اختصر مسافة وطن.. عدّاء تونسي يركض لجمع تبرعات لأطفال فلسطين
29 سبتمبر 2025
"اخترت أن أكون فاعلًا لا متفرجًا، وقررت أن أستغل تخصصي كعدّاء في المسافات الطويلة للركض من شمال تونس إلى جنوبها لجمع تبرعات لأطفال فلسطين"، بهذه الكلمات عبر محمد براطلي عن تجربة فريدة تُترجم حجم التضامن العالمي مع مأساة الشعب الفلسطيني.
وفي 17 سبتمبر/أيلول 2025، انطلق براطلي ركضًا من ولاية بنزرت في مهمة إنسانية تهدف إلى جمع تبرعات مالية لفائدة الجمعية الفلسطينية لقرى الأطفال "SOS"، التي توفر خدمات لنحو 120 ألف طفلٍ فاقد للسند، وهي مبادرة وطنية تشرف عليها الجمعية التونسية لقرى الأطفال "SOS".
محمد براطلي لـ"الترا تونس": اخترت أن أكون فاعلًا لا متفرجًا، وقررت أن أستغل تخصصي كعدّاء في المسافات الطويلة للركض من شمال تونس إلى جنوبها لجمع تبرعات لأطفال فلسطين
ومنتصف شهر سبتمبر/أيلول الجاري، أسندت رئاسة الحكومة التونسية ترخيصًا رسميًا للجمعية التونسية لقرى الأطفال "س و س"، يخوّل لها جمع التبرعات من العموم لفائدة أطفال فلسطين، وذلك على امتداد ثلاثة أشهر متتالية، تنتهي يوم 10 ديسمبر/كانون الأول 2025.
محمد براطلي: ركضة الحرية والتضامن
وفي حديثه مع "الترا تونس"، أكد العداء التونسي (38 عامًا)، أنه اختار الركض يوميًا لمسافة تُقدر بـ51 كيلومترًا تضامنًا مع أهالي غزة الذين يتعرضون لكل أنواع التقتيل والتجويع والتهجير على يد جيش الاحتلال، مضيفًا "كل خطوة أخطوها هي رسالة تضامن مع أهلنا في فلسطين".
ووفقًا لمحمد براطلي، فإن اختيار هذه المسافة لم يكن اعتباطيًا، بل جاء لمحاكاة طول قطاع غزة الممتد من شماله إلى جنوبه على نحو 51 كيلومترًا، وهي المسافة التي تجسّد معاناة الغزيين مع التهجير القسري والبحث عن الغذاء والنزوح هربًا من القصف الإسرائيلي.

ويضيف: "في تلك البقعة الجغرافية الضيقة، تقطع عشرات العائلات يوميًا هذه المسافة هربًا من شمال غزة إلى جنوبها؛ بعضهم يفر من القصف، وآخرون هجّروا قسرًا، فيما يسعى غيرهم وراء كيس طحين أو بضع معلبات لسد رمق أطفالهم الجوعى".
اختصر محمد براطلي مسافة الوطن وركض لنحو 540 كيلومترًا من بنزرت شمالًا إلى توزر جنوبًا، خلال 10 أيام متواصلة، وقد نجح من خلال مبادرته في جذب انتباه آلاف التونسيين، والتعريف بطرق وآليات التبرع للجمعية التونسية لقرى الأطفال "SOS"، مؤكدًا أن التونسيين تفاعلوا معه وبادروا بالتبرع في لفتة تعكس الدعم المطلق لفلسطين.
اقرأ/ي أيضًا: من عرض البحر.. مشاركون في أسطول الصمود يروون تجربتهم الإنسانية
ويقول براطلي إن الرحلة كانت طويلة وشاقة، لكنها لن تكون أبدًا أشد قسوة من الظروف التي يعيشها سكان غزة، الذين يضطرون للفرار يوميًا من مكان إلى آخر بحثًا عن النجاة، بينما تواصل إسرائيل إمطارهم بالصواريخ والقنابل.
ووفق محمد براطلي، فإن الفكرة راودته أثناء استعداده للمشاركة في سباق للعدو في ولاية توزر، حينها قرر قطع المسافة من مسقط رأسه بنزرت ركضًا عوض السفر إلى هناك في سيارة مجهزة أو حافلة مريحة.
محمد براطلي لـ"الترا تونس": اخترتُ الركض يوميًا لمسافة تُقدر بـ51 كيلومترًا تضامنًا مع أهالي غزة، واختيار هذه المسافة لم يكن اعتباطيًا، بل جاء لمحاكاة طول قطاع غزة الممتد من شماله إلى جنوبه على نحو 51 كيلومترًا
ويؤكد محدث "الترا تونس" أنه حين قرر خوض هذه التجربة أطلق عليها اسم "رحلة المجهول"، إذ لم يكن يعلم إن كان سيصل إلى وجهته، أو إن كان سيجد مأوى يحتمي فيه من شمس النهار وظلام الليل، أو طعامًا يخفف به جوعه، وهي رحلة تشبه إلى حد بعيد معاناة سكان غزة
عربة أطفال تشاركه الرحلة
لم يخُض العداء التونسي رحلته وحيدًا، بل رافقته عربة أطفال صغيرة كان يدفعها ويركض بها على طول الطريق. ويقول: "أطلقت اسم آلاء على العربة، تكريمًا للطبيبة الفلسطينية آلاء النجار التي قصف الاحتلال منزلها وقتل أبناءها الثمانية وزوجها، ولم ينجُ من المجزرة سوى طفل واحد فقط".
ويواصل محمد براطلي: "تأثرت كثيرًا بقصة الطبيبة الغزية وأردت تكريمها لأنها أظهرت قوة وصبرًا وثباتًا لم أر لهما مثيلاً، رغم مصابها الجلل وفقدانها كل أبنائها في قصف إسرائيلي غادر". وأضاف أن آلاف الأمهات في غزة فقدن فلذات أكبادهن في مأساة يشاهدها العالم في صمت.

