المرصد التونسي للاقتصاد يدعو إلى مراجعة مجلة المحروقات والعقود الطاقية
21 يوليو 2025
في ظل استمرار الأزمات الجيوسياسية العالمية وتقلبات الأسواق الدولية، سلّط المرصد التونسي للاقتصاد، في تقرير تحت عنوان:"في تونس، محطات الوقود تخشى الحروب" نشره بتاريخ 17 جويلية/يوليو 2025، الضوء على التحديات المتزايدة التي تواجهها تونس في مجال الطاقة، معتبرًا أن الوضع الراهن يستوجب مراجعة شاملة للسياسات الطاقية، والتوجه نحو سيادة طاقية تُقلّل من الاعتماد على الخارج وتُعزّز الاستقرار الاقتصادي والاجتماعي للبلاد، وفقه.
تبعية عالية للنفط المستورد ومخاطر متزايدة
يشير المرصد إلى أن تونس لا تزال تعتمد بشكل كبير على استيراد النفط الخام، حيث لم يغطِّ الإنتاج الوطني سنة 2024 سوى 36% من الحاجيات السنوية من المنتجات البترولية. وقد نُفِّذت أغلب عمليات التوريد من أذربيجان، بنسبة فاقت 99.9% من إجمالي واردات النفط الخام، إضافة إلى نسبة محدودة من ليبيا.
المرصد التونسي للاقتصاد: تونس لا تزال تعتمد بشكل كبير على استيراد النفط الخام، حيث لم يغطِّ الإنتاج الوطني سنة 2024 سوى 36% من الحاجيات السنوية من المنتجات البترولية
وبحسب التقرير، فإن هذا الاعتماد الكبير يُعرّض البلاد لمخاطر متكررة، تتعلق بتقلبات التوريد، وتأخيرات في الإمداد، وزيادات مفاجئة في التكاليف، لا سيما في أوقات الأزمات العالمية، وفقه.
أشار المرصد إلى أن قانون المالية لسنة 2025 بُني على فرضية سعر للنفط في حدود 77.6 دولارًا للبرميل. في المقابل، كانت توقعات جهات دولية مرجعية، مثل البنك الدولي والوكالة الدولية للطاقة وعقود السوق المستقبلية، أقل من ذلك، وتراوحت بين 64 و68 دولارًا للبرميل في أبريل 2025.
إلا أن هذه التقديرات لم تأخذ بعين الاعتبار التوترات الجيوسياسية التي تصاعدت مؤخرًا، وخاصة قرار إيران بإغلاق مضيق هرمز، الذي تسبب في اضطرابات واسعة بأسواق النفط. وقد قدّرت إدارة الخزينة بوزارة الاقتصاد الفرنسية أن هذا الإجراء قد يرفع الأسعار إلى ما بين 110 و150 دولارًا للبرميل، فيما رجّحت تحليلات صادرة عن "دويتشه بنك" إمكانية تجاوز سعر 120 دولارًا إذا استمر الإغلاق لمدة شهرين.
ويؤكد المرصد أن تحقق مثل هذا السيناريو قد تكون له تداعيات ثقيلة على المالية العمومية في تونس، نظرًا لارتفاع فاتورة التوريد الطاقي.
دعم المحروقات: أداة اجتماعية في مواجهة الأزمات
تساءل المرصد في تقريره حول الجهة التي ستتحمل تداعيات ارتفاع الأسعار العالمية، وأشار إلى أن المواطن التونسي قد يكون أول المتضررين، لا سيما في ظل إمكانية نقل تلك الزيادات إلى أسعار البيع في السوق المحلية، وفقه.
المرصد التونسي للاقتصاد: المواطن التونسي قد يكون أول المتضررين من ارتفاع الأسعار العالمية
ويُبرز المرصد في تقريره الدور الذي لعبه نظام دعم المحروقات في حماية الأسر محدودة الدخل من تقلبات الأسعار الدولية. واستعرض المرصد في هذا السياق ما وصفه بسياسات "تعديل الأسعار" التي لجأت إليها الدولة بين 2020 و2022، حيث تم تسجيل أربع زيادات في أسعار الوقود خلال سنة 2022 وحدها، بنسبة ارتفاع إجمالية بلغت 15.9%، على خلفية الأزمة الأوكرانية.
ويرى المرصد أن هذه الإجراءات جاءت أيضًا تحت تأثير ضغوط مباشرة من صندوق النقد الدولي، الذي دعا إلى رفع الدعم وربط الأسعار المحلية بالمعدلات العالمية للنفط، وفق تعبيره.
دعم الطاقة ليس استثناءً تونسيًا
كشف المرصد إلى أن تونس ليست وحدها من تعتمد على الدعم الطاقي، بل إن عدة دول أوروبية عادت إلى تفعيل سياسات دعم مباشر للطاقة بعد اندلاع الأزمة الأوكرانية، فقد تضاعفت نسبة الدعم من الناتج المحلي الإجمالي الأوروبي من 0.4% إلى 0.9% سنة 2022، في وقت لم تُبدِ فيه سوى ست دول من أصل 27 دولة عضوًا في الاتحاد الأوروبي نية لإلغاء هذا الدعم، دون تحديد سقف زمني لذلك.
ويعتبر المرصد أن هذا التباين في الممارسات يُبرز مفارقة بين الخطاب الرسمي لبعض الشركاء الدوليين، والشروط التي يتم فرضها على دول مثل تونس.
واختتم المرصد تقريره بالتأكيد على أهمية تبني استراتيجية وطنية واضحة لتحقيق الاستقلال الطاقي، قائمة على ثلاثة محاور، وفقه:
- استعادة الإنتاج الوطني عبر مراجعة شاملة لقانون المحروقات، وإعادة التفاوض حول العقود القائمة أو المنتهية، بما يخدم مبدأ السيادة الطاقية ويضمن استغلالًا أمثل للموارد الوطنية.
- دعم الشركة التونسية لصناعات التكرير (STIR) ماليًا وبشريًا، وتعزيز قدرتها على تكرير النفط وتلبية الطلب المحلي، خاصة في ظل تراجع قدرتها الإنتاجية سنة 2024 إلى 25% من الحاجيات، وإلى 11% فقط فيما يخص التزويد الموجه للسوق المحلي.
- دفع الانتقال نحو التنقل المستدام، عبر تعزيز النقل العمومي للحدّ من استخدام السيارات الفردية، ودعم السيارات الكهربائية والهجينة من خلال توفير بنية تحتية ملائمة ومحفزات مالية.
شدّد المرصد التونسي للاقتصاد على أن السيادة الطاقية لم تعد خيارًا قابلًا للتأجيل، بل أولوية وطنية تفرضها طبيعة المرحلة، وأن تحقيقها يتطلب إرادة سياسية واضحة، وتخطيطًا استراتيجيًا بعيد المدى، يراعي التحديات الاجتماعية والاقتصادية، ويضع مصلحة المواطن في قلب السياسات الطاقية، وفق تقريره.
الكلمات المفتاحية

