الاختلاف في تحديد يوم عيد الفطر.. جدل دائم

أثار إعلان بعض الدول يوم الأحد 30 مارس/آذار 2025، أول أيام شهر شوال، أي عيد الفطر، الجدل بعد أن أعلنت عدة دول أخرى أنّ هذا اليوم هو المتمم لشهر رمضان، وبالتالي فإنّ عيد الفطر فيها يوافق الاثنين 31 من الشهر نفسه.

ولئن كان هذا الجدل قد تصاعد عربيًا وإسلاميًا بين فقهاء هذه البلدان، فإنّ الجدل أيضًا قد حلّ داخل البلد الواحد، بين مؤيد ورافض، على الرغم من حسم دور الإفتاء للمسألة في كل بلد. ولم تكن تونس بمنأى عن هذا الأخذ والردّ، إلى درجة أنّ بعض الشيوخ عبّروا عن نيّتهم الإفطار يوم الأحد 30 مارس/آذار، وصلاة العيد في بيتوهم.

الباحث غفران حسايني: ليس من الفقه ولا من العلم بالدين ولا من سمة أهل العلم أن يخالف المسلم مذهب أهل بلده في الصيام أو في الإفطار ويجاهر بذلك

وفي هذا السياق، اعتبر الباحث الجامعي في الحضارة والإسلاميات غفران حسايني، أنه "ليس من الفقه ولا من العلم بالدين ولا من سمة أهل العلم أن يخالف المسلم مذهب أهل بلده في الصيام أو في الإفطار ويجاهر بذلك ويدعو الناس إلى اتباعه ومخالفة المسلمين في بلده والدعوة إلى الإفطار وأداء صلاة العيد في البيوت في مخالفة لما أعلنته الدولة التونسية على لسان مفتي الجمهورية وزرعًا للشقاق في تونس بين أبناء الشعب الواحد" وفقه.

وأضاف أنّ "وحدة بلدان المسلمين أولى من اتباع مذاهب الشرق والغرب خاصة في مناسبات عامة وهامة مثل الصيام والعيد"، وكان الحسايني قد ثمّن في منشور سابق، قرار المفتي "البناء على الرؤية والحساب في تونس دون الأخذ بوحدة المطالع التي هي من مذهبنا المالكي، لكن الأخذ بها اليوم في ظل الانقسام بين الدول الإسلامية (على خلاف دخول رمضان) ستورطنا في إنقاص يوم من رمضان على غير بيّنة شرعية ولا فلكية.. وهو ما سيخلف الشك والريية لدى التونسيين وفقدان ثقة لا طائل من ورائها" وفق تقديره.

كما أشار دارسون بجامعة الزيتونة التونسية في السياق نفسه أيضًا، إلى أنّ "الدول التي أعلنت بأن العيد يوم الأحد لم تر الهلال لأنه فلكيًا لا يمكن رؤيته لكنها اعتمدت على أنه يولد تلك الليلة. أما الدول التي قالت بأن العيد يوم الاثنين فإنها اعتدت على عدم الرؤية لا بالبصر ولا بالأجهزة. وبناء عليه فإن قرار مفتى الجمهورية ليس فيه تناقض مع إثباته بداية شهر رمضان اعتمادًا على رؤية غيرنا من الدول بل كان منسجمًا مع قاعدة الاستئناس بالحساب وهي تعني أنه إذا قال العلم أنه يمكن رؤية الهلال فإننا نتبع غيرنا إذا لم نره نحن لأنهم رأوه. فالرؤية المطالب بها شرعًا تحققت. أما إذا قال العلم باستحالة رؤيته فليس من المعقول تقليد من ادعى أنه رأى ما لا يمكن رؤيته. لأننا بذلك نصبح أضحوكة"، وفقهم.

وذهب شق آخر إلى اعتبار أنّ "مسألة الصوم ومسألة تحديد يوم عيد الفطر هي مسألة متعلقة بالعقيدة الشخصية لكل فرد. وكل فرد يمارس معتقده بحرية وكما يشاء، المهم أن لا يتهم الآخر ولا يكفر الآخر المخالف..".

وفي سياق متصل، أعاد بعض الأساتذة والباحثين، ومن بينهم ألفة يوسف، التطرق لمسألة "النّسيء، وإمكان أن يكون شهر رمضان في فترة واحدة من السّنة لا تتحوّل.." مؤكدة أنّ جميع الشّعائر باختلافات دلالاتها لا قيمة لها إذا لم تساهم في ترقية الإنسان".

يشار إلى أنّ انقسامًا في رؤية هلال عيد الفطر، جعل عدة دول تعلن أنّ يوم الأحد هو أول أيام شهر شوال، مثل: تركيا وفرنسا وألمانيا وروسيا والسعودية وقطر والإمارات والكويت وفلسطين والبحرين واليمن.

أما الدول التي أعلنت أنّ الأحد هو المتمم لشهر رمضان، فمن بينها: تونس ومصروالأردن وأندونيسيا وإيران وماليزيا وأستراليا والهند وسلطنة عمان وسوريا.

مفتي الجمهورية: الأحد 30 مارس هو المكمل لشهر رمضان، وبذلك يكون الاثنين 31 مارس هو أول أيام عيد الفطر والفاتح من شهر شوال 1446

أعلن مفتي الجمهورية التونسية هشام بن محمود، مساء السبت 29 مارس/آذار 2025، أنّ الاثنين 31 مارس/آذار الجاري سيكون أول أيام عيد الفطر 2025 في تونس.

وقال المفتي، في كلمة بُثت على القناة الوطنية الأولى (عمومية)، توجّه بها للشعب التونسي، إنّ الأحد 30 مارس/آذار هو المكمّل لشهر رمضان 1446، وبذلك يكون الاثنين 31 مارس/آذار الجاري هو أول أيام عيد الفطر والفاتح من شهر شوال 1446.

وذكر المفتي أنّ رؤية الهلال قد تعذرت في جميع الأقاليم التونسية، لكن عملًا بقول الرسول صلى الله عليه وسلم: "صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته فإن غم عليكم فأكملوا العدة ثلاثين"، فإنّ  الأحد 30 مارس/آذار هو المكمّل لشهر رمضان 1446، وبذلك يكون الاثنين 31 مارس/آذار الجاري هو أول أيام عيد الفطر والفاتح من شهر شوال 1446.

وكان معهد الرصد الجوي قد أعلن، في بلاغ له مساء الاثنين، أنّه رغم مكوث القمر حوالي 17 دقيقة بالبلاد التونسية بعد غروب شمس يوم 29 رمضان 1446 هجري، فإنّ إمكانية رؤيته تكون غير ممكنة  في البلاد التونسية وفي كل العالم الإسلامي.