06-يوليو-2020

نظمت الجمعية مؤتمرها تحت عنوان "استكمال البناء لاستقلال القضاء" (صورة أرشيفية/أمين الأندلسي/وكالة الأناضول)

الترا تونس - فريق التحرير

 

أثارت نتائج المؤتمر الرابع عشر لجمعية القضاة التونسيين عديد الأسئلة في الأوساط القضائية لما بينته من تراجع انتشار الجمعية بالنظر للتقلص اللافت لعدد المؤتمرين ولأصوات أعضاء المكتب التنفيذي الجديد.

إذ اُختتمت أعمال المؤتمر، الذي انعقد على مدى يومي 4 و5 جويلية/يوليو 2020 تحت عنوان "استكمال البناء لاستقلال القضاء"، بانتخاب مكتب تنفيذي يضم 11 عضوًا من أصل 16 مترشحًا، وقد تجددت رئاسة أنس الحمادي متصدرًا النتائج بـ294 صوتًا مع فوز عدة أسماء من المكتب المتخلي منها حافظ بن نجمة (265 صوتًا) وعائشة بن بلحسن (263 صوتًا) وأمير قوبعة (259 صوتًا) وكلثوم مريبح (252 صوتًا).

أثارت نتائج المؤتمر الرابع عشر لجمعية القضاة التونسيين عديد الأسئلة في الأوساط القضائية لما بينته من تراجع انتشار الجمعية بالنظر للتقلص اللافت لعدد المؤتمرين

واللافت هو التراجع الملاحظ في عدد الأصوات الممنوحة لأعضاء المكتب الجديد مقارنة بالمؤتمرات السابقة وبالخصوص المؤتمر الأخير في فيفري/شباط 2018 حينما تصدّرت النتائج كل من بسمة حمادة وأنيس الحمادي بـ432 و429 صوتًا على التوالي وتحصل جميع أعضاء المكتب وقتها على أكثر من 400 صوتًا (أقل عدد من الأصوات للمياء الماجري التي تحصلت على 411 صوتًا).

اقرأ/ي أيضًا: ماذا تعرف عن مشروع مجلة القضاء الإداري؟

وفي المقابل في المؤتمر الحالي، تحصل رئيس الجمعية على أقل من 300 صوتًا فيما صعد عضوان تحصلا على أقل من 200 صوتًا (عفاف الخشيمي وفاروق الحفاصني بـ176 و165 صوتًا)، وهو ما ظهر تأكيدًا على تراجع بريق الجمعية طيلة السنوات الأخيرة رغم زيادة عدد القضاة وبالخصوص في القضاء العدلي.

وفي هذا الإطار، كتب القاضي ونائب رئيس الهيئة العليا للاتصال السمعي البصري (الهايكا) عمر الوسلاتي، على حسابه على فيسبوك في نشرية حذفها في وقت لاحق، أنه أُصاب بـ"خيبة أمل في عدد القضاة المشاركين والمشاركات في المؤتمر وهذا العزوف له أسبابه العميقة التي لم يقع الاشتغال عليها" داعيًا المكتب أن يعيد النظر وأن يستخلص الدروس قبل فوات الأوان، وفق تعبيره.

فيما كتبت القاضية عفاف النحالي، العضو السابق في الهيئة المديرة للمرصد التونسي لاستقلال القضاء، على حسابها على فيسبوك، "أعضاء جمعية القضاة يتم انتخابهم بمائتين صوت. لا أجد ما أقول".

