05-ديسمبر-2022
 كمال بن عمارة رئيس بلدية بنزرت

جمعيات: الأمر الرئاسي يمثل "اعتداء واضحًا على السلطة المحلية وتغوّلًا صريحًا للسلطة التنفيذية عليها"

الترا تونس - فريق التحرير

 

قالت جمعيات تونسية، مساء الأحد 4 ديسمبر/كانون الأول 2022، إن الأمر الرئاسي المتعلق بإعفاء رئيس بلدية بنزرت من مهامه، يمثل "اعتداء واضحًا على السلطة المحلية وتغوّلًا صريحًا للسلطة التنفيذية عليها"، مؤكدة أن رئيس بلدية بنزرت قد أودع طلباً في إيقاف تنفيذ القرار، كما يضمنه الفصل 253 من مجلة الجماعات المحلية، والذي يوقف تنفيذ أمر الإعفاء/الإقالة.

جمعيات تونسية: الأمر الرئاسي المتعلق بإعفاء رئيس بلدية بنزرت من مهامه، يمثل "اعتداء واضحًا على السلطة المحلية وتغوّلًا صريحًا للسلطة التنفيذية عليها"

وأضافت ذات الجمعيات، في بيان مشترك، أن "إعفاء رئيس البلدية دون موجب واضح، أي بناء على خطأ جسيم أو ضرر فادح بمصلحة عامة، هو سابقة خطيرة تفتح المجال لتصفية الخلافات السياسية بوسائل قانونية تُنكر حق المواطنين في تمثيلهم من خلال المنتخبين على المستوى المحلي، وتؤثر على قدرة باقي البلديات على حسن أداء عملها دون التعرض إلى الضغوطات السياسية ذات التداعيات القانونية".

وتابعت "يصدر أمر الإعفاء في سياق تعكّر العلاقة بين رئيس بلدية بنزرت ووالي الجهة منذ تعيينه، وتأزّمها قبل عيد الجلاء بأيام، معتبراً أن رفض رئيس البلدية طلب الوالي لتزيين وتجميل الشارع الذي سيمرّ منه موكب رئيس الجمهورية يوم الاحتفال خطأً جسيماً وإضراراً فادحاً بالمصلحة العامة. وفي هذا القرار تأويل هجين لمجلة الجماعات المحلية، يساوي بين الأخطاء الجسيمة التي تؤثر بشكل مباشر على حياة المواطنين، وبين عدم الاستجابة إلى رغبة الوالي في تجميل المدينة استقبالاً لرئيس الجمهورية".

وأكدت في  ذات البيان أن "إعفاء رئيس البلدية دون موجب قانوني هو استمرار وتماد في استهداف السلطة التنفيذية، وعلى رأسها رئيس الجمهورية، للسلطة المحلية المتمثّلة في البلديات التي تسيّرها مجالس منتخبة، والذي بدأ بحذف وزارة الشؤون المحلية وإعادة إلحاق مصالحها بوزارة الداخلية، ثم قطع الاستثمار في البلديات عن طريق توقف تمويل البرامج الاستثمارية وتعطّل صرف الأموال المتعلقة ببرامج سابقة، ثم التضييق عن طريق فرض رقابة للوالي في عدة حالات في تجاوز صريح للتشريع القائم وهو مجلة الجماعات المحلية، ثم هرسلة البلديات خلال عملية جمع التزكيات كجزء من شروط الترشّح للانتخابات التشريعية، وصولاً إلى خطاب عدائي من قبل الولاة ورئيس الدولة في الأزمات الجهوية والمحلية، كأزمة أهالي جرجيس وأزمة النفايات في صفاقس".

جمعيات: استهداف السلطة التنفيذية للسلطة المحلية المتمثّلة في البلديات بدأ بحذف وزارة الشؤون المحلية وإعادة إلحاق مصالحها بالداخلية، ثم قطع الاستثمار في البلديات عن طريق توقف تمويل البرامج الاستثمارية وتعطّل صرف الأموال المتعلقة ببرامج سابقة وغير ذلك

واستنكرت الجمعيات الممضية لجوء السلطة التنفيذية إلى آلية الإعفاء دون موجب قانوني، واستمرار استهدافها للسلطة المحلية، داعية إلى أن:

