اقتصاد

تعليق منح القروض طويلة الأجل في تونس.. قراءة في التداعيات والأسباب

12 أبريل 2025
أموال.png
أنيس الوهابي لـ"الترا تونس: هذا سيؤثر بشكل خاص على القروض الموجهة لاقتناء مسكن
أسماء المؤدب
أسماء المؤدب صحفية من تونس

أثار توجه البنوك الخاصة في تونس نحو تعليق منح القروض الجديدة التي يتجاوز أجلها 15 عامًا لتجنب تقلص أرباحها، اهتمام التونسيين، وذلك إثر تصريح مصادر بنكية لوكالة رويترز مؤخرًا بأنّ هذا التعليق تم بناءً على تعليمات شفهية لتجنب أي أثر كتابي قد يدفع السلطات المالية إلى فرض عقوبات على البنوك، وفقها، وللكشف عن أسباب هذا التوجه وانعكاساته المحتملة تحدث "الترا تونس" مع المحاسب أنيس الوهابي.

وتعليقًا على هذا التوجه أكد الخبير المحاسب أنيس الوهابي، يوم السبت 12 أفريل/نيسان 2025 في تصريح لـ"الترا تونس" أن "تعليق البنوك في تونس منح القروض الجديدة التي يتجاوز أجلها 15 عامًا جاء بسبب تنقيح بعض فصول المجلة التجارية مؤخرًا "ما يعرف بقانون الشيكات" دون الأخذ بعين الاعتبار، للتداعيات الاقتصادية والمالية"، وفق تأكيده.

وأوضح أنيس الوهابي، أن "التنقيح الجديد، المتعلق ببعض فصول المجلة التجارية ينص في أحد فصوله على تمكين صاحب القرض الجاري بنسبة فائدة ثابتة الذي تتجاوز مدة تسديده 7 سنوات، من تقديم مطلب للبنك يمكنه من تخفيض بنسبة 50 بالمائة في نسبة الفائدة".

الخبير المحاسب أنيس الوهابي لـ"الترا تونس": تعليق البنوك منح القروض الجديدة التي يتجاوز أجلها 15 عامًا جاء جراء تنقيح بعض فصول المجلة التجارية مؤخرًا دون الأخذ بعين الاعتبار للتداعيات الاقتصادية والمالية

وبين أنه "بموجب هذا الإجراء ستنخفض مداخيل البنوك وأرباحها من سداد هذه القروض الممنوحة بنسب الفائدة الثابتة إلى النصف، وبالتالي فإنها ستعلق منح القروض بنسب فائدة ثابتة وهو ما تم فعلاً".

وأشار إلى أن "مذكرة قديمة صدرت سابقًا عن البنك المركزي التونسي، تفيد بأن القروض التي يتجاوز أجل سدادها 15 سنة تصبح نسبة فائدتها ثابتة بصفة آلية".

وأضاف أنيس الوهابي في تصريحه لـ"الترا تونس" أن "البنوك توجهت لتعليق منح القروض الجديدة التي يتجاوز أجلها 15 عامًا لتجنب تقلص أرباحها وذلك إلى حين تنقيح القانون".

وبين الوهابي أن "التنقيح الأخير لا معنى له اقتصاديًا ولا بدّ من تعديله، أخذًا بعين الاعتبار لهذه الإشكاليات"، ولفت إلى أن "تنقيح القانون تم دون الأخذ بعين الاعتبار لتداعياته الاقتصادية".

وأضاف الخبير المحاسب أن "المواطن التونسي لم يعد بإمكانه الاقتراض من البنوك بالنسبة للقروض التي يتجاوز أجلها 15 عامًا"، واعتبر أن "هذا سيؤثر بشكل خاص على القروض الموجهة لاقتناء مسكن".

وأوضح أن "القروض الاستهلاكية الأخرى يكون أجل خلاصها أقل من 15 سنة، كما أن القروض الموجهة لتمويل المؤسسات على سبيل المثال تكون بنسبة فائدة متغيرة".

واعتبر أنه "من غير الممكن سن أي قانون في البلاد يجبر البنوك على تحمل كلفة القروض التي تسديها، كما لا يمكن إجبار أي تاجر على بيع منتجات بسعر أقل من كلفة اقتناءها وتكبّد خسارة مالية"، وفق تأكيده.

