20-أكتوبر-2021

كانت النائب هاجر بوهلال قد أعلنت أنه تم حرمانها من العلاج ضد السرطان بعد تعليق عمل البرلمان

الترا تونس - فريق التحرير

 

أثار تعامل السلط الرسمية في تونس مع الحالة الصحية للنائبة هاجر بوهلال، استياءً وغضبًا واسعين على موقع فيسبوك، بعد بلاغ وزارة الشؤون الاجتماعية الذي نشرته الأربعاء 20 أكتوبر/ تشرين الأول 2021، تفاعلًا مع تصريحاتها، إذ ذهب كثيرون إلى اعتباره بلاغًا "مخجلًا" و"مخزيًا" و"سقطة أخلاقية" وفق تدويناتهم المختلفة.

هاجر بوهلال: بسبب توقّف جرايتي من مجلس نواب الشعب، الكنام رفض تمتيعي بالعلاج ضد السرطان

وكانت النائبة بالبرلمان هاجر بوهلال قد أفادت الثلاثاء 19 أكتوبر/ تشرين الأول 2021، أن الصندوق الوطني للتأمين على المرض "الكنام"، رفض تمكينها من تلقي علاجها ضد مرض السرطان، وذلك بسبب توقّف جرايتها التي كانت تتحصّل عليها من مجلس نواب الشعب.

وجاء في بلاغ وزارة الشؤون الاجتماعية أنه "انطلاقًا من التفريق المبدئي بين المواقف السياسية من جهة، والمواقف الإنسانية من جهة أخرى، أذن رئيس الدولة الليلة البارحة بالإحاطة بالمعنيتين هاجر بوهلال ونائبة مجمدة أخرى في انتظار الحل النهائي لهذا الوضع الذي تعيشه البلاد" وفق نص البلاغ.

وأضاف البلاغ أنّ "رئيس الجمهورية أكد على الجوانب الإنسانية قبل كل اعتبار كما أكد في نفس السياق أنه يعمل على الإحاطة بكل المواطنين والمواطنات على أساس العدل والمساواة إلى غاية صياغة تصور جديد للضمان الاجتماعي فلا يبقى أحد دون إحاطة اجتماعية مهما كان مركزه ومهما كانت أوضاعه الاقتصادية والاجتماعية".

ونشرت النائبة السابقة بالبرلمان صابرين قوبنطيني بلاغ وزارة الشؤون الاجتماعية وعلّقت بقولها: "هل هذا بلاغ؟ لا يا السيد الرئيس ويا وزارة.. لا توجد أي إنسانية هنا. الصحة حق دستوري في باب الحقوق والحريات الذي تكرّر وتعيد وتوضح للاتحاد الأوروبي وأمريكا أنك حافظت عليه، ما معنى تفريق بين مواقف سياسية ومواقف إنسانية؟ هل جملة كهذه تقال من سلط رسمية في بلاد تقوم على أساس المواطنة؟".

وتابعت قوبنطيني: "أليست الإدارة محايدة حسب الدستور، في الباب الثاني الذي تقولون إنه لم يعلّق؟ في غياب الحالة الإنسانية هل يمكن للمرفق العام الذي يحصل على أجره بأموال ضرائبنا أن يفرّق حسب المواقف السياسية؟ الإدارة جسم محايد لا مواقف له. ثمّ ما معنى الاختلاف في المواقف السياسية؟ لأني إلى حد الآن ما سمعت أي طرح سياسي أو أي رأي أو فكرة، عركة حكم وصلاحيات لا غير".

صابرين قوبنطيني (نائبة سابقة بالبرلمان): علاج النائبة هاجر بوهلال ليس منّة.. هذا حق التونسيين جميعًا، والخلل أولًا فيما حدث بعد 25 جويلية، والذي لم يجدوا له أي مخرج قانوني لعدم صرف أجور الناس وتعليق الوضعية المهنية لهم

وأضافت قوبنطيني: "هذه ليست منّة.. هذا حق التونسيين جميعًا.. الخلل أولًا فيما حدث بعد 25 جويلية/ يوليو، والذي لم يجدوا له أي مخرج قانوني لعدم صرف أجور الناس وتعليق الوضعية المهنية لهم.. في انتظار الحل النهائي..؟ ثم الخلل كذلك في الكنام التي قالت للنائب لا حق لك في العلاج لأنك مجمدة! ثم الخلل في بلاغ مثل هذا يعتبر أن حصول مواطنة تدفع في الضرائب والصناديق طول حياتها للتمتع بحقها في الصحة، هو 'مزيّة' (منّة) وعمل إنساني من عند فخامته الذي تنازل وتكرّم عليها به!!"

