20-ديسمبر-2018

حول خطر المقاتلين العائدين من بؤر التوتر (صورة تقريبية/دليل سليمان/أ.ف.ب)

الترا تونس - فريق التحرير

 

قدم كل من سفير الولايات المتحدة السابق في تونس جاكوب واليس، والخبير هارون زيلين، مؤلف دراسة "المقاتلون الأجانب التونسيون في العراق وسورياعرضًا بتاريخ 10 ديسمبر/كانون الأول المنقضي ضمن "سلسلة محاضرات شتاين لمكافحة الإرهاب" في معهد واشنطن حول المقاتلين التونسيين في بؤر التوتر.

اقرأ/ي أيضًا: عودة المقاتلين إلى تونس.. الإطار والسيناريوهات

تضخيم أعداد التونسيين في بؤر النزاع

يرجع هارون زيلين التعبئة الكثيفة للتونسيين في الساحتين السورية والعراقية إلى عوامل محلية وأجنبية. ويشير في الجانب الأول لما وصفه بتفضيل الحكومة التونسية الحوار على القمع لمدة عامين بعد ثورة 2011، وهو ما سمح للجهاديين بالعمل علانية دون الكثير من المضايقات، وفق تعبيره. ويضيف أن "حملة القمع" ضد جماعة "أنصار الشريعة" في ربيع عام 2013 وصولًا لتصنيفه كجماعة إرهابية في أوت/أغسطس من نفس العام، دفعت إلى تدفق المقاتلين إلى بؤر التوتر بالتزامن مع توسّع تنظيم "الدولة الإسلامية في العراق" وانتشاره في سوريا، ومن ثم إعلان "الدولة الإسلامية".

وأهم ما يشير إليه الباحث الأمريكي هو ما يعتبره عدم صحة بعض الافتراضات بخصوص المقاتلين التونسيين، مؤكدًا أن عدد الذين انخرطوا في الحرب في العراق وسوريا أقل مما كان يُعتقد عموماً، مشيرًا أنه حاول نحو 27 ألفاً الانضمام إلى بؤر التوتر لكن لم يصل سوى 2900 مقاتل فقط إلى منطقة النزاع، أي أقل من نصف التقديرات المعتادة.

هارون زيلين: لم يصل سوى 2900 مقاتل تونسي إلى منطقة النزاع على خلاف التقديرات المتداولة خلال السنوات الأخيرة

اقرأ/ي أيضًا: "14 فردًا من عائلتي في سوريا": تونسية تروي لنا قصّتها

وفيما يتعلق بدوافع هؤلاء المقاتلين، يتحدث زيلين عن ثلاثة عوامل أولها خيبة الأمل من السياسات التي أعقبت الثورة، وخاصة الشباب المثقف الذي عانى من البطالة بمعدلات مرتفعة للغاية، وثانيها تشكّل إعادة تأسيس الخلافة كمحفّز قوي للانضمام إلى الجهاد، وثالث هذه العوامل هو سعي مقاتلين إلى التكفير عن الخطايا السابقة خاصة من ذوي السوابق الجنائية.

وتحدث مؤلف دراسة "المقاتلون الأجانب التونسيون في العراق وسوريا" عن انخراط التونسيين في عدة أنشطة في بؤر التوتر منها مشاركة اثنان منهم في عملية تعذيب وقتل الطيار الأردني المعتقل النقيب معاذ الكساسبة، إضافة إلى أعمال التعليم الديني على غرار أبو وقاص التونسي الذي كان من أوائل المشاركين وأصبح الوجه المعروف لبرنامج "الدعوة" الخاص بتنظيم "الدولة الإسلامية".

وتحدث هارون زيلين أيضًا عن دور المقاتلات التونسيات في رسم معالم رؤية مجتمع تنظيم "الدولة الإسلامية"، بما في ذلك من خلال "لواء الخنساء" سيء السمعة، بزعامة امرأة تونسية تدعى أم ريان.

