05-أبريل-2018

ستدعم النهضة مرشحًا في رئاسيات 2019 (صورة أرشيفية/نيكولا فوكي/getty)

أجرى رئيس حركة النهضة راشد الغنوشي حوارًا مع مجلة "جون أفريك"، نشرته في عدد 5 أفريل/نيسان 2018، تحدّث فيه عن الأزمة الاقتصادية، والانتخابات البلدية، والرئاسيات المقبلة، كما استعرض موقف حركته من مسألة الحريات الفردية والمساواة في الميراث، كما تحدث عن الأزمة الخليجية والعلاقة مع الشيعة وخطر الحركات الجهادية، "الترا تونس" ترجم لكم أهم ما ورد في هذا الحوار.

اقرأ/ي أيضًا: نواب خارج دائرة الضوء.. الكتلة الصامتة بالبرلمان

سنقدم ميثاقًا لإدارة تشاركية للبلديات

أكد راشد الغنوشي في حواره أن الحرية "هي مكسب يجب الحفاظ عليه"، وأشار أن التونسيين "بصدد تعلم الحرية والديمقراطية، وقد مرت 7 سنوات فقط من الثورة وهي لا تزال شابة".

وقال إن حركة النهضة "مصممة على تقديم تطمينات أكثر" ووجه دعوة "إلى جميع الأطراف لصياغة ميثاق من شأنه أن يلزم، وبغض النظر عن نتائج التصويت في الانتخابات البلديات، الاعتماد على الإدارة التشاركية للبلديات"، وأكد أن ذلك هو "الحل في الوقت الذي يقوم فيه المرء باكتساب التجربة في الإدارة التشاركية، ويبتعد عن الشكوك حول الهيمنة على بعض البلديات". 

راشد الغنوشي: نحن مع صياغة ميثاق من أجل إدارة تشاركية لكل البلديات 

وأضاف "هذا ليس وقت الديمقراطية التي تمكنك من الإدارة بنسبة 51  في المائة، نحن في مرحلة الديمقراطية التشاركية وتوافق الأراء الذي يرفض التقسيم يمين/يسار أو إسلامي/علماني".

وفي هذا الإطار، أكد راشد الغنوشي أن حركته ستقدّم "قريبًا مقترحًا لصياغة مشروع هذا الميثاق"، مشيرًا أن النهضة "مع الحلول التوافقية، وتؤيد إدارة البلدية بطريقة توافقية"، وذكّر أن 54 في المائة من مرشحي حركته هم من المستقلين. وأعرب، في الأثناء، عن التمسك بالتوافق مع حركة نداء تونس، مؤكدًا أنه "سيتواصل لمصلحة تونس، وقد جنب التوافق البلاد حالة الفوضى".

سندعم مرشحًا في رئاسيات 2019

حول الانتخابات الرئاسية المنتظرة السنة القادمة، أكد رئيس حركة النهضة أنه "من المؤكد أن الحركة ستشارك في الانتخابات، ونحن لن نتخذ قرارًا بالحياد مثل 2014، حيث سندعم مرشحّا". وحول ما إذا كانت ستقدم مرشحها الخاصّ، قال إن النهضة ستقرّر ذلك داخل هياكلها "بعد التشاور مع الأحزاب الصديقة".

راشد الغنوشي: حركة النهضة ستساند مرشحًا في رئاسيات 2019 ولن نقف على الحياد مثل رئاسيات 2014

وفي ذات السياق، قال الغنوشي إنه "من المبكر جدًا" مراجعة الدستور الذي أكد أنه "يجب أن يأخذ وقته في التطبيق".

"أرفض رهن التلاميذ وعائلاتهم"

كما أعرب الغنوشي احتجاجه على سلوك النقابات القطاعية "مثل التعليم الثانوي والعالي"، واعتبر أن قرار حجب الأعداد "يضرّ بتونس، فالشباب هم رأس المال والتعليم هو مصعد اجتماعي".

