12-يوليو-2020

تهديدات عدة تمسّ التنوع البيولوجي والثورة النباتية والحيوانية في تونس (صورة توضيحية/جيتي)

 

"الحفاظ على الطبيعة لا يعني حماية النمور وحيوانات الباندا والحيتان التي نحبها، فالمسألة أوسع نطاقًا بكثير، إذ لا مستقبل سليمًا ومزدهرًا للإنسان على كوكب اختلّ مناخه واستنزفت محيطاته وتدهورت أراضيه وأفرغت غاباته، وعلى كوكب جُرِّد بكلّ بساطة من تنوعه الحيوي"، هو تصريح لمدير الصندوق العالمي للطبيعة يختزل العلاقة بين الإنسان ومحيطه وقراءة المؤشرات المتعلقة بنفوق حيوان نادر هنا أو انقراض آخر هناك.

في تونس، أكد وزير الفلاحة أسامة الخريجي، في جوان/يونيو 2020، وجود تسعة أصناف من الحيوانات المهددة بالانقراض في تونس من بين 700 في العالم، مؤكدًا، في جلسة برلمانية، على أهمية التنوع البيولوجي والثورة النباتية والحيوانية.

"ألترا تونس" يفتح في هذا التقرير ملف الحيوانات المهددة بالانقراض في تونس ونزيف الحياة البرية مع المسؤولين المختصّين في وزارتيْ الفلاحة والبيئة والباحثين في مجال حماية الحيوانات المهدّدة.

اقرأ/ي أيضًا: تعافي الطبيعة في زمن الكورونا.. هل هو "عام السعد"؟

ماهي الأصناف المهددة في تونس؟

أفاد مدير عام الإدارة العامة للغابات محمد بوفروة، في مفتتح حديثه لـ"ألترا تونس"، أن 9 حيوانات في تونس مسجلة بالملحق الأول لمعاهدة التجارة الدولية لأنواع الحيوانات والنباتات البرّية المهددة بالانقراض المعروفة باسم "سايتس" (CITES). وهي المها، وأبو حراب، وريم الصحراء، والآدم، والقضاعة، والفقمة، ونعام شمال إفريقيا، والحبارة، وطائر البرني، وهي جميعًا مهددة بالانقراض وتتأثر أو من المحتمل أن تتأثر بالتجارة.

محمد بورفروة (إدارة الغابات): 9 حيوانات في تونس مهدّدة بالانقراض منها المها وأبو حراب وريم الصحراء ونعام شمال إفريقيا والحبارة

كما توجد 10 حيوانات أخرى ليست بالضرورة مهددة حاليًا بالانقراض ولكن ربما تصبح كذلك ما لم تخضع التجارة في عينات هذه الأنواع لتنظيم صارم لتجنب الاستغلال المتنافي مع بقائها، وهي تتمثل في الأرو المغاربي، والفنك، والبج، والقط البري، والكركي، وأبو منجل، والسلحفاة الأرضية، والحرباء، وثعبان الصحراء وسمك الحنشة.

كما سجلت تونس بالملحق الثالث حيوانين اثنين هما الأيل البربري وغزال الدركاس، ويشمل هذا الملحق الأنواع الخاضعة لتنظيم يهدف إلى منع أو تقييد استغلالها ولكن تظل الحاجة إلى تعاون الأطراف الأخرى لضبط التجارة فيها، وهي تقدر بحوالي 202 نوعًا حيوانيًا و12 نوعًا نباتيًا في العالم.

المها من الحيوانات المهددة بالانقراض في تونس (عبد القادر الجبالي)

 

وصادقت تونس على اتفاقية "سايتس"، وهي من أهم المعاهدات الدولية الُمبرمة في سبيل حماية الفصائل البرية من خطر الانقراض لأنها تربط بين الحياة الفطرية والتجارة بأحكام ملزمة لتحقيق الأهداف، وذلك منذ 10 جويلية/يوليو 1974 وبدأ التطبيق منذ 1 جويلية/يوليو 1975.

