27-مارس-2018

يجدون صعوبة في التواصل مع الغير (BSIP/UIG)

بحثًا عن لعبة لابنه المصاب بمرض التوحد لم يجد سليم الشارني أيًا من الألعاب الخاصة بأطفال التوحد، كتلك التي تباع خارج تونس. ولم يجد حتى في محلات بيع اللعب العادية ما قد ينمي قدرات ابنه الذهنية ويحميه من أي أضرار مادية أو صحية قد تلحق بطفل يواجه صعوبة في التواصل مع الغير ومع الأشياء.

من هنا انطلقت فكرة اختراع ألعاب خاصة بأطفال التوحد، حسب ما ذكره الشارني لـ"الترا تونس". فكانت البداية بالإطلاع على ما يباع في الأسواق العالمية من ألعاب خاصة بهذه الفئة من الأطفال، ومميزات هذه الألعاب وما قد تحدثه من تغييرات في ذهنية الطفل بشكل عام والمصاب بالتوحد بشكل خاص.

سليم الشارني، باحث ومهندس في الإعلامية الصناعية والآلية، قام بتصنيع ألعاب تنمية الذكاء والفهم لأطفال التوحد

سليم الشارني قام بتصنيع ألعاب خاصة بأطفال التوحد

سليم الشارني كباحث ومهندس في الإعلامية الصناعية والآلية، قام في مرحلة أولى بدراسة ما يمكن توفيره من ألعاب تنمية الذكاء والفهم، ثم انتقل إلى مرحلة التصنيع وتوفير المنتوجات لكافة الفئات الاجتماعية والأعمار خاصة وأنّ الأسعار تعد بسيطة جدًا لتكون في متناول الجميع.

ويعدّ مرض التوحد (Autism) اضطرابًا سلوكيًا يلاحظ عادة لدى الطفل في سنّ مبكر. إذ يظهر خلل على مستوى انسجامه الاجتماعي. كما يتميّز بالأساس بتكرار أنماط سلوكية معيّنة، مع صعوبة تواصله اللفظي وغير اللفظي مع الآخرين.

ورغم اختلاف أعراض مرض التوحد من حالة إلى أخرى، إلا أنّ أغلبهم يجد صعوبة في التواصل مع الغير أو تكوين وتطوير علاقات متبادلة معهم. كما تظهر أعراض مرض التوحد عند الأطفال في سن الرضاعة ومنذ نطق الكلمات الأولى. فيما قد يكبر أطفال آخرون بشكل طبيعي خلال السنوات الأولى من حياتهم لكنّهم يصبحون منغلقين على أنفسهم، عدائيين مع أي طرف آخر، غير قادرين على التكلم، أو يفقدون المهارات اللغوية التي اكتسبوها.

كما لا يستجيب مريض التوحد لأي خطاب أو حتى لمناداة اسمه، وغالبًا ما يبدو وكأنّه لا يسمع محدّثه. فيما يتقن نطق الكلمات في سن متأخرة مقارنة بالأطفال العاديين. وقد يفقد القدرة على قول كلمات أو جمل معينة. ويرفض العناق، ويحب أن يلعب وحده متقوقعًا في عالمه الشخصي الخاص به. ورغم ذلك يجهل أغلب الأولياء تشخيص حالة أبنائهم، أو التفطن إلى أعراض هذا المرض منذ بدايته. وهو ما يصعّب العلاج في مراحل متقدمة من حالة الطفل.

ويشير سليم الشارني لـ"الترا تونس" إلى أنّ العائلة لها دور كبير في علاج طفل التوحد، لأنّه يقضي أغلب وقته مع العائلة التي يجب أن يكون لديها وعي كبير عن كيفية التصرف مع طفلهم المصاب بالتوحد، ونوعية الألعاب التي تساعده في العلاج النفسي والذهني وتجعله يفكر ويشارك غيره أفكاره.

