19-أبريل-2018

من المنتظر أن تتواصل احتجاجات المتقاعدين في تونس (مريم الناصري/ الترا تونس)

عبد الرحمان (63 سنة) متقاعد من الوكالة الوطنية للتبغ والوقيد منذ ثلاث سنوات، لم يشارك في التحركات الأخيرة والاحتجاجات التي نفذها المتقاعدون في عدّة جهات للمطالبة بصرف جرايات التقاعد. لكنّه يرفض هو الآخر عدم تمكينهم من مستحقاتهم حسب الاتفاق الأخير الذي أمضي في شهر نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي.

كاتب عام جامعة المتقاعدين: تجدد التحركات خلال هذا الشهر يعود لعدم التزام الحكومة بإعلان الترفيع في الأجر الأدنى المضمون

اقرأ/ي أيضًا: في عدة ولايات.. وقفات احتجاجية متزامنة لمتقاعدي تونس

يقول عبد الرحمان لـ"الترا تونس" إنّه يزور يوميًا مكتب صندوق التقاعد والحيطة الاجتماعية ليسأل عما إذا تمّ صرف جرايته أم لا، ليعود دون جراية ودون إجابة عن سبب عدم صرفها. ويؤكد أنّه لا يخفي مخاوفه من إمكانية عجز مؤسسات الدولة عن صرف جرايات التقاعد، كما انتشرت إشاعات مؤخرًا، خاصة بعد تواتر عدّة أنباء عن تفاقم عجز الصناديق الاجتماعية وعدم قدرتها على دفع مستحقاتهم.

وقد نفذ المتقاعدون منذ بداية هذا الشهر سلسلة من التحركات أمام المكاتب الجهوية للاتحاد العام التونسي للشغل والمكاتب الجهوية للصندوق الوطني للتقاعد والحيطة الاجتماعية. وتأتي تلك التحركات بسبب عدم التزام الحكومة بصرف مستحقات المتقاعدين في الوظيفة العمومية والقطاع العام، وعدم إعلانها عن الترفيع في الأجر الأدنى المضمون لتمكين متقاعدي القطاع الخاص وشبه العمومي من مستحقاتهم في زيادة سنة 2017، وفق بلاغ صادر عن جامعة المتقاعدين.

يذكر أنّ الصندوق الوطني للتقاعد والحيطة الاجتماعية أمضى في نوفمبر 2017 اتفاقًا للزيادة في جرايات شهر نوفمبر/ تشرين الثاني 2017 بالنسبة للمتقاعدين التابعين لبعض المؤسسات على غرار الوكالة الوطنية للتبغ والوقيد، والمخبر المركزي للتحاليل والتجارب. إضافة إلى الزيادة في منح هيئة السوق المالية، ومعهد المناطق القاحلة، والإدارة العامة للأداءات، والإدارة العامة للمحاسبة العمومية وللاستخلاص، ووزارة التعليم العالي. إضافة إلى مركز البحوث والدراسات حول المرأة ووكالة النهوض بالاستثمار الفلاحي.

اقرأ/ي أيضًا: توفيق الراجحي: نتجه للترفيع في رأسمال مؤسسات عمومية عبر إضافة شريك استراتيجي

مع ذلك لم يتم صرف مستحقات المتقاعدين في الوظيفة العمومية وفق ما أفاد به عبد القادر الناصري كاتب عام جامعة المتقاعدين "الترا تونس". ويضيف الناصري أنّ المتقاعدين نفذوا جملة من التحركات منذ شهر مارس/ آذار الماضي لتتجدد التحركات خلال هذا الشهر نظرًا لعدم التزام الحكومة بالإعلان عن الترفيع في الأجر الأدنى المضمون، وعجزها عن حل مشكل عجز الصناديق الاجتماعية. ويؤكد أنّهم سينفذون جملة من التحركات كل يوم أربعاء أمام المكاتب الجهوية لاتحاد الشغل أو مكاتب الصندوق الوطني للتقاعد والحيطة الاجتماعية.

وأضاف محدّثنا أنّ المتقاعدين يواجهون أيضًا مشاكل الزيادات وارتفاع مستوى المعيشة كغيرهم من المواطنين، وهم يمثلون عددًا كبيرًا يفوق المليون.

