إسناد الطلاق بالتراضي إلى عدول الإشهاد.. مقترح قانون يثير الجدل في تونس
8 مايو 2025
سبق أن طالب عدول الإشهاد في تونس بضم الطلاق الرضائي لاختصاصاتهم، في خطوة أثارت وقتها حفيظة المحامين، على أنّ الموضوع عاد إلى الواجهة من جديد هذه الأيام، بعد أن أعلن النائب يوسف التومي، الأربعاء 7 ماي/أيار 2025، عن مبادرة تشريعية وقّعها 105 نواب في البرلمان التونسي، تتعلق بتنقيح القانون المنظم لمهنة عدول الإشهاد، لينصّ على أن يتم الطلاق بالتراضي بين الزوجين بمحضر عدل إشهاد، في حال عدم وجود نزاع أو ضرر، وفقه.
مبادرة تشريعية لإسناد الطلاق بالتراضي إلى عدول الإشهاد
وتابع التومي في تصريحه لإذاعة "IFM" (محلية)، أنّ الهدف من وراء هذه المبادرة التشريعية، تخفيف العبء على القضاء بصفة كبيرة، مؤكدًا أنّ الطلاق للضرر أو الإنشاء يبقى من اختصاص القاضي الذي يملك حجمًا كبيرًا جدًا من الملفات أمامه، وفق قوله.
اقتراح إسناد الطلاق بالتراضي بين الزوجين إلى عدول الإشهاد، مبادرة تشريعية ثثير الجدل في تونس بين مؤيد ومعارض
وأوضح النائب أنّه بالإمكان إذا تمت المصادقة على هذا المقترح، أن يصبح الطلاق بالتراضي بين الزوجين، يتم في مكتب عدل الإشهاد، ويمكن تجويد النص، فيصبح ذلك بحضور منوبي الأطراف، لافتًا إلى أنّه إذا هناك قصّر، يمكن أن تخضع المسألة إلى قاضي الناحية.
واعتبر النائب وهو أحد الممضين على المبادرة التشريعية، أنّ قاضي الأسرة يملك آلاف الملفات، ولا يملك الوقت الكافي للجلسات الصلحية، وبالتالي يمكن أن تكون الجلسات الصلحية لدى عدل الإشهاد بحضور محاميي الطرفين، واصفًا هذا القانون بالـ"ثوري"، قائلًا إنه سيتم سماع الهيئة الوطنية لعدول الإشهاد ووزارة العدل والمحامين وكل الأطراف المتداخلة.
آراء متباينة بخصوص مشروع القانون
هذه المبادرة التشريعية خلفت جدلًا واسعًا، واختلفت الآراء بشأنها، حيث أكد المحامي أنس بن مالك في تدوينة على حسابه بفيسبوك، أنّ "عدد حالات الطلاق في تونس مستقر منذ 2020 على عدد 14000 حالة بمعدل 46 حالة طلاق يوميًا موزعة على 28 محكمة ابتدائية، أي بمعدل أقل من حالتين يوميًا بكل محكمة ابتدائية".
وقال: "طبعًا في الواقع هنالك اختلاف في التوزيع بين المحاكم إضافة إلى أن عدد قضايا الطلاق التي يقع رفضها أو الرجوع فيها عدد هام جدًا. مع العلم وأن هنالك ثلاثة أنواع من الطلاق في القانون التونسي وهم الطلاق بالتراضي، الطلاق إنشاء من أحد الزوجين والطلاق بالضرر".
وأضاف: "لكن في كل الحالات لا تعد قضايا الطلاق كبيرة بالمحاكم التونسية مقارنة بدوائر أخرى كالدوائر الجناحية والمدنية والاستعجالية. في السنوات الأخيرة بدأت بعض الدول في اعتماد الطلاق لدى عدول الإشهاد بالنسبة للطلاق بالتراضي. ما يجب التنبيه إليه أن هاته الدول أوجبت أن يكون لكل طرف محام يمضي على وثيقة الطلاق بالتراضي ثم توثيقها لدى عدل إشهاد ثم إيداعها لدى الحالة المدنية".
وشدد المحامي على أنّ "مؤسسة الطلاق حتى ولو كانت بالتراضي فهي مؤسسة خطيرة وتنتج آثارًا هامة وأحيانًا لا رجعة فيها.. آثار تخص الحضانة ومنحة السكن والاستصحاب ونفقة الأطفال ونفقة الزوجة والغرامات المالية وأحيانًا الجراية العمرية وغيرها من الآثار.. هاته الآثار لها انعكاس جوهري على حياة الأطفال وعلى حياة المفارقين بعد الطلاق".
ونبه المحامي النواب، إلى أنه "في صورة التصويت على مشروع القانون المتعلق بالسماح لعدول الإشهاد بتوثيق حالات الطلاق بالتراضي، فإنه يجب الأخذ بكافة الضمانات القانونية اللازمة حفاظًا على مصلحة الأطفال والزوجين والنظام العام. وأهم ضمانة قانونية هي وجوبية إنابة محام مرسم لدى الاستئناف أو لدى التعقيب للطرفين الراغبين في إيقاع الطلاق بالتراضي دون المرور بالمحاكم مثل ما هو معتمد في بعض الدول وأهمها في فرنسا".