يضيف: "كانت العربة رفيقتي طوال المسافة الطويلة أحتمي بها من الشمس الحارقة وأتحدث إليها أحيانًا، وهي ترمز لكل الأطفال الذين قتلتهم إسرائيل، والذين فقدوا أطرافهم أو فقدوا آباءهم وأمهاتهم وأصبحوا دون سند".
ووفق محمد براطلي، فقد كانت هذه الرحلة مليئة بالرسائل، وتلقّفها التونسيون بسرعة وتفاعلوا معها بإيجابية ودعموها، وهو ما شجعه على مواصلة ما بدأه، متحديًا كل الصعوبات المناخية من أمطار وجفاف وارتفاع درجات الحرارة.
محمد براطلي لـ"الترا تونس": كانت هذه الرحلة مليئة بالرسائل، وتلقّفها التونسيون بسرعة وتفاعلوا معها بإيجابية ودعموها، وهو ما شجعني على مواصلة ما بدأته، متحديًا كل الصعوبات خاصة المناخية
وسيواصل محمد مبادراته لتشجيع التونسيين على التبرع لفائدة أطفال فلسطين باعتباره سفيرًا للجمعية التونسية لقرى الأطفال "SOS"، داعيا التونسيين إلى التبرع عبر الروابط الموجود على الصفحة الرسمية للجمعية.
وفي السياق ذاته، وجّه محمد براطلي رسالة إلى المشاركين في أسطول الصمود العالمي، ومن بينهم عشرات التونسيين، قائلاً: "أنتم أبطال حقيقيون، ونتمنى وصولكم إلى سواحل غزة بسلام وعودتكم سالمين. وعلى دول العالم أن تتحرك لحمايتهم ومنع تعرضهم لأي اعتداءات إسرائيلية".

الكلمات المفتاحية

العمل المستقل في تونس.. حرية مهنية تواجه هشاشة قانونية وإدارية
شهدت السنوات الأخيرة في تونس توسعًا ملحوظًا في ظاهرة العمل المستقل أو ما يُعرف بـ"العمل الحر" (Freelance)، حيث اختار العديد من الشباب هذا النمط من الشغل بحثًا عن حرية مهنية واستقلال مادي خارج أطر الوظيفة التقليدية، إلا أن هذا التوجّه المستجد يثير إشكالات متعددة تتعلق بوضعية هؤلاء داخل المنظومة القانونية والإدارية والاجتماعية الوطنية

سرديات تُضيء مهنة النادل في تونس
في آلاف المقاهي المنتشرة على طول البلاد التونسية، هناك شريحة مهنية لا يُستهان بها تضم آلاف الندل.. ثمة شخصيات وهبتها الحياة ما لم توهبها المدارس، استثنائية وألمعية بحضورها الطاغي أثناء أدائها لعملها

الكفيف في تونس.. مسيرة مضنية بين عزلة رقمية وفجوة معرفية
"الترا تونس" نقل من خلال التقرير التالي تجارب تلاميذ وطلبة من ذوي الإعاقة البصرية في مسيرة التحصيل الدراسي

تونس توقّع اتفاق تمويل مع البنك الدولي بـ430 مليون دولار لدعم التحول الطاقي
البنك الدولي: يساعد المشروع على خفض تكاليف إمدادات الكهرباء بنسبة 23%، وتحسين نسبة استرداد تكاليف الشركة التونسية للكهرباء والغاز من 60 إلى 80%

أيام قرطاج المسرحية 2025.. يحيى الفخراني والفاضل الجعايبي في الافتتاح
تتضمن برمجة هذه الدورة من أيام قرطاج المسرحية، 12 عرضًا ضمن المسابقة الرسمية، و15 عرضًا في قسم "مسرح العالم"، و16 عرضًا تونسيًا، و6 عروض عربية وإفريقية

تعرّف على نصاب زكاة الزيتون والتمر في تونس للعام الهجري 1447
أعلن ديوان الإفتاء في تونس، يوم الخميس 13 نوفمبر 2025 عن نصاب زكاة الزيتون والتمر وسائر الثمار للموسم الفلاحي الحالي 1447هـ ـ 2025 م، وذلك مواكبة لانطلاق موسم جني الثمار، وفق بلاغ له

هيئة المحامين: إنشاء مرصد لمتابعة احترام معايير المحاكمة العادلة في تونس
عقدت الهيئة الوطنية للمحامين بتونس جلسة عامة إخبارية في دار المحامي، يوم الأربعاء 12 نوفمبر 2025 بدعوة من العميد بوبكر بالثابت، أكدت خلالها على ضرورة حضور جميع الجلسات والترافع لضمان حضور المتهمين شخصيًا في قاعات المحاكم، مع رفض المحاكمات عن بعد لما تفتقر إليه من شروط قانونية، وتعد انتهاكاً لمبدأ المحاكمة العادلة عبر حرمان المتهم من الدفاع دون مبرر قانوني