وقالت النائب السابقة: "أخيرًا يبدو أنه سيصبح هناك مواطنين درجة أولى يتمتعون بحقوقهم بكل أريحية، ومواطنين درجة ثانية إذا لم يظهروا في الإعلام يدافعون على أنفسهم، لهم الله" وفق وصفها.

كما نشر رئيس مكتب المغرب العربي للشبكة الأورومتوسطية لحقوق الإنسان رامي الصالحي بلاغ وزارة الشؤون الاجتماعية وعلّق فوقه بقوله: "لا حول ولا قوّة إلا بالله! والله بلغنا الحضيض! والله شي يعيّف ويحشّم! (مخجل) كل يوم مهزلة جديدة!" وفقه.

ونشر الناشط السياسي عبد الوهاب الهاني بدوره، تدوينة قال فيها: "سَقْطَة أخلاقيَّة لا تُغتفر لوزير الشؤون الاجتماعية وبلاغ مَعيب من وزارة الشؤون الاجتماعية بشأن وضعية السيِّدة النَّائبة بوهلال.. كان على وزير الشؤون الاجتماعية في حكومة التَّدابير الاستثنائية الترفُّع واحترام باقي مُؤسَّسات الدَّولة وكرامة السيِّدة المُواطنة النَّائبة.." وفقه.

وفصّل الهاني موقفه فأضاف: "أوَّلًا: كان على الوزير تفادي استعمال ألفاظ سوقيَّة من مثل "النَّائبة المُجمَّدة" لا معنى قانوني لها، فرئيس الدَّولة قرَّر "تعليق اختصاصات المجلس النِّيابي" في إطار التَّدابير الاستثنائيَّة الَّتي ارتآها وتفسيره الخاص للفصل 80 من الدُّستور، ولم يأت لا لفظ التَّجميد ولا غيره ممَّا تنشره صفحات تدَّعي النُّطق باسم رئيس الجمهوريَّة في غياب نطاقة رسميَّة، بل أنَّ الهدف من التَّدابير الاسثنائيَّة في روح الفصل 80 ومنطوقه وفي نص وروح الفصول المماثلة في القانون الدُّستوري المُقارن هو العودة للوضع الطُّبيعي لعمل مُؤسَّسات الدَّولة حالما تهدأُ الأمور وينقشع الخطر الدَّاهم" حسب تدوينته.

وتابع عبد الوهاب الهاني: "ثانيًا: لم يرد في الأمر 117 المُثير للجدل الدُّستوري والقانوني والأخلاقي في تونس وخارجها أيَّة إشارة لإيقاف صرف المنح ولا إيقاف التَّغطية الاجتماعيَّة والتَّأمين الصِّحِّي لأعضاء المجلس النِّيابي.. ثالثًا: ليس من مشمولات الوزير ولا الحكومة الحديث عن "الحل النِّهائي"، فهي ليست من مشمولاته، بالإضافة إلى الشُّحنة النَّازيَّة الخطيرة والقذرة الَّتي تحملها هاته العبارة وما سبَّبته من مآس للإنسانيَّة في الحرب الكونيَّة الثَّانية".

عبد الوهاب الهاني (ناشط سياسي): سقطة أخلاقية لا تُغتفر لوزير الشؤون الاجتماعية، والوزير لا ينتظر عبارة "أذن رئيس الجمهورية" التأليهية والمقززة ليقوم بواجباته في دولة القانون والمؤسسات

وأشار الهاني أيضًا إلى أنّ "الوزير لا ينتظر عبارة "أذِن رئيس الجمهوريَّة" التَّأليهيَّة والمُقزِّزة ليقوم بواجباته في دولة القانون والمُؤسَّسات.. والإدارة مُحايدة ومن واجبها احترم باقي مُؤسَّسات الدَّولة واحترام كافَّة المواطنين على أساس قاعدة المواطنة بمحتلف أفكارهم ومذاهبم ومشاربهم وأوضاعهم ومواقعهم، على مختلف الأديان والألسنة والأديان كا هو المُفتتح به في عهد الأمن إعلاننا التُّونسي لحقوق الإنسان والمواطن".

واعتبر الهاني أنّه كان محمولًا على الوزير والحكومة "تسيير الدَّولة "على حالتها القائمة" ولسنا في حاجة إلى "صياغة تصوُّر جديد للضَّمان الاجتماعي" لتأمين الحق في الصِّحَّة وفي التَّأمين على المرض وفي الكرامة الإنسانيَّة الَّتي كفلها الدُّستور والمواثيق الدُّوليَّة الَّتي صادقت عليها تونس وأكَّد رئيس الجمهوريَّة مِرارًا على احترامها واستثنائها من الاستثنائات الَّتي جاءت بها وبالوزير التَّدابير الاستثنائيَّة والتزم بها في تصريحاته الإعلاميَّة وفي مُحادثاته مع شركاء تونس وأشعر وزير الخارجيَّة الأمم المُتَّحدة والدُّول الشَّقيقة والصَّديقة بمواصلة التزام تونس بها وبعدم المساس بالحقوق والحرِّيَّات الدُّستوريَّة أو استنقاصها لكلِّ التُّونسيِّين والتُّونسيَّات".

