصل الاستهداف الممنهج للأقليات في تونس والتعدي على الحريات الفردية خاصة في شهر رمضان وتدعو السّلط إلى رفع اليد عنها".

وأكد الموقّعون أن "المناشير التي يتم اعتمادها لتتبّع المفطرين في رمضان، وغيرها من القوانين والمراسيم والمناشير التي تستهدف الحريات الفردية، غير دستورية ولا تحترم المواثيق الدولية ووجب مراجعتها لحماية حق الاختلاف وضمان قواعد العيش المشترك".

جمعيات تونسية: المناشير التي يتم اعتمادها لتتبّع المفطرين في رمضان، وغيرها من القوانين والمراسيم والمناشير التي تستهدف الحريات الفردية، غير دستورية ولا تحترم المواثيق الدولية

وطالبت الجمعيات السلطة القضائية بممارسة دورها "كسلطة تكرس العدالة وتضمن الحقوق والحريات لكل المواطنين دون تمييز على أساس العرق أو الجنس أو الجهة أو الدين"، داعية قوى المجتمع المدني "المؤمنة بمدنية الدولة وبقيم الديمقراطية والمتشبعة بثقافة حقوق الإنسان بالتكاتف والتنسيق لحماية الحقوق والحرية من قوى الردة ولعدم الرجوع بنا إلى مربع الاستبداد" وفقها.

ومن بين هذه الجمعيات الممضية، نجد: جمعية المفكرين الأحرار، الجمعية التونسية للدفاع عن الحريات الفردية، الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان.. وغيرها.

 

 

وكان عدد من الناشطين بهذه الجمعيات قد نظّموا صباح الخميس 21 أفريل/ نيسان 2022، وقفة احتجاجية أمام مقر محكمة الناحية في منوبة، تنديدًا بمحاكمة المفطرين في شهر رمضان والكفّ عن المضايقات بسبب التجاهر بالإفطار، والتي وصلت حدّ الحكم بالسجن، حيث تم عقاب شخص مدّة شهرين سجنا وفق تأكيد رئيس جمعية المفكرين الأحرار حاتم الإمام، نقلته وكالة تونس إفريقيا للأنباء (الوكالة الرسمية).

وأكدت الناطقة الرسمية للمحكمة الابتدائية بمنوبة سندس نويوي من جهتها، أنه بمقتضى إحالة من النيابة العمومية إلى محكمة الناحية في منوبة، تمّت إحالة 4 أشخاص منهم صاحب مقهى من أجل التجاهر بفحش.

يأتي ذلك بعد إيقافهم من قبل فرقة الأبحاث والتفتيش للحرس الوطني في منوبة بمقهى كائن بحي خالد بن الوليد تعمّد صاحبه فتحه نهارًا دون امتلاك ترخيص فتح في الغرض.

ويثير موضوع التجاهر بالإفطار في رمضان، الجدل كل عام، بين من يعتبر الصيام حرية فردية، ومن يرى عكس ذلك، الأمر الذي يخلق تفاعلًا كبيرًا على منصات التواصل الاجتماعي.

وفي تعليقه على الأمر، دوّن الباحث الجامعي في الحضارة والفكر الإسلامي غفران الحسايني: "محاكمة شباب في منوبة بتهمة الإفطار في رمضان (وفي مقهى مغلق) هو ابتذال وشعبوية وضرب لجوهر الحرية التي جاء بها القرآن، فلكل إنسان الحق في اختيار ما يؤمن به وهو مسؤول عن ذلك أمام خالقه"، وفقه.

غفران الحسايني (باحث في الفكر الإسلامي): محاكمة شباب في منوبة بتهمة الإفطار في رمضان وفي مقهى مغلق، هو ابتذال وشعبوية وضرب لجوهر الحرية التي جاء بها القرآن

وتابع الحسايني بقوله: "العبادات في الإسلام ليست بالكره ولا بالإجبار مثلها مثل الإيمان أو الكفر، و هذا راجع إلى مشيئة الإنسان وإرادته بنص الآية، لا الصائم يعتدي على المفطر ولا المفطر يتجاوز حدوده مع الصائمين، ثم إن الصيام أعز من أن يفرض على الناس فرضًا بقهر القانون والسلطة القضائية، وهذه المحاكمات يجب أن تتوقف".

وأضاف الحسايني: "دين الله لا يحمل عليه الناس كرهًا هذا أولًا، وثانيًا نحن نعيش في دولة يفترض أنها تحمي الحقوق والحريات التي لا يجب أن تتجزأ، وهذا المشترك الجامع بين الناس على اختلافهم.. فهذه محاكمات شعبوية لا تعبر عن تديّن عميق عقلًا وقلبًا، بل عن (فراريزم) ديني منفّر من الدين نفسه الذي جاء ليحرّر الناس وليس لاستعبادهم وحملهم على العبادة قهرًا وإلا لماذا لا يحاكم تارك الصلاة أيضًا بنفس الحجج التي تحشد اليوم وتصبح لدينا محاكم تفتيش ديني إرضاءً لمشاعر الجماهير؟".

 

وتفاعلت الناشطة بالمجتمع المدني مروى الفرشيشي بقولها إنّ الصيام يجب أن يراعي فئات واسعة منها المصابة بالسكري، ومنها مرضى القلب والشرايين والكلى، وكبار السن، ومرضى السرطان والسيدا وغيرها، وأضافت: "قد تحصّل هؤلاء المفطرون على عدم سماع الدعوى، أما الإهانة التي تعرضوا إليها، من يُحاسب عليها؟" وفق وصفها.