ولأنّ اللعب يعتبر أحد أهم الطرق في علاج أطفال التوحد نفسيًا، لأنّه يعاني من فرط الحساسية من بعض الأشياء، أثبتت العديد من الدراسات أنّ استخدام الألعاب في التعامل مع أطفال التوحد هي وسيلة فعالة في تعزيز مهارة التواصل لديهم. وتدفعهم على اللعب مع الآخرين، وفق محدّثنا سليم الشارني.

سليم الشارني: سأحاول تخصيص ألعاب خاصة بأطفال التوحد مجانية لجميع المراكز الوطنية الخاصة بعلاج أمراض التوحد

الألعاب الخاصة بأطفال التوحد مصنوعة من الخشب

اقرأ/ي أيضًا: قرار استعجالي بحجب لعبتي الحوت الأزرق ومريم.. أّي أساس؟

وأضاف الشارني لـ"الترا تونس" أنّ استخدام تلك الألعاب لا يقتصر فقط على المعالجين النفسيين والمختصين داخل مراكز العلاج، بل أثبت عديد المختصين أنّ لعب العائلة مع أطفالهم مرضى التوحد بشكل يومي قد ساعد وبشكل كبير في السيطرة على كثير من الأعراض لدى أطفالهم المصابين بالتوحد، من خلال إرشاد الطفل لبناء قطع وتركيبها وفق ترتيب معيّن وشكل معيّن. فهم كثيرًا من يواجهون مشاكل في اتباع الاتجاهات البصرية أو اللفظية وتمييز الأشكال والألوان. وهي ألعاب في شكل مكعبات للتركيب والتي تعتبر من النشاطات المفضلة لدى المتخصصين في مجال التوحد، وفق قوله.

ويقول سليم الشارني: "اخترت اختراع اللعب الخاصة بمرضى التوحد لغيابها في السوق التونسية. ولأنّ الألعاب العادية تضر أيّ طفل وخاصة الطفل المصاب بالتوحد، لأنّ أغلبها مصنوعة من مواد بلاستيكية وحديدية وتكسيرها قد يؤذي أغلبهم. ونحن نعرف طبيعة أيّ طفل، أي أنّك تتوقع منه كسر أي شيء في يده في أي لحظة". ويضيف أنّ "الألعاب التي اخترعها مصنوعة 100 في المائة من الخشب فقط. كل الألعاب والأشكال من الخشب الطبيعي". ويشير إلى أنّ العمل الذي قام به بكل حب وبكل معاني الإنسانية سيحاول من خلاله تخصيص ألعاب خاصة بأطفال التوحد تكون مجانية لجميع المراكز الوطنية الخاصة بعلاج أمراض التوحد ومهما كانت الكميات التي يجب توفيرها وطلبها.

كما لفت محدّثنا إلى أنّه "التجأ إلى نصائح المختصين بحكم متابعته لحالة ابنه، لمعرفة أنواع اللعب التي تنمي القدرات الذهنية للطفل المتوحد. فهو يكرر نمطًا سلوكيًا معينًا ويكرر نفس اللعبة، لكن الألعاب التي اخترعتها تجعل منه يفكر ويشارك أفكاره مع غيره، وتدريبه على تمييز الأعداد والأشكال أو الألوان. وتعلّمه كيف يشكّل شكلًا معينًا من خلال تركيب قطع صغيرة بسيطة". وأكد أنّه أخذ بنصائح الأخصائيين من حيث اختيار الأشكال أو الألوان وأنواع تلك اللعب، التي وفّرها بأسعار بسيطة أقل سعرًا حتى من الألعاب العادية رغم تكلفتها المرتفعة وارتفاع أسعار الخشب". وأشار إلى أنّ "ألعابه موجهة إلى الأطفال عامة وأطفال التوحد خصوصًا والتي من الممكن توفيرها في رياض الأطفال ومراكز رعاية مرضى التوحد وفي أي منزل".

تساعد هذه الألعاب طفل التوحد على مشاركة أفكاره

اقرأ/ي أيضًا:

تسبب الأبوان في معظمها: 16 ألف إشعار بحالات تهديد للأطفال سنة 2017

12 حالة انتحار أو محاولة انتحار في صفوف أطفال تونس خلال فيفري 2018