21-مايو-2022
 تعلم عوم

شيماء بن رجب لـ"الترا تونس": هذه الحركة الاحتجاجية وجدت للضغط ولن تتوقف عند قضية عمر العبيدي

 

صرخة الشاب عمر العبيدي وهو يطلب النجدة من خطر الغرق في واد قرب ملعب لكرة القدم بتاريخ 31 مارس/آذار 2018، وإجابة على الرجاء كانت عبارة "تعلم عوم"، غيّرت كثيرًا في معادلة التمسك بمسار استعادة حق مسلوب وإقامة العدالة في تونس.

حملة "تعلم عوم" انتشرت على وسائل التواصل الاجتماعي وخلقت ديناميكية من أجل معرفة الحقيقة كاملة وفضح كل محاولات الإفلات من العقاب

فالعبارة التي انتشرت وقتها كالنار في الهشيم على وسائل التواصل الاجتماعي خلقت ديناميكية من أجل معرفة الحقيقة كاملة وفضح كل محاولات الإفلات من العقاب، وجمعت حولها أشخاصًا ومنظمات تطلب حقيقة الوفيات المريبة في أقسام الشرطة والملاحقات الأمنية.

 

 

تحولت "العبارة العلقم" والشاب الرمز عمر العبيدي إلى حملة مواطنية تناضل من أجل تحقيق العدالة في قضية الشاب الذي توفي غرقًا في وادي مليان إثر ملاحقة أمنية بعد مباراة لكرة القدم، لكنها مثلما يقول الناطق باسمها أيوب عمارة، في تصريح لـ"ألترا تونس" تتجاوز ذلك إلى "مناصرة كل ضحايا العنف الأمني لتشمل عديد التشكيلات الحقوقية والشبابية لوضع حد للانتهاكات التي ذهب ضحيتها أيضاً الشاب عبد السلام زيان في ولاية صفاقس، لذلك تم التفكير في أن تخوض حملة "تعلم عوم" بالتشاور بين أعضائها وأصدقاء الشاب الراحل عمر العبيدي مرحلة النضال من أجل  إقرار يوم وطني لمناهضة الإفلات من العقاب بتاريخ 31 من مارس/ آذار من كل سنة".

أيوب عمارة لـ"ألترا تونس": "تعلم عوم" هي حملة مناصرة لكل ضحايا العنف الأمني وتشمل عديد التشكيلات الحقوقية والشبابية لوضع حد للانتهاكات التي ذهب ضحيتها عديد الشبان

ويقول عمارة إن "4 سنوات قد مرت على وفاة العبيدي دون عقاب  للجناة، بل إن  من بين المتهمين من ارتقى في السلم الوظيفي، بينما تعيش الحملة تضييقًا على تحركاتها حيث تم منعها من تصوير فيديو توعوي حول حادثة عمر العبيدي قرب مكان وفاته وتم اقتياد من يمثلها إلى مقرات أمنية".

ويتابع "الحملة توسعت لأن عدداً من المتعاطفين والمجموعات الشبابية المساندة لها واجهت مضايقات أمنية إما بالإيقاف أو بالإحالة على القضاء"، مشيرًا إلى تعمد النقابات الأمنية تعطيل مسار الحقيقة عبر إجبار منظوريها على عدم الحضور في جلسات المحاكمة، فقد بلغ الأمر بعدد منهم باتهامهم بالإرهاب، مشيرًا إلى أن الحملة تبدع في الدفاع والتعريف بالقضية وهم يتفننون في الإفلات من العقاب، حسب تعبيره.

 

 

وحول تغير النظرة إلى الحملة في الآونة الأخيرة، يقول الناطق الرسمي باسمها أيوب عمارة إن الراحل عمر العبيدي هو مواطن لا يحمل صفة حزبية ولا سياسية ومكانه الطبيعي هو مقاعد الكلية لو كان الله مدد في عمره، وإن صرخة والدة عمر العبيدي في آخر جلسة في المحكمة هي أقوى من أي مرافعة أمام القضاء لأنها طالبت بأن تنظر في عيني من قتل ابنها"، وفقه، وعبر أيوب عمارة عن أسفه من تجنب البعض مساندة الحملة واتهامها بوقوف جهات وراءها وهي نفس طريقة التعامل مع أي حراك احتجاجي يعبر عن قضية عادلة، وفق تعبيره.

