08-مايو-2019

عندنا تمرض الصحافة تصبح الديمقراطية أيضًا مريضة (الشاذلي بن ابراهيم/Getty)

 

تتضمن كل البيانات والتقارير التي أصدرتها المنظمات والجمعيات المهنية بمناسبة اليوم العالمي لحرية الصحافة هذه السنة تقييمًا سلبيًا ومتشائمًا لأوضاع قطاع الصحافة. إذ وصف التقرير السنوي للنقابة الوطنية للصحفيين التونسيين عن واقع الحريات الصحفية المشهد الصحفي بالمأساوي مشيرًا إلى عدة مخاطر تتهدد مهنة الصحافة على غرار "اعتداءات أجهزة السلطة التنفيذية" و"تباطؤ السلط المسؤولة والأجهزة الرقابيّة في التصدي إلى تغلغل المال الفاسد في وسائل الإعلام الذي بات ينخر الكثير منها" و"تصاعد تفقير قطاعات واسعة من الصحفيين مما من شأنه أن يُلحق أضرارًا كبيرة بأخلاقيات المهنة وبالديمقراطية بصفة عامة".

كما اعتبرت جامعة مديري الصحف أن الصحافة المكتوبة والإلكترونية التونسية أماl خيارين: الولاء أو الاندثار. فيما خلص تقرير مركز تونس لحرية الصحافة إلى أن "التوجه السياسي يرتهن الخط التحريري لبعض المؤسسات الإعلامية العمومية والخاصة". وتضمن تقرير "مركز تونس" نتائج استطلاع رأي اعتبر فيه المشاركون في العينة (125 صحفيًا وصحفية) أن "92 في المائة من المستجوبين يرون أن الإعلام التونسي لم يكن محايدًا في تعاطيه مع الأزمات السياسية والاجتماعية مبررين ذلك بوجود ضغوطات اقتصادية وسياسية على الصحفيين".

مفارقة تونسية بين المكانة التي تحتلّها تونس في التقييمات العالمية للديمقراطية وحرية الصحافة من جهة وبين انطباع سائد لدى المواطنين بأن الصحافة منحازة إلى أطراف سياسية خادمة لمصالحهم

اقرأ/ي أيضًا: في أزمة الصحافة التونسية أو احتضارها..

في المقابل، تحتل تونس في ترتيب منظمة "مراسلون بلا حدود" المرتبة الأولى عربيًا في الحريات الصحفية رغم أن تقدمها في الترتيب يعود أيضًا إلى تراجع العديد من الدول الأخرى. هكذا نجد أنفسنا أمام مفارقة تتمثل في البون بين المكانة التي تحتلّها تونس في التقييمات العالمية للديمقراطية وحرية الصحافة حتى تكاد تكون "استثناء" عربيًا من جهة أولى، وبين انطباع سائد لدى المواطنين بأن الصحافة منحازة إلى أطراف سياسية خادمة لمصالحهم وشعور الصحفيين كذلك بأن مهنتهم مأزومة، تعاني من مشاكل لا حصر لها تعيق ممارستهم لمهنتهم بشكل مستقل من جهة ثانية.

كما لا ينقطع الصحفيون عن الشكوى من الظروف المهنية التي يشتغلون فيها حتى تكاد تكون هويتهم المهنية تصبح "هوية حزينة" بسبب هذا البون بين شعار الصحافة "سلطة رابعة" كمؤسسة من مؤسسات الديمقراطية من جهة أولى وبين الظروف المهنية الصعبة والإكراهات المتعددة التي يخضعون إليها التي تعيق أدائهم المهني الجيد وممارسة حرياتهم من جهة ثانية. وتزداد هذه المفارقة شدة عندما نرى التناقص المستمر لأعداد الصحفيين في الميديا بسبب تكلفة صناعة الأخبار.

نظرة جديدة لمسألة حرية الصحافة

إن الحديث عن حرية الصحافة في تونس هو أمر شائك بسبب الشعور بأن الأمور لا تسير بالشكل المنتظر في الوقت الذي يردد فيه الجميع أن حرية التعبير هي المكسب الأساسي للتونسيين. إن حالة الصحافة التونسية (بما في ذلك الصحافة الإذاعية والتلفزيونية) كما يوصفها على الأقل المهنيون أنفسهم تؤكد أن الديمقراطية التونسية الناشئة ليست على ما يرام.

