احتجاجات المزونة.. منظمات: ندين سياسة القمع البوليسي في مواجهة المتظاهرين

تتواصل التطورات في مدينة المزونة التابعة لولاية سيدي بوزيد عقب حادثة انهيار جدار معهد، في 14 أفريل/نيسان 2025، وتسببه في وفاة 3 تلاميذ وإصابة اثنين آخرين. وتشهد المنطقة احتجاجات متواصلة منذ الحادثة، يقابلها تدخل أمني بالغاز المسيل للدموع، وفق ما أكده نشطاء ومنظمات حقوقية.

وأدانت الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان، في بيان أصدرته ليل الأربعاء 16 أفريل/نيسان 2025،  استعمال ما أطلقت عليها "القوة المفرطة" في مواجهة التحركات، محمّلة السلطة تبعات اللجوء إلى الحلّ الأمني.

وطالبت في هذا الصدد بضمان الحقّ في التعبير والاحتجاج السلمي، وداعيةً إلى التوقف عن متابعة التحركات وإطلاق سراح الموقوفين، معتبرةً أنّ ذلك قد يكون سببًا من أسباب زيادة التوتر وعاملًا من عوامل توسع الاحتجاجات.

واعتبرت الرابطة أنّ "ما حصل هو نتيجة منطقية لتردي الأوضاع المادية للبنى التحتية بالمؤسسات التعليمية وباقي المؤسسات العمومية في مدينة المزونة خصوصًا وبكامل مناطق الجهات الداخلية عامة، وهي وضعية تؤشر إلى التهميش الذي تعاني منه هذه المناطق لعقود طويلة كما تدل على غياب بديل تنموي عادل بين الجهات، وهو مطلب كان من المطالب الرئيسية لثورة 17 ديسمبر/ 14 جانفي".

رابطة حقوق الإنسان: "ندين استعمال القوة المفرطة في مواجهة التحركات الاحتجاجية في المزونة ونحمّل السلطة تبعات اللجوء إلى الحلّ الأمني"

واستغربت رابطة حقوق الإنسان "ردود فعل السلطة، وبعض صفحات التواصل الاجتماعي الداعمة لها، وتقديمها تفسيرات تبسيطية للحادثة وتأويلات تآمرية، عوضًا عن الإقرار بالمسؤولية المباشرة للمنظومة الحالية في تواصل الأزمة وتعقّقها والتباطؤ في إيجاد حلول سريعة لتهالك البنية التحتية في المؤسسات التعليمية"، حسب ما جاء في نص البيان.

واستغربت الرابطة ما اعتبرته "تسرّعًا" في تحميل المسؤولية للمسيرين المباشرين للمؤسسة التعليمية فيما حدث، مطالبةً بالتسريع في فتح تحقيق مستقل وشامل لكشف الأسباب الحقيقية للكارثة وتحديد المسؤوليات والمحاسبة الجادة لكل من تسبب، سواءً بشكل مباشر أو غير مباشر، في وقوعها.

ودعت رابطة الدفاع عن حقوق الإنسان مكونات المجتمع المدني إلى "بناء جبهة تعمل من أجل تحقيق بديل تنموي أكثر عدلًا يخفّف من اللاتوازن الجهوي والإقليمي وبعيدًا عن منطق الشعارات الشعبوية أو النعرات الجهوية"، حسب ما ورد في نص البيان.

ومن جهتها، قالت جمعية تقاطع من أجل الحقوق والحريات، الأربعاء، إنّ "التحركات السلمية التي شهدتها المزونة رافقتها انتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان، حيث لجأت السلطات إلى استعمال القوة المفرطة لتفريق المتظاهرين، ووقعت مواجهات عنيفة في الليلة الفاصلة بين 14 و15 أفريل/نيسان، تم خلالها تطويق المدينة، إطلاق قنابل مسيلة للدموع، وإطفاء المصابيح العمومية، إضافة إلى اقتحام عدد من المنازل وتعنيف المواطنين، في خرق صارخ لحقهم في الأمن والكرامة"، وفقها.

