01-أكتوبر-2018

بركة مائية في وادي الشرقي بمساكن (ماهر جعيدان/الترا تونس)

كانت مراسلة موجهة من مدير المستشفى المحلي بمساكن إلى معتمدة المدينة كفيلة بالكشف عن ظهور حالات من مرض حمى غرب النيل بالجهة مما استدعى تدخلًا عاجًلا من السلط المحلية للتدخل في أوكار البعوض والحشرات في مجاري الأودية والمياه الآسنة.

حمى غرب النيل هو مرض فيروسي ينتشر بواسطة البعوض، وتتمثل أعراضه، حسب التقارير الطبية، في الحمى والصداع والغثيان والقيئ وتورم الغدد اللمفاوية بالإضافة إلى طفح جلدي في بعض الأحيان، وتزول العلامات والأعراض البسيطة لعدوى فيروس غرب النيل عادة من تلقاء نفسها ولكن العلامات والأعراض الشديدة مثل الصداع الشديد أو الحمى أو الضعف المفاجئ تتطلب عناية طبية دقيقة. وقد أفاد الدكتور سامي براهم في تصريح صحفي بأن "أعراض فيروس حمى غرب النيل تظهر أساسًا من خلال حرارة مرتفعة للجسم تتجاوز 39 درجة وأوجاع بالرأس والظهر وضيق التنفس وسعال جاف".

حمى غرب النيل هو مرض فيروسي ينتشر بواسطة البعوض، وتتمثل أعراضه في الحمى والصداع والغثيان والقيئ وتورم الغدد اللمفاوية بالإضافة إلى طفح جلدي في بعض الأحيان

تنقلنا إلى مدينة مساكن بعد ساعات من التناول الإعلامي حول انتشار هذا الفيروس، واتصلنا بالمواطنين الذين أبدوا دهشتهم من ظهور هذا المرض بمدينتهم داعين السلطات إلى التحرك والتجند لمقاومة الانتشار الكبير للحشرات والبعوض خاصة بعد الأمطار الأخيرة التي ساهمت في بروز برك مائية تحولت إلى مياه راكدة صارت تمثل نقطة بيئية سوداء.

تنقل "الترا تونس" بالخصوص إلى وادي الشرقي بالجهة أين لاحظنا أجمة من الأشجار والأعشاب داخل برك مائية آسنة وتنبعث روائح كريهة على مدى مجرى الوادي، ولاحظنا وجود تجمعات سكانية كثيفة تحيط بالوادي. ويمكن، انطلاقًا من ضفاف الوادي، رؤية محطة تطهير فيما تتسرب المياه المستعملة في مجرى الوادي. وفي جهة أخرى من المدينة وبالتحديد في وادي المالح وسبخة سيدي الهاني، لاحظنا كذلك انتشارًا لأوكار البعوض ولبرك مائية نتيجة الأمطار الأخيرة.

برك مائية بوادي المالح في مساكن (ماهر جعيدان/الترا تونس)

ورغم أن هذه البؤر موجودة على مشارف المدينة، يشتكي كافة سكان مساكن من الروائح الكريهة المنبعثة من بالوعات الصرف الصحي وبالوعات مياه الأمطار. وقد تواترت الأنباء، خلال اليومين الماضيين، عن تحرك لآليات الجماعات المحلية من جرارات أدوية ومعدات ضخ المبيدات في عدة بلديات بولاية سوسة وخاصة في مساكن، وقصيبة سوسة، والزاوية، والثريات والقلعة الصغرى. ومن بين المناطق التي شملتها هذه الإجراءات، بعض مجاري الوديان في مدينة سوسة مثل وادي بليبان وواد سيدي قاسم.

اقرأ/ي أيضًا: إثر تسجيل حالات إصابة به في تونس: تعرّف على أعراض فيروس حمى النيل

تواصلنا، في الأثناء، مع معتمدة مساكن حليمة حمدي التي أفادت قائلة: "أول ما توصلنا بالمراسلة من مدير المستشفى الجهوي بمساكن، كان أول إجراء هو الاتصال ببلدية مساكن وبلدية المسعدين للقيام بحملة مداواة في مناطق المياه الراكدة مثل وادي المالح ووادي الشرقي ووادي الديك.

وأكدت معتمدة مساكن في تصريحها لـ"الترا تونس" أن حملة المداواة انطلقت منذ الجمعة الفارط، وأنها ستتواصل لمدة أسبوع كامل، مشيرة لعقد جلسة الإثنين 1 أكتوبر/تشرين الثاني 2018 مع جميع المتدخلين لتدارس المسألة. من جهته، أكد رئيس بلدية مساكن محمد علية تشكيل لجنة طوارئ بالتنسيق بين البلدية والمصالح الجهوية بولاية سوسة.