أما المحامية إيناس الجعايبي، فقد تساءلت من جانبها "هل يعتبر إسناد الطلاق بالتراضي إلى عدول الإشهاد خطوة سلبية بالضرورة؟" وتطرقت بالمقابل إلى إجراءات الطلاق بالتراضي حاليًا بين النظري القانوني والواقع لتقييم ما إذا كان في هذا المقترح مساس من مكتسبات مجلة الأحوال الشخصية، أو نقطة إيجابية جدًا إذا وقع احترام بعض النقاط"، وفقها.
وتساءلت المحامية إيناس الجعايبي: "ما المشكل إذا أصبح الطلاق بالتراضي في تونس لدى عدل إشهاد حسب صيغة معينة تكون جاهزة مسبقًا على غرار عقد الزواج وفيها جميع الحقوق مضبوطة ويكون عدل الإشهاد في هذا الإجراء مجبرًا أن يشرح للطرفين حقوقهم وواجباتهم؟"، تقول إنّه "في حالة الاتفاق تُرسل الوثيقة للمحكمة و(يتم إكساؤها بصيغة تنفيذية)، وتصبح حكمًا، وهنا يربح المواطن وقتًا ومالًا وتعبًا، ويخف الضغط على المحكمة، وفي حالة الاختلاف بين الطرفين يمكن لهم قبل الموافقة النهائية اللجوء للقضاء" وفقها.
اعتبر البعض أنه من المهم أن تبقى إجراءات الطلاق محاطة برقابة قضائية كافية، فيما رأى آخرون أنّ إيقاع الطلاق بالتراضي عن طريق عدل الإشهاد هي نقطة مضيئة شريطة أن تكون مدروسة
تضيف المحامية، أنّ "الدول المتقدمة تجاوزت فكرة أنّ كل فض نزاع يمر أساسا بالمحكمة.. اليوم نجد قضايا مدنية ما بين أكبر الشركات تتم عن طريق التحكيم وطرق فض النزاعات البديلة من غير اللجوء إلى المحاكم لربح الوقت والجهد.. لكننا في تونس مازالنا لا نملك بعد ثقافة فض النزاع خارج إطار المحاكم وهذه النقطة المتعلقة بإيقاع الطلاق بالتراضي عن طريق عدل الإشهاد هي نقطة مضيئة لو تكون مدروسة ومن الممكن أن تكون مكسبًا للمواطنين وراحة للمحاكم" وفق قولها.
أما القاضي من الدرجة الثالثة بمحكمة الاستئناف بتونس، عمر الوسلاتي، فقد أوضح من جانبه، أنّ "مجلة الأحوال الشخصية ركيزة أساسية من ركائز الدولة المدنية وأن تعديل أحكامها انتكاسة وتراجع عن مكاسب المرأة" وفق تقديره.
وتابع أنّ "مشروع القانون المتعلق بتعديل مجلة الأحوال الشخصية وإسناد اختصاص إيقاع الطلاق بالتراضي لعدول الإشهاد يمكن أن يؤثر بشكل كبير على الحقوق المكتسبة في القوانين الحالية. التجاوز على إلزامية الطلاق من خلال المسارات القضائية يزيل الحماية القانونية التي توفرها القوانين الحالية. إذا تم منح حق الطلاق بالتراضي إلى عدول الإشهاد، فقد يكون هناك حالات من الاستغلال أو الظلم، خاصة في العلاقات غير المتكافئة قد لا يتمكن العديد من النساء من الحصول على الدعم القانوني أو الحماية التي توفرها المحاكم، مما يعرض حقوقهن المالية والاجتماعية للخطر" على حد تعبيره.
وقال إنه "بصفة عامة، فإن مقترح إسناد الطلاق بالتراضي لعدول الاشهاد يمثل تهديداً للحقوق المكتسبة والمبادئ التي تسعى القوانين الحالية إلى تحقيقها. من المهم أن تبقى إجراءات الطلاق محاطة برقابة قضائية كافية للحفاظ على العدالة وحماية الأفراد، بما في ذلك النساء والأطفال، وضمان استقرار الأسرة والمجتمع" وفق تقديره.