وحسب محدّثنا، تصدر الإدارة العامة للغابات نحو 500 شهادة "سايتس" سنويًا لعدة شركات منها المختصة في جلب وصنع وإعادة تصدير منتوجات من أجزاء حيوانات مضمنة بالاتفاقية، وأخرى تقوم بتصدير كميات هامة من المنتوجات لمختلف الدول المصادقة على المعاهدة، وهو ما يساهم إيجابيًا في الدورة الاقتصادية للبلاد بإدخال العملة الصعبة وخلق العديد من مواطن الشغل القارة والموسمية، وفق تأكيده.

وأشار، في هذا الجانب، إلى تصدير أسماك الحنشة (Anguille européenne) المسجلة بالملحق الثاني إلى دول آسيوية وذلك بمعدل 90000 كغ سنويًا مساهمة بتوفير عدد هام من مواطن الشغل القارة والموسمية. وأضاف أن تصدير أساور الساعات ذات القيمة الراقية والمصنوعة بجلود التماسيح والثعابين الضخمة تساهم بتوفير 300 موطن شغل قار، عدا عن توريد العديد من المستحضرات الطبية والأدوات المصنعة بعينات مسجلة بملاحق الاتفاقية وذلك لاستعمالات مختلفة.

وأوضح بوفروة، في سياق متّصل، أنه خلال الخمسة مواسم الأخيرة تمكنت الإدارة العامة للغابات من تسجيل 1182 مخالفة صيد برّي تمت المصالحة في 45 في المائة منها 55 محضرًا.

أعلنت جمعية المحافظة على الحياة البرية في تونس نفوق آخر حيوان مهر في محمية بوهدمة جنوبي البلاد

وقال إن الإدارة العامة للغابات أعدت سنة 2014 استراتيجية وطنية لتنمية الغابات والمراعي ومقاومة التصحر 2015ـ2024 ترتكز على 4 محاور هي ملاءمة الإطار المؤسساتي والقانوني للقطاع وتدعيم القدرات، وتطوير مساهمة القطاع في التنمية الاقتصادية والاجتماعية، وتطوير الوظائف والخدمات البيئية للموارد الغابية والرعوية وتدعيم وتحسين المخزون الغابي والرعوي، زيادة على حماية الغابات وتحسين مردوديتها وتدعيم التصرف في المناطق المحمية والمحافظة على التنوع البيولوجي وعلى الحيوانات البرية والحد من انعكاسات التغيرات المناخية.

كما تم وضع خطة وطنية للمحافظة على الثروة الحيوانية البرية تهدف إلى حماية الأنواع النادرة أو التي بصدد الاندثار والعمل على تكاثرها وإعادة توطين الأنواع المنقرضة. ففي شهر أفريل/نيسان 2020، أعلنت جمعية المحافظة على الحياة البرية في تونس نفوق آخر حيوان مهر في محمية بوهدمة جنوبي البلاد. وقالت وزارة الفلاحة في تعليق لها على الحادثة إنها وضعت خطة وطنية للمحافظة على الثورة الحيوانية البرية تهدف إلى حماية الأنواع النادرة والتي تسير نحو الاندثار والعمل على تكاثرها وتوطين الأنواع التي اندثرت.

نعام شمال إفريقيا من الحيوانات المهدّدة بالانقراض (عبد القادر الجبالي)

 

وأفصحت الوزارة عن إبرام اتفاقية مع معهد البحوث بالمناطق القاحلة بأسبانيا تخص في مرحلة ثانية إعادة توطين جديدة لغزال المهر قائم على إعداد دراسة جدوى بالشراكة مع الأطراف المتداخلة وضبط خطة عمل وجمع بيانات لتفادي تجربة التوطين الأولى التي كانت انطلقت سنة 1994 وانتهت مؤخرًا بنفوق آخر حيوان من هذا الصنف.