تحيلنا إذًا هذه المفارقة أولًا وقبل كل شيء إلى "أزمة" الانتقال الديمقراطي بسبب ما اعتراه من أعطاب عديدة على غرار العزوف عن الشأن السياسي وتراجع الثقة في السياسيين وفي السياسة والاستقطاب الإيديولوجي والسياسي ونتائجه الوخيمة على النقاش العام وتنامي إستراتيجيات الدعاية الماكرة. فحرية الصحافة مؤشّر حقيقي على الديمقراطية الأصيلة، فلا ديمقراطية بلا حرية الأفراد في التفكير والتعبير والصحافة، وبمعنى آخر عندنا تمرض الصحافة تصبح الديمقراطية أيضًا مريضة.

يوجد استعداد متعاظم للإقرار تدريجيًا بأمر أساسي وهو أن نظام الميديا التونسية برمته وبكل مكوناته المختلفة يعيش أزمة شاملة

تشي مواقف المنظمات المهنية الصحفية أن شيئًا ما جوهريًا بصدد التحول في مقاربة الصحافة والميديا. ويبدو أن هناك استعدادًا متعاظمًا للإقرار تدريجيًا بأمر أساسي وهو أن نظام الميديا التونسية برمته وبكل مكوناته المختلفة (مهنة واقتصادًا ومؤسسات عمومية أو خاصة وصناعة ومنظومة تكوين وتدريب) يعيش أزمة شاملة تهدد قدرته على أداء الوظائف الذي ينتظرها منه المواطنون في ديمقراطية ناشئة، أي أن تزودهم بالأخبار تجسيدًا لحقهم في معرفة الشؤون العامة وبأن تعرض عليهم الآراء والمواقف المتنوعة والمتعددة التي تسمح لهم بالتصرف  كمواطنين راشدين مما يؤهلهم للمشاركة في المجال العمومي وفي الحياة السياسية.   

لقد تجاهل النقاش العام (المحدود والمناسباتي) حول الصحافة السياقات التي يمكن أن يفعّل فيها الصحفيون التونسيين حرياتهم المضمونة بالدستور. ويلاحظ بكل وضوح المتأمل في الخطاب السائد حول الحريات الصحفية هيمنة المقاربة القانونية على حساب مقاربات أخرى خاصة تلك المتعلقة بالشروط المؤسسية التي يجب أن تتوفر حتى يتمكن الصحفيون التونسيون من تفعيل الحريات التي ضمنها الدستور والقوانين.

يلاحظ المتأمل في الخطاب السائد حول الحريات الصحفية هيمنة المقاربة القانونية على حساب مقاربات أخرى خاصة تلك المتعلقة بالشروط المؤسسية 

يستأثر القانونيون بقسط كبير من الخطاب حول الصحافة وإصلاح الميديا الذي يختزل عادة في المسائل القانونية أي في مدى مطابقة النصوص للمعايير الدولية وفي التفاصيل التقنية المختلفة وفي "استكمال الأطر التشريعية لضمان حرية الصحافة". يهيمن هذا الخطاب القانوني الصرف حتى ساد الاعتقاد بأن الرهان هو الأطر التشريعية والقانونية لوحدها دون الاهتمام بالإشكاليات الأخرى وكأن الصحافة المهنية والميديا الجيدة أو التعديل الفعال يمكن أن يتمخض عن النصوص القانونية وحدها دون الشروط الأخرى: مؤسسات صحفية قوية وقابلة للحياة، وغرف أخبار مستقلة قادرة على أداء الصحافة بشكل مهني، وموارد متوفرة للصحفيين لإنجاز صحافة لا تكتفي بالنقل. وكأن الصحفي الحر والمستقل لا يحتاج سوى للأطر التشريعية والنصوص القانونية ليمارس مهنته بشكل حر. يمكن أن نقارن مثلًا، في هذا الإطار، عدد الندوات عن الأطر التشريعية والقانونية وتلك التي خصصت لدارسة الإكراهات الواقعية والخبيثة التي تتعرض إليها غرف الأخبار والصعوبات التي يواجهها الصحفيون للممارسة مهمتهم يوميًا بشكل حر ومستقل في إطار معايير المهنة.     

