05-فبراير-2022

يضم متحف باردو قرابة 8 آلاف قطعة أثرية وفنية متأتية من حفريات أجريت في تونس خلال القرنين الـ19 و20 (Getty)

 

في 25 جويلية/يوليو 2021، أعلن الرئيس التونسي قيس سعيّد عن حزمة من الإجراءات كان على رأسها إغلاق البرلمان التونسي وفرض طوق أمني على كل مداخله بما فيها المدخل إلى متحف باردو، أكبر المتاحف التونسية والذي سبق أن تم اختياره من ضمن أهم 10 متاحف في العالم.

البرلمان التونسي ومتحف باردو هما في الأصل بناية واحدة وهي قصر باردو الذي يعود تاريخ تأسيسه إلى سنة 1574 م فقد كان مقر البايات الحسينيين وهو تحفة تاريخية نادرة من حيث المعمار والمحتويات

والبرلمان والمتحف هما في الأصل بناية واحدة وهي قصر باردو الذي يعود تاريخ تأسيسه إلى سنة 1574 م فقد كان مقر البايات الحسينيين وهو تحفة تاريخية نادرة من حيث المعمار والمحتويات.

وأمام تواصل الإغلاق لأكثر من نصف عام، دعا مدير عام المعهد الوطني للتراث الدكتور فوزي محفوظ، في تصريح لـ"الترا تونس" إلى ضرورة الالتفات إلى هذا المتحف العريق وإعادة فتحه من جديد بعد أن تم غلقه منذ 25 جويلية إثر غلق البرلمان المحاذي للمتحف والذي تفتح عدد من أبوابه عليه.

وأكد الدكتور فوزي محفوظ أن العاملين بالمتحف عادوا إلى عملهم بعد شهرين من توقفهم وتحصلوا على تراخيص وهم حاليًا يعملون يوميًا في حفظ القطع الأثرية سواء المعروضة أو تلك التي في المخازن، مشددًا على أن هذه القطع في حالة جيدة ولم يمسها أي ضرر، على خلاف ما يقوله البعض.  

فمتحف باردو يضم قرابة 8 آلاف قطعة أثرية وفنية متأتية من حفريات أجريت في تونس خلال القرنين الـ19 و20، جمعت ضمن أقسام ووزعت على نحو 50 قاعة، سلطت الضوء على مختلف المراحل التي مرت بها البلاد التونسية. 

مدير عام المعهد الوطني للتراث فوزي محفوظ لـ"الترا تونس": العاملون بالمتحف عادوا إلى عملهم بعد شهرين من توقفهم وهم يعملون يوميًا في حفظ القطع الأثرية وهي في حالة جيدة

(متحف باردو/ صور Getty)

اقرأ/ي أيضًا: حذر من تداعيات غلقه.. مسؤول بالمعهد الوطني للتراث يطالب بـ"فك عزلة متحف باردو"

وطالب مدير عام المعهد الوطني للتراث، خلال حديثه لـ"الترا تونس"، بضرورة النأي بالثقافة وبهذا المعلم العريق الذي يمثل صورة تونس بلد الحضارة والتاريخ عن التجاذبات والمزايدات السياسية وعدم توظيف الموضوع لمن لم يزوروا يومًا هذا المتحف التاريخي، وفق تعبيره.

وأبرز محدثنا أن "الخسارة المادية تعوّض لكن الخسارة الحقيقية هي في المجال العلمي والتثقيفي والمعرفي وهي التي لا تقدر بثمن ويقدمها متحف باردو". 

مدير عام المعهد الوطني للتراث لـ"الترا تونس": ضرورة النأي بالثقافة وبهذا المعلم العريق الذي يمثل صورة تونس بلد الحضارة والتاريخ عن التجاذبات والمزايدات السياسية

وبيّن محفوظ أن الحلول ممكنة وموجودة لإعادة فتحه من خلال الفصل ولو مؤقتًا بينه وبين البرلمان التونسي وأنهم على استعداد لضمان ذلك بعيدًا عن أي مزايدات سياسية فالموضوع أساسًا هو المحافظة على صورة تونس الثقافة والحضارة والتاريخ ولا يجوز أن يغلق متحفها الوطني، وفق تعبيره.