وبالعودة على هذا المثال، كان تقرير مهمة سنة 2012 نبّه مما أسماه انقراض بيولوجي للمهر ببقاء 3 ذكور فقط في جهة هدّاج من محمية بوهدمة. ودعا التقرير المقدم إلى الإدارة العامة للغابات واطّلع "التر تونس" على نسخة منه، إلى ضرورة اعتماد مخطط عاجل لدعم هذا الصنف في أقرب الآجال.

وبخصوص توعية ومشاركة المواطنين، قال المدير العام للغابات إن مخططات التهيئة والتصرف في المحميات تأخذ بعين الاعتبار وجود العنصر البشري الذي يوجد داخل المحمية أو الفضاء الذي يحيط بها.

وأشار إلى أن عدة جمعيات ومنظمات تساهم في مجهود الدولة بخصوص المحافظة على الحياة البرية، متحدثًا بالخصوص عن الجامعة الوطنية لجمعيات الصيادين، والجمعية التونسية لحماية الطبيعة والبيئة، وجمعية أحباء الطيور، وجمعية تونس إيكولوجيا، والجمعية الوطنية للتنمية المستدامة والمحافظة على الحياة البرّية إضافة للصندوق العالمي للطبيعة.

هل يأتي الدور على غزال الريم بعد انقراض المهر؟

في حديثه لـ"ألترا تونس"، وصف عبد القادر الجبالي، الباحث في البيئة وإدارة التنوّع البيولوجي ونائب رئيس الجمعية التونسية للحفاظ على الحياة البرية، حادث انقراض المهر بـ"الخسارة الكبيرة لتونس والمؤسفة جدًا". ولفت إلى مقارنة بتجربة إعادة توطين الحيوان في السنغال حيث كان محدثنا مساهمًا في إعادة التوطين في جزئها الثاني هناك، والتي انطلقت سنة 1984 بسبعة رؤوس فقط، ومازال المهر موجودًا وتم توزيعه على محميتين، وذلك مقابل اندثاره في تونس بعد حوالي 30 سنة رغم انطلاق التجربة بـ 21 رأسًا وهو ما يطرح نقاط استفهام، وفق قوله.

انقراض غزال المهر في تونس (عبد القادر الجبالي)

 

اقرأ/ي أيضًا: الطبيعة تنتصر.. إعادة توطين "غزال الأطلس" في جبال سليانة بعد انقراض فاق القرن

وأفاد، في هذا الإطار، أن إعادة توطين المهر من جديد سيخسر تونس 30 سنة أخرى بدل المفترض المرور إلى مرحلة أخرى كإطلاقه في البرية أو في محميات أخرى، وهو مجهود يتطلب كفاءات وبناء ثقة مع الشركاء وأموال طائلة على مدى طويل طيلة المشروع.

وأوضح أن عدد الحيوانات المهدّدة في تونس يفوق حقيقة المسجّل في قائمة "سايتس"، داعيًا إلى ضرورة العودة إلى القائمة الحمراء للاتحاد الدولي لصون الطبيعية في انتظار غنشاء قائمة حمراء وطنيّة.

وبيّن أن الأنواع المهددة بالانقراض في تونس هي خاصة الثديات كبيرة الحجم والطيور مشيرًا بالخصوص إلى المها، والسيّاف، وغزال الدوركاس، والغزال الأحمر. كما تحدث عن غزال الأطلس الذي تجري حاليًا إعادة توطينه بجبل السّرج، وأيل الأطلس، وغزال الريم، ونعام شمال إفريقيا، وطائر الحبارى، والأروية المغاربية، ونوع من العقعق الإفريقي وعدة أنواع أخرى دون احتساب الأصناف النباتية المهددة.

