09-ديسمبر-2019

احتل نواب الدستوري الحر منصة رئيس المجلس خلال الجلسة العامة المنعقدة الأحد 8 ديسمبر 2019 (فتحي بلعيد/ أ ف ب)

الترا تونس - فريق التحرير

 

أعلنت رئيسة كتلة الحزب الدستوري الحر عبير موسي، خلال ندوة صحفية عقدتها صباح الاثنين 9 ديسمبر/ كانون الأول 2019، عن قرار الكتلة فك الاعتصام والالتحاق بقاعة الجلسات العامة لمواصلة عملها البرلماني.

فك اعتصام كتلة الدستوري الحر

وبيّنت موسي أن كتلة الدستوري الحر اعتبرت أن "هناك حدًا أدنى من رد الاعتبار لها وأن الإدانة الصادرة عن مكتب مجلس نواب الشعب صادرة عن عدة كتل باعتبار أن مكتب المجلس أوسع من كتلة حركة النهضة فضلًا عن صدور قرار رسمي بالإدانة للرأي العام".

وأشارت إلى أن نواب الدستوري الحر فوجئوا بعد بيان مكتب المجلس الأول ببيان ثان يقرّر إدانة ما ارتكبه نواب حزبها في جلسة 3 ديسمبر/ كانون الأول الجاري وسحب كل الكلمات النابية في حق حركة النهضة، معتبرة أن هناك "توظيفًا وتلاعبًا بهياكل المجلس لتحقيق غايات حزبية ضيقة لرئيس البرلمان".

عبير موسي: حضور عدل منفذ لتبليغ محضر تنبيه قانوني بواسطة عدل تنفيذ يتضمن التنبيه على مكتب المجلس وإدارته بعدم المساس بتدخلات نواب الدستوري الحر

وأضافت أن "هذا الأمر يجعل مصداقية مكتب المجلس وهياكله محلّ تشكيك"، مشددة على أن ما حصل "يؤكد وجود تلاعب وتوظيف ويطرح علامات استفهام حول أشغال هياكل المجلس"، وفق تعبيرها.

وأوضحت أن كتلة الدستوري الحر قررت مواصلة الاعتصام خلال الليلة الفاصلة بين يومي الأحد والاثنين للنظر في الإجراءات القانونية التي ستتخذها الكتلة، مبينة أنه على الساعة التاسعة من صباح الاثنين أبلغت الكتلة مكتب البرلمان أنها "تستنكر توظيف هياكل البرلمان لخدمة مصالح حزبية ضيقة وتنبه من حذف أي مداخلة من مداخلات نواب الدستوري الحر خلال جلسة 3 ديسمبر/ كانون الأول الجاري وأن أي حذف لأي كلمة قالها أحد أعضاء الكتلة توجب تتبعات قضائية".

وأشارت إلى حضور عدل منفذ لتبليغ محضر تنبيه قانوني بواسطة عدل تنفيذ يتضمن التنبيه على مكتب المجلس وإدارته بعدم المساس بتدخلات نواب الدستوري الحر في جلسة 3 ديسمبر/ كانون الأول.

يذكر أن مجلس نواب الشعب قد شرع، الأحد 8 ديسمبر/ كانون الأول 2019، في مناقشة مشروعي ميزانية الدولة وقانون المالية لسنة 2020، وذلك في أجواء مشحونة وخلافات عديدة بين النواب شهدتها الجلسة العامة في يومها الأولى، على خلفية تمسك كتلة الحزب الدستوري الحر بالاعتصام داخل قاعة الجلسات العامة.

نواب الدستوري الحر يحتلون منصة رئيس المجلس

وقد انطلقت الجلسة العامة صباح الأحد بعد تعطيل بحوالي 40 دقيقة بسبب اعتلاء نواب الدستوري الحر منصة رئيس المجلس ونائبيه والمكان المخصص لرئيس الحكومة لإلقاء بيان الحكومة. ودعا النواب المتدخلون في بداية الأشغال إلى اجتماع لرؤساء الكتل لتطويق تداعيات هذا الاعتصام قبل أن تطلب رئيسة الجلسة النائب الأول لرئيس المجلس سميرة الشواشي من النواب التصويت على لجنة التحقيق في حادثة عمدون الذي جدت يوم الأحد الماضي 1 ديسمبر/ كانون الأول الجاري. وتمت المصادقة على إحداث اللجنة بـ110 صوتًا.

