العفو الدولية: "قضية التآمر 2" مؤشر خطير على تقويض الحريات وتآكل استقلال القضاء
29 يوليو 2025
قالت منظمة العفو الدولية، يوم الاثنين 28 جويلية/يوليو 2025، إن "الأحكام الجماعية الصادرة بحق شخصيات معارضة في تونس ضمن ما يُعرف بـ'قضية التآمر 2' تمثل مؤشرًا خطيرًا على استمرار تقويض الحريات وتآكل استقلال القضاء وضمانات المحاكمة العادلة في البلاد"، وفق تعبيرها.
واعتبرت المنظمة أن "القضية تستند إلى تهم فضفاضة تتعلق بالإرهاب وأمن الدولة، وتُعد أحدث حلقة في سلسلة من الملاحقات القضائية ذات الدوافع السياسية، التي تهدف إلى إسكات المعارضة السلمية وترهيب منتقدي حكومة الرئيس قيس سعيّد"، وفقها.
ويجدر بالذكر أن الدائرة الجنائية الخامسة المختصة في قضايا الإرهاب كانت قد أصدرت، يوم الثلاثاء 8 جويلية/يوليو 2025، حكمها الابتدائي في ما يُعرف بـ"قضية التآمر 2"، وشمل القرار 21 متهمًا. وقد تراوحت العقوبات بالنسبة للموقوفين بين 12 و14 سنة سجنًا، فيما صدرت أحكام غيابية بالسجن لمدة 35 سنة في حق المتهمين المحالين بحالة فرار، مع النفاذ العاجل وتعلقت التهم بجرائم من بينها "تكوين وفاق إرهابي"، و"الانضمام عمدًا إلى تنظيم إرهابي داخل تراب الجمهورية"، و"إفشاء ونشر معلومات والتآمر على أمن الدولة الداخلي"، بحسب ما أفاد به مصدر قضائي لوكالة الأنباء التونسية الرسمية.
المنظمة تطالب بالإفراج الفوري عن المساجين السياسيين
قالت سارة حشاش، نائبة مديرة المكتب الإقليمي للشرق الأوسط وشمال إفريقيا في منظمة العفو الدولية: "توضح هذه القضية كيف يُساء استخدام نظام العدالة الجنائية في تونس لقمع المعارضة السلمية واضطهاد الأفراد لمجرد ممارستهم لحقوقهم الإنسانية. إن الاستخدام المتزايد لتشريعات مكافحة الإرهاب لمعاقبة المعارضة السلمية هو نمط مقلق للغاية تقوم منظمة العفو الدولية بتوثيقه منذ عام 2023".
منظمة العفو الدولية: الاستخدام المتزايد لتشريعات مكافحة الإرهاب لمعاقبة المعارضة السلمية هو نمط مقلق للغاية تقوم المنظمة بتوثيقه منذ عام 2023
وأضافت: "إن الإدانات في ’قضية التآمر 2‘ هي ظلم بالغ واعتداء صارخ على التزامات تونس في مجال حقوق الإنسان. يجب الإفراج فورًا عن جميع أولئك المحتجزين لمجرد ممارستهم السلمية لحقَّيْهم في حرية التعبير وتكوين الجمعيات أو الانضمام إليها وممارسة النشاط السياسي".
وتابعت: "يتعيّن على السلطات أن تضع حدًا فوريًا لحملتها القمعية المستمرة على حقوق الإنسان، بما في ذلك استهداف المنتقدين تحت ستار الدفاع عن الأمن الوطني، وأن تعيد تكريس استقلالية القضاء وسيادة القانون، وأن تضع ضمانات فعّالة لمنع إساءة استخدام قوانين مكافحة الإرهاب والأمن الوطني كأدوات للقمع".
اقرأ أيضًا: النهضة إثر أحكام ما يُعرف بقضية "التآمر 2": الملف ينبني على تلفيق وتوظيف سياسي فجّ
دعوة لإلغاء الأحكام وضمان المحاكمات العادلة
دعت منظمة العفو الدولية السلطات التونسية إلى "إلغاء كافة الأحكام الراصادرة في القضية والإفراج الفوري عن المحتجزين تعسفيًا، مع ضمان أن تُعقد أي محاكمات مستقبلية ضمن معايير المحاكمة العادلة وفقًا للقانون الدولي لحقوق الإنسان". وشددت على ضرورة أن تكون هذه المحاكمات علنية، مع السماح بحضور عائلات المتهمين، ومحاميهم، والصحفيين، والمراقبين المستقلين.
ولفتت المنظمة إلى أن "تونس، باعتبارها دولة طرفًا في الميثاق الإفريقي لحقوق الإنسان والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، ملزمة باحترام الحقوق الأساسية في الحرية، والمحاكمة العادلة، وحرية التعبير، وحرية تكوين الجمعيات".