  • المجتمع المدني مساند بقوة لحملة "تعلم عوم"..

يرى رمضان بن عمر، الناطق الرسمي باسم منتدى الحقوق الاقتصادية والاجتماعية، في تصريح لـ"الترا صوت تونس" أن حملة تعلم عوم هي حملة شبابية والمجتمع المدني مساند لها سواء من حيث التعبئة الإعلامية أو الدعم القانوني والحضور في بعض التحركات الميدانية فمكونات المجتمع المدني كانت أول من طالب بتحقيق محايد وشفاف في وفاة الشاب عمر العبيدي لضمان عدم تكرار الإفلات من العقاب وكانت تتابع حالات عديدة لتجاوزات في مراكز الإيقاف وحالات الموت أثناء الاحتجاجات الاجتماعية وأغلب هذه الملفات التي تكون فيها الأجهزة الأمنية طرفًا إما تطول فيها الإجراءات أو تنتهي ضد مجهول وتبقى في ملاقاة في أروقة القضاء إلى ما لا نهاية.

رمضان بن عمر، الناطق الرسمي باسم منتدى الحقوق الاقتصادية لـ"الترا تونس" : لا قطيعة بين الأطر الكلاسيكية للمجتمع المدني والأطر الشبابية مثل مجموعات الألتراس لأننا نشترك في الدفاع عن ذات القضايا ومن ذلك وضع حد للإفلات من العقاب

ويضيف بن عمر أنه "لا يرى أي قطيعة بين الأطر الكلاسيكية للمجتمع المدني سواء كانت منظمات أو جمعيات وبين الأطر الشبابية مثل مجموعات الألتراس، لأن في الجانبين هناك شخصيات مشتركة لذلك كان التقارب والدفاع عن نفس القضية وعن نفس المطلب وهو وضع حد للإفلات من العقاب، مشيرًا إلى أن الثقة تعززت لأن منظمات المجتمع المدني كانت دائمًا في الخط الأول للدفاع عن الموقوفين في الاحتجاجات ومنها إيقافات في صفوف جماهير النادي الإفريقي في مركز الأمن بحي الخضراء في جانفي/يناير 2021.

ويؤكد بن عمر أن "حملة تعلم عوم اختصرت الوقت في مسار النضال ضد الإفلات من العقاب الذي اشتغلت عليه مكونات المجتمع المدني في السنوات الأخيرة لكنها ربما لم تستطع صياغة الرسالة ولا طريقة إبلاغها"، فهذه الحملة، يقول بن عمر، لها حاضنة شعبية شبابية ولها طريقتها في التواصل حتى تجمع حولها الرأي العام، كما تمثل قضية عمر العبيدي نموذجًا لطريقة الإفلات من العقاب في تونس حيث توفر الأجهزة الأمنية كل الإمكانيات والسيناريوهات لإخفاء الحقيقة"، حسب تعبيره.

  • شعار موحد للشباب داخل الملعب وخارجه

تعتبر تجربة التحول من حملة افتراضية إلى حملة واقعية مثالاً ناجحًا على توالد الديناميكيات وتواصلها فالعبارة الرمز التي انتشرت في وسائل التواصل الاجتماعي ظلت حية في الواقع بل نمت أكثر فأكثر كلما تعددت حالات الإفلات من العقاب.

في هذا السياق، تقول شيماء بن رجب، باحثة في علم الاجتماع لـ"ألترا تونس" إن حملة تعلم عوم عرفت زخماً لأنها تعبر عن "أول حالة قتل لأحد أعضاء مجموعات الألتراس وتحولت إلى حراك شعبي تضامني التقت حولها مجموعات جماهير الفرق الرياضية التي عادة ما تتحرك في مجال المنافسة، وبدأ ذلك أثناء تشييع جنازة الشاب عمر العبيدي حيث شاركت  هذه المجموعات بمعلقاتها التي عادة ما ترفع فقط في الفضاء الرياضي".