غير أن الجلسة شهدت توترًا قبل التصويت بعد أن تدخلت النائبة عبير موسي لتصر على أحقية الاعتصام الذي نفذته كتلتها واتهامها لبعض النواب بانتهاج "سياسة سب كل من يخالفهم الرأي". وبدأت في هذه الأثناء المداولات الخاصة بمناقشة مشروع قانون المالية لسنة 2020.

وقد احتجت النائب عن حزب التيار الديمقراطي سامية عبو على هذا التصرّف الصادر عن نواب الدستوري الحر متوجهة لعبير موسي بالقول إنها انتهكت سيادة المجلس بتصرفات لا مقبولة وقامت بالإضرار بمصلحة الشعب والبلاد.

مكتب البرلمان يدين

وإزاء الفوضى التي أحدثها اعتصام نواب الدستوري الحرّ، أعلن مكتب مجلس نواب الشعب، في بلاغ له، عن قراره إدانة كلّ العبارات المسيئة الصادرة في حق الحزب الدستوري الحر وسحب تلك العبارات من مداولات الجلسة العامة ليوم 3 ديسمبر/ كانون الأول داعيًا الجميع إلى احترام سير العمل داخل المجلس واحترام القانون وأخلاقيات العمل البرلماني.

مكتب البرلمان: إدانة كلّ العبارات المسيئة الصادرة في حق الحزب الدستوري الحر وفي حق حركة النهضة وسحب تلك العبارات من مداولات الجلسة العامة ليوم 3 ديسمبر

كما قرّر مكتب المجلس، عقب اجتماعه، إدانة كل العبارات المسيئة الصادرة في حق كتلة حركة النهضة وسحب تلك العبارات من مداولات الجلسة العامة ليوم 3 ديسمبر/ كانون الأول الجاري. وقرّر أيضًا إدانة كلّ العبارات والأفعال التي أربكت السير العادي لهياكل المجلس مؤكدًا أنه سيحث على تنقيح النظام الداخلي ووضع مدونة سلوك برلمانية تسمح بمنع تكرار هذه الإخلالات.

نواب يستنكرون

من جهتهم، استنكر عدد من النواب، خلال الجلسة العامة يوم الأحد، تشبث أعضاء كتلة الدستوري الحر باعتصامهم داخل قبة البرلمان وتعطيل السير العادي للجلسات العامة المخصصة لمناقشة ميزانية الدولة لسنة 2020.

وفي هذا السياق، اعتبرت النائبة سامية عبو أن "المجلس قد تحول إلى فضاء لتصفية حسابات حزبية، عوض النظر في المشاغل الحقيقية التي تهم الشعب التونسي، ومنها مشاكل الجهات الداخلية، ومشكل البطالة والفقر والتهميش، وتبييض الأموال وملفات الفساد"، داعية كلًا من كتلة حركة النهضة والحزب الدستوري الحر إلى "فض نزاعاتهم خارج مجلس نواب الشعب، لأن هذا الفضاء ملك للدولة وللشعب، وليس حكرًا على طرفي النزاع"، حسب تقديرها.

سامية عبو: "المجلس قد تحول إلى فضاء لتصفية حسابات حزبية، عوض النظر في المشاغل الحقيقية التي تهم الشعب التونسي"

وقالت عبو إن ما أقدمت عليه كتلة الحزب الدستوري الحر من تعطيل لسير الجلسة العامة "يعد سابقة خطيرة، ومحاولة للاستيلاء على رئاسة المجلس، وارتهان السلطة التشريعية في سياق آجال خطيرة، وهي مناقشة قانون المالية"، لافتة إلى أن عدم المصادقة على هذا القانون "سيكبد الدولة الكثير". واعتبرت أن "المعركة أصبحت حزبية بالأساس"، وأن "أطرافًا أجنبية تقف وراءها"، وأنه "ستتم المطالبة بلجنة تحقيق في تمويل الأحزاب، سواء كان الحزب الدستوري الحر، أو حزب النهضة"، داعية مكتب المجلس إلى إنهاء ما وصفته بـ"المهزلة".

