تدهور صحي "حاد" لشذى الحاج مبارك بالسجن ومطالب بتمكينها من حقها في العلاج

تواترت دعوات التضامن مع الصحفية شذى الحاج مبارك الموقوفة منذ 21 جويلية/يوليو 2023 بالسجن المدني بالمسعدين، "على خلفية عملها الصحفي داخل إحدى شركات الإنتاج الإعلامي"، ساعات بعد إعلان دخولها في إضراب مفتوح عن الطعام في سجن إيقافها في سوسة "دفاعًا عن حقها في الصحة والعلاج".

إضراب عن الطعام و"تدهور صحي حاد" 

وبدأت الصحفيّة شذى الحاج مبارك، منذ يوم الأربعاء 14 ماي/أيار 2025، إضرابها المفتوح عن الطعام للمطالبة بحقها في العلاج بعد أن تدهورت حالتها الصحيّة وأشار عليها طبيب السجن بضرورة إجراء فحوصات متخصصة، قد تتطلّب تدخّلا جراحيًّا على عمودها الفقري، وقد أبلغت شذى الحاج مبارك، عائلتها بخبر دخولها في الإضراب عن الطّعام خلال زيارتها السجنيّة الأسبوعية مساء الخميس 15 ماي/أيار 2025.

وأكدت الصحفية شذى الحاج مبارك، وفق ما نقلته عنها العائلة، أنها باتت "تعاني من ارتفاع ضغط الدم على مستوى العينين ومشاكل على مستوى العمود الفقري ومفصل الكتف. كما أنها تعاني من أوجاع كبيرة على مستوى مِعصَم يدها اليمنى نتيجة تعرّضها في وقت سابق للعنف من قبل نزيلات السجن".

تواترت دعوات التضامن مع الصحفية شذى الحاج مبارك الموقوفة منذ 21 جويلية 2023  "على خلفية عملها الصحفي" ساعات بعد إعلان دخولها في إضراب مفتوح عن الطعام "دفاعًا عن حقها في الصحة والعلاج"

ولئن خاضت شذى الحاج مبارك "إضرابًا عن الطعام قبل ستة أشهر من الآن للمطالبة بمسكنات الألم، فإنها لم تعد تقوى على تحمل المسكنات التي أثرت سلبًا على معدتها. ونتيجة قوة الأوجاع وغياب المسكنات الملائمة صارت تشكو من التقيؤ كثيرًا والإصابة بحالة إغماء وفقدان للوعي"، وفق ما تؤكده للعائلة من داخل سجن إيقافها.

وتطالب شذى الحاج مبارك بتمكينها من "حقها في إجراء الفحوصات الطبيّة المتخصصة على عمودها الفقري، طالما أن نقلها كلّ مرّة الى المستشفى لم يوقف أوجاعها. كما أنها تقدّمت، في أكثر من مرّة، بطلب مقابلة إدارة السجن قصد بسط معاناتها وعواقب الإهمال الصحي، إلاّ أنّها جوبهت بالتجاهل، وهو ما دفعها إلى خوض معركة الأمعاء الخاوية، تنبيهًا لخطورة وضعها الصحي والنفسي. كما أنها أبلغت عائلتها بأنّها باتت تخشى بصفة جدّية فقدان حياتها"، وفق ما ذكرته جمعية ضحايا التعذيب بجنيف في بيان لها يوم الجمعة 16 ماي/أيار 2025.

مساندة واسعة و"تحميل المسؤولية لسلطة الإشراف"

لاقت الخطوة الاحتجاجية التي قامت بها الصحفية شذى الحاج مبارك، مساندة واسعة سواء من عموم الصحفيين، أو من هياكلهم، وسلّطت الضوء من جديد على "الوضع الصحي الصعب" للصحفية شذى الحاج مبارك.

وعبّرت النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين، في بيان لها الجمعة 16 ماي/أيار 2025، عن "بالغ انشغالها إزاء التدهور الحاد للوضع الصحي للصحفية شذى الحاج مبارك، محمّلة "وزارة العدل والإدارة العامة للسجون والإصلاح كامل المسؤولية عمّا قد يلحق بها من أضرار جسدية ونفسية يمكن أن تهدد حياتها".

 نقابة الصحفيين التونسيين: تدهور حاد للوضع الصحي للصحفية شذى الحاج مبارك ونحذّر من مغبة التمادي في سياسة التجاهل والإهمال، كما ندعو  إلى تدخل فوري وعاجل لتوفير العناية الصحية اللازمة 

وأكدت نقابة الصحفيين، أنّ ما تتعرض له شذى الحاج مبارك يُعدّ "انتهاكًا صارخًا للمواثيق الدولية ذات الصلة بحقوق السجناء، وخرقًا واضحًا للقانون عدد 52 لسنة 2001 المتعلق بنظام السجون في تونس، الذي يقر صراحة ضمن الفصل 17 منه أن (لكل سجين الحق في مجانية المعالجة والدواء داخل السجن وعند التعذر بالمؤسسات الاستشفائية بإشارة من طبيب السجن)".