يذكر أنّ غرفة عدول الإشهاد بصفاقس، نظّمت بتاريخ 18 نوفمبر/ تشرين الثاني 2023، ملتقى حول ظاهرة الطلاق في تونس، بعنوان "الطلاق الرضائي بعيدًا عن أروقة المحاكم"، أين اقترحت الغرفة إسنادها صلاحية هذا الصنف من الطلاق (بالتراضي).
يذكر أن الجمعية الوطنية لغرف عدول الإشهاد نظمت أيضًا ندوة صحفية بتاريخ 24 جانفي/يناير 2024، لمطالبة السلطة التنفيذية بتمرير مشروع القانون الأساسي المنظم لمهنة عدول الاشهاد والمُعطل منذ سنة 2009، وكانت قد اتهمت رئيس البرلمان التونسي إبراهيم بودربالة بتعطيل مقترح القانون المنظم لمهنة عدول الإشهاد.
الكلمات المفتاحية

قافلة الصمود.. "الترا تونس" يحاور مشاركين قرروا خوض المغامرة
كانت قافلة الصمود البرية، أشبه بالحجر الذي ألقي في بركة توشك على الركود كل مرة، فأعادت إحداث دوائر فيها لا تكاد تنتهي

تتعدّد الدوافع والمصير واحد.. عن تجارب تونسيين ضحّوا بحياتهم في سبيل إنقاذ غيرهم
روح التضحية في سبيل إنقاذ الآخر مبثوثة في الجنسين ذكورًا وإناثًا.. تصدر عن المربّي والطبيب والعاطل وغيرهم من الفئات الاجتماعيّة، لكنّ لا بدّ أن نعترف بأنّ الشباب أكثر اندفاعًا إلى التضحية من أجل الآخرين

"علوش En ligne".. الأضحية في تونس بين الأصالة والرقمنة
تخيّل أنك بلمسة زر من بيتك تستطيع أن تتجوّل وسط "رحبة الأضاحي". لا ضجيج ولا أجواء مشحونة، فقط خراف مصوّرة من كل الزوايا وخدمة توصيل مجانية..

حريق ضخم في باجة يلتهم مساحات مزروعة بالقمح
رئيس الاتحاد الجهوي للفلاحة والصيد البحري بباجة لـ"الترا تونس": كل متر من الأراضي الزراعية يحترق يمثل خسارة فادحة للاقتصاد الوطني، والحرارة المرتفعة لعبت دورًا مباشرًا في توسع رقعة الحريق

مدير أمن معبر رأس جدير يؤكد دخول قافلة الصمود إلى ليبيا بشكل قانوني
مدير أمن معبر رأس جدير: التعامل مع قافلة الصمود تمّ وفق الإجراءات المعمول بها، حيث خضعت جميع الحافلات والسيارات للتفتيش الكامل، ولم يُسمح لأي شخص بالدخول قبل استيفاء الشروط القانونية

منظمة الأطباء الشبان: نستنكر بشدة التدخل الأمني في اختيار مراكز التربصات
المنظمة التونسية للأطباء الشبان: هناك عنصر أمني داخل الاجتماع بين ممثلي المنظمة والوزارة مع رفضه الإفصاح عن هويته، ما يشكل تجاوزًا خطيرًا ويثير تساؤلات المنظمة والأطباء الشبان حول الرسالة التي تريد سلطة الإشراف إيصالها

أصحاب المشارب الشاطئية بالمنستير يحتجون ويلوّحون باللجوء إلى القضاء
عدد من أصحاب المشارب الشاطئية بالمنستير: نتحصل على رخص الإشغال الوقتي مباشرة من وكالة حماية الشريط الساحلي، وليس من البلدية، ويتم خلاص معلوم التمركز في القباضة المالية لفائدة الوكالة المذكورة