في المقابل، يتحدث الباحث عن عدم تقديم الحكومة لا لأي مبادرات لإعادة تأهيل الأفراد الذين قاتلوا في سوريا أو إعادة دمجهم، قائلًا إن العائدين إما في السجون أو "أحرار في الانضمام إلى المجتمع العام". لكن يضيف أن الوضع الديمقراطي لتونس يوفر ميزة تتمثل بإمكانية اعتماد الحكومة على المجتمع المدني القوي في البلاد للمساعدة في حل مثل هذه الأمور بدلاً من اتّباع مقاربة قائمة على الأمن بصورة بحتة.

ارتباط وثيق بين التطرف والقضايا السياسية والاقتصادية

من جانبه، يرى جاكوب واليس، السفير الأمريكي السابق في تونس ومستشار سابق في شؤون المقاتلين الأجانب في مكتب مكافحة الإرهاب في وزارة الخارجية الأمريكية، أن العديد من التطورات السياسية الرئيسية أدت إلى تمهيد الأرضية لبروز مقاتلين أجانب من تونس، متحدثًا عن العفو عن جميع السجناء السياسيين سنة 2011 ما أدى لإطلاق سراح عديد المقاتلين.

اقرأ/ي أيضًا: واشنطن بوست: التهديد الإرهابي من داخل تونس وليس من المقاتلين العائدين (ترجمة)

ويتحدث واليس أيضًا عن تقلص قدرة الدولة على التعامل مع الجهاديين، و"تسامح حكومة الترويكا في بادئ الأمر مع الأنشطة الجهادية". وقد قسم رد فعل الحكومات التونسية مع مسألة المقاتلين إلى أربعة مراحل.

تمتد المرحلة الأولى من 2011 إلى سبتمبر/أيلول 2012 وهي مرحلة السماح لـ "أنصار الشريعة" وغيرها من الجماعات المتطرفة بتنظيم صفوفها علناً وإرسال المقاتلين سوريا، فيما تمتد المرحلة الثانية من 2012 إلى 2014 وهي مرحلة إدراك الحكومة، وفق تقديره، لمشكلة الجماعات المتطرفة مع تنفيذها لعمليات إرهابية داخل تونس بدءًا بالهجوم على السفارة الأمريكية الذي تلاه عمليتي اغتيال سياسي بارزتين في عام 2013، والمقصود اغتيال الشهيدين شكري بلعيد ومحمد البراهمي.

جاكوب واليس:  لم يتمّ تحقيق الكثير في تونس لمعالجة المحرّكات الكامنة للتعبئة والانتشار للإرهابيين

فيما يفيد أن في المرحلة الثالثة (2014-2015)، بدأت حكومة مهدي جمعة تعزيز تعاونها مع الولايات المتحدة وشركاء أجانب آخرين بشكل كبير، وحسن قدرة قوات الأمن على مواجهة الإرهاب. أما المرحلة الرابعة، وهي من 2015 حتى الوقت الحاضر، يقول جاكوب والس إنها شهدت تحوّل التركيز نحو المقاتلين العائدين، مع بروز جدال علني بين التونسيين حول كيفية التعامل معهم.

ويؤكد السفير الأمريكي السابق أنه رغم تحسن الوضع الأمني، فإنه لم يتمّ تحقيق الكثير لمعالجة المحرّكات الكامنة للتعبئة والانتشار، وفق تعبيره. يضيف أن الحكومة قادرة على التعرّف على العائدين عند المعابر الحدودية الرسمية، لكنها لا تملك خطة بشأن ما يجب فعله حالما يتم تحديد هويتهم، كما تفتقر قواتها الأمنية إلى الوسائل اللازمة لمراقبتهم.

كما يشير لمسألة اكتظاظ السجون التونسية معتبرًا هذه السجون "أرضًا خصبة للجهاديين". ويختم جاكوب والس بحديثه عن وجود ارتباط وثيق بين التطرف والأمن من جهة والقضايا السياسية والاقتصادية من جهة أخرى وهو ما يصعّب إيجاد حل، وفق قوله.

 

اقرأ/ي أيضًا:

الإرهاب.. احتطاب من البنوك وسط ارتخاء أمني

المقاتلون التونسيون مع النظام السوري.. إرهاب آخر!