17-أبريل-2019

تحذير من آثار سلبية لاتفاقية "الأليكا" على بعض القطاعات في تونس (صورة تقريبية/أ.ف.ب)

الترا تونس - فريق التحرير

 

أكد ثلاثة باحثون من النمسا، في مقال تحليلي مشترك نشره موقع "سوشيال أوروب" الأربعاء 17 أفريل/نيسان 2018 أن ضغط الاتحاد الأوروبي غير المتناسب لتحرير التجارة مع تونس في علاقة باتفاقية "الأليكا" يهدد بتفاقم التوتر السياسي والاجتماعي في البلد.

وأشار المقال إلى أن تقديم الاتحاد الأوروبي مساعدة مالية بقيمة 800 مليون يورو، بالتعاون مع صندوق النقد الدولي، عام 2017 إلى تونس جاء على حساب إلغاء القيود والتحرير الخارجي للاقتصاد التونسي كما فرضته المؤسسة المالية الدولية على الحكومة التونسية بموافقة الاتحاد الأوروبي.

وأضاف أن اتفاقية "الأليكا" تهدف لإزالة القيود التجارية المتبقية بعد اتفاقية 1995 وخاصة في مجال الزراعة والغذاء، مبينًا أن المفاوضات تركز على فتح أسواق الخدمات التونسية، فضلاً عن اعتماد تشريعات الاتحاد الأوروبي في عدة مجالات منها حقوق الملكية الفكرية والمساعدات الحكومية. فيما سيتم تحفيز الاستثمار من الاتحاد الأوروبي عن طريق إزالة الحواجز الاستثمارية وتوسيع حقوق المستثمرين.

 ضغط الاتحاد الأوروبي غير المتناسب لتحرير التجارة مع تونس في علاقة باتفاقية "الأليكا" يهدد بتفاقم التوتر السياسي والاجتماعي في البلد

ويشير الباحثون الثلاثة في "مؤسسة النمسا للأبحاث حول التنمية"،  فرنر رازا ويان قروميلر وبرنارد تروستر، أن تعزيز العلاقات الاقتصادية "المفيدة" بين تونس والاتحاد الأوروبي هو أمر في غاية الأهمية بالنظر إلى حجم تكامل تونس مع سوق الاتحاد الأوروبي (الذي يمثل 60 في المائة من التجارة الثنائية و70 في المائة من الاستثمار الأجنبي المباشر في البلاد)، ولكن يؤكدون، في نفس الوقت، أن تدابير التحرير التي اقترحها الاتحاد الأوروبي قد تخاطر بتفاقم الأزمة الاقتصادية في تونس.

اقرأ/ي أيضًا: أي مصير للفلاحة التونسية بعد اتفاقية "الأليكا"؟

وأوضح المقال أن إزالة الحواجز التعريفية للسلع الزراعية سيؤثر على صغار المزارعين على وجه الخصوص مع ما يترتب على ذلك من آثار سلبية على العمالة الريفية ووضع المرأة الريفية.

وأحال إلى تقرير سابق قدّر خسارة في دخل تونس بين 0.5 و1.5 في المائة من إجمالي الناتج المحلي التونسي في صورة التحرير الكامل عبر "الأليكا". وأضاف أن الانفتاح على موردي الاتحاد الأوروبي قد يؤدي إلى توفير في تكاليف في المشتريات العامة لكن من شأن هكذا انفتاح أن يقوض دور هذه المشتريات في دعم الاقتصاد المحلي التونسي.

تونس قد تخسر بين 0.5 و1.5 في المائة من إجمالي الناتج المحلي التونسي بسبب "الأليكا" وتحذير من تضرر الاقتصاد المحليّ

وأضاف أن تبني تشريع الاتحاد الأوروبي وإن كان من شأنه أن يخفض تكاليف المعاملات بالنسبة للمصدرين التونسيين، فإن تنفيذه سيكون عبئاً ثقيلاً على الحكومة والقطاع الخاص، وسط تقدير أن المواءمة الشاملة للمعايير من شأنها أن تؤدي إلى انخفاض في الدخل القومي التونسي بنحو 0.9 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي.

إلى جانب ذلك، سيحتاج التنسيق التنظيمي إلى دعم فني ومالي لم يلتزم به الاتحاد الأوروبي حتى الآن عدا أن الضوابط الخاصة في مجالات الاستثمار والمعونة والمشتريات الحكومية ستقلص من مجال تدخل السياسة الاقتصادية للبلاد.

