28-فبراير-2023
 الانجراف البحري

عديد الشواطئ التونسية مهددة بالاندثار (صورة توضيحية)

 

أثار الزلزال الذي ضرب تركيا وسوريا، فجر 6 فيفري/شباط 2023، حالة من الفزع في العالم لهول الكارثة وحجم الخسائر البشرية. وفتحت الكارثة الباب للتمعن في التغيرات المناخية التي يعرفها كوكب الأرض وتعالت الأصوات متسائلة باحثة، خاصة بعد تتالي الأخبار حول تهديد لسواحل البحر الأبيض المتوسط بعد ارتفاع منسوب المياه وما يمكن أن ينجر عن ذلك من تقلص اليابسة وينذر بفيضانات وعواصف خطيرة.

وباعتبار تونس واحدة من البلدان التي شملتها هذه التغيرات المناخية خصوصًا وأن سواحلها تمتد على 2290 كم، فإننا توجهنا للمعهد الوطني لتكنولوجيا علوم البحار أين أكدت الأستاذة الجامعية والباحثة عُلا العمروني لـ"الترا صوت تونس" أن الدكتور عبد الرؤوف الخزامي وهي مؤطرته  قد أنجز دراسة امتدت على 7 سنوات تناول فيها بالبحث السواحل الرملية وسواحل الدلتا وشملت تونس وليبيا ومصر.

دراسة نشرت في جانفي 2021 حذرت من هشاشة وخطر الغمر بسواحل دلتا النيل بمصر ومجردة بخليج بتونس والمناطق الساحلية المنخفضة شديدة العمران

الدراسة نشرت في جانفي/يناير 2021 وكانت بالتعاون مع الناسا وجامعة مونبلييه وحذرت من أن هشاشة وخطر الغمر بسواحل دلتا النيل بمصر ومجردة بخليج بتونس والمناطق الساحلية المنخفضة شديدة العمران.

وبيّنت محدثة "الترا صوت تونس" أنه "من الضروري تعريف الانجراف البحري فهو تآكل السواحل عبر غمرها بمياه البحر وهناك سواحل صخرية وأخرى رملية وهناك أيضًا سواحل الأودية وتسمى سواحل الدلتا".

 

 

وأشارت الأستاذة الجامعية والباحثة إلى أن دراسة أولى هي ماجستير للباحث عبد الرؤوف الخزامي أيضًا تناولت شواطئ الحمامات التونسية في سنة 2020. وأوضحت "قدمنا فيها نسق تراجع شاطئ الحمامات وأعلنا إنذارًا بأن هذا الشاطئ مهدد بالاندثار خلال 3 سنوات وهو ما حدث فعلًا خاصة في الحمامات الشمالية إذ أن البحر يتقدم بنسق 3 متر في السنة وهو يواجه اليوم إشكالية كبرى لأن الأمواج تتتلاطم على الطرقات، وفقها.

الباحثة عُلا العمروني لـ"الترا تونس": ماجستير في تونس تناولت شواطئ الحمامات الشمالية في سنة 2020 وبيّنت أن هذا الشاطئ مهدد بالاندثار وهو يواجه اليوم إشكالية كبرى لأن الأمواج تتتلاطم على الطرقات

وأردفت "انتقلنا من الحمامات إلى خليج تونس واكتشفنا أن النسبة أكثر من 3 متر في السنة ففي غار الملح قبالة واد مجردة القديم نسق تراجع البحر يصل ل20 مترًا في السنة". وبّينت الدكتورة علا العمراني أن الباحثين سعوا أيضًا لدراسة تأثير الانجراف البحري على الاقتصاد في تونس.

ومن أسباب الانجراف البحري، تعدي التونسي على الكثبان الرملية وهي التي تحمي الشاطئ من الانجراف غير أنه تم التعدي عليها وتم إنشاء منشآت سياحية قريبة جدًا من الشاطئ دون مراعاة واجب ترك مسافة تحميه، وقلة المخزون الرملي الذي يستعمل في البناء وغير ذلك من الأسباب.

