18-نوفمبر-2018

من المفترض انطلاق حملة التلقيح الإجباري بداية من شهر أكتوبر الماضي (مارتين بورو/Getty)

"لم ينطلق بعد تلقيح التلاميذ ضد التهاب الكبد الفيروسي صنف "أ"، ولم يتم التواصل مع عائلاتهم لإمضاء الموافقة على هذا التلقيح الخاص بتلاميذ السنوات الأولى ابتدائي، والحال أنّ وزارة الصحة أكدت برمجة الانطلاقة بداية من شهر أكتوبر/تشرين الأول"، هكذا تحدث محمد وهو إداري بمدرسة في منطقة بوحجلة بالقيروان لـ"الترا تونس". ويضيف أنّ ولاية القيروان هي واحدة من أكثر الولايات المهددة بانتشار الأوبئة نتيجة التلوث وافتقار عشرات المدارس إلى المياه النظيفة والصالحة للشرب.

تؤكد شهادات من عدة مدارس ابتدائية لـ"الترا تونس" عدم انطلاق حملة تلقيح التلاميذ ضد التهاب الكبد الفيروسي صنف "أ" رغم مرور نحو شهرين من الموعد المبرمج لانطلاقها

وأكد لنا أيضًا أحد المعلمين النواب في القيروان هذا المعطى، مفيدًا أنّ وزارة الصحة لم تبدأ في حملة توفير التلقيح لتلاميذ السنوات الأولى بالمدارس الابتدائية، رغم مرور أكثر من شهر ونصف على الموعد المحدّد لانطلاقها. كما أضاف محدّثنا أنّه لم يتحدد أي موعد جديد لانطلاق هذه الحملة، مشيرًا إلى أنّ التهاب الكبد الفيروسي صنف "أ" يهدد أغلب التلاميذ خاصة في المدارس الداخلية والريفية التي تفتقر خصوصًا للمياه الصالحة للشرب، وفق تأكيده.

من جهته، أخبرنا سيف، وهو أحد المعلمين بمنطقة تالة من ولاية القصرين، عدم معرفة المتابعين لأسباب التأخير في انطلاق حملة تلقيح التلاميذ.

وكان قد أعلن وزير الصحة السابق عماد الحمامي بتاريخ 19 جويلية/يوليو الماضي بالبرلمان إدراج التلقيح الخاص بالتهاب الكبد الفيروسي صنف "أ" بصفة إلزامية لتلاميذ السنة الأولى من التعليم الأساسي بداية من السنة الدراسية الحالية 2018/2019، مع الحرص على أن يشمل جميع التلاميذ في حال ثبوت إصابة واحدة في أي قسم. 

اقرأ/ي أيضًا: العودة المدرسية: مدارس منهارة.. ووزارة التربية تخيّر الصمت

كما أعلن أنّه سيقع في مرحلة لاحقة إدراج نفس التلقيح وبشكل إجباري لتلاميذ السنة السابعة أساسي، مشيرًا إلى أنّ الوزارة بصدد القيام بعدّة حملات توعوية تتعلّق بحفظ الصحة بما فيها غسل الأيدي، وتفادي استعمال أي دواء دون استشارة الطبيب ومنع استعمال أي نوع من الحشائش والأعشاب للعلاج من هذا المرض، وذلك إضافة للتوعية بضرورة توفير الماء الصالح للشرب بالمدارس وإحكام التصرف بالمياه المستعملة.

وأكدت من جهتها، كاتبة الدولة للصحة السابقة سنية بالشيخ في سبتمبر/أيلول 2018 على إجبارية التلقيح ضد التهاب الكبد الفيروسي صنف "أ" في المدارس بداية من شهر أكتوبر/تشرين الأول هذا العام. وهو ذات مضمون تصريح إعلامي أيضًا للمديرة العامة للطب المدرسي أحلام قزارة، التي أشارت للترفيع في الميزانية المخصصة للتلقيح لتناهز 5 مليون دينار، عبر توفير قرابة 220 ألف جرعة من لقاح التهاب الكبد الفيروسي صنف "أ" سينتفع بها 200 ألف تلميذ.