ولنأخذ مثالًا على ذلك: احتل موضوع التنظيم القانوني للصحافة المكتوبة جزءًا كبيرًا من النقاش على حساب الصحافة نفسها والأمر نفسه بالنسبة إلى تنظيم القطاع السمعي البصري. والنتيجة أن الإطار التشريعي للصحافة تضمن نصوصًا وأحكامًا جديدة متناغمة مع المعايير الدولية لكن الصحافة المكتوبة تكاد تكون تحتضر. إنها مفارقة غريبة تستحق حقًا التفكير في المقاربة التي تم اعتمادها منذ 2011 والتي تتبين اليوم حدودها لأنها لم تنتبه سوى إلى بعد واحد من أبعاد الصحافة باعتبارها نظامًا تشكله مكونات عديدة إن تعطّل واحد منها تعطلت إمكانات الصحافة الحرة والمهنية والجيدة كلها.

كيف نقيّم حرية الصحافة؟

توجد عدة مؤشرات توظف لدراسة حرية الصحافة منها على وجه الخصوص سلامة الصحفيين عند أداء مهامهم الصحفية في المؤسسات التي يعملون بها أو في الميدان. إن الاعتداءات على الصحفيين في تونس وإن لا ترقى في خطورتها إلى مستوى ما هو موجود في عديد الدول العربية الأخرى، إلا أنها تظل موجودة ومصادرها متعددة حسب تقارير النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين. وتؤشر هذه الاعتداءات أيضًا إلى ثقافة الحرية في المجتمع وتشبع التونسيين بقيمها التي تجعل من احترام حرية الصحفيين في التحقيق والبحث والاتصال بالمصادر والكتابة والتعليق على الأخبار حرية أساسية حتى وإن لم يستفيدوا منها. كيف يمكن للصحافة أن تزدهر في مجتمع لا يؤمن أفراده بأن الحرية حق لا جدال فيه؟ بالنهاية، لم تترسخ بعد ثقافة الحرية بالشكل الذي تتحول فيه إلى سند إلى حرية الصحافة.

اقرأ/ي أيضًا: الصحافة التونسية أمام امتحان "الشعبوية"

ومن المؤشرات الأخرى الأساسية لتقييم حرية الصحافة، تنوع الميديا في مستوى الوسائط واختصاصاتها (شاملة أو متخصصة) واتجاهاتها الفكرية والسياسية (بالنسبة للصحافة المكتوبة والرقمية خاصة). فمثلًا على مستوى ملكية مؤسسات الميديا، لا معنى لحرية في مشهد منمّط تسيطر عليه بعض المؤسسات. ولهذا السبب اعتمدت مؤسسة "مراسلون بلا حدود" التنوع كمقياس لحرية الصحافة. إن محدودية التنوع والتعدد تعني بكل بساطة أن هناك مجموعات تسيطر على المشهد بطرق ماكرة وعلى السوق الإشهارية.

وتتجسد هذه المحدودية في تونس في تراجع عدد الدوريات المطبوعة بشكل كبير، كما أن عدد المواقع الرقمية القادرة على توظيف طواقم صحفية لا يزال محدودًا، وكذلك الأمر في العديد من الإذاعات والتلفزات الخاصة التي لا تملك هيئات تحريرية صحفية بالمعنى المتعارف عليه. إضافة إلى أن التعدد الكمي لا يعبر عن تنوع في البرامج والاهتمامات والمواضيع ولذلك يشعر المشاهد أحيانًا كثيرة بأنه بصدد مشاهدة قناة واحدة ونشرة إخبارية واحدة تتكرر بشكل مملّ.   