كما جددت النقابة دعوتها لإطلاق سراح شذى الحاج مبارك "حتى تتمكن من المعالجة في ظروف ملائمة باعتبار أنّ مواصلة متابعتها قضائيًا في حالة سراح لا يُمكن أن يمثل خطرًا على الأمن العام خاصة أنّ المبدأ هو قرينة البراءة والحرية هي الأصل" وفق البيان.

وحذرت النقابة في هذا السياق، من "مغبة التمادي في سياسة التجاهل والإهمال" لحالة شذى الحاج مبارك، داعية إلى التدخل الفوري والعاجل لتوفير العناية الصحية اللازمة لها، "ووضع حد لمعاناتها المتواصلة في ظروف سجنية صعبة"، وفق نص البيان.

 بدورها تعبّر جمعيّة ضحايا التّعذيب في جنيف، عن "خشيتها الحقيقية على حياة الصحفية شذى الحاج مبارك، خاصّة وأن أفراد عائلتها أكّدوا هزالها وتغيّر ملامحها"، وطالبت الجمعية "بالإفراج الفوري عن الصحفية السجينة شذى الحاج مبارك علّها تتدارك ما فاتها من فحوصات طبيّة وعمليات جراحية مستعجلة"، محملة "الرئيس التونسي قيس سعيّد شخصيًّا مسؤولية السلامة الجسدية والنفسيّة للصحفية السجينة".

جمعيّة ضحايا التّعذيب في جنيف: أيّ إبطاء أو تأخير أو مماطلة في تمكين الصحفية شذى الحاج مبارك من حقها القانوني في العلاج هو جريمة تعذيب لا تسقط بالتقادم

كما اعتبرت الجمعية أن "أيّ إبطاء أو تأخير أو مماطلة في تمكين الصحفية شذى الحاج مبارك من حقها القانوني في العلاج هو جريمة تعذيب لا تسقط بالتقادم"، مذكرة بأنّ الفصل 17 من القانون عدد 52 لسنة 2001، المؤرخ في 14 ماي/أيار 2001، والمتعلّق بنظام السجون، ينصّ صراحة على أنه "لكل سجين الحق في مجانية المعالجة والدواء داخل السجن، وعند التعذر بالمؤسسات الاستشفائية بإشارة من طبيب السجن".

ونبّهت الجمعية من جهة أخرى إلى "خطورة تدهور أوضاع المساجين في تونس وخشيتها الحقيقية على حياتهم في ظلّ سياسة ممنهجة تستهدف قمع المساجين وإذلالهم"، حسب نص البيان.

ملاحقة قضائية مستمرة وحكم ابتدائي بالسجن

وتلاحق الصحفية شذى الحاج مبارك فيما يعرف بقضية "أنستالينغو" وهي شركة صناعة محتوى إعلامي، وكانت الدائرة الجنائية الثانية بالمحكمة الابتدائيّة بتونس، قد أصدرت بتاريخ 5 فيفري/شباط 2025، أحكامها في هذه القضية، وقضت ابتدائيًا بالسجن لمدة 5 سنوات ضد الصحفية شذى الحاج مبارك، الموقوفة منذ جويلية/يوليو 2023.

ويشار إلى أن أطوار القضية تعود إلى جويلية/يوليو 2021، عندما "تمت مداهمة مقر شركة الإنتاج واستدعاء الصحفية للبحث الذي لم يقع مراعاة احتياجاتها الخاصة فيه في علاقة بمشكل السمع وتم إقرار إيقافها ثم إطلاق سراحها"، وفقًا لنقابة الصحفيين.

وكان قاضي التحقيق بمحكمة سوسة قد أسقط التهم عن الصحفية شذى الحاج مبارك مؤكدًا أنها "تقوم بأعمال صحفية لا علاقة لها بالتهم الموجهة لها وقرر إيقاف التتبع وبطاقة الإيداع في حقها"، إلا أن دائرة الاتهام نقضت في جويلية/يوليو 2023 قرار قاضي التحقيق المذكور وقررت إيداع الصحفية بسجن المسعدين، وتوجيه تهم التآمر على أمن الدولة الخارجي حسب الفصل 61 مكرر من المجلة الجزائية لها، فضلاً عن تهمة إتيان أمر موحش ضد رئيس الجمهورية حسب الفصل 67 من المجلة الجزائية، وتمت إحالتها على الدائرة الجنائية بسوسة ثم الدائرة الجنائية الثانية بالمحكمة الابتدائية تونس 1 التي قضت بسجنها لمدة 5 سنوات.

ويذكر أن هذه القضية تشمل أيضًا أمنيين ومدونين وصحفيين ورجال أعمال وسياسيين، منهم رئيس حركة النهضة راشد الغنوشي ورئيس الحكومة الأسبق هشام المشيشي ومديرة الديوان الرئاسي السابقة نادية عكاشة.