شيماء بن رجب، باحثة في علم الاجتماع لـ"ألترا تونس": حملة تعلم عوم عرفت زخماً لأنها تعبر عن "أول حالة قتل لأحد أعضاء مجموعات الألتراس وتحولت إلى حراك شعبي تضامني التقت حولها مجموعات جماهير الفرق الرياضية"

وتضيف بن رجب أن "قضية عمر العبيدي كانت قضية رأي عام تفاعل حولها الجمهور في وسائل التواصل الاجتماعي وانتقلت إلى  الشارع حيث أصبحت صورة عمر العبيدي ترسم على الجدران وغزت عبارة تعلم عوم الفضاء العام كما تبنت القضية مجموعات شبابية احتجاجية من حملة "مانيش مسامح" و"فاش نستناو" و"موش على كيفك".. وهي مجموعات لها ثقل جماهيري خاصة وأن المنتمين إليها أشخاص ملتزمون بالدفاع عن القضايا العادلة"، وفق تعبيرها.

وتشير بن رجب، خلال حديثها لـ"الترا تونس" إلى أن هذه الحركة الاحتجاجية وجدت للضغط ولن تتوقف عند قضية عمر العبيدي بل ستتجاوزها إلى أن تشمل كل ضحايا الإفلات من العقاب وهي حملة قادرة على فرض التغيير".

 

 

وحول أسباب رفض المؤسسات لرفع شعارات تتعلق بقضية عمر العبيدي داخل الملاعب أو خارجها، تؤكد شيماء بن رجب أن شعارات الحملة تتبناها مجموعات الشباب التي لها تعبيراتها منها الصور الجدارية (غرافيتي) وهي تعبير من تعبيرات الثقافة التحتية وهذا نسق كامل مرفوض من المؤسسات الرسمية لأن تجلياته تجاوزت قراءاتها وغالبًا ما تواجهها بالمنع والتتبع أمام المحاكم.

يُذكر أنه قد تم إيقاف ثلاثة شبان في محافظة قابس في الآونة الأخيرة ثم إطلاق سراحهم من أجل رسم صورة جدارية للشاب عمر العبيدي فيما يتواصل تتبعهم قضائيًا "بتهمة هضم جانب موظف عمومي والإضرار بملك الغير"، وعبرت على إثرها حملة تعلم عوم، في بيان لها، أن "هذه الإيقافات والتتبعات تندرج في سياق الهرسلة وطمس الحقيقة في مسار قضية الشاب عمر العبيدي".

شيماء بن رجب، باحثة في علم الاجتماع لـ"ألترا تونس": "عمر العبيدي أصبح رمزًا للشباب الذي يتوق إلى الحرية فهو ضحية للقمع وما عزز هذه الرمزية حدوث قضايا مماثلة منها تعرية جسد طفل في سيدي حسين"

وحول أسباب توسع هذه الحملة، تقول شيماء بن رجب إن "عمر العبيدي أصبح رمزًا للشباب الذي يتوق إلى الحرية فهو ضحية للقمع وما عزز هذه الرمزية حدوث قضايا مماثلة منها تعرية جسد طفل في منطقة سيدي حسين وانتشار آنذاك هاشتاغ "تعلم اجري"، حيث يرى الشباب نفسه في عمر العبيدي، فيمكن أن يكون مصيره مماثلًا لا قدر الله".

وتتابع "وهي صيرورة احتجاجية تتقاسمها مجموعات المشجعين في أغلب الفرق الرياضية حتى التي بينها منافسة كبيرة فمثلاً جماهير الترجي وهو المنافس التقليدي للنادي الإفريقي الذي ينتمي إلى محبيه عمر العبيدي تبنت الشعار في أغنية يقول جزء منها "آه يا الحكومة ما على بالنا بقانون كورفا مهبولة تعلم عرفك يعوم" وذلك يدل على أن القضية أصبحت أوسع وصارت مشتركة، وفق تعبيرها.