الباحثة عُلا العمروني لـ"الترا تونس": من أسباب الانجراف البحري، تعدي التونسي على الكثبان الرملية وهي التي تحمي الشاطئ من الانجراف غير أنه تم التعدي عليها وتم إنشاء منشآت سياحية قريبة جدًا من الشاطئ

أما التداعيات الاقتصادية، وفق محدثة "الترا تونس"، فهي "الأضرار التي تهدد حياة البحار وتهدد أيضًا الفلاح في الجهات الساحلية لأن المائدة المائية تم استنزافها وتسربت مياه البحار المالحة لهذه الطبقة ولهذا لم نعد نتذوق مياهًا حلوة في الآبار بل تغير طعمها وأصبحت نسبة الملوحة مرتفعة جدًا".

وتابعت "إذا ما تضررت هذه القطاعات وتضررت السياحة فلم تعد تملك شواطئ جميلة تجلب السائح  والتي كانت توفر مواطن شغل للشباب خلال فصل الصيف فسيكون الحل في الهجرة وقد نصل إلى فئة مهاجري المناخ".

 

 

وبيّنت الباحثة أن "المنشآت السياحية تواجه مخاطر لأنها تشيّد النزل في المجال البحري دون أن يتم احترام البحر ولهذا فإن عددًا منها بصدد الالتهام وهناك مخاطر أكبر في المراحل المقبلة فالبحر يسترجع أراضيه"، وفق توصيفها.

كما شددت على أن الانجراف البحري له تأثيرات مناخية فقد صرنا نواجه عواصف حادة يصل ارتفاع الموجة فيها 7 أمتار كما أننا لم نتعود بالإعصار المتوسطي، مشيرة إلى أن "ارتفاع درجات الحرارة أدى إلى ذوبان الثلج في المحيط الأطلسي وهو يجعل مستوى المياه يرتفع في كل البحار ويمكننا أن نتمعن في ولاية المهدية فقد فقدت الرمال وأصبحت مدينة مهددة".

الباحثة عُلا العمروني لـ"الترا تونس": "ارتفاع درجات الحرارة أدى إلى ذوبان الثلج في المحيط الأطلسي وهو يجعل مستوى المياه يرتفع في كل البحار ويمكننا أن نتمعن في ولاية المهدية فقد فقدت الرمال وأصبحت مهددة"

أما عن الحلول الممكنة، فكشفت عٌلا المعموري أن الدراسات تستبق الحلول وهي تحتاج إلى جانب الوقت -على الأقل سنتين- وهي أيضًا تتطلب مختصين وأقمارًا صناعية وغيرها من الآليات التي تحتاج بدورها  إلى تمويلات كبيرة.

"إن الدولة تدفع أموالاً طائلة من أجل تهيئة الشواطئ لأنها من المجالات المكلفة جدًا، 100 متر قد يكلف مليارًا"، على حد تعبير الدكتورة المعموري. وأضافت أن "من بين السبل التي يتم اعتمادها لإيجاد الحلول التعاون بين وزارة التعليم العالي عبر  مشاريع وأبحاث معهد العلوم والبحار ووزارة الفلاحة".

الباحثة عُلا العمروني لـ"الترا تونس": "انطلقنا بمشاريع لحماية الشواطئ المبنية قرب الغابات والطبيعة والتي تعتمد على "القصب" في غار الملح وكلفنا ذلك 75 ألف دينار فقط وهي تجربة نموذجية  نتمنى أن تنجح"

"قمنا بوضع دراساتنا على ذمة المناطق المنكوبة وحاولنا الحصول على تمويلات من وزارة التعليم العالي ووزارة الفلاحة.. وانطلقنا بمشاريع لحماية الشواطئ المبنية قرب الغابات والطبيعة والتي تعتمد على "القصب" في غار الملح وكلفنا ذلك 75 ألف دينار فقط وهي تجربة نموذجية  نتمنى أن تنجح".

وتابعت حديثها لـ"الترا صوت تونس" "إلى جانب قيامنا بتكوين شباب وأعوان البلدية في غار الملح حتى نستغني عن مختصين أجانب ونقوم بتشغيل أهالي الجهة في انتظار أن نعمم هذه التجربة على بقية الجهات".

 

الأستاذة الجامعية والباحثة عُلا العمروني

الأستاذة الجامعية والباحثة عُلا العمروني