وأضافت الجمعية، في بيان لها، أنه "تم تسجيل اعتداءات وتضييقات على الصحفيين، سواءً في المستشفى المحلي بالجهة، حيث تم منعهم من التصوير والتصريح بدعوى غياب التراخيص، أو في أماكن الاحتجاجات، حيث طالتهم اعتداءات لفظية، وتمّت محاولة منعهم من أداء مهامهم الصحفية".

جمعية تقاطع: "ندين أعمال القمع البوليسي والعنف الذي واجهت به الدولة الاحتجاجات الغاضبة بالمزونة، والتي تُعد انتهاكًا للحق في التظاهر"

كما أشارت في ذات السياق إلى أنّ "الاحتجاجات تواصلت إثر موكب الجنازة، حيث تمت ملاحقة المحتجين بغية إيقافهم، مع اقتحام لمنازل المواطنين وأعمال عنف طالت شباب منطقة المزونة، إلى جانب الاعتداء اللفظي على أحد الصحفيين ومنعه من ممارسة عمله في خرق واضح لحرية التعبير والصحافة".

ومن هذا المنطق، أدانت جمعية تقاطع "أعمال القمع البوليسي والعنف الذي واجهت به الدولة الاحتجاجات الغاضبة بالمزونة، والتي تُعد انتهاكًا للحق في التظاهر والتجمع السلمي، المحمي بالاتفاقيات الدولية والمنصوص عليه في الفصل 42 من دستور الجمهورية التونسية"، وفقها.

كما نددت بـ"خطورة ما تنتهجه الدولة التونسية من تعامل مع الاحتجاجات ومختلف التجمعات السلمية، بمقاربة بوليسية تقوم على الردع باستعمال القوة والترهيب، في غياب أي ضرورة حتمية تبرر قمع السلطات للمواطنين ومنعهم من التجمع والتظاهر"، حسب ما ورد في نص البيان.

وفي السياق ذاته، قال الناطق الرسمي باسم المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية رمضان بن عمر، الخميس 17 أفريل/نيسان 2025، إنّه مثلما سبق أن حصل في عقارب وجرجيس، تتواصل في المزونة نفس سياسات مواجهة المطالب الاجتماعية العادلة بـ"القمع البوليسي ولاحقًا بالقضاء بقرار وغطاء سياسي"، حسب تصوره.

الناطق باسم منتدى الحقوق الاقتصادية والاجتماعية: "تتواصل نفس سياسات مواجهة المطالب الاجتماعية العادلة بالقمع البوليسي ولاحقًا بالقضاء بقرار وغطاء سياسي"

وأضاف، في تدوينة له على فيسبوك، "منذ الحوض المنجمي تواصل الدولة البوليسية نفس السياسة بأدوات جديدة وحلفاء جدد يبتدعون تبريرات جديدة"، معقبًا: "المزونة وقبلها أم العرايس وبعدها في القائمة مناطق سئمت الكلام والوعود، لم تعرف معارضة ونخبًا عطلت تنميتها بل جرّبت ممسكين بالحكم تلاعبوا بآمالها"، حسب تعبيره.

وكان قد أدى انهيار جزء من سور معهد المزونة من ولاية سيدي بوزيد، إلى وفاة 3 تلاميذ، يدرسون بالرّابعة علومًا تقنيّة، وإصابة اثنين آخرين، تم نقلهما إلى المستشفى.

وقد شهدت مدينة المزونة احتقانًا في صفوف الأهالي تنديدًا بالحادثة، محمّلين السلطات المختصة المسؤولية باعتبار أنه سبق أن تم الإشعار بمدى خطورة وضعية جدار المعهد.

وأثارت الحادثة استياءً واسعًا على منصات التواصل الاجتماعي، وندد نشطاء بتردّي البنى التحتية للمؤسسات التربوية، وبتجاهل المطالب بالتدخل لإيجاد حلول التي ترفع من حين للآخر. وندد آخرون بما اعتبروه "تهميشًا وتجاهلًا" للمناطق التي توجد في الولايات الداخلية، وعدم تخصيص ميزانيات كافية لمؤسساتها وتحسين بنيتها التحتية، متسائلين إلى متى يستمر هذا الوضع في ظل تواصل اعتماد سياسات تكرّس المركزية، حسب تقديرهم.