لا التزامات أوروبية

يؤكد المقال التحليلي للباحثين النمساويين، في المقابل، أن الاتحاد الأوروبي لم يقدم حتى الآن أي تعهدات بشأن القضايا ذات الأهمية بالنسبة للجانب التونسي.

وتشمل هذه القضايا أولًا تبسيط قواعد المنشأ لصناعة الملابس، وهو أهم قطاع تصدير في تونس، على اعتبار أن التحول إلى ما يسمى بـ "قاعدة التحول الفردي" من شأنه أن يزيد من القدرة التنافسية على مستوى العالم. وأوضح المقال أن الاتحاد الأوروبي لم يتفاعل إلى حد الآن بشكل إيجابي لأن المصانع النسيج الأوروبية والمصانع التركية هي المصادر الرئيسية لواردات المنسوجات إلى تونس بموجب قواعد المنشأ الحالية.

الاتحاد الأوروبي لم يقدم حتى الآن أي تعهدات بشأن القضايا ذات الأهمية بالنسبة للجانب التونسي

اقرأ/ي أيضًا: التوريد العشوائي.. آفة تفاقم العجز التجاري

فيما تتمثل القضية الثانية في إصلاح نظام حصص الاتحاد الأوروبي لتصدير زيت الزيتون التونسي، الذي يتصدر الاتحاد الأوروبي قائمة مورّديه. وأشار المقال إلى أن الاتحاد الأوروبي يحمي منتجيه من خلال تحديد تصدير زيت الزيتون التونسي في قيمة 56700 طن سنويًا. وبفضل هذه الحصة، يتم توجيه كميات كبيرة إلى الاتحاد الأوروبي في عمليات تسويق أكثر ربحية عبر تعبئة الزيت في زجاجات بعلامات التجارية. ويوضح المقال أن الاتحاد الأوروبي لم يستجب حتى الآن لطلبات إزالة أو حتى زيادة الحصص أو مقترح إدارتها بأكثر حرية.

من جانب آخر، يأتي الحديث عن قطاع ناشئ في مجال تكنولوجيات المعلومات والاتصالات في تونس يقوم على القوى العاملة الشابة المدربة تدريباً جيدًا التي ستستفيد بشدة من زيادة الأعمال التجارية مع الاتحاد الأوروبي. ويعد التنقل بين تونس ودول الاتحاد الأوروبي أمرًا ضروريًا لإبرام العقود وتسليم الطلبات بما يعني ضرورة تسهيل دخول التونسيين في زيارات عملهم إلى هذه البلدان. لكن يؤكد الباحثون النمساويون الثلاثة أن المفاوضات المنفصلة حول اتفاقية تسهيل التأشيرة تسير ببطء ولم تحقق تقدمًا كبيرًا.

آثار سلبية

في حين قدم الاتحاد الأوروبي دعمًا كبيرًا للانتقال السياسي في تونس منذ عام 2011، إلا أنه يدفع الآن إلى اتفاق تجاري من شأنه أن يكون له آثار اقتصادية سلبية ويفرض تكاليف تعديل مرتفعة على شريكه، هذا ما انتهى إليه المقال التحليلي. ويضيف أنه رغم وجود "تعاطف مبدئي" في تونس مع العلاقات المكثفة مع الاتحاد الأوروبي، إلا أنه يوجد إحباط واسع الانتشار بخصوص "الأليكا".

دعا الباحثون النمساويون الاتحاد الأوروبي إلى ضرورة تجنب إثقال قدرات الشريك التونسي من خلال "أجندة تفاوض طموحة للغاية"

ويدعو الباحثون الأوروبيون الثلاثة الاتحاد الأوروبي إلى الوفاء بالتزامه بتماسك السياسات من أجل التنمية أي الانسجام بين أجندة التجارة من جهة، والهدف الشامل المتمثل في تحقيق الاستقرار السياسي والاقتصادي "للديمقراطية التونسية الهشة" من جهة أخرى. وبذلك، أكد الباحثون على ضرورة تجنب إثقال قدرات الشريك التونسي من خلال "أجندة تفاوض طموحة للغاية".

 

اقرأ/ي أيضًا:

كيف يقيّم أحد أكبر المراكز البحثية الإسرائيلية الاقتصاد التونسي؟ (ترجمة)

تونس: بين التهاب الأسعار واضطراب مسالك التزود والتزويد