غرفة الأخبار.. الرهان المنسي

تمثل غرفة الأخبار الفضاء الأساسي الذي تنتج فيه الصحافة لأنها ليست عملًا فرديًا يمارسه الصحفي خارج الإكراهات المؤسسية المختلفة. وإذا أردنا أن نفهم بشكل جيد ما إذا كان الصحفيون التونسيون يتمتعون حقًا بحرية الصحافة في معناها الدقيق، أي حرية انتقاء الأحداث والمواضيع والتحقيق فيها والاتصال بالمصادر أي كل ما يستوجبه العمل الصحفي المهني، يجب أن ننظر في طبيعة غرفة الأخبار وفيما يجري في داخلها وفي الإكراهات المستترة التي تخضع لها والأساليب الماكرة الخفية للتدخل في العمل الصحفي وتاطيره بشكل غير مباشر. لكن هذه المسائل نادرًا ما يتداول فيها الصحفيون أو يناقشون فيها في مقابل الحديث غن الاعتداءات التي يتعرض إليها الصحفيون عندما يتعلق الأمر باعتداءات تطال الصحفيين في الميدان.

إذا أردنا أن نفهم بشكل جيد ما إذا كان الصحفيون التونسيون يتمتعون حقًا بحرية الصحافة يجب أن ننظر في طبيعة غرفة الأخبار وفيما يجري في داخلها وفي الإكراهات المستترة التي تخضع لها والأساليب الماكرة للتدخل

لا بد هنا أن نتساءل عن الآليات التي وضعتها المهنة في المؤسسات الصحفية المختلفة لحماية الهيئات التحريرية من التلاعب الماكر بها وباستعادة الطرق القديمة للتدخل في غرفة الأخبار، فما الذي يحمي غرفة الأخبار من تدخل الإدارة أو من قوى أخرى يمكن أن تحد من حرية الصحفيين من ممارسة مهنتهم في الوقت الذي يتحدث فيه الصحفيون عن المال الفاسد والقوى السياسية التي تتلاعب بهم كما تؤكد التقارير والبيانات التي صدرت في اليوم العالمي للصحافة وكما يؤكد كذلك المهنيون في مختلف تصريحاتهم؟  

سعى الصحفيون منذ 2011 في مؤسسات الميديا العمومية إلى حماية غرفة الأخبار عبر وضع ما يسمى مجالس التحرير وهي هيئات صحفية منتخبة وضعت لإدارة السياسية التحريرية في مجال الأخبار. كما شهدت هذه المؤسسات انتخابات رئيس التحرير ولكن تم التراجع عليها باستثناء مؤسستين (لابراس ووكالة تونس إفريقيا للأنباء) تمامًا، كما لم تعمر طويلًا مجالس التحرير.أما تجربة المواثيق التحريرية، فكانت في معظمها إلى حد الآن محدودة جدًا مما يؤشر على الإكراهات العديدة التي يمكن أن تخضع إليها غرف الأخبار. والمواثيق التحريرية هامة جدًا لأنها تتضمن المبادئ التي تسير عليها غرفة الأخبار ويلتزم بها الصحفيون في عملهم اليومي والتي تمنع الإدارة من أن تتدخل بشكل مناقض للسياسية التحريرية للمؤسسة.

اقرأ/ي أيضًا: ملف خاص: كيف سننتخب؟

إن محدودية ما يسمى آليات التنظيم الذاتي التي ذكرناها يمكن أن تجعل نظريًا من الصحافة التونسية مهنة يتلاعب بها الجميع بما في ذلك الصحفيين (باسم حرية الصحافة) إذا تحرروا من المبادئ الأخلاقية التي تنظم مهنتهم. وهي مؤشر على أن الصحفيين التونسيين لا يعملون في بيئة مهنية ضامنة للاستقلالية مانعة للتلاعب الداخلي والخارجي بالمهنة. فالصحفي الحر هو ذلك الذي يسير وفق القواعد التي وضعتها المهنة بنفسها، فيكون بذلك الصحفي سيد نفسه لا تسيّره قوى خارجية تتحكم في إرادته فتحوّله إلى أداة لغايات غير صحفية.