  • ترفع السلطة التنفيذية يدها عن السلطة المحلية المنبثقة من انتخابات حرة ومباشرة، واحترام تطبيق التشريع المنظّم لها
  • تعلي السلطة القضائية المتمثلة في المحكمة الإدارية بالمصلحة العامة المتمثلة في تطبيق القانون والتشريع المنظّم للسلطة المحلية
  • توحّد القوى الديمقراطية المتمثلة في الأحزاب والجمعيات والمنظمات صفوفها للدفاع عن المجالس البلدية المنتخبة، والتي تمثّل أساس البناء الديمقراطي السليم، والمجال الأوسع لمشاركة المواطنين والمواطنات في الشأن العام بشكل فعّال ومباشر
  • تستمر البلديات، من رؤساء وأعضاء المجالس البلدية منتخبة وإدارة بلدية، في الاستجابة إلى واقع المواطنين والمواطنات، رغم التحديات السياسية والمالية والإدارية، في تمسّك تام بالمصلحة العامة.

وتشدد الجمعيات الممضية على البيان على مساندتها رئيس بلدية بنزرت في نزاعه مع السلطة التنفيذية ودفاعه عن أبسط مقومات السلطة المحلية، وتدعوه إلى مباشرة أعماله كما تنصّ عليه مجلة الجماعات المحلية إلى أن يصدر حكم المحكمة الإدارية، وما يمليه عليه واجبه تجاه متساكني ومتساكنات بلدية بنزرت.

جمعيات تونسية تدعو رئيس بلدية بنزرت إلى مباشرة أعماله كما تنصّ عليه مجلة الجماعات المحلية إلى أن يصدر حكم المحكمة الإدارية

والجمعيات الممضية على البيان المذكور هي: الجامعة الوطنية للبلديات التونسية، جمعية البوصلة، جمعية أنا يقظ، جمعية مراقبون ومرصد شاهد.

 

 

وكان قد ورد في الرائد الرسمي للجمهورية التونسية (الجريدة الرسمية)، بتاريخ 1 ديسمبر/كانون الأول 2022، أمر رئاسي يقضي بإقالة رئيس بلدية بنزرت كمال بن عمارة وذلك لـ "ثبوت ارتكابه لأخطاء جسيمة تنطوي على مخالفة للقانون والإضرار الفادح بالمصلحة العامّة"، وفق ما ورد في نص الأمر الممضى من الرئيس التونسي قيس سعيّد.

أمر رئاسي: إقالة رئيس بلدية بنزرت لـ "ثبوت ارتكابه لأخطاء جسيمة تنطوي على مخالفة للقانون والإضرار الفادح بالمصلحة العامّة"

مع العلم أن رئيس البلدية المذكور على خلاف مع والي بنزرت (سبق أن عينه سعيّد ويُعرف سابقًا  كأحد الداعمين لحملة سعيّد في انتخابات 2019).

وكان رئيس بلدية بنزرت كمال بن عمارة قد رفض سابقًا طلبًا من والي بنزرت بتزيين المسلك الرئيسي الذي يمرّ منه قيس سعيّد لحضور احتفالية عيد الجلاء، متعللًا بطلب من متساكني البلدية في هذا السياق.

وفي تعليقه على قرار إقالته، قال كمال بن عمارة، في فيديو نشره على صفحة البلدية بفيسبوك، إنه يرفض الأمر الرئاسي وإنه سيتجه إلى المحكمة الإدارية للطعن في القرار وسيقبل ما ستتخذه المحكمة من قرار.

رئيس بلدية بنزرت يرفض الأمر الرئاسي ويؤكد توجهه إلى المحكمة الإدارية للطعن في القرار

واعتبر بن عمارة أن "قرار إقالته كان متوقّعاً، وهو محاولة لوضع اليد على المجلس البلدي على غرار ما تم من وضع يد على السلطات القضائية والتشريعية وغيرها"، وفقه. وشدد على أنه "مستهدف منذ حوالي السنة بعد استجابته لـ"عريضة بنزرت"، ورفضه تزيين المسلك الرئاسي في احتفالية عيد الجلاء".

وقال، في سياق متصل، إن من أسباب إقالته، إنه "طلب تعويضًا من فرنسا على الانتهاكات التي قامت بها في معركة بنزرت في جويلية/يوليو 1961، وتوجه لتكليف فريق من المحامين"، معتبرًا أنّ هذه الخطوة أزعجت السلطات التونسية، وفقه.

اعتبر رئيس بلدية بنزرت أن "قرار إقالته كان متوقّعاً، وهو محاولة لوضع اليد على المجلس البلدي على غرار ما تم من وضع يد على عدد من السلطات"

وتحدث عن تلقيه مراسلة من والي بنزرت لمساءلته، لكنه رفضها "لأن الوالي ليست لديه صفة الاختصاص لمساءلته"، وفق تقديره.