ويبدو أنّ جدل عدم صرف مستحقات المتقاعدين لا يخرج عن مشكل العجز المالي الذي أصاب الصناديق الاجتماعية، وتواصل تدهور مختلف المؤشرات ذات العلاقة بالتوازنات المالية لأنظمة الضمان الاجتماعي. و"لا سيما أنظمة التقاعد في القطاع العمومي نتيجة التحولات الديمغرافية وتدهور المؤشر الديمغرافي الذي بلغ 2.5 ناشط لكل منتفع بجراية بالقطاع العمومي و3.8 بالقطاع الخاص سنة 2016"، وفق ما أشار إليه كمال المدوري مدير عام الضمان الاجتماعي بوزارة الشؤون الاجتماعية لصحيفة "المغرب".

وأكد المدوري في ذات السياق أنّ "51 في المائة من المنخرطين في الصندوق الوطني للتقاعد والحيطة الاجتماعية يغادرون العمل قبل الوصول إلى سن 60 سنة، خاصة في التعليم والأمن والجيش والديوانة". ويضيف في حديث لقناة نسمة أنّ "الصندوق الوطني للتقاعد والحيطة الاجتماعية يستوجب 1046 مليارًا لصرف جرايات المتقاعدين، خاصة أمام وجود أكثر من مليون متقاعد. فيما يمكن أن تصل الديون المتراكمة إلى 12 ألف مليار في أفق 2030 في صورة عدم إيجاد إصلاحات كافية، خاصّة أمام وجود ديون لدى القطاع الخاص بلغت 5000 مليار، منها 1500 غير قابلة للاستخلاص".

اقرأ/ي أيضًا: مجلس وزاري للمصادقة على مشروع قانون الترفيع في سن التقاعد

يذكر أنّ تفاقم العجز في الصندوق الوطني للتقاعد والحيطة الاجتماعية ارتفع من 300 مليون دينار في سنة 2015 إلى 600 مليون دينار سنة 2016، ومنها إلى 1500 مليون دينار أي ما يعادل 100 مليون دينار شهريا خلال 2017، وفق ما صرح به مؤخرًا الوزير المكلف بمتابعة الإصلاحات الكبرى توفيق الراجحي.

ولحلّ أزمة الصناديق الاجتماعية ارتأت الحكومة ضبط جملة من الإجراءات التي من شأنها  تغطية ولو جزء من قيمة العجز المالي.

من الحلول لأزمة الصناديق الاجتماعية التوجه نحو إقرار الترفيع الاختياري في سن التقاعد بـ 3 سنوات

من بين تلك الإجراءات الاتفاق مع الاتحاد العام التونسي للشغل على مراجعة المساهمات من خلال الترفيع في قيمة المساهمات المالية بـ3 في المائة عبر مساهمة المؤجر والأجير، أي مساهمة بـ 2 في المائة على الدولة و1 في المائة على العون العمومي، على أن يتم الانطلاق في تفعيل هذا الإجراء في سنة 2018. إضافة إلى الاتفاق على الترفيع في سنّ التقاعد بصفة إجبارية بداية من 2019 لمن بلغ سنّه الستين سنة من تلك السنة، وبسنتين لمن سيبلغون سنّ التقاعد سنة 2020.

كما تم إقرار الترفيع الاختياري في سن التقاعد بـ 3 سنوات، على أنّ يتم إيداع طلب الترفيع الاختياري في سن التقاعد قبل ستة أشهر من بلوغ 62 سنة، ولا تراجع في القرار بعد الموافقة عليه.

وفي ظلّ هذه الصعوبات التي تشكو منها الصناديق الاجتماعية، تبقى معضلة المتقاعدين تبحث عن حلّ ينهي أزمة مئات المواطنين الذين أدوا واجباتهم تجاه الدولة ودفعوا أداءاتهم ويستحقون الحصول على حقهم في حياة كريمة خصوصًا مع ارتفاع الأسعار وتراجع القدرة الشرائية للتونسي.

 

اقرأ/ي أيضًا:

الشاهد: الخوصصة ليست غايتنا وبعض "الإصلاحات" من الضروريات

في ظل تباين مواقف الشاهد واتحاد الشغل: أي مصير للمؤسسات العمومية؟