24-يونيو-2020

تونس تعتبر من الدول التي تحكمت في انتشار الوباء (فتحي بلعيد/ أ ف ب)

في حين لازالت عديد دول العالم تعاني من وضع وبائي خطير وترتفع فيها أرقام الإصابات والوفايات بسبب فيروس كورونا المستجد يوميًّا، كانت تونس في مرحلة متقدّمة من السيطرة على الوباء ممّا جعلها من الدول الأوفر حظًّا لتجاوز المرحلة الخطرة.

ومع رفع إجراءات الحجر الصحي الموجه تدريجيًّا، وإجلاء العديد من التونسيين العالقين خارج أرض الوطن، بدأت حالات الإصابات تتزايد نسبيًا يومًا بعد يوم، وبدأ مؤشر الخطر يرتفع نسبيًا. وحسب آخر بلاغ لوزارة الصحة فإنّ  العدد الجملي للمصابين بهذا الفيروس، وذلك بعد التثبت من المعطيات وتحيينها، بلغ 1159 حالة مؤكدة موزعة كالآتي: 1023 حالة شفاء و50 حالة وفاة و86 حالة إصابة لا تزال حاملة للفيروس وهي بصدد المتابعة.

فما حقيقة الموجة الثانية من فيروس كورونا التي تجتاح العالم وهل تونس معنيّة بها؟ وإلى أين وصلت آخر الأبحاث في علاقة بفيروس كورونا؟ وكيف استعدّت تونس لمرحلة ما بعد فتح الحدود البريّة والجويّة والبحريّة؟ أسئلة يجيب عنها "ألترا تونس"  في هذا التقرير.

اقرأ/ي أيضًا: تهريب الأدوية المخدرة.. سوق "النشوة" في تونس

محجوب العوني (أستاذ في علم الفيروسات) لـ"ألترا تونس": قد يؤشر تسجيل أيّ انفلات إلى اندلاع موجة جديدة من الوباء

في تقييم للوضع الوبائي في تونس منذ ظهور أولى الحالات المصابة بالفيروس، يؤكّد أستاذ علم الفيروسات بكلية الصيدلة بالمنستير ورئيس الجامعة الافتراضية بتونس، محجوب العوني، في تصريح لـ"ألترا تونس"، أنّ تونس تعتبر من الدول التي تحكمت في انتشار الوباء، مبينًا أنها قد توخت تمشيًا خوّل لها الحد من الوفيات وقلّص من اللجوء إلى المستشفيات في أوج تطور الوباء، وذلك لاحترام الحجر الصحي الشامل واحترام الإجراءات التي تحد من انتشار الفيروس.

وقال العوني إنّ "الوضع كان ممتازًا مما شجع على رفع الحجر على عديد المؤسسات الاقتصادية وعودة الطلبة إلى مقاعد الدراسة وفتح عديد الفضاءات، إلى أن شهدنا حالة ارتخاء تام عند المواطن الذي لم يعد منضبطًا للإجراءات الصحيّة رغم التشديد عليها".

وأضاف أنه مع فتح المجال لعودة المواطنين من كل أنحاء العالم، بدأت تونس تسجل حالات إصابات ضمن الوافدين، موضحًا أنه في هذه الوضعية قد يؤشر تسجيل أيّ انفلات إلى اندلاع موجة جديدة من الوباء إذا لم يقع الحزم في احترام كراس الشروط التي تعهد بها كل طرف منخرط في عملية تنقل السياح والتونسيين العائدين للوطن وأصحاب الأعمال والفنيين، على حدّ قوله.

وشدّد محدّثنا على أنه إذا لم يقع التحكم في هذه الحركة وتنظيمها فليس هناك مفر من اندلاع موجة ثانية وعندها لن يكون في الإمكان الرجوع إلى الحجر الشامل ولا غلق ما فتح".

محجوب العوني لـ"ألترا تونس": عديد المؤشرات التي تدل على امتلاك فيروس كورونا جينات معينة تكسبه هذه القدرة على الانتشار

وعن الوضع في العالم، قال العوني إنه وبعد ما ظهرت ملامح السيطرة على الوضع الوبائي في أوائل شهر جوان/ يونيو الجاري، وتزامنًا مع رفع الحجر الصحي الشامل الموجه، بدأت مؤشرات العدوى في تزايد في عديد الدول الأوروبية والآسيوية والأمريكية والأفريقية، مبرزًا أن هذا الوضع يؤشر إلى انشار موجة ثانية من الوباء.

وأردف بالقول إنه رغم تمرّس الحكومات في تجربة التوقي وتجديد كل القوى الحية والقطاعات العمومية والخاصة لمواجهة الفيروس، فإن إمكانية بروز عينات أشد فاعلية مرضية وذات قدرة تفشي قوية تتحدى كل الاستعدادات في غياب أدوية ولقاحات فعّالة لحدّ الساعة، على حدّ تعبيره.