وقدّر الهاني أنّ "هذا الوزير أصبح عبئًا وعيبًا أخلاقيًّا ثقيلًا على حكومة التَّدابير الاستثنائيَّة وجب إعفائُه حالَّا، في انتظار توفُّق رئيس الجمهوريَّة في تأمين العودة للسَّير العادي لمؤسَّسات الدَّولة، بما في ذلك تكليف وتشكيل حكومة دائمة (على أنقاض حكومة التَّدابير الاستثنائيَّة المُؤقَّتة) تحوز على الشَّرعيَّة السِّياسيَّة والقانونيَّة والدُّستوريَّة كاملة والمشروعيَّة الأخلاقيَّة الأكمل لإدارة شؤون البلاد" وفق ما دوّنه.

ودوّن الصحفي نور الدين المباركي من جانبه أنّ "الفصل 38 من الدستور ضمن الباب الثاني الذي لم يتم تعليقه بموجب الأمر الرئاسي 117 يقول: "الصحة حق لكل إنسان. تضمن الدولة الوقاية والرعاية الصحية لكل مواطن وتوّفر الإمكانيات الضرورية لضمان السلامة وجودة الخدمات الصحية. تضمن الدولة العلاج المجاني لفاقدي السند، ولذوي الدخل المحدود. وتضمن الحق في التغطية الاجتماعية طبق ما ينظمه القانون".

وتعدّدت ردود الفعل الناقدة لهذا البلاغ، من بينها تعليق أحدهم: "حسب البلاغ فإن وزارة الشؤون الاجتماعية هي إدارة تنفيذ تابعة لرئاسة الجمهورية ولا تملك سلطة القرار أو التصرف، وشيئًا فشيئًا سنرجع إلى لغة حسب توجيهات سعادته وأوامر سيادته". فيما تفاعل آخر بقوله: " كاتب البلاغ لا يفهم شيئًا لا في الأخلاق ولا في السياسة ولا في الاتصال ولم يفهم دوره ودور وظيفته ودور الإدارة كجهاز محايد لخدمة المواطنين.. لغة ركيكة وتعيسة وفيها الكثير من قلة المعرفة".

وكانت هاجر بوهلال قد قالت في تصريحها لإذاعة "موزاييك أف أم"، إنّ الأمر الرئاسي عدد 117 قد حرمها من حقها في العلاج ضد مرض السرطان، وهي التي كانت تستظهر ببطاقة علاجها وبطاقة تعريفها الوطنية للحصول عليه، وهي الموظفة منذ 25 سنة وفقها.

ودعت النائبة رئيس الجمهورية إلى أن إيجاد حل قانوني يعود بمقتضاه النوّاب إلى أعمالهم الأصلية، وقالت: "انتُخبنا من طرف الشعب، يمكن أن نكون قد وفّقنا في ذلك أو العكس، لكن بقطع النظر عن كل شيء، أنا مواطنة تونسية ولديّ الحقّ في الصحة" على حد تعبيرها.

ويشار إلى أنّ الرئيس التونسي قيس سعيّد أصدر، بتاريخ 22 سبتمبر/أيلول 2021، أمرًا رئاسيًا يتعلق بالتدابير الاستثنائية، ومن بين ما جاء فيه مواصلة تعليق جميع اختصاصات البرلمان التونسي، ومواصلة رفع الحصانة البرلمانية عن جميع أعضائه، ووضع حد لكافة المنح والامتيازات المسندة لرئيس البرلمان وأعضائه.

وتثير مسألة تعليق أشغال مجلس نواب الشعب دون التوجه لحله أو إعادته للعمل استياء واسعًا، لأنّ النواب أصبحوا غير قادرين على التمتّع بمنحة البرلمان، فضلًا عن عدم إمكانية عودتهم إلى أعمالهم الأصلية في الوظيفة العمومية أو بعض المهن الخاصة، هذا إضافة إلى ما تمثله هذه الوضعية من إشكالية حول قانونيتها من عدمها.

 

اقرأ/ي أيضًا:

النائب هاجر بوهلال: تم حرماني من العلاج ضد السرطان بعد تعليق عمل البرلمان

عبد اللطيف العلوي يطلق حملة لبيع كتبه تحت شعار: "بالكتاب أقاوم الانقلاب"