الخبير المحاسب أنيس الوهابي لـ"الترا تونس": المواطن لم يعد بإمكانه الاقتراض من البنوك بالنسبة للقروض التي يتجاوز أجلها 15 عامًا، وهذا سيؤثر بشكل خاص على القروض الموجهة لاقتناء مسكن

من جهته اعتبر الأستاذ الجامعي المختص في الاقتصاد رضا الشكندالي، أن "تعليق القروض لأكثر من 15 سنة من طرف البنوك التونسية يعكس تخوفاتها من الفصل 412 من المجلة التجارية والذي يفرض عليها بعد 3 سنوات من منح هذه القروض التخفيض في نسبة الفائدة إلى النصف".

وبين الشكندالي، في تدوينة على حسابه الرسمي بموقع فيسبوك، أن "هذا التصرّف وإن له ما يبرره من ناحية مردودية هذه القروض بالنسبة للبنوك، فهو سيعصف بما تبقى من قطاع السكن".

ولفت المختص في الاقتصاد، إلى أنه "على الدولة أن تتحمل مسؤوليتها كاملة حتى لا يجوع الذئب (البنوك التي تحتاجها الدولة لتمويل نفقاتها) ولا يشتكي الراعي (المواطن المسكين والذي له الحق على الأقل في امتلاك مسكن)"، وفق نص تدوينته.

وأكد أنه "لا بد من التسريع في مراجعة السياسة النقدية عبر تغيير القانون الأساسي للبنك المركزي حتى تكون هذه السياسة دافعًا مهمًا للاستثمار خاصة في قطاع البناء وبالتالي دافعًا مهمًا للنمو الاقتصادي"، على حد قوله.

رضا الشكندالي: تعليق القروض لأكثر من 15 سنة يعكس تخوف البنوك التونسية من الفصل 412 من المجلة التجارية وإن كان لهذا التصرّف ما يبرره من ناحية مردودية هذه القروض بالنسبة للبنوك، فهو سيعصف بما تبقى من قطاع السكن

 

 

ويشار إلى أن القانون عدد 41 لسنة 2024 المؤرخ في 2 أوت/أغسطس 2024 والمتعلق بتنقيح بعض أحكام المجلة التجارية وإتمامها نص في فصله 412 ثالثًا (جديد) على "التخفيض في نسبة الفائدة الثابتة المنطبقة على القرض الجاري خلاصه أو القرض الجديد، والذي تتجاوز المدة الجملية لتسديده سبع سنوات، إذا تبيّن أن القيمة الجملية للفوائض التعاقدية المستخلصة خلال الثلاث سنوات السابقة لتاريخ تقديم مطلب التخفيض من المقترض تجاوزت نسبة ثمانية بالمائة من باقي أصل الدين دون اعتبار الفوائض المذكورة".

وأضاف الفصل المذكور أنه "على المصرف أن يضبط، في أجل أقصاه خمسة عشر يومًا من تاريخ تقديم المطلب، جدول استهلاك جديد على قاعدة باقي أصل الدين غير المستخلص دون اعتبار الفوائض التعاقدية، ومدة الخلاص المتبقية ونسبة فائدة جديدة تساوي حاصل ضرب النسبة السابقة للفائدة المعتمدة في ضارب تعديلي يساوي 0.5".

 

 

ومن جهة أخرى تدعو التنسيقية الوطنية لتطبيق الفصل 412، في مراسلات رسمية وجهتها إلى كل من محافظ البنك المركزي، ووزيرة المالية والرئيس التونسي قيس سعيّد، إلى "إلزام البنوك التونسية بتسوية مطالب الحرفاء وفقًا للفصل المذکور، ومعالجتها في الأجل القانوني دون تهاون. واتخاذ الإجراءات المناسبة ضد المؤسسات البنكية المخالفة"، مشددة على أنه يعدّ "ساري المفعول منذ صدوره بالرائد الرسمي، دون الحاجة إلى أي نصوص ترتيبية أو منشورات إضافية من البنك المركزي، وأنه من غير المقبول أن تواصل بعض البنوك التونسية رفضه أو التلكؤ في تطبيقه"، وفقها.

وبدورها كانت وكالة "فيتش رايتنغ" للتصنيف الائتماني قد أكدت، في تقرير صدر عنها مؤخرًا، أنّ ربحية البنوك التونسية تواجه ضغوطًا، بسبب إجراءات جديدة تهم القروض، وتوقعت أن هذه الخطوة ستضّعف الربح الصافي لأكبر 10 بنوك تونسية بنحو 170 مليون دينار  في 2025، أي ما يعادل 11% من ربحها الصافي السنوي في النصف الأول من سنة 2024.

