21-نوفمبر-2019

ارتسام صوف مديرة مهرجان "مرا" الدولي للمسرح النسوي

 

مهرجان "مرا" الدولي للمسرح النسوي هو مهرجان سنوي مخصّص لدور المرأة في المسرح وإفراد خشبته للدفاع عن حقوقها، ينتظم في دورته الرابعة من 22 إلى 27 من شهر نوفمبر/تشرين الثاني 2019 بمشاركة أعمال تونسية وعربية. وقد التقى "ألترا تونس" مؤسسة هذه الفعالية ومديرتها الممثلة والمنتجة المسرحية ارتسام صوف. وكان معها الحوار التالي:

اقرأ/ي أيضًا: رفيقة بوجدي: هذه حكايتي مع الدراما في تونس والجزائر وهكذا ننافس الأتراك (حوار)


  • بعد أيام من اختتام مهرجان المسرح الوطني التونسي وقبل أيام من انطلاق أيام قرطاج المسرحية، تعلنين عن برنامج المهرجان الدولي "مرا" للمسرح النسوي، ألا يبدو الموعد في غير محله؟

المهرجان بدأ بتاريخ 22 نوفمبر/ تشرين الثاني ويتواصل حتى 27 منه في دورة رابعة ويحتضنه فضاء دار الثقافة ابن رشيق بالعاصمة، وهو يتزامن مع  اليوم العالمي لمناهضة العنف ضد المرأة ولهذا كان اختياري مدروسًا باعتبار أن شهر نوفمبر/ تشرين الثاني هو شهر التوعية والتحسيس بمواجهة العنف المسلط على النساء وبالتالي ليس غريبًا أن يحتضن هذا الشهر فعالية مسرحية نسوية دولية شعارها "المرأة والحرب". ولن تقتصر على العروض المسرحية بل أيضًا ستتخلّلها ورشات وندوات فكرية.

ارتسام صوف لـ"ألترا تونس": اخترنا أن يكون المهرجان مناسبة ستطرح فيها الممثلات بعد نهاية كل عرض قضية المبدعات التونسيات

  • هل يعني هذا أن المسرح منقسم لذكوري ونسوي؟

لا أبدًا فلا وجود للتقسيم الجنسوي في المسرح ولا يمكن أن نتحدث عن مسرح رجالي وآخر نسوي. لكن ونظرًا للوضعية المتردية التي تعيشها الفنانة في تونس وعلى اعتبار تواصل مطالبة الجهة الحكومية بمراعاة وضعية المرأة الفنانة التي تعاني في أكثر من نموذج حالة عوز مخجلة ولا بد من ضمان حقوقها يوم تغادر المجال الإبداعي، لهذا اخترنا أن يكون المهرجان مناسبة ستطرح فيها الممثلات بعد نهاية كل عرض قضية المبدعات التونسيات.

أما الأعمال التي ستطرح فستقدمها نساء لكنها تطرح مواضيع اجتماعية مشتركة فأنا لا أؤمن أن هناك قضايا نسوية وأخرى رجالية فكل الإشكاليات مشتركة بين الجنسين.

  • كان من المزمع أن يتوزع المهرجان في الجهات، لماذا تم إلغاء ذلك؟

في الحقيقة، كان من المفترض أن يتحول المهرجان إلى داخل ولايات الجمهورية لنعرف ونتعرف على أعمال مسرحية لفرق في الداخل، ولكن أمام ضعف الميزانية الخاصة بالمهرجان عجزنا عن الخروج به من العاصمة ولكن قررنا أن ندعو إحدى الفرق المسرحية الجهوية بولاية قبلي لتحضر بأعمالها للمهرجان. لكن لا أخفيكم سرًا لم تنجح الفرقة في توفير حافلة تقلّهم من الجنوب إلى العاصمة، فمثل هذه المناطق محرومة ثقافيًا رغم سعي مواهبها بإمكانيات ضعيفة إلى أن تقدم أعمالًا فنية جيدة لا ترى النور في أروقة مسارح العاصمة.

أكدت ارتسام صوف أنها لا تؤمن بالتقسيم الجنسوي للمسرح
  • ألا ترين أن وزارة الشؤون الثقافية أسست مهرجانات عدة وتظاهرات في كل الجهات ومراكز فنون ركحية توزعت داخل البلاد وهي بالتالي تعمل على اللامركزية الثقافية؟

ما معنى أن تؤسس مراكز درامية وركحية وتندب إداريين وموظفين ولا يجد الفنان تمويلًا لينتج؟ ما الهدف من انتشار بنايات فارغة لا إبداع فيها؟ وإذا تمعنا في التظاهرات الثقافية على كثرتها فإنها في جوهرها خواء. شعارات فقط ومهرجانات هي ملك فلان وجماعة فلان وحكر على مجموعة دون أخرى، وهو ما خلق عداوات داخل المجال المسرحي مثلًا. تصوّر أن المسرحيين يرفضون متابعة أعمال زملائهم وأنك بعد كل مهرجان لا تسمع إلا التهم والشتم والسب في غياب تام للنقد الفني وتناول الأعمال التي عرضت.

