03-مايو-2018

جدل حول احترام واجب حياد الإدارة في الحملة الانتخابية

الترا تونس - فريق التحرير

 

يلزم الدستور الإدارة بالالتزام بواجب الحياد، وكذا يفرض القانون الانتخابي على المرفق العمومي الالتزام بمستلزمات الحياد في الحملة الانتخابية ومنها بالخصوص عدم استغلال موارد الدولة، وقد أصدر رئيس الحكومة يوسف الشاهد منشورًا بتاريخ 5 أكتوبر/تشرين الثاني 2017 موضوعه "التزام الإدارة بواجب الحياد بمناسبة الانتخابات البلدية" دعا فيه أعضاء حكومته والولاة والمديرين العامين للتقيّد بواجب حياد الإدارة وذلك "من أجل التنافس النزيه بين مختلف القائمات"، بيد أن عديد الأفعال المسجلة طيلة الحملة الانتخابية منذ منتصف أفريل/أبريل المنقضي طرحت السؤال حول مدى احترام هذا الواجب.

يلزم القانون الانتخابي باحترام الإدارة لواجب الحياد في الحملة الانتخابية وأصدر يوسف الشاهد منشورًا حول نفس المسألة في شهر أكتوبر 2017

سيارة إدارية وتوسيم أمنيين في حملة انتخابية

تداول ناشطون في مواقع التواصل الاجتماعي في الفترة الماضية صورًا لسيارة إدارية تتبع وزارة التجهيز بداخلها لافتات ترويجية لفائدة حركة نداء تونس. وقد أشارت الوزارة في بلاغ على ضوء تصاعد الجدل أكدت فيه إرجاع السيارة للورشة المركزية للوزارة "مع اتخاذ التدابير اللازمة والفورية".

غير أن الأخطر هو تداول صور تظهر توسيم مرشح حركة نداء تونس أنيس المعزون في قائمة الحزب في بلدية أريانة لقيادات من قوات الأمن الداخلي بمناسبة إحياء ذكرى تونسة الأمن الوطني، وهو ما أثار حالة استنكار واسعة بلغت لدرجة مطالبة الحزب الجمهوري بإسقاط قائمة نداء تونس في بلدية أريانة، وذلك بعد وصفه للحادثة بأنها "تداخل سافر بين أجهزة الدولة والحزب الحاكم". وقد دعا الجمهوري أيضًا وزارة العدل إلى فتح تحقيق "جدي وسريع" في الحادثة التي وصفها أيضًا بأنها "تجاوز خطير ومخالف لكل الأعراف والقوانين".

كما اعتبر بدوره النائب عن مشروع تونس صحبي بن فرج هذه الحادثة بأنها "تناقض صارخ مع حيادية المؤسسة الأمنية وضرب لمبدإ الأمن الجمهوري".

السبسي في خدمة نداء تونس؟

أثار اعتراف رئيس الجمهورية الباجي قايد السبسي في تصريح خاطف بأنه "غير مستقّل" مذكّرا بأنه مؤسس حزب نداء تونس، جدلًا حول عدم احترامه للواجب الدستوري بعدم إمكانية الجمع بين مسؤولياته كرئيس دولة ومسؤولياته الحزبية، وذلك من زاوية تلميحه، بموجب تصريحه، لدعمه الخفيّ لحزبه.

أثار اعتراف السبسي بأنه "غير مستقّل" مذكّرا بأنه مؤسس حزب نداء تونس، جدلًا حول عدم احترامه للواجب الدستوري بعدم إمكانية الجمع بين مسؤولياته كرئيس دولة ومسؤولياته الحزبية

وبينما يدعو البعض لعدم تحميل تصريح السبسي أكثر من حجمه وأخذه في قالبه الترفيهي، يعتبر البعض الآخر أن رئيس الجمهورية خالف واجب بقائه محايدًا متعاليًا على تنافس الأحزاب في الانتخابات.

الشاهد في حملة حزبه، حق مكفول أم خرق للحياد؟

وأثار، في الأثناء، ظهور رئيس الحكومة يوسف الشاهد رفقة فريق قائمة نداء تونس في قرطاج، وثم ظهوره أيضًا مع قائمة نفس الحزب في بنزرت جدلًا واسعًا بين رواد مواقع التواصل الاجتماعي وأيضًا السياسيين حول مدى الالتزام بواجب حياد الإدارة. وقد عبر بالخصوص حزب مشروع تونس عن "استهجانه الشديد لهذا التصرف"، معتبرًا ذلك "خرقًا لمبدإ حياد السلطة التنفيذية الذي أعلنه رئيس الحكومة بنفسه، وتجاوزًا خطيرا لروح ونص وثيقة قرطاج التي أدت الى تشكيل حكومةٍ سُمّيت بحكومة الوحدة الوطنية لتكون على مسافة واحدة من جميع الأحزاب". 

بدوره، اتهم أمين عام حراك تونس الإرادة عماد الدائمي في تدوينة له رئيس الحكومة بعدم الحياد وخرق المنشور الذي كان قد أصدره سابقًا.

 

 

 

لم يكن لينتهي الجدل حتى نشرت صفحة محسوبة على حركة نداء تونس فيديو ليوسف الشاهد، يظهر رئيس الحكومة وهو يؤكد انتماءه لحزب نداء نونس قائلًا "أنا ولد نداء تونس". وقد استنكر ناشطون على موقع فيسبوك ذلك خاصة في فترة الحملة الانتخابية، حيث كتب الباحث عادل بن عبد الله "هذا هو معنى "حيادية الدولة" عند رئيس الحكومة ورئاسة الجمهورية: محاولة التأثير في نوايا التصويت وتوجيه الناخبين باستغلال الوظيفة"، فيما وصفت ناشطة أخرى ما قاله الشاهد بأنها "مسرحيّة الشّاهد سيّئة الإخراج".

في المقابل، لا يرى البعض دعم الشاهد لحزبه الذي ينتمي إليه وإسناده في الحملة الانتخابية خرقًا لواجب الحياد باعتبار أنه يتولى منصبًا سياسيًا لا يلزمه بالحياد إضافة وأنه تولى هذا المنصب بصفته الحزبية، كما أن واجب الحياد محمول على الإدارة لا غير. ويؤكد هذا الفريق موقفه بمشاركة عديد وزراء الحكومة من مختلف الأحزاب في الحملة الانتخابية لفائدة قائمات أحزابها.

لكن رئاسة الشاهد لحكومة "الوحدة الوطنية"، وعدم تولّيه لأي منصب قيادي في حزبه، إضافة للسياق الخصوصي للانتقال الديمقراطي، كلّها عوامل جعلت من باب المستحسن بالنسبة لوجهة نظر العديدين ألا ينخرط رئيس الحكومة بشكل شخصي ومعلن في الحملة الانتخابية لحزبه.

 

اقرأ/ي أيضًا:

تقدير موقف: الانتخابات البلدية في تونس.. حراك محلي ورهانات كبرى

الهايكا تدعو الأحزاب إلى احترام استقلالية المؤسسات الإعلامية