أشارت المنظمة إلى أن "المحاكمة جرت في سياق أزمة مستمرة في تونس منذ يوليو 2021، عندما استولى الرئيس قيس سعيّد على السلطة. ومنذ ذلك التاريخ، سجلت منظمة العفو تدهورًا مستمرًا في استقلال القضاء، وتزايد تدخل السلطة التنفيذية، وملاحقات قضائية طالت معارضين، وصحفيين، ونشطاء، ومسؤولين سابقين في مناخ يتسم بتضييق متصاعد على الحقوق والحريات."، وفق قولها.
هذا وذكرت العفو الدولية، أن المحاكمة انطلقت في 24 جوان/يونيو 2025 وانتهت في 8جويلية/يوليو 2025 بأحكام بالسجن تراوحت بين 12 و35 عامًا بحق 21 من أصل 24 متهمًا، شملت قيادات من حزب النهضة، ومحامين، ومسؤولين حكوميين وأمنيين سابقين، وأعضاء في المعارضة وتمت تبرئة متهم واحد، فيما لا تزال قضيتا اثنين آخرين قيد الاستئناف ومن بين المحكوم عليهم:
- راشد الغنوشي، رئيس حزب النهضة، حُكم عليه غيابيًا بالسجن 14 عامًا.
- الحبيب اللوز، سمير الحناشي، فتحي البدوي: 12 سنة لكل منهم.
- معاذ الخريجي ولطفي زيتون: 35 سنة غيابيًا.
اقرأ أيضًا: تتراوح بين 12 و35 عامًا.. صدور أحكام ما يُعرف بقضية "التآمر 2"
العفو الدولية: المحاكمات تفتقر إلى الشفافية والمصداقية
وأوضحت المنظمة أن "التحقيقات بدأت في ماي/أيار 2023 بعد بلاغ من مخبر مجهول، زعم أن الغنوشي يقود شبكة سرية تهدف إلى تغيير هيكل الدولة، بمساعدة مسؤول سابق في الداخلية"، وأشارت في بيانها إلى أن "هذه المزاعم دُعّمت لاحقًا بأقوال من عناصر أمنية، أحدهم مجهول الهوية"، وفق تعبيرها.
ووفق العفو الدولية فإن "التهم استندت إلى شهادات غامضة، واتصالات خاصة، ووثائق صودرت خلال مداهمات، دون تقديم أدلة مادية على ارتكاب أفعال إجرامية". وكشفت أن "المواد شملت انتقادات سياسية للرئيس قيس سعيّد تعود لفترة 2011–2022، بينما ظل الادعاء بأن بعض المتهمين يديرون جهازًا أمنيًا سريًا غير مدعوم بأي دليل يمكن التحقق منه"، وفقها.
اعتبرت العفو الدولية أن "المحاكمة شهدت تجاوزات كبيرة، أبرزها فرض حضور المتهمين المحتجزين عبر رابط فيديو من داخل السجن منذ فيفري/شباط 2025، ما حدّ من تواصلهم مع المحامين ومتابعتهم لجلسات المحاكمة"، وفقها.
وأضافت:" فُرضت قيود مشددة على حضور الصحفيين وأسر المتهمين والمراقبين المستقلين، ما أثّر على علنية الإجراءات".
العفو الدولية: تفتقر المحاكمات إلى الإنصاف والمصداقية، إن الاعتماد المفرط على مصادر مجهولة وإجراءات سرية يجعل هذه المحاكمات صورية، ويحوّل الأحكام والإدانات الصادرة عنها إلى استخفاف صارخ بالعدالة
وفي ختام البيان، قالت سارة حشاش: "تفتقر هذه المحاكمات إلى الإنصاف والمصداقية والشفافية. إن الاعتماد المفرط على مصادر مجهولة وإجراءات سرية يجعل هذه المحاكمات صورية، ويحوّل الأحكام والإدانات الصادرة عنها إلى استخفاف صارخ بالعدالة".
وأضافت: "يجب على السلطات التونسية أن تتوقف عن إساءة استخدام القضاء لاستهداف المعارضين السياسيين، وأن تحترم سيادة القانون، وأن تعزز الحقوق الإنسانية لكل فرد في البلاد"، وشددت المنظمة على "ضرورة التزام تونس بالمعايير الدولية للمحاكمات العادلة، وإتاحة الجلسات للعموم، مع احترام حقوق الدفاع والشفافية القضائية"، بحسب تعبيرها.
وتأتي هذه القضية في ظل أزمة أوسع تمس سيادة القانون، بحسب منظمة العفو، وسط توسع في ملاحقة المعارضين والصحفيين والنشطاء منذ قرارات 25 يوليو 2021، والتي منحت السلطة التنفيذية صلاحيات موسعة، وفقها.
ولاقت أحكام "قضية التآمر 2" في تونس انتقادات واسعة من عدة جهات معارضة وطالبت جبهة الخلاص بإيقاف ما وصفته بـ"المحاكمات الصورية الجائرة" وإطلاق سراح جميع المعتقلين السياسيين. وأكدت في بيان سابق أن المحاكمة عن بعد في هذه القضية تستند إلى "انحراف بالقانون وتعسف في تطبيقه"، مشيرة إلى أن الهدف منها هو "تسليط أشد العقوبات على الخصوم السياسيين لإسكات أصواتهم وبث الرعب والخوف".
الكلمات المفتاحية