 

 

اعضاء جمعية القضاة يتم انتخابهم بمائتين صوت ....واحد مالقى مايقول

Publiée par Nahali Afef sur Dimanche 5 juillet 2020

 

ويأتي ما يظهر تراجعًا لانتشار جمعية القضاة في أوساط القضاة، بالتوازي مع انتشار تصاعدي لنقابة القضاة مثاله ما بينته نتائج انتخابات مؤتمرها في مارس/آذار 2020 التي أسفرت عن فوز القاضية والرئيسة الحالية للنقابة أميرة العمري بـ 275 صوتًا وخلفها القاضي أيمن شطيبة بـ240 صوتًا، فيما تحصل بقية أعضاء الهيئة دون 200 صوتًا وأقلهم تحصل على 147 صوتًا. واللافت هو ارتفاع عدد الأصوات الممنوحة لرئيسة النقابة الجديدة مقارنة برئيسي النقابة في مؤتمري 2015 (البوسليمي - 103 صوتًا) و2017 (بوصلاح - 145 صوتًا)، مع الإشارة إلى أن الانتخابات تتم عامة عبر قائمة توافقية، وهو ما يعكس ارتفاع عدد المؤتمرين والمنخرطين في النقابة إجمالًا. وفي نفس الإطار، بلغ عدد المؤتمرين في المؤتمر الأخير للنقابة 430 قاضيًا بعد عدم تجاوزه عادة 200 قاضيًا في المؤتمرات السابقة.

وتبيّن المعطيات الأخيرة أن نقابة القضاة باتت تزاحم جمعية القضاة، التي تعدّ الهيكل التاريخي للنضال القضائي زمن الاستبداد، في تمثيلية القضاة، وذلك وسط دعوات خافتة لم تلق أثرًا بعد تطالب بتوحيد صفوف القضاة في هيكل واحد.

تبيّن المعطيات الأخيرة أن نقابة القضاة باتت تزاحم جمعية القضاة، التي تعدّ الهيكل التاريخي للنضال القضائي زمن الاستبداد، في تمثيلية القضاة

اقرأ/ي أيضًا: معضلة طول آجال التقاضي في المحاكم التونسية (حوار مع القاضي عمر الوسلاتي)

وبخصوص الخلاف بين الهيكلين الممثلين للقضاة، نذكّر أن نقابة القضاة تأسست سنة 2011 بعد انسلاخ عدد من أعضائها في مقدمتهم القاضية روضة العبيدي، التي تتولى حاليًا رئاسة الهيئة الوطنية لمكافحة الاتجار بالبشر، وذلك رفضًا حينها لخيارات الجمعية بعد الثورة.

وتتهم وجوه من الجمعية النقابة بأنها تضم عددًا من "قضاة التعليمات" ومن الموالين للنظام السابق، وقد اعتبرت روضة القرافي، في تصريح إعلامي عام 2011 حينما كانت نائبة رئيس جمعية القضاة قبل تولي رئاستها لاحقًا، أن النقابة جاءت كرد فعل على تمسك الجمعية بمكافحة الفساد في المؤسسة القضائية.

وفي المقابل، يعتبر قضاة مقربون من نقابة القضاة أن "الجمعية" حادت عن مهامها وانخرطت في اللعبة السياسية بعيدًا عن مشاغل القضاة وقضاياهم، وذلك وفق قولهم.

وقد عرفت السنوات الماضية محطات عدة لاختلاف التقديرات والمواقف بين النقابة والجمعية على غرار الاختلاف حول مشروع المجلس الأعلى للقضاء، وثم حول ما تُعرف بأزمة تركيز المجلس (دعمت الجمعية هيئة القضاء العدالي فيما دعمت النقابة وزارة العدل بخصوص التعيينات). وتعدّ نقابة القضاة أقرب في مواقفها من اتحاد القضاة الإداريين واتحاد قضاة محكمة المحاسبات، مع الإشارة إلى أن جمعية القضاة تشمل قضاة العدلي والإداري والمالي.

 

اقرأ/ي أيضًا:

المحاكم في تونس.. ماهي أصنافها؟ كم عددها؟ وأين مقراتها؟ (1/2)

المحاكم في تونس.. ماهي أصنافها؟ كم عددها؟ وأين مقراتها؟ (2/2)