غزال الريم من الحيوانات المهدّدة بالانقراض في تونس (عبد القادر الجبالي)

 

ودعا الباحث في البيئة وإدارة التنوّع البيولوجي إلى القيام بجرد للأنواع المهدّدة بالانقراض طبقًا للشروط والمعايير التي رسمها الاتحاد العالمي لصون الطبيعة في إطار قائمة حمراء وطنية نباتية وأخرى حيوانية أو قائمة جامعة تمكن من معرفة الأنواع المهدّدة بالانقراض بشكل مدقّق.

وشدّد محدثنا أن النوع الموضوع في حالة خطر في الوقت الحاضر هو غزال الريم قائلًا: "يجب الانتباه إلى ما يحدث للريم من حالة تدمير في الجنوب التونسي مما ينذر بأن تكون هي النوع التالي المنقرض بعد المهر".

في سياق متصل، قال الجبالي عن تجربة إعادة التوطين غزال الأطلس في جبال السرج إنه "لا يجب التسرع في الحديث عن نجاح المشروع لأن للأمر تعريف وشروط. يمكن الحديث عن نجاح حال الانتقال من مرحلة التأقلم والإكثار في الأسر إلى مرحلة الإطلاق في البرية ومراكمة نقاط إيجابية في هذا المستوى. لكن لا يمكن الحديث عن نجاح إلا بعد فترة طويلة نضمن فيها قطيعًا كبيرًا قابلًا للحياة على جزء أو كامل منطقة الانتشار الطبيعي لغزال الأطلس، وهو يتطلب زمنًا وإمكانيات مادية وخاصة كفاءات تفهم في مشاريع إعادة التوطين وقادرة على وضع استراتيجيات وبرمجة كيفية إدارة مشاريع من هذا النوع".

ماهي مشاكل المحميات الطبيعية في تونس؟

توجد في تونس 17 حديقة وطنية و27 محمية و41 موقع "رامسار"، يصفها نائب رئيس الجمعية التونسية للحفاظ على الحياة البرية بأنها "مهمة" مستدركًا أنه يُشترط لقيام أي محميّة بدورها الذي أنشئت من أجله توفّر عنصرين أساسين وهما العنصر البشري والعنصر المادي. وأوضح أن العنصر الأول يشترط عدّة كفاءات واختصاصات من الباحث إلى الحارس في إدارة المحميّة، فيما يفترض العنصر الثاني توفّر الإمكانيات الماديّة اللازمة لتسييرها. وشدّد على ضرورة أن تُنشأ المحمية وفق مقاييس علمية وعلى مساحة كبيرة ليتوفر المجال الحياتي للحيوانات الموجودة، وأن تأوي أقصى عدد ممكن من الأنواع.

عبد القادر الجبالي (ناشط بيئي): يجب الانتباه إلى ما يحدث للريم من حالة تدمير في الجنوب التونسي مما ينذر بأن تكون هي النوع التالي المنقرض بعد المهر

كما أشار، في حديثه لـ"ألترا تونس"، إلى وجود إشكاليات أخرى مثل ما هو الحال في محمية إشكل بتحول البحيرة من بحيرة ماء عذب إلى سبخة وربما الى الاندثار تمامًا، وعملية خنق المحمية بانجاز سدود حولها ما أدى إلى ارتفاع منسوب الطمي والترسّبات.

الباحث البيئي قال إن" تحديد واقع التنوّع البيولوجي لا يكون إلاّ ضمن صيرورة تاريخيّة توفّر إمكانيّة المقارنة بين نقطتين زمنيّتين أو أكثر"، مشيرًا إلى أن الإقتصار على لحظة زمنيّة محدّدة يعطي صورة آنيّة منقوصة هي في الأصل تكون نتيجة لعوامل عدّة منها المناخيّة والجيولوجيّة والبيولوجيّة و خاصّة البشريّة التي طغت في القرون القليلة الماضية وأصبحت تقريبا المحدّد الرئيسي في مصير الحياة البريّة.

