30-أبريل-2018

العفو الخاصّ يصدره رئيس الجمهورية فقط (صورة تقريبية/فتحي بلعيد/أ.ف.ب)

الترا تونس - فريق التحرير

 

بات من الدارج أن يقترن الاحتفال بكل عيد في تونس بإصدار رئيس الجمهورية لعفو خاصّ، وعلى ذات العادة، أصدر رئيس الجمهورية عفوًا خاصًا بمناسبة عيد الشغل 1 آيار/مايو، ولكن ما يكسب هذا العفو خصوصية هذه السنة هو اشتماله على وجه الخصوص المحكوم عليهم في قضايا الشيك بدون رصيد.

أصدر رئيس الجمهورية عفوًا خاصًا بمناسبة عيد الشغل 1 آيار/مايو موجّها بالتحديد للمحكوم عليهم في قضايا الشيك بدون رصيد

من يصدر العفو الخاص؟

منح الفصل 371 من مجلة الإجراءات الجزائية لرئيس الجمهورية الحقّ لوحده لإصدار العفو الخاص، ولكن ليس من دور الرئيس واقعًا إعداد قائمة المتمتعين بهذا العفو.

إذ يعدّ هذه القائمة لجنة في وزارة العدل تسمّى لجنة العفو وتقدّم القائمة لوزير العدل الذي يقوم بدوره بعرضها على رئيس الجمهورية، الذي تظلّ له السلطة التقديرية لمنح العفو أو رفضه.

العفو ليس إطلاق سراح بالضرورة

حينما نسمع بتمتع شخص ما بالعفو الخاص يتبادر إلى ذهننا لوهلة أولى أنه تم إطلاق سراحه بالضرورة، ولكن حقيقة فإطلاق السراح هو إحدى صور العفو الخاص.

اقرأ/ي أيضًا: تعرف على أهم 10 مجلات قانونية في تونس

إذ يُعتبر عفوًا أيضًا الحطّ من مدّة العقوبة، أو إبدال العقوبة بأخرى أخفّ منها كالتخفيض من عقوبة السجن المؤبد إلى السجن لمدة زمنية محددة، أو من السجن إلى الخطية.

ولكن تتجّه الإشارة أن الحصول على العفو لا يعني محو الجريمة من بطاقة السوابق العدلية للمحكوم عليه. فمن غادر السجن بموجب التمتع بالعفو، تظلّ جريمته مسجّلة في البطاقة عدد 3.

ماهي شروط التمتع بالعفو الخاص؟

من المفترض أن رئيس الجمهورية هو الذي يحدّد مقاييس التمتع بالعفو الخاص، وجرت العادة أيضًا أن يقدم المحكوم عليهم طلبًا للجنة العفو، التي تقدم رأيها أولًا في الطلب، ثم يعرض الأمر على رئيس الدولة ليصدر قراره في شأنه.

وعادة ما يتضمن مطلب العفو مؤيدات مثل وجود صلح مع الخصم أو الصلح مع الإدارة المتضررة أو ملف طبي عند حالة العجز. وطبًعا تأخذ لجنة العفو بعين الاعتبار مدى توفّر سلوك قويم للمحكوم عليه في سجنه.

الشرط الجوهري للتمتع بأي عفو خاص هو تعلقه بحكم بات وعليه لا يشمل العفو الخاص القضايا التي لا تزال تحت نظر القضاء

ولكن الشرط الجوهري لأي عفو خاص هو تعلقه بحكم بات بمعنى حكم نهائي غير قابل للطعن بأي شكل من الأشكال، وعليه لا يشمل العفو الخاص القضايا التي لا تزال تحت نظر القضاء.

ويُشار أن أي حكم يصدر بالإعدام في تونس يقع بالضرورة عرضه على رئيس الجمهورية ليمارس حق العفو من عدمه.

ما الفرق بين العفو الخاص والعفو العام؟

الفرق الجوهري بين العفو الخاص والعفو العام هو أنّ الأول يصدر عن رئيس الجمهورية فيما يصدر الثاني بقانون من البرلمان.