وأضاف الغنوشي "أنا كنت أستاذًا لأكثر من عقد، أشعر بالفزع لرؤية كيف يتعامل بعض الأساتذة واعتبار التلاميذ والعائلات كرهائن"، وقال إنه من حق هذه النقابات الدفاع عن مطالبها "ولكن ليس بهذه الطريقة". وأشار أن الاتحاد العام التونسي للشغل يرفض بنفسه هذا الموقف واصفًا موقفه بأنه "متحضّر".

راشد الغنوشي: نرفض حجب الأعداد وأشعر بالفزع لأخذ التلاميذ وعائلاتهم كرهائن 

وفي موضوع آخر، تحدث الغنوشي عن انخفاض معدل المواليد، وأشار أن عدد الطلبة في الجامعات كان في حدود 400 ألف والآن يوجد 270 ألف فقط، وقال إن الأمر يتكرر في المدارس، ودعا إلى تشجيع الشباب على الزواج "حتى نتمكن من تجنب أزمة الصناديق الاجتماعية، ذلك أنه لدينا عدد قليل من الشباب يساهم في هذه الصناديق مقابل زيادة في أعداد المتقاعدين".

يجب إطلاق حوار اقتصادي مثل الحوار الوطني سنة 2013

اعتبر رئيس حركة النهضة أن الأزمة الاقتصادية الحالية "ليست جديدة"، مشيرًا أن تونس "في طور الانتقال بين ماض لم يمت بشكل تام ومستقبل لم يولد، فالبلاد في طور انتقال لم يجد شكله النهائي"، وفق تعبيره. وتساءل الغنوشي، "كيف يمكن في هذه الظروف وضع برامج واستراتيجيات طويلة الأمد؟".

وأكد أنه من الضروري إجراء إصلاحات في القطاع العام، حيث يجب تحول الشركات العمومية "إلى مراكز للإنتاج والربح وتمويل خزينة الدولة وذلك بدلًا من استنزافها، حيث تخسر هذه الشركات 6 مليار دينار سنويًا". وذكر بموقف الاتحاد العام التونسي للشغل الداعي لإيجاد حلول للشركات العمومية حالة بحالة، ودعا بذلك الغنوشي إلى حوار وطني اقتصادي مثل الحوار الوطني سنة 2013 الذي "أنقذ البلاد" وفق تعبيره.

راشد الغنوشي:  كيف يمكن في هذه الظروف وضع برامج واستراتيجيات طويلة الأمد؟ وأنا أؤيد إطلاق حوار اقتصادي مثل الحوار الوطني سنة 2013

وأكد الغنوشي أنه دعا لإطلاق حوار اقتصادي منذ شهر أوت/أغسطس 2017 بشأن أولويات قانون المالية 2018، وأشار أنه "يأمل في إطلاق الحوار في ظل اتفاق قرطاج ومع الانفتاح على أطراف أخرى، فلا يمكن لأحد أن يدعي أنه يملك الحل لوحده".

وحول سؤال بخصوص نقد رئيس الحكومة الأسبق مهدي جمعة للحكومة الحالية، قال الغنوشي "إن نتائج حكومة المهدي جمعة ليست أفضل من الحكومة الحالية، "فلا أحد يمكن أن يدعي أنه أفضل من الآخر، فهي ليست مسألة أشخاص بل مسألة وضعية وطبيعة المرحلة". وأضاف أن الحكومات في الفترات الانتقالية "تكون ضعيفة، والاستقرار يكون هشًا، مع ارتفاع مطالب المواطنين".

وشدّد راشد الغنوشي أنه يحب العمل بسرعة على "تغيير القوانين، وجذب المستثمرين وخلق فرص العمل"، مضيفًا "يجب أن يكون اقتصادنا مفتوحًا للأسواق على الأقل مع الجزائر، من الضروري وضع أسس منصة اقتصادية مشتركة مع الجزائر لتكون العمود الفقري للمغرب العربي". وأضاف في هذا الجانب قائلًا "يمكننا البدء بتونس والجزائر، كما بدأ الاتحاد الأوروبي مع فرنسا وألمانيا. ويمكننا إنشاء هذا الجسر بتداول السلع وقبول الدينار الجزائري في تونس والعكس أيضًا، وذلك في انتظار إنشاء عملة مشتركة".