جمعية: النمو الاقتصادي في تونس هشّ في ظل مخاطر محدقة وضعف هيكلي
معهد الإحصاء: النشاط الاقتصادي سجّل نموًّا بنسبة 2.4 بالمائة، خلال الأشهر التسعة الأولى من سنة 2025، والأنشطة الفلاحية تعد المحرك الأساسي لمنحى النمو الاقتصادي

هشام العجبوني: تونس ستسدد فوائد أعلى من ميزانية الاستثمار للسنة الخامسة تواليًا
هشام العجبوني: "للسنة الخامسة على التوالي، مبلغ الفوائد التي ستسددها تونس في ميزانية الدولة، أكبر من ميزانية الاستثمار.. فالفوائد التي سنسددها هذه السنة في حدود 7.2 مليار دينار، أما نسبة الاستثمار فهي 6.5"

تونس توقّع اتفاق تمويل مع البنك الدولي بـ430 مليون دولار لدعم التحول الطاقي
البنك الدولي: يساعد المشروع على خفض تكاليف إمدادات الكهرباء بنسبة 23%، وتحسين نسبة استرداد تكاليف الشركة التونسية للكهرباء والغاز من 60 إلى 80%

"مصدر انبعاث غازات مسرطنة".. وقفة احتجاجية في قليبية للمطالبة بغلق مصب
انتظمت يوم الاثنين 17 نوفمبر 2025، أمام مقر معتمدية قليبية من ولاية نابل وقفة احتجاجية للمطالبة بالإسراع في غلق المصب العشوائي بوادي ليمام، وذلك بمبادرة من فرع قربة–قليبية للرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان والاتحاد المحلي للشغل قليبية–حمام الغزاز، وبمشاركة عدد من المواطنات والمواطنين المتضررين من الوضع البيئي المتدهور بالمنطقة

كاتب عام اتحاد الشغل بصفاقس لـ"الترا تونس": متمسكون بالإضراب وبحق العمال في الزيادات
أكد الكاتب العام للاتحاد الجهوي للشغل بصفاقس، يوسف العوادني، لـ"الترا تونس"، يوم الاثنين 17 نوفمبر 2025 تمسّك الاتحاد بتنفيذ الإضراب العام يوم الثلاثاء 18 نوفمبر 2025 في القطاع الخاص، احتجاجًا على تعطّل المفاوضات الاجتماعية الخاصة بالزيادة في أجور سنة 2025

تونس تتسلم 47 سيارة إسعاف من الاتحاد الأوروبي
أعلن الاتحاد الأوروبي، يوم الاثنين 17 نوفمبر/تشرين الثاني 2025، عن تسليم 47 سيارة إسعاف كاملة التجهير إلى تونس في إطار برنامج "الصحة عزيزة"، الذي يهدف إلى دعم القطاع الصحي وتعزيز الوصول إلى الخدمات الصحية في الخطوط الأمامية وجودتها

بكالوريا 2026.. إجراءات لفائدة المترشحين من ذوي الإعاقة والاضطرابات الخصوصية
أعلنت وزارة التربية، يوم الاثنين 17 نوفمبر 2025، عن جملة من التدابير الاستثنائية التي سيتم اعتمادها خلال الاختبارات الكتابية والتطبيقية لامتحان البكالوريا 2026 لفائدة المترشحين من ذوي الإعاقة والاضطرابات الخصوصية في التعلم. وتأتي هذه الإجراءات بعد دراسة الملفات الطبية المعروضة على الإدارة العامة للامتحانات

