21-مايو-2019

سيطرت أزمة التعليم الثانوي على التحركات التي عاشتها البلاد في شهر جانفي 2019 (صورة أرشيفية/ ياسين القايدي/ الأناضول)

 

الترا تونس - فريق التحرير

 

سجّل المرصد الاجتماعي التونسي التابع للمنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية تراجع التحركات الاحتجاجية وحالات ومحاولات الانتحار في تونس خلال الثلاثية الأولى من سنة 2019. وتمّ خلال الثلاثية الأولى من السنة الحالية تسجيل 2324 تحركًا احتجاجيًا مقابل 3315 تحركًا في نفس الفترة من العام الماضي وتوزعت التحركات على 888 تحركًا في جانفي/ كانون الثاني و732 في فيفري/ شباط و704 في مارس/ آذار.

لهيب المطلبية والتحركات الاجتماعية غير المؤطرة لم ينطفئ وحافظ التونسي خلالها على نفس آليات الاحتجاج السلمية التي دأب على اعتمادها

وأكد المرصد أن لهيب المطلبية والتحركات الاجتماعية غير المؤطرة لم ينطفئ وحافظ التونسي خلالها على نفس آليات الاحتجاج السلمية التي دأب على اعتمادها من مسيرات ومظاهرات واعتصامات وقطع للطريق، كسبيل لإبلاغ صوته والضغط من أجل الحصول على مطالبه.

بروز أزمة التعليم الثانوي خلال شهر جانفي 2019

وبيّن أن أزمة التعليم الثانوي سيطرت في المجمل على التحركات التي عاشت على وقعها البلاد خلال شهر جانفي/ كانون الثاني 2019 إذ تسبّب طول أزمة الخلاف بين وزارة التربية والجامعة العامة للتعليم الثانوي في تشكّل احتجاجات مختلفة خاضها التلاميذ والأساتذة والأولياء على حدّ السواء. أما شهر فيفري/ شباط 2019، فكانت الاحتجاجات المرتبطة بتردي البنية التحتية والأوضاع البيئية وانقطاعات الماء الصالح للشراب والمطالبة بالتنمية والتشغيل هي المحرّك الأساسي للحراك الاجتماعي والاقتصادي غير المؤطر دون تسجيل أي تفاعل يذكر من قبل السلط الرسمية الجهوية أو المركزية.

وبالنسبة لشهر مارس/ آذار، كانت أزمة قطاع الصحة والتراجع المسجّل في خدماته هي العنوان الأبرز للتحركات الاحتجاجية في عدد من الجهات على غرار قفصة والقيروان والقصرين وجندوبة ونابل. ومثّلت "فضيحة مستشفى الرابطة" ووفاة 11 رضيعًا دفعة واحدة الشرارة التي أشعلت الحراك الاحتجاجي في العاصمة تونس أين سجّل سلسلة من التحركات في شارع الحبيب بورقيبة وأمام مقرّ رئاسة الحكومة بالقصبة ندّدت بما اعتبر جريمة دولة طالبت بتحسين الخدمات الصحية المقدّمة في المستشفيات التونسية على اختلاف تصنيفاتها كفيلة من تحقيق عدالة صحية لمختلف المواطنين التونسيين.

 الذكور أكثر إقدامًا على خطوة الانتحار ومحاولات الانتحار حيث مثلوا نسبة 73 % من الحالات المسجّلة مقابل 27 % في صفوف الإناث

وأشار المرصد إلى الثلاثية الأولى لسنة 2019 حافظت على نفس سياق المطلبية التي اتصلت طيلة الـ7 سنوات التي تلت الثورة بنفس المجالات والقطاعات، مطالب اقتصادية واجتماعية تتصل بالبنية التحتية والتنمية والتشغيل والوضعيات المهنية، يأتي ترتيبها في صدارة نوعية التحركات غير المؤطرة حيث تحتكر لوحدها نسبة 72 في المائة (القطاع الاقتصادي والاجتماعي والإداري والبنية التحتية) يليها في الترتيب التحركات ذات الطابع التربوي التي تمثل نسبة 15  في المائة ليميّز الثلاثية الأولى لسنة 2019 بروز الاحتجاجات والتحركات في القطاعين البيئي والصحي التي مثّلت نسبة 10 في المائة من جملة التحركات الاحتجاجية غير المؤطرة التي تمّ رصدها.

