إطلاق سراح موقوفين بتونس من جنسيات مختلفة يثير الجدل

تعددت في الآونة الأخيرة، الأخبار التي تفيد بإطلاق سراح موقوفين أجانب بتونس، كانوا قد أوقفوا على ذمة قضايا خطيرة، على غرار شبهات "تعريض الأمن القومي للخطر"، و"التجسس" و"الإرهاب" و"التهريب" وغير ذلك.. وقد أثار هذا الإفراج عنهم بلا عقد محاكمات تبيّن حقيقة التهم المنسوبة إليهم، جدلًا بين النشطاء والسياسيين التونسيين.

ويتعلق الأمر بإطلاق سراح موقوفين بتونس من عدة جنسيات (فرنسية، روسية، ليبية، أميركية)، ليعتبر نشطاء أنه من اللافت أنّ الإعلان عن هذه الإفراجات يكون دومًا من طرف بلدانهم، دون توضيح رسمي من السلطات التونسية.

وفي ما يلي، جرد لهذه الإيقافات الأخيرة التي انطلقت منذ أواخر سنة 2024، وتحديدًا في شهر نوفمبر/تشرين الثاني، وتواصلت إلى منتصف أفريل/نيسان الجاري.

• إطلاق سراح طالب فرنسي الجنسية اتُهم بـ"تعريض الأمن القومي للخطر"

أكدت وزارة الخارجية الفرنسية، بتاريخ 15 نوفمبر/تشرين الثاني 2024، أنه تم إطلاق سراح طالب دكتوراه فرنسي الجنسية، كان موقوفًا في تونس منذ 19 أكتوبر/تشرين الأول 2024 بأوامر من القضاء العسكري، أطلق سراحه الثلاثاء 12 نوفمبر وعاد إلى فرنسا الجمعة 15 من الشهر نفسه. 

وكان "فنسنت جيسير" مدير أحد مختبرات البحوث في فرنسا، قد قال الأربعاء 30 أكتوبر/تشرين الأول 2024، إن السلطات التونسية احتجزت طالب الدكتوراه الفرنسي "فيكتور ديبون" الذي يعمل في المختبر بتهمة "تعريض الأمن القومي للخطر"، وإن السلطات الفرنسية تحاول التفاوض بشأن إطلاق سراحه.

وتابع في السياق نفسه، أنّ الطالب كان يجري بحثًا اجتماعيًا في تونس حول المسار الاجتماعي والمهني "للأشخاص الذين قد يكونون شاركوا في وقت ما بثورة 2011".

إطلاق سراح موقوفين بتونس من عدة جنسيات أجنبية، أوقفوا بتهم مختلفة كشبهات "التجسس" والتهريب" و"تعريض الأمن القومي للخطر".. يثير الجدل

ولم يجب المتحدث باسم الخارجية الفرنسية كريستوف لوموان لدى سؤاله عن السبب. وأكد لوموان أن "وزارة الخارجية ووزارة التعليم العالي وسفارتنا وقنصليتنا في تونس تحركت طوال مدة هذه القضية" وفق قوله.

• إطلاق سراح موقوفين روس بتونس بشبهة "أعمال إرهابية"

وكان قاضي التحقيق بالقطب القضائي لمكافحة الإرهاب بالعاصمة، قد قرر إطلاق سراح مجموعة من الموقوفين من الجنسية الروسية تم ضبطهم بمنطقة عسكرية معزولة بجهة حيدرة من ولاية القصرين، وفق ما نقلته إذاعة "موزاييك" المحلية، ونقلته عنها وسائل إعلام عالمية، قبل أن تؤكده وكالة الأنباء الروسية "تاس".

وجاء "قرار الإفراج في حقهم إثر جملة من الأبحاث والتساخير والأعمال الفنية المأذون بها قضائيًا والتي نفت الشبهة الإرهابية في حقهم"، وفق المصدر نفسه، وكانت السفارة الروسية قد أفادت أواخر ديسمبر/كانون الأول الماضي أن أحد موظفي الدائرة القنصلية قد قام بزيارة المواطنين الروس الموقوفين في سجن المرناقية لاستيضاح ظروف الإيقاف ومدى الالتزام بحقوقهم. 

• الإفراج عن 3 مواطنين ليبيين أوقفوا بتونس بشبهة "التهريب"

يشار إلى أنّ إدارة إنفاذ القانون بالإدارة العامة للعمليات الأمنية، قد أعلنت بتاريخ 18 مارس/آذار 2025، في بلاغ نقلته عنها وكالة الأنباء الليبية، أنّه تم الإفراج عن ثلاثة مواطنين ليبيين من قبل السلطات التونسية، الذين أوقفوا بتهمة "تهريب السلع الغذائية".