اقرأ/ي أيضًا: عادل المعيزي: مثّلنا الدولة التي تعرّي نفسها في هيئة الحقيقة والكرامة (حوار)

ارتسام صوف: هناك إهمال وتعامل لا جدي مع مهرجان المسرح النسوي

  • هذا تتحملون أنتم كفنانين مسؤوليته بشكل أساسي؟

عندما يجوع الناس وترمي لهم بقطعة خبز واحدة سيقتتلون لأجلها وسينهشون بعضهم البعض وهذا ما يحدث في تونس وأعتقد أنها سياسة ممنهجة في المجال الإبداعي الثقافي حتى نبقى حبيسي الصراعات والتفكير في المال قبل الأعمال.

  • لمن تحملين مسؤولية هذا الضعف في الميزانية؟

الحقيقة في كل مرة أبحث عن الأسباب وأرى أن هناك إهمالًا وتعاملًا لا جديًا مع مهرجان المسرح النسوي رغم تقديمي لبرنامجي قبل سنة إلا أن الرد يصلني من وزارة الثقافة في آخر وقت، وهو ما يضعف المهرجان وترتيباته وتنظيمه. علمًا وأنني طلبت من وزارة المرأة أن تكون شريكًا في هذا المهرجان إلا أن الإجابة أدهشتني فقد جاء الرد "هذا ليس من اختصاصنا".

وهذا ما يجعلني أتساءل أي دور لوزارة المرأة؟ أو لست أنا امرأة؟ والممثلات نساء؟ وهذا الهيكل الحكومي تم تأسيسه من أجل خدمة المرأة؟ فأين تظهر الخدمات؟ أم أن معرضًا للحرفيات بقاعة الأخبار بالعاصمة هو ما جعلت من أجله وزارة المرأة؟

إن هذا التعامل اللاجدي يكشف حجم الاستخفاف بالمرأة الفنانة. ينسون أن الفن خالد وهو الذي يؤرخ للشعوب فلولا المسرح الإغريقي لما عرفنا الحضارة الإغريقية ولولا الرسومات الحجرية لما اكتشفنا الحضارة الفرعونية. فالكل زائل وحده الفن يكشف ويحفظ تاريخ الشعوب.

ارتسام صوف: الكادحات والمثقلات بالمسؤوليات اللاتي يركبن الحافلة فجرًا ويعدن إلى بيوتهن آخر المساء لا يتابعن المسرح

  • شعار المهرجان في هذه الدورة "المرأة والحرب"، هل لنا أن نعرف أي الحروب سيخوضها؟

أخطر الحروب هي تلك الخفية وغير المعلنة وهي المقصودة في هذا المهرجان. فما أسهل الحروب النظامية التي يكون فيها العدو واضحًا جليًا وما أقبح الحروب الباردة الخفية وهي التي تعيشها المرأة التونسية اليوم، وأول حروبها عدم شعورها بالأمان وثقل المسؤولية على كاهلها فهي التي تعمل وتنفق وتنجب وتربي وهي التي تقف وتد العائلة خاصة حين يكون الشريك فاشلًا وتضطر هي لأن تحمل "القفة" لوحدها.

هذه المرأة التي تقام لها الاحتفالات السنوية في عيدها وتقتصر على اللباس التقليدي وتذكيرها بمجلة الأحوال الشخصية كمكسب وتتناسى أن هذه المرأة أصبحت حاجياتها مختلفة وتغيرت مطالبها، فالمرأة هي التي تم استنزافها في المصانع وفي المزارع دون توفير الحد الأدنى من العمل اللائق وهي التي تواجه التحرش والاعتداء الجسدي واللفظي، والمرأة الفنانة التي لا تجد ثمن سيارة أجرة تقلها للبروفه، وتخاف طردها من منزل لم تدفع إيجاره.

الحرب تخوضها المرأة التونسية أيضًا ضد مرآة أخرى يحاول الإعلام والتمثيل تقديمها في صورة مبتذلة في شكل سلعة جسدية سطحية ومائعة.

  • وهل المسرح يصل إلى النساء اللاتي تتحدثين عنهن، المثقلات بالمسؤوليات والكادحات؟

سأكون صادقة وسأجيب. الكادحات والمثقلات بالمسؤوليات اللاتي يركبن الحافلة فجرًا ويعدن إلى بيوتهن آخر المساء لا يتابعن المسرح وليس لديهن الوقت الكافي لذلك وإن كان المهرجان مجانيًا ولكن أيضًا نحن كمسرحيين قصرنا في حقهن ولم ننجح في إيصال معاناتهن بالشكل المطلوب. كلما اقتربت من هذه الطبقة الكادحة أدرك أنني في ترف فكري وأن الواقع بمن فيه لا يعبؤون بما نقدمه ولهذا أصر على أن تكون الأعمال المسرحية قريبة أكثر من معاناة المواطن وهمومه.

 

اقرأ/ي أيضًا:

أنور العياشي: "مسرح العائلة" يؤسس لمرحلة جديدة من الدراما التلفزية (حوار)

صاحب "أفروديت": اخترتُ الهامش.. ونحاول أن نفتح للأطفال نافذة أخرى على العالم