26-مايو-2017

صار يوسف الشاهد محل اهتمام التونسيين هذه الأيام (سين جالوب/Getty)

في خطوة مباغتة، انطلقت أجهزة أمنية تونسية، منذ يومين، في حملة اعتقالات لعدد من رجال الأعمال والمهرّبين والمسؤولين السابقين في جهاز الجمارك يشتبه بتورطهم في قضايا فساد مالي واعتداء على أمن الدولة، وقد كشفت تسريبات إعلامية أن هذه الاعتقالات تمت بإذن مباشر من رئيس الحكومة يوسف الشاهد بموجب قانون الطوارئ.

شملت حملة الاعتقالات في تونس رجال أعمال ومهربين ومسؤولين سابقين يشتبه في تورطهم في قضايا فساد مالي واعتداء على أمن الدولة

وقد شملت حملة الاعتقالات رجل الأعمال شفيق جراية وهو أحد مموّلي حزب نداء تونس، كما شملت المرشح السابق للانتخابات الرئاسية ياسين الشنوفي على خلفية تورطه في قضايا فساد مالي واعتداء على المال العام حينما كان مسؤولًا في جهاز الجمارك، الذي يعتبر أكبر بؤر الفساد في أجهزة الدولة التونسية.

وبعد تعتيم إعلامي رسمي بخصوص قائمة المعتقلين والمدى الزمني للحملة والخطوات اللاحقة لها، أعطى رئيس الحكومة يوسف الشاهد كلمة مختصرة لوسائل الإعلام من أمام مقرّ رئاسة الحكومة مساء الأربعاء 24 آيار/مايو الجاري، قال فيها "إما تونس أو الفساد وأنا اخترت تونس".

اقرأ/ي أيضًا: كيف تفضح شهادة الطرابلسي منظومة الفساد في تونس؟

وجاءت حملة الاعتقالات المفاجئة بعد يوم واحد من انفجار الأوضاع في محافظة تطاوين، حيث كشفت تسريبات إعلامية، في ظل خيار الحكومة عدم الإفصاح عن تفاصيل أكثر عن حملتها، بأن عددًا ممّن تم اعتقالهم مؤخرًا، ومن بينهم شفيق جراية، يشتبه في وقوفهم وراء التحريض لاستعمال العنف في أحداث تطاوين لغايات تخريبية.

وقد لقيت حملة الاعتقالات ابتهاجًا لدى التونسيين، تجلى واضحًا في وسائل التواصل الاجتماعي وسط تشكيك عدد منهم في مدى حسم يوسف الشاهد في الإقدام على معركة اجتثاث الفساد ومحاسبة كبار الفاسدين، الذين لهم نفوذ واسع في المجال السياسي والاقتصادي والإعلامي.

حيث أبدت منظمة أنا يقظ، وهي منظمة رقابية هدفها مكافحة الفساد، ابتهاجها بحملة الاعتقالات الأخيرة، إذ حيّت الثورة التونسية وكتبت على حسابها "تحيا الثورة التونسية السلمية الشبابية التي زعزعت عروش الطغاة والفاسدين!".

وكتب الإعلامي لطفي السعودي في هذا الإطار يقول: "يوسف الشّاهد أسهمك في تصاعد. أنت اليوم معشوق تونس الأوّل فلا تخذلها".

فيما دعا عبد اللطيف المكي، القيادي في حركة النهضة ورئيس لجنة الأمن والدفاع في البرلمان رئيس الحكومة "أن تكون الحرب ضد الفساد حربًا شاملة على كل المفسدين ودون انتقائية سياسية أو جهوية وأن تبلغ مداها وألا تخضع ولا ترضخ للمساومات في بداية الطريق أو منتصفه".

يتمتع كمال اللطيف وشفيق جراية بنفوذ واسع داخل أجهزة الدولة ويُخشى أن تكون حملة اعتقال جراية في إطار تصفية شق فاسد لآخر

اقرأ/ي أيضًا: البريكي: لا إرادة سياسية في تونس لمكافحة الفساد

من جهته، اعتبر هشام العجبوني، قيادي بحزب التيار الديمقراطي المعارض أن حملة الاعتقالات هي انقلاب من رئيس الحكومة على ابن رئيس الجمهورية حافظ قائد السبسي الذي يدير حزب نداء تونس، والذي يُعرف بعلاقته الوطيدة برجل الأعمال المعتقل شفيق الجراية.

فيما كتب عماد الدايمي، أمين عام حراك تونس الإرادة، على صفحته الخاصّة "كمال وقّف شفيق، شكون يوقّف كمال"، وذلك في إشارة للصراع المعروف بين قطبي رؤوس الفساد في تونس وهما كمال اللطيف وشفيق جراية. حيث يتمتّع هذان الرجلان المتصارعان بنفوذ واسع داخل الشبكات السياسية بل وأجهزة الدولة. ويُخشى أن تكون حملة اعتقال شفيق جراية في إطار تصفية شق فاسد لآخر وليست حربًا ضد الفاسدين عمومًا.

واعتبر في نفس الإطار، الناشط السياسي والاجتماعي غسان بن خليفة ما يحصل "معركة بين الأجنحة المافيوزية للنظام"، فيما حذرت كلثوم كنو، الرئيس السابقة لجمعية القضاة التونسيين، من أن تقع إحالة المعتقلين للقضاء بملفات إدانة "فارغة"، وأن تقع "خروقات قانونية" قد تعيد رجال الأعمال الفاسدين لـ"أبطال".

وانتشر في نفس السياق، مقطع فيديو في منصات التواصل الاجتماعي يسخر من رجل الأعمال المعتقل شفيق جراية وهو الذي تحدّى يوسف الشاهد قبل أشهر في برنامج سياسي بأنه "لا يستطيع حتى إدخال برشني (ماعز صغير) للسجن".

اقرأ/ي أيضًا:

مكافحة الفساد في تونس.. يسخرون منّا

مكافحة الفساد أو الحرب الكاذبة في تونس