02-يناير-2020

تنظيم المؤتمر الأول للطريقة الكركرية في تونس

 

"طريقتنا طريقة المشاهدة، من لم يشاهد لستُ بشيخه وليس بمريدي"، مقولة منسوبة لمحمّد فوزي الكركري موجد الطريقة الكركرية، إحدى فرق الصوفية، مقولة زيّنت المؤتمر الأوّل للطريقة الكركرية في تونس الذي حضره العشرات من "الفقراء والفقيرات"، وهي تسمية مريدي هذه الطريقة.

الطريقة الكركرية هي "طريقة تربوية تهدف إلى إيصال العباد إلى تحقيق مقام الإحسان حتى يتمكنوا من الجمع بين العبادة والشهود"

وتمكّنت الطريقة الكركرية من الانتشار في البلدان العربية منها والغربية رغم حداثة نشأتها ووجدت لها موضع قدم في تونس حيث انعقد مؤتمرها الأول بعنوان "تعريف الطريقة الكركرية..طريقة النور والمشاهدة".

اقرأ/ي أيضًا: في تونس.. صوفيون بربطات عنق

ماذا تعرف عن الطريقة الكركرية؟

"هي طريقة تربوية تهدف إلى إيصال العباد إلى تحقيق مقام الإحسان حتى يتمكنوا من الجمع بين العبادة والشهود أي أن تعبد الله كأنك تراه ويتصل سندها بسيدنا محمد صلى الله عليه وسلم مرورا بالإمام الشاذلي"، وفق ما ورد في موقعها الإلكتروني.

طريقة على منهاج كتاب الله والسنة، مالكية المذهب أشعرية العقيدة تقرب المريد من الله، سمّيت بالكركرية نسبة إلى محمد فوزي الكركري، ولقبه نسبة إلى جبل كركر الواقع في الحدود الجزائرية المغربية، وهي تقوم على سبعة أصول هي المرقّعة، والسر، والخلوة، والإسم، والحضرة، والسبحة والورد، وفق حديث الفقير محمّد أمين السنوسي.

سمّيت الطريقة بالكركرية نسبة إلى محمد فوزي الكركري وهي تقوم على سبعة أصول هي المرقعة، والسر، والخلوة، والإسم، والحضرة، والسبحة والورد

وفي موقع الطريقة الكركرية، وردت اصطلاحات للأصول السبع، وأما المرقّعة فهي "الثوب الملفق من رقاع كثيرة ملونة أو غير ملونة، كانت من صوف أو شعر أو جلد، وهي اصطلاح لمظهر التَّسَتر بالجمال الذاتي الباطن في فرق الأسماء، المتجلي بألوان حضرة القوس العلوي، وإعلان مبايعة النفس للروح للدخول والترقي في مراتبها"، فيما السر هو "لطيفة الرحمة الإلهية البِكْر، المنزهة عن افتضاضات الهِمَم العبودية المودعة في باطن لب حبة القلب، المثمرة لمعاينة نسمة الأحدية السارية بمظهر التعين الأول الذاتي".

تعرّف الطريقة الكركرية نفسها أنها مالكية المذهب وأشعرية العقيدة

 

فيما تعرّف الخلوة على أنها "لزوم قبر الحياة للتجرد من الحِسِّ والسفر إلى عالم المعنى بِزَادِ الإسم مع الإنقطاع الكلي للدخول إلى القلب ومجالسة الرب حتى ينكشف الغطاء ويَتَحَدَّدَ البصر من مَعْدِنِ القِدَمِ"، ويعني الاسم "مظهر المسمى ورَتْقُ الأسماء وأصلها وأُسُّ المعاني وسرها، فهو الذي يتحقق به اللفظ من غير مفارقة المسمى، وهو لا عينه ولا غيره، وإنما الدليل والطريق في مرتبة الوجود على الذات".

وفي الطريقة الكركرية تعني الحضرة "رمز القلب الشُّعَيْبي الجامع للمظاهر الكونية والحقائق الإنسانية على بساط الشهود والقرب وكشف رداء الصون بتجلي أنوار القدم"، فيما تعني السبحة "هوية اسم الذات، وسر جمع الأسماء ومظهر سريان الحق، وإشارة تنزيه المعبود عن نقائص الحدث الإمكاني وعلل تشبيه العقل الإنساني". والورد، حسب المصدر سابق الذكر، هو "سَرَيَانٌ نوراني ممتد من قلب الشيخ إلى قلب المريد يَشُدُّهُ به إلى حضرة من حضرات المعنى، فهو الحبل الممسك لدلو روحانية المريد حتى يُسْقَى من زلال بئر الشيخ".

اتحاد الطرق الصوفية يحسم الجدل

"مخالفة للقرآن والسنة"، "يمارس أتباعها السحر والشعوذة"، "شيخها يدّعي أنه مهدي منتظر"، هذه بعض الاتهامات الموجّهة للطريقة الكركرية والتي حسم اتحاد الطرق الصوفية بتونس الجدل بشأنها، إذ يقول رئيسه حسن بوعبد الله إنها طريقة صوفية وفق منهج الكتاب والسنة ولا تشوبها البدع.