لقد تراجعت أشكال الرقابة التقليدية الفجة التي كانت تمارسها السلطة السياسية حتى 2011 واستبدلت بأساليب جديدة خفية. توجد قوى عديدة تسعى إلى التلاعب بغرف الأخبار، وأوّلها السياسيون الذين يسعون إلى تكون الصحافة منبرًا لهم مفتوحًا لهم كلما أرادوا ذلك أو مجرد ناقلة لأخبارهم التي تخدم صورتهم. ولعل من المؤشرات الخطيرة على حرية الصحافة ما يقوله السياسيون أنفسهم عن إستراتيجية التلاعب بالميديا منذ 2011 وكأن السياسيين أنفسهم يقرون بأن رغبة توظيف الصحافة والميديا لا تزال راسخة في ثقافتهم أو اكتسبها السياسيون الجدد بمن فيهم من كان يعارض النظام السابق مما يؤكد أن الرغبة في السيطرة على الصحافة والصحفيين مرتبطة بشهوات السلطة.     

وتمثل المؤسسات الاقتصادية كذلك قوة ضغط أساسية على غرف الأخبار خاصة في سياق الأزمة الاقتصادية الأخيرة وتراجع سوق الإشهار، فكيف يمكن إذًا أن يقوم الصحفيون بممارسة الصحافة بكل حرية في مؤسسات مرتبطة بشكل غير متكافئ مع المستشهرين. وإذا أمعنا  النظر في الصحافة الاقتصادية، نلاحظ بكل وضوح أن عالم الاقتصاد والمؤسسات لم يصبح بعد موضوعًا لصحافة التحقيقات والاستقصاء مما يفسر أيضًا أن أخبار المؤسسات الاقتصادية هي في كثير من الأحيان استعادة للمواد الاتصالية للمؤسسات نفسها.

تمثل المؤسسات الاقتصادية قوة ضغط أساسية على غرف الأخبار في تونس خاصة في سياق الأزمة الاقتصادية الأخيرة وتراجع سوق الإشهار

وتقتضي حرية الصحفيين في البحث عن المعلومات والاتصال بالمصادر والتحقيق والاستقصاء وفي انتقاء الأحداث ووضع أجندة الأخبار حسب المعايير الصحفية والمهنية شروطًا عديدة أولها الموارد المادية والتنظيمية وإلا تحولت الصحافة إلى ممارسة لنقل المعلومات الجاهزة التي تصلها من المصادر المؤسسية.

يحتاج الصحفي إلى الوقت حتى يتمكن من إنجاز تقارير صحفية عميقة للبحث عن الأخبار والاتصال بالمصادر، والواضح أن هذه الموارد غير متوفرة بالشكل الذي يسمح بتفعيل الحريات الصحفية التي تضمنتها النصوص القانونية. إذ يعمل الصحفيون في ظروف مهنية صعبة وهشة وهم معرضون في أحيان كثيرة إلى أخطار البطالة والتشغيل الهش مما يعرضهم إلى شتى أشكال التوظيف والتأثير. وتمثل الاتفاقية المشتركة التي سعت النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين إلى إرسائها آلية أساسية ستسمح بتحسين الظروف المهنية الجيدة للصحفيين وضمان كرامتهم المهنية.

إن الأزمة التي تعيشها مهنة الصحافة في تونس تبين بشكل واضح وجلي أن الإصلاح التشريعي والنصوص القانونية المبتكرة والمتناغمة مع المعايير الدولية ليست الشرط الوحيد حتى تقوم الصحافة بأدوارها الأصيلة في ديمقراطية ناشئة. فهل يمكن للصحفيين التونسيين أن يمارسوا الصحافة بحرية أي بمعنى أخر أن ينصرفوا إلى ممارسة الصحافة بما أنها بحث وتحقيق واستقصاء وتحري وسعي إلى الحقيقة إذا لم يتوفر لهم سياق مؤسسي مواتي ومنها خاصة آليات مختلفة لحماية غرفة الأخبار من إستراتيجيات التلاعب الماكر والتأثير المقنّع وتوظيف الصحافة لهذا الطرف أو ذاك بشكل مخاتل وباسم حرية الصحافة أحيانًا؟

 

 

اقرأ/ي أيضًا:

الصحافة التونسية في "عصر ما بعد الحقيقة".. الهلع (3/1)

الصحافة التونسية في "عصر ما بعد الحقيقة".. التحرّي (3/2)

الصحافة التونسية في "عصر ما بعد الحقيقة".. دفاعًا عن "صحافة الحقيقة" (3/3)