جمعيات ومنظمات: وضع كارثي في السجون التونسية وانحراف خطير عن مسار العدالة
جمعيات ومنظمات حقوقية: وضع كارثي في المؤسسات السجنية التونسية، وانحراف خطير عن مسار العدالة بهدف تكميم الأصوات المعارضة والتنكيل بالخصوم وترهيب المجتمع المدني والإعلام الحرّ

عمادة المحامين التونسيين: نرفض منع المحامين من زيارة منوبيهم وسنتصدى لأي استهداف
مجلس الهيئة الوطنية للمحامين بتونس: نعبّر عن استعداد المحاماة التونسية للدفاع عن حق الدفاع وحماية المحامين والتصدّي لكلّ أشكال استهدافهم وتواصل المس من عناصر المحاكمة العادلة، وذلك باتخاذ الأشكال النضالية المناسبة كلّما اقتضى الأمر

عماد الخميري: جبهة الخلاص تتضامن مع المضربين عن الطعام وتضغط لإطلاق سراحهم
عماد الخميري: "هناك مشكلة كبيرة في تونس متعلقة بالانتظام والتعدد الوطني في إطار توافق وطني واسع وحوار وطني يمهد الطريق لوضع خارطة تُخرج المجموعة الوطنية من هذا الوضع"

البطولة التونسية.. تعرّف على برنامج الجولة 15 الختامية لمرحلة الذهاب
تدور مباريات الجولة 15 للبطولة التونسية لكرة القدم، على 3 دفعات أيام السبت 22 والأحد 23 والأربعاء 26 نوفمبر/تشرين الثاني 2025

نقابة الصحفيين التونسيين: تحرك وطني بالعاصمة والجهات أمام انتهاكات السلطة
نقابة الصحفيين التونسيين: وضع قطاع الصحافة في تونس يعكس اتجاهًا ممنهجًا نحو التضييق على حرية التعبير واستقلالية الإعلام وحقوق الصحفيين المكتسبة، بما يتعارض مع الدستور التونسي والالتزامات الدولية للدولة في مجال حماية حرية الصحافة وحق المواطن في المعلومة

قضايا جديدة ضد 3 محامين في قضية "التآمر".. هرسلة مستمرة للسان الدفاع
قضايا جديدة ضد 3 محامين في قضية "التآمر".. ليست الأولى ضد محامين في هيئة الدفاع في هذه القضية على وجه الخصوص، وليست الأولى أيضًا إثر شكايات من الهيئة العامة للسجون على وجه التحديد

بسبب التأشيرة.. 8 من لاعبي المنتخب التونسي خارج قائمة مواجهة البرازيل وديًا
المنتخب التونسي، بصدد الاستعداد لكأس العرب بقطر من 1 إلى 18 ديسمبر 2025 وكأس أمم إفريقيا بالمغرب من 21 ديسمبر 2025 إلى 18 جانفي 2026