اقرأ/ي أيضًا: العدالة الانتقالية والدولة المستقيلة

"نحن امتداد للحركة الإصلاحية التونسية"

وبالسؤال حول خشية التونسيين على حرياتهم الفردية، قال إنه "لا تزال هناك عملية سياسية لوصم النهضة وتشويهها"، وأضاف "نحن مسلمون، ولكن إسلامنا ليس متطرفًا، فحركة النهضة هي امتداد للحركة الإصلاحية التونسية التي قادها خير الدين في نهاية القرن التاسع عشر".

وأكد أن حركة النهضة لا تطالب بإنهاء الإصلاحات مضيفًا "على العكس من ذلك، نحن نعترف ونقبل بمجلة الأحوال الشخصية... ولا يوجد شيء تخشاه النهضة".

راشد الغنوشي: نحن امتداد للحركة الاصلاحية التونسية التي بدأها خير الدين باشا ونعترف بمجلة الأحوال الشخصية ولا يوجد شيء تخشاه النهضة

وبخصوص المساواة في الميراث، أجاب راشد الغنوشي أنه "يجب ملاحظة أن مجلة الأحوال الشخصية لم تؤسس للمساواة بل حققت العدالة. فعلى الزوج الحفاظ على أسرته وهو ما لا ينطبق على الزوجة التي تقوم بالاعتناء بالأطفال، فلكل دوره". وقال إن الحركة ليس لديها الآن "أي اعتراض" على عمل اللجنة التي كلفها رئيس الجمهورية الباجي قايد السبسي لإعداد مشروع حول الحريات الفردية.

وتحدث أن حركة النهضة "تؤمن بحرية اختيار الفرد لدينه وطريقة حياته وسلوكه"، وقال في معرض رده حول مسألة المثلية الجنسية أن "كل شخص حر، ونحن لا نتدخل في الاختيارات الشخصية والفردية".

عن الشيعة والجهادية

قال الغنوشي في حواره إنه يؤيد التوافق مع الشيعة، واعتبر أن الحل "الذي صنع في تونس" يبين إمكانية وجود "مخارج شرعية وسلمية للأزمات".

من جانب آخر، قال إنه يتمنى أن ينتهي خطر الجهادية ولكن حذر أنه "إذا لم يتم حل المشاكل التي أنشأتها، فإن الحركات الجهادية ستولد من جديد". وأكد أن التنمية على المستوى الإقليمي، والقضاء على التمييز، وانتشار الحريات والديمقراطية هي "أمور ضرورية لمكافحة الإرهاب"، مشيرّا أن "أغلب الشباب التونسي الذين ذهبوا للجهاد هم من المناطق الفقيرة والمحرومة".

راشد الغنوشي: الأسباب التي أولدت الحركات الجهادية لا تزال موجودة والتنمية والقضاء على التمييز وانتشار الحريات والديمقراطية هي أمور ضرورية لمكافحة الإرهاب

وأضاف الغنوشي أن هؤلاء الشباب "ليسوا أبناء الثورة بل أبناء نظام بن علي، وهم نتيجة الفساد والحكم الشمولي والفقر"، وقال إنه "يجب وضع حد للظلم الاقتصادي والسياسي لوضع حد للإرهاب"، وأشار أنه في الوقت الحالي "لم تتغير التربة والظروف التي أنشأت هذه الحركات، وبالتالي قد تعود في ظروف معينة للظهور مرة أخرى".

 

اقرأ/ي أيضًا:

ترجمة: تفاصيل قصة سقوط شفيق الجراية "ملك التهريب التونسي"

ائتلاف النهضة ونداء تونس.. توافق كامل أم تحالف هشّ؟