كما لفتت الوكالة إلى إجراء آخر ، يفرض على البنوك التونسية تخصيص 8% من أرباحها لتمويل المؤسسات الصغرى والمتوسطة دون ضمانات، حيث تقدّر فيتش أن هذه الخطوة ستؤدي إلى فقدان إيرادات بنحو 50 مليون دينار في 2025 لأكبر عشرة بنوك، أي ما يعادل 3% من ربحها الصافي السنوي في النصف الأول من 2024، متوقعة أن هذه الإجراءات الجديدة ستقلل من الربح الصافي لأكبر 10 بنوك تونسية بحوالي 14% في 2025.

الكلمات المفتاحية

حسابات بنكية نائمة أموال نقود بنك

الحسابات البنكية النائمة في تونس.. تفاصيل الإجراءات قبل الإيداع بخزينة الدولة

البنوك والمؤسسات المالية في تونس، مطالبة بنشر قائمة في أصحاب الحسابات النائمة بالرائد الرسمي للبلاد التونسية مع نهاية شهر أفريل 2025، وفق ما جاء به قانون المالية.


تقرير: توقعات بتسجيل الاقتصاد التونسي نسبة نمو أضعف مما رُسم لسنة 2025

تقرير: توقعات بتسجيل الاقتصاد التونسي نسبة نمو أضعف مما رُسم لسنة 2025

المعهد العربي لرؤساء المؤسسات: من المتوقع أن يسجل الاقتصاد التونسي نموًا، أضعف ممّا وقع رسمه بالنسبة لكامل سنة 2025.


إلغاء المناولة في تونس.. حماية للعامل أم شلل للاقتصاد؟

إلغاء المناولة في تونس.. حماية للعامل أم شلل للاقتصاد؟

عضو نقابة مؤسسات الحراسة لـ"الترا تونس": هناك لبس كبير يقع فيه الكثيرون عند الخلط بين مفهومي المناولة والتشغيل الهش


الهادي بن عمر فلاح قصة نجاح

حوّلها من "سبخة" إلى "جنة".. قصة فلاح تونسي نجح في استصلاح أرض مالحة

نجح الفلاح التونسي الهادي بن عمر بعد سنوات من العمل والتضحية في زراعة القمح والشعير في أرضٍ كانت حتى زمن غير بعيد مجرد "سبخة" مالحة وغير صالحة للزراعة

طقس مطر غيتي.jpg
منوعات

معهد الرصد الجوي: ظهور خلايا رعدية مصحوبة بأمطار

معهد الرصد الجوي: خلايا رعدية محلية بالشمال والوسط بقية هذا اليوم وبداية اللّيل مصحوبة بأمطار مع تساقط البرد بأماكن محدودة

رقمنة التحول الرقمي
مجتمع

دراسة: تقدّم ملحوظ لكن غير متوازن في مسار التحوّل الرقمي في تونس

مكتب المنظمة الدولية للتقرير عن الديمقراطية بتونس يوصي بتعزيز الوصول العادل إلى التكنولوجيا الرقمية لجميع المواطنين.


كرة اليد تونس istockphoto
منوعات

تعرّف على تركيبة المكتب الجديد للرابطة التونسية لكرة اليد النسائية

مكتب الجامعة التونسية لكرة اليد: تعيين مكتب جديد لتسيير الرابطة الوطنية لكرة اليد النسائية تبعًا للتوقف عن العمل من طرف رئيسة الرابطة وبعض أعضاء مكتبها

النادي الصفاقسي 2
منوعات

غياب الترشحات لرئاسة وعضوية الهيئة المديرة للنادي الصفاقسي

رئيس الهيئة التسييرية للنادي الصفاقسي: "الوضعية المالية للنادي خلّفت تسليط عقوبة المنع من الانتداب على فرعي كرة القدم والكرة الطائرة"

الأكثر قراءة

1
اقتصاد

حوار| منجي مرزوق: تقدم برنامج الطاقات المتجددة في تونس بطيء رغم إمكانياته الواعدة


2
مجتمع

من الترفيه إلى الإدمان.. كيف نواجه تعلّق الأطفال بالشاشات؟


3
اقتصاد

حوار| خبير محاسب يكشف لـ"الترا تونس" واقع استعمال الكمبيالة وأهم الإشكاليات


4
مجتمع

مهندسة فلاحية تختار الزراعة المائية لمواجهة الفقر المائي


5
مجتمع

إسناد الطلاق بالتراضي إلى عدول الإشهاد.. مقترح قانون يثير الجدل في تونس