23-سبتمبر-2015

احتجاج حملة الشهادات العاطلين عن العمل في تونس(فتحي بلعيد/أ.ف.ب)

اختصاصات إضافية، زيادة في قيمة المنحة الجامعيّة، منح للدراسة بالخارج، صراع بين النقابات الطلابية وغياب الجامعات التونسية عن ترتيب أفضل الجامعات في أفريقيا والعالم العربي، هذه تقريبًا أبرز العناوين التي ستجدها هنا وهناك، في تصريحات الوزارة وديوان الخدمات الجامعي وبعض الدراسات وحديث الطلبة والأساتذة، وهي على عتمة المشهد الذي تُظهر، لا تزال لم تنتقل بعد من طور "عناوين الأزمة" إلى طور "مقدمات الإصلاح" بسبب، ما يعتقده الكثيرون، غياب الإرادة و الرؤية.

في تونس يقتصر الحديث في الشأن الطلابي على عناوين الأزمة دون المرور إلى مقدمات الإصلاح 

يجمع جزء من الفاعلين في الشأن الطلابي التونسي أن الثورة لم تدخل عدة فضاءات ومؤسسات في البلاد ومن بينها الجامعة فحتّى الإنجاز الذي مثل استجابة لطلب ثوري والمتمثل في سحب الأمن الجامعي، قد يتم التراجع عنه، في إطار الحرب على الإرهاب. وبقي مطلب إصلاح كامل المنظومة والبرامج يراوح الرفوف ويتصدّر بعض التظاهرات النقابية الطلاّبية، التي فقدت بريقها منذ أن صودرت فيها معاني الدفاع عن الطلبة لصالح الدفاع عن طرف سياسي بعينه. ويرى كثيرون أن توريد نظام التعليم العالي "إمد" زاد في تراجع الجامعات التونسيّة على مستويات عدة.

عندما يستلم الناجحون في امتحان الباكالوريا/الثانوية العامة في شهر تموز/يوليو من كلّ سنة دليل التوجيه الجامعي لتحديد مسار مهم في حياتهم، مرتبط أساسًا بمستقبلهم المهني والعلمي، فإنّ أغلبهم يكتشف للوهلة الأولى اختصاصات لم يسمع بها من قبل وأخرى قد تبدو لبعضهم مثيرة للضحك والسخرية. في هذا الإطار، يقول مراد، طالب في السنة الثانية فلسفة، لـ"ألترا صوت": "عديدة هي الاختصاصات السخيفة والتي لا مستقبل منها ومواطن الشغل فيها قليلة".

إقرأ أيضًا: ورطة اختيار التخصص الجامعي

يساند الكثيرون مراد في ما ذهب إليه، ويرون أن التعليم العالي ومتطلبات سوق الشغل في تونس باتا في قطيعة شبه واضحة. غير أن الأخطر من ذلك أن يتحدّث نفس الطالب أن "الشهادة الجامعية لا تجلب عملًا وليست سوى ورقة تفتخر بها العائلة أمام الناس والجيران".

ويرى مختار جابر، أستاذ جامعي تونسي، خلال حديثه لـ"ألترا صوت": "يتعرض الطلبة التونسيون لإشكاليات مختلفة منها سياسات الدولة التي لم يعد يهمها إنتاج المعرفة بقدر ما صار يعنيها وجود جامعات فحسب يدخلها الطلبة لينالوا شهادة يستدلّون بها على المستوى التعليمي لا المستوى الثقافي".

ويضيف مختار: "العنوان الثاني للأزمة في الجامعة التونسية يتمثل في توتر العلاقات في مثلث العملية التربوية في تونس وهم الطالب والأستاذ والبرنامج التعليمي". مؤكّدًا أن "الحلّ يكمن في فتح ورشات تفكير جديّة تضع هدفًا مرحليّا لها إعادة الدور الطلائعي للجامعات بنخبها طلابًا وأساتذة وهدفًا استراتيجيًا يتعلّق أساسًا بإعادة إحياء عمليّة إنتاج المعرفة وتوظيفها في خدمة المصلحة الوطنيّة".

لا شكّ أن موضوع الجامعات ومشاكلها يعتبر أحد أبرز المواضيع الساخنة في البلاد ولا شكّ أن تناوله سيكون من زوايا مختلفة باختلاف الغايات والأهداف والأكيد أن تقزيم دور الجامعة وجعلها غرفة خلفيّة للتجارب أو لهوامش وإفرازات السياسات ليس سوى استبعادًا لفئة واسعة من الشعب عن دائرة الفعل، وهو ما ينذر بالخطر وبإنتاج الأزمة من جديد.