ويضيف أن "التنوّع البيولوجي اليوم في تونس أفقر وأكثر هشاشة ممّا كان عليه عام 1850 أو في بداية القرن العشرين. ولا أدلّ على ذلك من عدد الأنواع التي انقرضت في تلك الفترة لا سيّما من بين الطيور والثدييات الكبيرة ناهيك عن تراجع مثير للقلق في مساحات الغابات الطبيعيّة وانقراضها شبه التام من السهول واقتصارها تقريبًا على بعض السلاسل الجبليّة أساسًا في الشمال".

السيّاف من الأنواع المهددة بالانقراض في تونس (عبد القادر الجبالي)

 

ويرجع محدثنا استنزاف الحياة البرية إلى عدم الوعي بالنسبة للمسؤول أو للمواطن العادي الذين يستويان في الثقافة البيئية وفق قوله، مضيفًا أن الوعي بهذه المسألة "ضعيف جدًا" في تونس، مشيرًا بالخصوص إلى عدم التطبيق الصارم القانون والإفلات من العقاب.

ويضيف أن "جزءًا من المجتمع التونسي يبحث عن الكسب السهل وهناك نزعة الجشع لمن يفضل نهب الطبيعة والاعتداء على الأنواع المحمية ومخالفة القانون على الاجتهاد في العمل"، لافتًا إلى أن سوق المنصف باي أكبر مثال على المتاجرة بالأنواع المحمية بالقانون التونسي وبالقوانين الدولية بالإضافة الى عدم توفير الإمكانيات المادية من السلطات لحماية التنوع البيولوجي، حسب قوله.

وختم الباحث البيئي، حديثه لـ"ألترا تونس"، أن كلّ الدراسات تؤكد على أن وجود الإنسان مرتبط أيّما ارتباط بالتنوّع البيولوجي بما هو أنظمة بيئيّة توفّر العديد من الخدمات الحياتية (ماء، هواء، غذاء، مقاومة التصحّر و الإنجراف، تعديل المناخ إلخ)، وبالأنواع الحيوانيّة والنباتيّة التي تساهم في عمل هذه المنظومات الطبيعيّة وتوازنها والجينات وتنوّعها الصالح لتواصل الحياة.

وشدّد أن الانقراض هو إخلال بالتنوع البيولوجي ومؤشر على اختلال التوازن البيئي، مؤكدًا أن للتنوّع البيولوجي الممثل في كل المخلوقات النباتية والحيوانية ومحيطها والمواقع التي تعيش فيها، دور هام في حياة الإنسان على كل المستويات سواء كان حياتيًا وصحيًا واقتصاديًا.

استراتيجية وطنية قريبًا للتنوع البيولوجي

حول ذات الموضوع، توجهنا إلى وزارة البيئة والتقينا مدير الأيكولوجيا والأوساط الطبيعية محمد علي بن تمسك الذي أكد لنا، بداية، أن تونس تعدّ 8 آلاف صنف حيواني ونباتي من بين 8 مليون في العالم، لافتًا إلى أن التنوع البيولوجي في تونس ثري ويتميّز بوجود أصناف مستوطنة ومعروفة على الطبيعة التونسية وأصناف متأقلمة مع عديد المناخات.

اقرأ/ي أيضًا: حماية للطيور في سبخة السيجومي... هل تستجيب الحكومة لنداءات الجمعيات البيئية؟

ولكنه أكد أن العامل البشري والضغط المتواصل على عدة أصناف من خلال الصيد الجائر والإفراط في الاستغلال أدى إلى تناقص الأعداد والإندثار على غرار غزال المهر، مشيرًا إلى تسجيل اندثار 15 ألف صنف على المستوى العالمي مع توقعات باندثار مليون صنف هي حاليًا في وضعية خطيرة.

وأفاد المدير بوزارة البيئة أنه سيتم خلال سنة 2025 استكمال استراتيجية وطنية لمحاسبية بيئية لرأس المال الطبيعي عبر دعم المشاريع التي ترتكز على الحدّ من التأثير السلبي على التنوع البيولوجي ودعم مؤسسات القطاع الخاص التي تساهم في هذا المجال، وإدراج التنوع البيولوجي في المحاسبية العمومية.