(متحف باردو/ صور Getty)

 

اقرأ/ي أيضًا: حوار| فوزي محفوظ: ملف القطع التراثية المهربة بيد القضاء وتراثنا مهدد

من جانب آخر، قال عضو النقابة الأساسية لمحافظي التراث حمد الغضباني، في تصريح لـ"الترا تونس" إن المتحف ظل لأشهر مغلقًا وهو ما مثل تهديدًا حقيقيًا للمقتنيات التاريخية التي لا تقدر بثمن سواء المعروضة أو الموجودة في المخازن والتي تحتاج إلى صيانة دورية.

وبيّن محدثنا أن العاملين بمتحف باردو التحقوا به، كما أكد المدير العام للمعهد الوطني للتراث أيضًا، لكن تواصل إغلاقه منذ 25 جويلية إلى اليوم يعتبر ضربًا للثقافة وللتعليم وللبحث لأن متحف باردو هو فضاء تعليمي يحتاجه التلاميذ والطلبة في الدروس التطبيقية وعدد من الدكاترة تعطلت بحوثهم المرتبطة بالمتحف، وفقه. 

عضو النقابة الأساسية لمحافظي التراث حمد الغضباني لـ"الترا تونس": تواصل إغلاقه إلى اليوم يعتبر ضربًا للثقافة وللتعليم وللبحث لأن متحف باردو هو فضاء تعليمي يحتاجه التلاميذ والطلبة وعدد من الدكاترة تعطلت بحوثهم

وأكد عضو النقابة الأساسية لمحافظي التراث أن محاولة إقحام المتحف في البرلمان وفي السياسة أمر يضرب الثقافة في مقتل لأن "الاختلاف السياسي ممكن ولكننا لا يمكن أن نختلف أمام تراثنا ومتاحفنا وكنوزنا التاريخية فهي خط أحمر علينا أن نحافظ عليه ونسعى إلى إبرازه".  

وشدد حمد الغضباني على أن متحف باردو عريق وتحفة عالمية نادرة يكفي أنها تضم لوحات فسيفسائية لا وجود لها في العالم أجمع،  مشيرًا إلى أنه المتحف الوحيد المفتوح في تونس بعد أن أغلق متحف قرطاج منذ سنوات بتعلة الصيانة ولم يفتح إلى اليوم ولا توجد لا متابعة ولا اهتمام به.  

اقرأ/ي أيضًا: عن أشهر لوحة فسيفساء تونسية.. "فرجليوس" الذي لا ترى وجهه إلاّ في تونس

بالصور: فسيفساء الجم.. بالحجارة تتشكل الصورة ويصنع الجمال

وكشف الغضباني لـ"الترا تونس" أن النقابة الأساسية لمحافظي التراث، وعبر موقع فيسبوك، توجهت بعريضة لرئاسة الجمهورية تدعوها لإعادة فتح متحف باردو، مبينًا في السياق نفسه، أن الحلول موجودة وأن التخوفات الأمنية فيها مبالغة كبيرة لأن الفصل بين المتحف والبرلمان ممكن، مشيرًا إلى أن مبنى البرلمان هو الآخر معلم تاريخي يحتاج إلى الصيانة الدورية وهو واحد من معاليم كثيرة في بلادنا لا يتم الاهتمام بها من الناحية التاريخية والتراثية. 

عضو النقابة الأساسية لمحافظي التراث حمد الغضباني لـ"الترا تونس": الحلول موجودة والتخوفات الأمنية فيها مبالغة كبيرة لأن الفصل بين المتحف والبرلمان ممكن

وشدد الغضباني على أن "الوضع يؤكد وللأسف مواصلة تهميش الثقافة والتراث"، وفقه، مشيرًا إلى أن تونس وإلى حد اليوم ليس لديها قوانين خاصة بالمتاحف وأن الدولة التونسية بصدد التوقيع على اتفاقيات دولية ولم تنقح وتحّين قوانينها في هذا المجال. 

وتأسف الغضباني من صمت الجميع أمام غلق المتحف وأن صوتهم لم يسمعه أحد وهو ما يكشف ثانوية العلم والمعرفة والثقافة في بلادنا رغم أن متحف باردو قبلة سياحية مهمة ومعرفية وبحثية، واعتبر أن متحف باردو كوجه ثقافي وسياحي تونسي  مختطف ومرتهن ومحتجز من قبل كل الأطراف السياسية وأن الجميع يتحمل مسؤولية ما يحدث في خصوصه، وفق تعبيره.

(متحف باردو/ صور Getty)

 

اقرأ/ي أيضًا:

متحف قلالة.. نافذة على الحياة في جربة

معالم المذهب الإباضي في جربة.. من فرادة المشهد المعماري إلى فضاء العيش المشترك