من جانبه، عبر النائب عن حركة الشعب سالم الأبيض، عن رفضه البات السماح بمواصلة الحزب الدستوري الحر لاعتصامه وتعطيل سير أعمال الجلسات العامة "وتحويل المجلس إلى مسرح وفضاء لبث الصور الكاريكاتورية، وتحويل خصومة بين نائبتين إلى حالة تجييش شعبي، عوض الدفاع عن مصالح الشعب، والنظر في مشاريع قوانين لفائدته، ومحاسبة الوزراء الذين قاموا بأعمال ضد مصالح الشعب، بعيدًا عن التجاذبات الحزبية التي يجب تصفيتها خارج المجلس"، وفق تعبيره.

من جهته، عبر رئيس كتلة ائتلاف الكرامة سيف الدين مخلوف عن رفض كتلته لهذا الصراع القائم داخل المجلس، مؤكدًا "ضرورة تطبيق القانون وإحالة الملف للنيابة العمومية، في ظل تعطيل مصالح الدولة والشعب وترذيل الثورة ودولة القانون، تحت تعلة المطالبة باعتذار"، على حد قوله.

نور الدين البحيري: عبير موسي لن تفك اعتصامها لأن الغاية منه تعطيل أعمال البرلمان

واستغرب النائب عن حركة النهضة محمد القوماني تعنت رئيسة كتلة الحزب الدستوري الحر ورفضها فك الاعتصام رغم المساعي الصلحية الحثيثة من قبل جميع النواب طيلة يوم الأحد لتهدئة الأجواء المشحونة داخل المجلس بينها وبين النائب عن حركة النهضة جميلة الكسيكسي، والذي يعد، وفق تقديره، "تعديًا صارخًا على القوانين، وسلوكًا مخالفًا للمواثيق الديموقراطية، وإصرارًا على تعطيل أشغال المجلس".

ودعا القوماني في هذا الشأن، نائب رئيس مجلس نواب الشعب للتصدي خلال الجلسة العامة المقرر انعقادها الاثنين لمثل هذه الممارسات التي اعتبر أنه "لا مبرر لها"، و"وضع حد لهذا التعدي السافر في حق جميع النواب والشعب التونسي ككل"، وفق تصريحاته.

أما النائب عن حزب قلب تونس أسامة الخليفي فقد اعتبر أن "صورة المجلس والنواب أصبحت اليوم رهينة لقرارات أطراف تخدم مصالحها الضيقة، بعيدًا عن مصلحة الشعب الفضلى"، داعيًا إلى "وضع حد نهائي لهذا الإشكال في أقرب وقت ممكن".

من ناحيته، أكد النائب عن حركة النهضة نور الدين البحيري أن النائبة عبير موسي "لن تفك اعتصامها، لأن الغاية منه ليس الاحتجاج على ما تلفظت به النائب جميلة الكسيكسي، بل توجد غاية واضحة، وهي تعطيل أعمال المجلس وتشويه صورته، وإسقاط الميزانية، وعدم تمتع الموظفين برواتبهم الشهرية، وعدم طرح القضايا التي تهم الشعب التونسي"، حسب تقديره.

سيف الدين مخلوف: "ضرورة تطبيق القانون وإحالة الملف للنيابة العمومية، في ظل تعطيل مصالح الدولة والشعب وترذيل الثورة ودولة القانون، تحت تعلة المطالبة باعتذار"

وذكر البحيري، في هذا الإطار، أن النائب جميلة الكسيكسي قد امتثلت لقرار المجلس القاضي بعقد جلسة صلحية بينها وبين النائبة عبير موسي بدعوة من رئيس المجلس راشد الغنوشي، وأبدت استعدادها لتقديم الاعتذار، إلا أن "الأخيرة تعمدت التغيب عن الجلسة، ومواصلة إثارة البلبلة في المجلس والتعدي على حرمته، عوض الدفاع عن مصالح الشعب"، محملًا النواب "مسؤولية الدفاع عن حرمة المجلس، مهما كان الثمن".

 

اقرأ/ي أيضًا:

إحداث لجنة طبية لدراسة ملفات استرجاع مصاريف العلاج لجرحى الثورة

منع صحفيين من الدخول واعتصام الدستوري الحر متواصل: ماذا يحصل داخل البرلمان؟