كما كشف عن الانتهاء من تحديد القائمة الحمراء للطيور المهددة في تونس على أن يتم خلال 2021 استكمال تحديد بقية الأصناف التي تهم المنظومات والثديات والنباتات.

وقال إنه سيتم تقديم قانون وطني حول التنوع البيولوجي يتجاوز الإشكاليات الحالية المتمثلة في غياب التنسيق بين مختلف المتدخلين في مجال المحافظة على التنوع البيولوجي مع تركيز القانون على التنظيم المؤسساتي والتنسيق الكافي.

قانون محيّن لاتفاقية التجارة حول الحيوانات والنباتات المهددة بالانقراض

على المستوى التشريعي أيضًا، كانت قد صادقت لجنة الفلاحة والأمن الغذائي بالبرلمان على مشروع قانون تقدمت به وزارة الفلاحة يخص اتفاقية التجارة الدولية بأصناف الحيوانات والنباتات البرية المهددة بالانقراض لسنة 1974. ويضبط المشروع الذي ينتظر المصادقة في الجلسة العامة، الأحكام المتعلقة بتنظيم التجارة الدولية للأصناف المهددة من الحيوانات والنباتات، ويقر إحداث أو تكليف هيكل للتصرف وتحديد مهامه في علاقة بهذا النوع من التجارة مع ضبط أصناف وشروط إسناد الوثائق المستوجبة لها، بالنظر الى تصنيف الحيوان أو النبات طبقًا لما نصت عليه ملاحق الاتفاقية الدولية.

علي بن تمسك (وزارة البيئة): تعدّ تونس 8 آلاف صنف حيواني ونباتي من بين 8 مليون في العالم

وفي هذا الصّدد، يقول عضو لجنة الفلاحة والأمن الغذائي بالبرلمان حاتم المانسي في تصريح لـ"ألترا تونس" أن القانون الجديد هو تنقيح لقانون 1975، مشيرًا إلى أهمية دور المجتمع المدني الناشط في مجال حماية الحياة البرية في معاضدة جهود الدولة في التصدي لعمليات الصيد الجائر وضرب التجاوزات.

وأوضح أن نص القانون يجيز لهذه الجمعيات القيام بالحق الشخصي فيما يتعلق بالجرائم الواردة في القانون الذي تكمن أهميته أيضًا، وفق تأكيده، في تقنين توريد أصناف مهددة يمكن أن تتأقلم مع المناخ التونسي وإعادة توطينها.

يُذكر أن الاتفاقية التي دخلت حيّز النفاذ في 1 يوليو/تموز 1975 ويبلغ عدد أعضائها حاليًا 180 بلدًا ما يقرب من 600 5 نوعًا من الحيوانات و000 30 نوعًا من النباتات، وكانت تونس هي الرابعة التي وقعت عليها.

وجاء مشروع الاتفاقية تلبية لحاجة فرضها الاستغلال المفرط للثروات الطبيعية الذي أدى الى اختلال التوازن البيئي، لا سيّما وأن حماية الأنظمة البيئية ليست فقط التزامًا وطنيًا وإنما منظومة كونية يتجاوز الحدود الوطنية يترجمها الانخراط في منظومة القوانين الدولية بالخصوص.

ويظلّ السؤال في الختام: هل يتصدّر هدف حماية الحيوانات المهدّدة بالانقراض أو استعادة الحيوانات المنقرضة أولوية الحكومة بما يفترضه من إمكانيات بشرية ومادية من مكافحة الصيد الجائر والعناية بالمحميات والاستثمار في مشاريع إعادة التوطين بالخصوص؟

 

اقرأ/ي أيضًا:

"الفلامنغو" يغزو سبخة الساحلين.. مستعمرة جديدة للجيش الوردي

عصافير نادرة في المزاد.. إطلالة على سوق الطيور بسوسة