اقرأ/ي أيضًا: زواج التونسيات بغير المسلم.. جدل القانون والمدنية

والعفو العامّ هو أكثر شمولية إذ يمحي العقوبة من أصله، وهو قد يكون مطلقًا كما قد يكون مشروطًا، وسبق وصدر في تونس سنة 1995 قانون يمنح عفوًا عامًا متعلّقًا بجرائم الشيك بدون رصيد وشمل من حُرّرت في شأنهم شهادات في عدم الخلاص قبل 7 نوفمبر/تشرين الثاني 1995 ولم تصدر بشأنهم أحكام باتّة وقاموا قبل 25 جويلية/يوليو 1996 بخلاص معينات الشيكات المصاريف، وتمتع به أيضًا حينها من صدرت ضدّهم أحكام قابلة للتنفيذ قبل 7 نوفمبر/تشرين 1995.

يُعتبر قانون المصالحة الإدارية عفوًا عامًا وفق ما ورد في عريضة المعارضة للقضاء بعدم دستورية القانون، الأكثر إثارة للجدل في السنوات الأخيرة

ويعتبر عديد القانونيين في الأثناء أن قانون المصالحة الإدارية المصادق عليها في سبتمبر/أيلول 2017 هو في حقيقته عفوًا عامًّا، وقد تضمّنت عريضة نواب المعارضة المرفوعة حول عدم دستورية مشروع القانون وقتها أن القانون هو مجرّد عفو عامّ عن الموظفين العموميين وأشباههم على معنى الفصلين 82 و96 من المجلة الجزائية بالنسبة للأفعال التي قاموا بها بمخالفة التراتيب أو الإضرار بالإدارة لتحقيق منفعة لا وجه لها للغير. وقد طالبت المعارضة على هذا الأساس بالحكم بعدم دستورية قانون المصالحة باعتبار أن الدستور يفرض أن تصدر قوانين العفو العام في شكل قوانين عادية وليس قوانين أساسية كما الحال بالنسبة لقانون المصالحة.

عفو خاصّ بالمحكوم عليهم في قضايا الشيك دون رصيد

يبدو أن المستجدّ في العفو الخاص بمناسبة عيد الشغل هذه السنة هو اشتماله بالخصوص للمحكوم عليهم في قضايا الشيك بدون رصيد وذلك باعتماد مقياسي خلاص المستفيد من الشيك وخلاص مصاريف عدل التنفيذ. وقد أذن رئيس الجمهورية الباجي قايد السبسي وفق ما نشرته صفحة رئاسة الجمهورية أن تواصل لجنة العفو أعمالها في ذات المنحى وباعتماد ذات المقاييس للنظر في كل الحالات قبل موعد 25 جويلية/يوليو 2018 أي في موعد العفو الخاص المنتظر بمناسبة عيد الجمهورية القادم.

من المنتظر أن يعلن رئيس الجمهورية الباجي قايد السبسي تمتيع كلّ المحكوم عليهم في قضايا الشيك بدون رصيد بالعفو الخاص في عيد الجمهورية القادم

وكان قد طالب العديدون بإصدار عفو في قضايا الشيك بدون رصيد، كما يحصل كل فترة وذلك لتنشيط الدورة الاقتصادية وإنهاء معاناة العائلات وذلك دائمًا بشرط خلاص المستفيد بالشيك. وقد كشفت دراسة أجرتها الجمعية التونسية لمكافحة الفساد أنّ عدد القضايا المًحالة على أنظار النيابة العمومية في هذا السياق تتجاوز 8 آلاف قضية بمعدّل 330 قضية في كلّ محكمة بكامل تراب الجمهورية، وقالت إنه يتمّ شهريًا إنفاق 576 ألف دينار كمصاريف العدول المنفذين، فيما تٌنفق البنوك أكثر من 800 ألف دينار كمصاريف إحالة ملفات الصكوك الراجعة دون خلاص على أنظار النيابة العمومية.

وقد أعلن أمين عام التيار الديمقراطي (معارضة) غازي الشواشي مساندته المبدئية لإصدار عفو على المحكومين في قضايا الشيك دون رصيد، ولكن يأتي دائمًا الحديث عن توقيت إعلان العفو لاستغلاله لأهداف سياسية، خاصة وأنه يتزامن هذه المرة مع الأسبوع الأخير للحملة الانتخابية للانتخابات البلدية.

 

اقرأ/ي أيضًا:

تونس: العفو الدولية تدعو رئاسة الجمهورية إلى إلغاء عقوبة الإعدام

المنظمة التونسية لمناهضة التعذيب: 5 حالات وفاة ناتجة عن التعذيب سنة 2017