معتمدة مساكن لـ"الترا تونس": أول إجراء اتخذناه هو الاتصال ببلدية مساكن وبلدية المسعدين للقيام بحملة مداواة في مناطق المياه الراكدة مثل وادي المالح ووادي الشرقي ووادي الديك

وكان قد صرّح وزير الصحة عماد الحمامي يوم الإثنين أنه سيتمّ تعقيم مدينة مسامن والمناطق المجاورة في ولايتي سوسة والقيروان، مضيفًا أنّ حالات الإصابة معزولة وهي في نقطة جغرافية واحدة، مؤكّدًا تحوّل فريق من وزارة الصحة إلى المدينة. فيما أوضح رئيس بلدية مساكن في تصريح صحفي أن حالات الإصابة المسجلة هي حالات معزولة ولا ترتقي الى درجة الوباء وفق تعبيره، مشيرًا إلى أنه تم تسجيل حالتين بمدينة مساكن وحالة واحدة بمدينة الثريات يشتبه في اصابتها بفيروس حمى غرب النيل.

توجهنا إلى المديرة العامة للمرصد الوطني للأمراض الجديدة والمستجدة الدكتورة نصاف بن علية، التي أكدت في تصريح لـ"الترا تونس" تسجيل حالة وفاة و11 حالة مشتبهة بينها 3 حالات مؤكدة إصابتها بفيروس حمى غرب النيل في كل من سوسة ومساكن والقيروان.

يذكر أن منشورًا قد وقع توزيعه الجمعة 28 سبتمبر/أيلول 2018 من وزارة الصحة إلى كافة الهياكل الصحية أكد على تفعيل منظومة اليقظة من فيروس حمى غرب النيل، وذلك ذلك إثر تسجيل حالات لدى الحيوان ولدى الإنسان في عدة بلدان حوض البحر الأبيض المتوسط خلال شهري أوت/أغسطس وسبتمبر/أيلول من سنة 2018 مع انتشاره في دول البلقان ورومانيا وأكرانيا.

تنتشر حمى غرب النيل في المياه الراكدة (ماهر جعيدان/الترا تونس)

وقد سبق للمرصد الوطني للأمراض الجديدة والمستجدة أن سجل حالات انتشار وبائية بالفيروس خلال مواسم 1997 و2003 و2012. وقد دعا المرصد الجمعة الفارط على موقعه الالكتروني لليقظة بعد ثبوت تسجيل ثلاث حالات متأكدة من الفيروس.

ودعا، في الأثناء، منشور وزارة الصحة إلى "ضرورة تحديد الأدوار ومزيد التنسيق بين المتدخلين وذلك بتفعيل نظام الإنذار المبكر الذي يعتمد على أربعة ركائز وهي، تعزيز مراقبة حالات التهاب السحايا الفيروسي، وحالات الالتهاب الدماغي لدى الإنسان، ومراقبة الحالات لدى الحيوان واقتفاء الفيروس لدى البعوض، وتعزيز الرقابة المناخية".

ومن أهم الإجراءات الواجب اتخاذها حسب المنشور المذكور هي "تذكير الأطباء المباشرين بضرورة التبليغ بصفة منتظمة ومتواصلة لجميع حالات التهاب السحايا والتهاب الدماغ من النوع الفيروسي للمرصد الوطني للأمراض الجديدة والمستجدة".

المديرة العامة للمرصد الوطني للأمراض الجديدة والمستجدة: تسجيل حالة وفاة و11 حالة مشتبهة بينها 3 حالات مؤكدة إصابتها بفيروس حمى غرب النيل في كل من سوسة ومساكن والقيروان

وتبقى من العوامل الكفيلة للحد من انتشار هذا الفيروس مقاومة البعوض من قبل البلديات، مع إعطاء الأولوية للأماكن التي ظهرت بها الحالات، والحديث تحديدًا عن سوسة ومساكن والقيروان أساسًا. ومن خلال مراجعتنا لانتشار هذا المرض، لابد من التأكيد على مراقبة الحالات لدى الحيوان إذ تنصح الدوائر الصحية بإجراء تقصي المرض عند الخيول وكذلك لدى الطيور المهاجرة التي ينتقل عبرها الفيروس في عدة حالات.

هي أعراض مرضية جديدة تظهر في تونس في ظل المتغيرات المناخية في السنوات الأخيرة، غير أن عملية الترصد ومقاومة الأوبئة لا تنطلق فقط من الجهات الطبية والصحية المتخصصة بل يعود الدور الأساسي في الوقاية للجماعات المحلية التي يجب أن تسخّر إمكانياتها على محدوديتها مع الاستعانة بالخواص عند الاقتضاء، وذلك لتفادي الكارثة البيئية والصحية.

 

اقرأ/ي أيضًا:

انفلونزا الخنازير في تونس.. خطر حقيقي أم خديعة لوبيات؟

3 وزارات تونسية: إجراءات للوقاية من الأمراض المنقولة عبر المياه