وقالت إدارة إنفاذ القانون، إنه "تم استلام ثلاثة مواطنين ليبيين أُفرج عنهم من قبل السلطات التونسية، بعد أن كانوا سيقضون عقوبة بالسجن لمدة سنتين على خلفية ضبط مواد غذائية بحوزتهم (الماكرونا)، وأوضحت أن المفرج عنهم هم (حمزة بشير علي كريم، وعلاء خليفة محمد علي، ورمضان عبد السلام رمضان التومي).

ويأتي هذا الإفراج، وفق الإدارة، "في إطار الجهود المتواصلة التي تبذلها وزارة الداخلية لمتابعة أوضاع المواطنين الليبيين في الخارج، وضمان حقوقهم، والتنسيق المستمر مع الجهات المختصة لحل قضاياهم".

• إطلاق سراح مواطن أمريكي أوقف في تونس بشبهة "التجسس"

كما أعلن المبعوث الأمريكي الخاص بشؤون الرهائن "آدم بولر"، أنّ مسؤولين أمريكيين تمكنوا الأحد 13 أفريل/نيسان 2025، من إطلاق سراح مواطن أمريكي كان محتجزًا في تونس، يدعى روبرت فييرا.

وقال آدم بولر لوكالة رويترز إنّ "فييرا اُحتجز قبل 13 شهرًا أثناء قيامه بعمل تبشيري في تونس، عندما اشتبهت السلطات التونسية في ضلوعه في التجسس"، وفقه.

هشام العجبوني: لم تعلمنا السلطة القائمة عن أسباب وكيفية إطلاق سراح هؤلاء الموقوفين الأجانب، ومازالت تتعامل معنا كرعايا وليس كمواطنين لدينا الحق في المعلومة من مصادرها الرسمية

وأضاف أن فييرا سيعود إلى الولايات المتحدة مع عائلته بعد إطلاق سراحه، قائلًا: "نقدر قرار الحكومة التونسية حل هذه القضية والسماح لفييرا بلقاء عائلته بعد أكثر من 13 شهرًا من الاحتجاز قبل المحاكمة".

وقال المبعوث الأمريكي الخاص بشؤون الرهائن "آدم بولر"، إنه عمل عن كثب مع وزير الخارجية التونسي محمد علي النفطي من أجل إطلاق سراح المواطن الأمريكي روبرت فييرا.

• نشطاء يتساءلون عن "استقلالية القضاء" و"السيادة" بعد إطلاق سراح موقوفين أجانب

وتعليقًا على هذه الحوادث، كان القيادي في حزب التيار الديمقراطي هشام العجبوني، قد تساءل في تدوينة عن "استقلالية القضاء والسيادة الوطنية بعد إطلاق سراح المواطن الأمريكي المحتجز منذ 13 شهر في تونس قبل محاكمته، وكذلك إطلاق سراح المواطنين الرّوس المحتجزين في تونس منذ أشهر، وقبلهم إطلاق سراح المواطن الفرنسي.." وفقه.

وأضاف: "طبعًا لم تعلمنا السلطة القائمة عن أسباب وكيفية إطلاق سراحهم، ومازالت تتعامل معنا كرعايا وليس كمواطنين لدينا الحق في المعلومة من مصادرها الرسمية"، لافتًا إلى أنّ "هذا ينسف تمامًا تصريحات قيس سعيّد المتكرّرة حول عدم التدخّل في القضاء، و ينسف كذلك سرديّة السيادة الوطنيّة"، على حد تعبيره.

ونشر السياسي عبد الوهاب الهاني من جهته، أنّه "تم إطلاق سراح مواطن أمريكي متهم بالتجسس والاحتماء بغطاء التبشير في تونس.. وذلك بعد أيام فقط من إطلاق 11 روسيًا مشتبه في ضلوعهم في التجسس والإرهاب.. وبعد أسابيع فقط من إطلاق سراح الطالب الباحث الفرنسي الذي اتهمته السلطات الفرنسية بالتجسس.. وبعد أسابيع فقط من تبرئة كل الدبلوماسيين الأجانب المتهمين بالتخابر مع مواطنين تونسيين بالتآمر على أمن الدولة التونسية وعدم مساءلتهم.. وبعد أسابيع من تبرئة مواطنين ليبيين لاحقتهم اتهامات شتى في تونس من التهريب وما شابه.. وبعد أشهر فقط من إطلاق سراح البلجيكي وحاوية البلجيكي المحملة بالسلاح.." وفقه.

وتساءل الهاني: "إما أن تكون الملفات فارغة والعدالة تسجن الناس (كيفما اتفق) بدون إثباتات؟ أو أن في الأمر تمييزًا (سلبيًا) بين المواطن التونسي الذي يعتبر متهمًا ويبقى سجينًا حتى وإن ثبتت براءته، والمواطن الأجنبي الذي يعتبر بريئًا حتى وإن ثبتت تهمته؟" وفقه.