وفي ما يتعلّق بخارطة الاحتجاجات، بيّن المرصد في تقريره أن الأقاليم التقليدية للحراك الاحتجاجي المطلبي على امتداد السنوات الماضية حافظت على مكانتها خلال الثلاثية الأولى لسنة 2019 هي ولايات قفصة والقصرين والقيروان وسيدي بوزيد وتونس العاصمة (لارتباطها بالقرار)، إذ احتكرت لوحدها حوالي 50 في المائة من حجم التحركات المرصودة من قبل فريق عمل المرصد الاجتماعي التونسي علمًا وأن الثلاثية عرفت بروز ولايات صفاقس ونابل وجندوبة إذ شهدت ثلاثتها تصاعدًا في حجم الحراك الاجتماعي غير المؤطر.

تراجع حالات ومحاولات الانتحار إلى النصف

وفي سياق متصل، كشف تقرير المرصد الاجتماعي عن تراجع عدد حالات ومحاولات الانتحار خلال الثلاثية الأولى لسنة 2019  إلى النصف مقارنة بنفس الفترة من سنة 2018 حيث تراجعت من 154 إلى 70 حالة ومحاولة انتحار سنة 2019 وكانت أقلّ بأربع مرات مقارنة بالعدد المسجّل سنة 2017 والذي كان في حدود 283 حالة أو محاولة انتحار.

وأوضح التقرير أنه على غرار السنوات السابقة كان صنف الذكور أكثر إقدامًا على خطوة الانتحار ومحاولات الانتحار حيث مثلوا نسبة 73 في المائة من الحالات المسجّلة مقابل 27 في المائة في صفوف الإناث.

حالات العنف المسجّلة خلال شهر مارس 2019 استهدفت أساسًا الأطفال دون 16 سنة

وتمثل الفئة العمرية بين 25 و45 سنة الأكثر عرضة لظاهرة الانتحار حيث مثّلت نسبة 60 في المائة من الحالات المرصودة علمًا وأن الثلاثية الأولى لسنة 2019 لم تسجّل أي حالة محاولة انتحار للفئة العمرية التي تتجاوز 60 عامًا وبلغ عدد حالات ومحاولات الانتحار في الفئة العمرية دون الـ15 عامًا نسبة 14 في المائة من الحالات المرصودة.

تنامي عمليات الاعتداء الجنسي على الأطفال خلال الثلاثية الأولى لسنة 2019

من جهة أخرى، رصد التقرير تطوّر أشكال العنف خلال الثلاثية الأولى لسنة 2019 إذ باتت عمليات السرقة تتم تحت العنف الشديد باستخدام أسلحة بيضاء وبنادق صيد وتؤدي بعض هذه الحالات أحيانًا إلى وفاة الضحية. كما لم تخل الثلاثية الأولى من تنامي عمليات الاعتداء الجنسي على الأطفال وبروز العنف ضدّ المؤسسات سواء منها التربوية أو الصحية، وفق ذات التقرير الذي أشار إلى تسجيل نقص في حالات العنف الأسري والزوجي مقابل تسجيل تطور على مستوى الشكل حيث سُجّلت حالات عنف شديد تجاه الوالدين.

ويكون منسوب العنف ذو الطابع الجماعي خلال شهر فيفري/ شباط أعلى من العنف ذو الطابع الفردي، حيث مثّل الأول نسبة 66 في المائة من الحالات المرصودة من قبل فريق عمل المرصد الاجتماعي في حين مثّل العنف الفردي نسبة 34 في المائة. ويحتكر الذكور معدلات عالية جدًا من حالات العنف المرصودة إذ كانوا مسؤولين عن 91 في المائة من الحالات المسجّلة خلال شهر فيفري/ شباط في حين كانت النساء مسؤولات عن نسبة 7 في المائة من العنف المسجّل و2 في المائة هي حالات عنف مختلطة.

ويشير التقرير إلى أن حالات العنف المسجّلة خلال شهر مارس/ آذار استهدفت أساسًا الأطفال دون 16 سنة وتراوحت حالات العنف بين القتل والاغتصاب والتحرّش والطعن بآلة حادة.

 

اقرأ/ي أيضًا:

التحقيق مع أساتذة بسبب "الإفطار": رابطة حقوق الإنسان تتدخل والداخلية توضح

تونس تتراجع بأربع نقاط في مؤشر سيادة القانون