الاستمطار في تونس.. هل يكون حلاً لندرة المياه؟
20 مايو 2025
في ظل شح الموارد المائية وتراجع التساقطات من الأمطار الذي عاشت على وقعه تونس خلال السنوات الأخيرة، يتم التوجه نحو أساليب مستحدثة على غرار تجربة الاستمطار الصناعي المثيرة للجدل، فما هو الاستمطار الصناعي؟ وكيف كانت تجربة تونس؟
أفاد مؤخرًا عز الدّين بن الشّيخ وزير الفلاحة في تونس بأنّ الوزارة تقوم حاليًا بتجربة عديد المشاريع النّموذجيّة بالتّعاون مع جهات مانحة للتّحكّم في إدارة موارد المياه السّطحيّة والجوفيّة وتحسين استخدام المناطق المرويّة باستخدام التّقنيات الحديثة المتقدّمة، مؤكّدًا أنّ الوزارة تعمل حاليًا على برنامج الاستمطاربالتعاون مع وزارتي الدفاع الوطني والنقل، هذا فضلاً عن برنامج الحد من التبخر بالتعاون مع وزارة التعليم العالي والبحث العلمي، وبرامج أخرى.
وزير الفلاحة: القيام بأول تجربة لعملية الاستمطار الصناعي في تونس بحوض سد سيدي سالم، وفي حال مواصلة هذه التجربة بإمكانيات وعقول تونسية فإنها لن تكلّف مصالح الدولة مبالغ كبيرة
وفيما يتعلق بتجربة الاستمطار، بيّن الوزير أنّه تمّ يوم الأربعاء 16 أفريل/نيسان 2025 القيام بأول تجربة تونسية مائة بالمائة بحوض سد سيدي سالم، مؤكدًا أنه "في حال مواصلة هذه التجربة بإمكانيات وعقول تونسية فإنها لن تكلّف مصالح الدولة مبالغ كبيرة"، على حد قوله.
وأضاف وزير الفلاحة عز الدّين بن الشّيخ، خلال افتتاح اليوم الوطني للفلاحة "فلاحة ذكيّة من أجل سيادة غذائيّة"، المنعقد يوم الاثنين 12 ماي/أيار 2025، أن "تونس لا تزال في مرحلة التجربة، ولا يمكن في الطور الحالي تقييم مدى نجاحها".
وبين أن مخزون السدود التونسية تحسّن نسبيًا هذه السنة وبلغ نحو 39.6 بالمائة، وارتفع بـ 130 مليون متر مكعب مقارنة بالسنة الفارطة خلال الفترة نفسها من السنة، لافتًا إلى أنه من شأن دخول عدد من محطات تحلية المياه طور الاستغلال مزيد تحسين الوضعية المائية في تونس.
ما هو الاستمطار؟
ويذكر أن عملية "الاستمطار" هي تقنية تعتمد على حقن بعض أنواع السحب وهي أساسًا السحب "الحملية" بكميّات مناسبة من المواد كيميائية لتسريع عملية تهاطل الأمطار أو زيادة إدرار هذه السحب وكميات التساقطات منها.
بدوره علّق المختص في الشأن البيئي والمناخي حمدي حشاد على هذه الخطوة الأول في عملية الاستمطار الصناعي في تونس، وبيّن أنها تعد "فكرة بسيطة في ظاهرها، لكنها عميقة في مضمونها"، على حد تعبيره.
مختص في الشأن البيئي والمناخي: عملية الاستمطار تتم أولًا، من خلال رصد السحب المناسبة عن طريق الأقمار الصناعية والرادارات، ثم تنطلق عمليةحقن السحب التي تتوفّر فيها المؤهلات المطلوبة
وبيّن أن الاستمطار وتلقيح السحب غير ممكن مع كل أنواع السحب، ولكن هذه التقنية تنجح أساسًا إذا استعملت مع السحب الحملية (Cumuliform Clouds) وخاصة منها:
السحب الركامية (Cumulus)وهي سحب منتفخة تتكوّن من صعود الهواء الساخن الرطب، وغالبًا تكون قادرة على تكوين أمطار.
السحب الركامية المزنية (Cumulonimbus) وهي سحب العواصف الرعدية، ثقيلة ومليئة بالرطوبة، وتُعتبر مثالية للاستهداف.
أما السحب الخفيفة أو العالية جدًا (Cirrus) أو السحب الطبقية (Stratus)، فهي غير مناسبة لأنها تفتقر للرطوبة الكافية، وفق تقديره.
كيف تتم عملية الاستمطار؟
بين المختص في الشأن البيئي والمناخي حمدي حشاد أن عملية الاستمطار تتم أولًا، من خلال رصد السحب المناسبة عن طريق الأقمار الصناعية والرادارات، خاصة وأن هناك رادارًا مخصصًا لرصد السحب الحملية يسمى Doppler Radar، وبعد جمع المعطيات وتحليل حرارة الجو والرطوبة، تنطلق العملية عند تبيّن توفّر المؤهلات المطلوبة في السحب الموجودة.
وقال إن عملية تلقيح السحب تتم عبر طريقتين:
- بطائرات خاصة: تطير داخل السحب وتطلق مواد التلقيح بشكل مباشر.
- من الأرض عن طريق صواريخ موجهة تنفجر داخل السحابة وتوزّع المواد اللازمة.
وأضاف أن "المواد الكيميائية المستخدمة تتكون من يوديد الفضة، الثلج الجاف، أو كلوريد الصوديوم، وهي مواد تخلق نواة تكاثف داخل السحابة، فتساهم في تجمع قطرات الماء وتثاقلها كي تسقط لاحقًا على شكل أمطار".
مختص في الشأن البيئي والمناخي: الاستمطار مجرّد حل ترقيعي ولا يمكن أن يحل مشكل المياه في تونس بصفة كاملة، والحل الحقيقي يبدأ من الأرض، من خلال تحديث شبكة توزيع المياه، وتحفيز الفلاحة المستدامة، وتثمين كل قطرة في السدود والآبار
وتحدث الخبير عن خوض عديد التجارب في العالم على غرار التجربة إندونيسيا التي تتعاون مع تونس في هذا المجال، إضافة إلى تجربة الإمارات.
أما في تونس، فقد تحدث المختص عن "تجربة الاستمطار في الشمال الغربي، على مستوى سد سيدي سالم، الذي لم يتجاوز مخزونه 24 بالمائة من طاقة استيعابه، واستهدفت التجربة سحبًا ركامية عبر إطلاق يوديد الفضة، وسجلت على إثرها أمطار تتراوح بين 4 و8 ملمترات"، معتبرًا أن "الرقم ليس ضخمًا، ولكنه مؤشر مشجع خاصة في وقت تعاني فيه تونس من 5 سنوات متتالية من الجفاف، ومخزون السدود الكبرى لا يتجاوز الـ 30% من طاقة استيعابها، حسب وزارة الفلاحة".
ويشار إلى أن المنظمة العالمية للأرصاد الجوية (WMO) تعتبر أن نسبة نجاح الاستمطار تتراوح بين 5 و20% فقط، أي أنه لا يمكن الاعتماد عليه كحل لمشكلة ندرة التساقطات وتراجع الإيرادات من المياه، وفق المصدر نفسه.
وقال حمدي حشاد إن "الحل الحقيقي يبدأ من الأرض، من خلال تحديث شبكة توزيع المياه، وتحفيز الفلاحة المستدامة، وتثمين كل قطرة في السدود والآبار، معتبرًا أن تجربة الاستمطار الصناعي هي مجرّد حل ترقيعي ولا يمكن أن يحل مشكل المياه في تونس بصفة كاملة".
ويشار إلى أنّ تونس تعاني من آثار شحّ مائي طيلة السنوات الأخيرة بسبب ضعف الإيرادات من الأمطار، مع تراجع كبير في مخزون السدود من المياه، والذي بلغ مستويات حرجة وغير مسبوقة سنة 2024.
الكلمات المفتاحية