اقرأ/ي أيضًا: هل تنقذ السياحة الداخلية الموسم السياحي؟

وفي علاقة بآخر الأبحاث المتعلّقة بالفيروس، يؤكّد الدكتور العوني أنّه وقع الكشف عن مورثه الجيني والتعرف على فصيلته وعائلته، موضحًا أنه يمتاز بطيف جيني جديد يجعل منه أقدر درجة مرضية من بقية عائلة "coronavirus" وأكثر انتشارًا.

وتابع "هناك عديد المؤشرات التي تدل على امتلاكه جينات معينة تكسبه هذه القدرة على الانتشار، وهناك عديد الدراسات التي لم تصل قطعيًا إلى أصل الفيروس وما إذا كان حيوانيًا أو مشتركًا أو خليطًا لجينات فيروسية لحيوان، وهذا لم يقع البتّ فيه نهائيًّا"، حسب قوله.

وفي علاقة بمناعة القطيع، يفسّرها محدّثنا بأنّها امتلاك أفراد المجتمع مناعة (أجسام مضادة) تتصدى لهذا الفيروس لتقضي عليه وتتهيأ لمجابهته في صورة إصابة جديدة، مبينًا أن هذه المناعة يتحصل عليها المريض تدريجيًا عند إصابته لأول مرة بالفيروس وعند بلوغ نسبة معينة يصبح الجسم قادرًا على هذا الدفاع المناعي الجيني.

وأشار إلى أن هناك أجهزة مناعية تعاضد هذه المناعة وهي ما تعرف بالمناعة الخلوية، قائلًا إنه لا يمكن "للقطيع" (مجموعة أفراد المجتمع) أن يتمتع بمناعة تحصّنه من اندلاع الوباء وحصره في حالات منعزلة إلا إذا بلغ العدد المستوفي لكمية هذه المناعة، أي ما يزيد على 60 في المائة من مجموع "القطيع"، وفق تصريحاته.

جليلة خليل (عضو اللجنة العلمية للتوقي من فيروس كورونا): الوافدون من بلدان فيها العدوى مرتفعة وأفقية سيتم إخضاعهم للحجر الإجباري لمدة 7 أيام

وعن مدى استعداد تونس للموجة الثانية المحتملة من فيروس كورونا، أكّدت الأستاذة في الإنعاش بمستشفى عبد الرحمان مامي، وعضو اللجنة العلمية للتوقي من فيروس الكورونا، جليلة خليل، لـ"ألترا تونس"، أنّ الدولة مستعدة لكلّ السيناريوهات المطروحة، مضيفة أنّه سيقع التعامل مع الفيروس بسبل جديدة ومدروسة خاصّة وأنّه لم يعد ذاك العدوّ المجهول كبداية ظهوره، على حدّ تعبيرها.

وفي علاقة بفتح الحدود وأرقام الإصابات المسجّلة هذه الفترة، تؤكّد خليل أنّ المسألة "ليست غريبة" خاصّة وأنّ الحالات الوافدة قادمة من دول مازال الوباء متفشيًا فيها، مشدّدة على أنّ الحل الوحيد المتاح هو التوقي مثل المرة الأولى ومحاولة تقصي أكبر عدد ممكن من الحالات.

وقالت "فتح الحدود منطقي لأننا لا نستطيع الانغلاق على أنفسنا للأبد، ونحن مهيؤون لهذه المرحلة وذلك بالمحافظة على التقصي المكثّف في نقاط العبور، بالإضافة إلى رقمنة بعض الإجراءات كالاستمارة الصحيّة التي وجب على جميع العائدين الالتزام بملئها لتجنّب الاكتظاظ وعدم الانضباط الذي شهدناه في المرحلة الأولى. كما سيكون لكل وافد معرّف وحيد يمكنه من التسجيل في تطبيقة تسهل علينا التواصل مع المصاب ومتابعة وضعه الصحي ورصد تحركاته".

وأضافت عضو اللجنة العلمية لمجابهة فيروس كورونا جليلة بن خليل أنّه لن يتم وضع جميع العائدين في الحجر الصحي الإجباري حيث سيقع التعامل معهم  حسب البلدان التي قدموا منها، مشيرة إلى أن الوافدين من بلدان فيها العدوى مرتفعة وأفقية ومؤشرات العدوى عالية أو عالية جدًا سيتم إخضاعهم للحجر الإجباري لمدة 7 أيام وإجراء تحليل ثان، وفق تعبيرها.

وبيّنت أنّه وقع تقديم هذا المقترح للحكومة واللجنة في انتظار الموافقة عليه في أقرب الآجال وقبل 27 جوان/ يونيو الجاري، مضيفة أن عديد الاستثناءات مطروحة خاصّة بالنسبة للقادمين لعطل قصيرة. وختمت حديثها بالقول "لم تعد هناك إمكانية لحجر تام نظرًا للوضع الاقتصادي للبلاد لذلك نعوّل على التزام المواطنين بإجراءات التباعد الاجتماعي ولبس الكمامات للمحافظة على النتيجة التي وصلنا إليها".

 

اقرأ/ي أيضًا:

منها قصة علي الزيتوني.. قصتان عن انتصار الحب على العنصرية

عملة القطاع السياحي المسرّحون.. فئات هشة تستغيث