وزارة الصحة أعلنت إدراج التلقيح الخاص بالتهاب الكبد الفيروسي صنف "أ" بصفة إلزامية لفائدة تلاميذ السنة الأولى من التعليم الأساسي بداية من السنة الدراسية الحالية

في الأثناء، مرّ شهر ونصف على الموعد المحدد لانطلاق حملة تلقيح التلاميذ دون التنقل بعد إلى المدارس للقيام بالتلاقيح اللازمة لتلاميذ السنوات الأولى، وفق ما أكده بعض معلمي المدارس الابتدائية في عدّة جهات لـ"الترا تونس". وهو ما يطرح عدّة تساؤلات عن سبب تأخر انطلاق الحملة، والحال أنّ أغلب المدارس مهددة بهذا المرض الفيروسي الذي أصاب مئات التلاميذ خلال السنوات الماضية، إذ سُجّلت 120 إصابة بالتهاب الكبد الفيروسي صنف "أ" في ولاية نابل فقط خلال موسم دراسي واحد، وتوزعت عشرات الحالات الأخرى على القصرين وسيدي بوزيد والقيروان وولايات أخرى.

وكان قد أفاد، في هذا الإطار، عبد اللطيف الجامعي المدير الجهوي للصحة بأريانة في شهر أكتوبر/تشرين الأول الماضي أنّه تمّ تسجيل حالتين بمرض التهاب الكبد الفيروسي صنف "أ" لدى تلميذين بالمدرسة الابتدائية رواد 1، نافيًا وجود أية خطورة على بقية التلاميذ من المرض الذي يستوجب تلقيحًا واعتماد قواعد حفظ الصحة، وفق قوله.

اقرأ/ي أيضًا: حرب معلنة على الدروس الخصوصية.. دون استراتيجية واضحة؟

من جهتها، أكدت عفيفة الجراية مديرة الصحة الوقائية بالإدارة الجهوية للصحة بأريانة، في تصريح الشهر المنقضي لوكالة تونس إفريقيا للأنباء (الوكالة الرسمية)، أنّ فريقًا متكونًا من أطباء وممرضين قاموا بتلقيح نحو 1400 تلميذًا بالمدرسة الابتدائية برواد 1 من التهاب الكبد الفيروسي صنف "أ"، بعد احتجاج الأولياء والتلاميذ في الآونة الأخيرة وقطع الطريق على مستوى المدرسة الابتدائية بعد تسجيل إصابات بالمرض لدى تلميذين.

وهو ما يطرح التساؤل عما إذا كانت الوزارة ستقوم بالتلاقيح اللازمة عند تسجيل إصابات أو عند احتجاج الأهالي، أم إنها ستمضي في حملة التلقيح الإجبارية التي كان من المفترض أن تبدأ منذ أكثر من شهر ونصف؟

توجهنا، في الأثناء، إلى وزارة الصحة للسؤال عن موعد انطلاق حملة التلاقيح، ليفيدنا المكلف بالإعلام في الوزارة شكري النفطي أنّ التلاقيح انطلقت فعلًا تزامنًا مع انطلاق الموسم الدراسي، غير أن الشهادات التي تلقيناها من مدارس ابتدائية في عديد الجهات تدحض المذكور، وذلك بعد مرور أكثر من شهرين على العودة الدراسية.

"التهاب الكبد الفيروسي صنف "أ" مرتبط أساسًا باستهلاك مياه شرب ملوثة وعدم احترام قواعد حفظ الصحة وهو ما يتسبب في انتقال العدوى عن طريق اللمس بشكل سريع

يُشار إلى أنّ "التهاب الكبد الفيروسي صنف "أ" مرتبط أساسًا باستهلاك مياه شرب ملوثة وعدم احترام قواعد حفظ الصحة وخاصة غسل اليدين وهو ما يتسبب في انتقال العدوى عن طريق اللمس بشكل سريع. ودائمًا ما تدعو وزارة الصحة إلى الامتناع عن استعمال مياه الشرب المتأتية من مصادر غير مراقبة، ولا سيّما منها المروّجة من طرف الباعة المتجولين والتي يكون مصدرها عادة العيون والمنابع الطبيعية.

كما تؤكد الوزارة ضرورة غسل الخضر والغلال وتطهير أواني الطهي بالماء والجفال قبل استعمالها. وفي حالة ظهور الأعراض الأولى للمرض المتمثلة في الحمى واصفرار الجلد وأبيض العينين والتعب الشديد، يتعين على المصاب الحرص على زيارة الطبيب في أسرع وقت والابتعاد على كل أشكال التطبب والعلاج الرعواني.

 

اقرأ/ي أيضًا:

من الكابتن ماجد إلى "الأيباد": كيف أصبح الطفل وحيدًا؟

استقبال المواليد في التقاليد التونسية.. طقوس "خلاص الوحل" و"السّابع"