وزارة المالية تدعو المعنيّين بدفع الضريبة على الثروة العقارية إلى تسوية وضعيتهم
وزارة المالية التونسية تدعو الأشخاص الخاضعين للضريبة على الثروة العقارية إلى تسوية وضعيتهم قبل موفّى شهر جوان 2025..

مختص في الفلاحة يكشف لـ"الترا تونس" أسباب تراجع عائدات صادرات زيت الزيتون
مختص في السياسات الفلاحية لـ"الترا تونس": تراجع العائدات المالية لصادرات زيت الزيتون التونسي كان متوقعًا منذ الموسم الفارط

صابة الحبوب في تونس.. تجميع 5.7 ملايين قنطار حتى 22 جوان الحالي
ديوان الحبوب: ولاية باجة، تتصدر المرتبة الأولى على مستوى الكميات المجمعة، بحوالي 1.260 مليون قنطار

وزارة المالية تدعو المعنيّين بدفع الضريبة على الثروة العقارية إلى تسوية وضعيتهم
وزارة المالية التونسية تدعو الأشخاص الخاضعين للضريبة على الثروة العقارية إلى تسوية وضعيتهم قبل موفّى شهر جوان 2025..

ملف قيس سعيّد القادم تحت عنوان "الثورة الإدارية"
"الالتقاء بين إرساء حكم فردي رئاسوي انتهى إلى موازين قوى تفرض على الإدارة العودة إلى بيت الطاعة السياسي. الغربلة تتم ببطء لكن بوضوح، البقاء والارتقاء مرتبط بالانخراط في مشروع الرئيس"

حريق في زغوان والحماية المدنية تكشف التفاصيل لـ"الترا تونس"
نشب ظهر الاثنين 23 جوان/يونيو 2025، حريق بمنطقة جرادو من معتمدية الزريبة التابعة لولاية زغوان، في حدود الساعة 13:32، أتى على نحو 5 هكتارات

لقاء الترجي وتشيلسي.. الكنزاري يعلّق على غياب البلايلي ويصف المباراة بـ"التاريخية"
لقاء حاسم يوم الأربعاء 25 جوان 2025 بين الترجي التونسي وتشيلسي الإنجليزي للتعرّف على المتأهل إلى الدور الثاني من منافسات كأس العالم للأندية 2025