حسن بوعبد الله (رئيس اتحاد الطرق الصوفية في تونس): الطريقة الكركرية هي امتداد للطريقة الشاذلية وجاءت لتبشر بالمعرفة الإلهية

شاهد/ي أيضًا: فيديو:الطريقة العيساوية بتونس.. في التقرب إلى الله

وأصدر اتحاد الطرق الصوفية موقفه بعد القيام بالبحث والتقصي في حقيقة الطريقة الكركرية التي ظهرت في المغرب الأقصى وأثارت العديد من الخلافات في وجهات النظر، إذ يعتبر أن ما يظهر من اختصاصها بالقيام بأعمال تُميِّزها عن الطرق الأخرى الحضرة ولباس المرقعة ووضع السبحة في العنق والخروج في السياحات أمرٌ درَجَ عليه المشايخُ الصوفية منذ أحقاب طويلة، وفق حديث حسن بوعبد الله.

موجد الطريقة الكركرية محمد فوزي الكركري

 

وفي كلمته، خلال المؤتمر الأوّل للطريقة الكركرية، أعرب بو عبد الله عن سعادته بالمشاركة في التعريف بالمولود الجديد الذي ينضاف الى الطرق الصوفية المحمدية لما فيه من ثراء لها، مشيرًا إلى أنها امتداد للطريقة الشاذلية وجاءت لتبشر بالمعرفة الإلهية وأنها طريقة تربوية تغرس المحبّة والأخلاق الفاضلة.

وعن الشيخ محمد فوزي الكركري الذي تنتسب إليه هذه الطريقة، يقول إنه وبالإطلاعِ على مؤلفاته ودواوينه وحِكَمِه وأورادِه ومذاكراته والاستماعِ إليه ولشهاداتِ لمُريديه وأتباعه والحضور بين يديه، تبيَّن أنه صاحب همَّةٍ عاليةٍ وله قدمٌ راسخٌ ومتمكنٌ في مجال الحقيقةِ الرَّبانية والعلوم الالاهية، على حدّ تعبيره.

شهادة مريد..

وعن الطريقة الكركرية، يقول خبيب الحملي أحد مريديها وهو مساعد مخرج في قناة تلفزية خاصة إنها تلازم السنة في الأقوال والأفعال والأحوال وأنها تمزج بين الجذب والسلوك، وبين الفناء والبقاء، فتلميذها فان باق في نفس الوقت، على حدّ تعبيره.

للطريقة الكركرية زاوية تقع في حي الشهداء في تونس العاصمة

 

وهي طريقة تجمع جميع مدارس التصوف ومشاربه، فتجد فيها تصوف الفقيه، وتصوف العابد، وتصوف المنطقي والحكيم والطبيعي، كل واحد يجد فيها مشربه الذي يلائمه، ومن بين خصوصيات هذه الطريقة، المداومة على الذكر سرًا وجهرًا جماعة وفرادى إذ يلتزم المريد بالورد العام صباحًا ومساءً ويضيف عليه الذكر كما يحضر مجالس الذكر الأسبوعية والسنوية وفق تعبيره.

وللطريقة الكركرية زاوية تقع في حي الشهداء في تونس العاصمة مرخّص لها من قبل السلط المعنية، وفيها يجتمع المريدون للذكر والمديح والحضرة، وفق حديث خبيب الحملي الذي يدعو من يوجهون التهم لمريدي هذه الطريقة الى الاستفسار والتقصي قبل رمي الناس بالأباطيل، على حدّ تعبيره.

مؤتمر لأهل التصوّف..

وفي المؤتمر الأول للطريقة الكركرية بتونس، عرّف المريدون السند الديني والروحي لشيخها وعرض بعضهم مداخلات حول النور والتجلّي بالفرنسية والانقليزية وأنشد بعضهم الآخر، كما أعلن رئيس جمعية العلم والأحسان محمد بشير البراح عن الاستعداد لعقد مؤتمر لأهل التصوّف في السنة الجارية.

خبيب الحملي (مُريد): الطريقة الكركرية تلازم السنة في الأقوال والأفعال والأحوالوهي تمزج بين الجذب والسلوك وبين الفناء والبقاء

وعن هذا المؤتمر، يقول البراح إنه سيجمع ستين ألف صوفي وسيحضر فيه ألف من العلماء من شمال إفريقيا وغيرهم من مناطق أخرى، مشيرًا إلى أن مؤتمر الطريقة الكركرية لبنة أساسية لمؤتمر أهل التصوف.

وفيما يتعلّق بالطريقة الكركرية، يقول إن المجتمع في حاجة إلى نسبة معيّنة من الرقي العلمي ومن الرقي الروحي أيضًا إذ لا يمكن أن تمس باطن الآخر إن كان باطنك ضالًا، مضيفًا "مهمتنا المساهمة قدر الإمكان ليعود التصوف إلى أصله".

ومن أهداف جمعية العلم والإحسان تجميع الطرق الصوفية فهي كثيرة ومنتشرة في تونس وكلّها في حالة نهضة وقيام من السبات، والأمر لا يتعلّق بتوحيدها على اعتبار أن لكل طريقة أسلوبها وميزاتها، وفق قول البراح.

 

اقرأ/ي أيضًا:

الصوفية في تونس.. من يستثمر الصراع؟

الصوفية في تونس.. رقم بلا معنى؟