"إخلالات وتداعيات على أموال الحرفاء".. مستجدات ملف شركة الوساطة بالبورصة TSI

أعلنت هيئة السوق المالية، تلقيها بتاريخ 22 ماي/أيار 2025، النسخة التنفيذية من الأمر المؤقت الصادر عن المحكمة الابتدائية بتونس بتاريخ 15 من الشهر نفسه، والقاضي بتعيين الخبير بلال الرحموني متصرفًا قضائيًا لشركة الوساطة بالبورصة "التونسيّة السعودية للاستثمار" (TSI) لمدّة ثلاثة أشهر.

وأفادت هيئة السوق المالية، في بلاغ لها اطّلع عليه "الترا تونس"، بأن هذا يأتي بهدف "إدارة الشركة إداريًا وماليًا لمدة 3 أشهر إلى حين تسوية وضعيتها القانونية والمالية، وذلك تحت إشراف قاضي مراقب".

هيئة السوق المالية: تعيين متصرف قضائي لشركة الوساطة بالبورصة "التونسيّة السعودية للاستثمار" لمدّة ثلاثة أشهر إلى حين تسوية وضعيتها القانونية والمالية وذلك تحت إشراف قاضي مراقب

 وبيّنت هيئة السوق المالية أن "المتصرف القضائي، سيمارس مهامه في نطاق الإطار التشريعي والترتيبي الجاري به العمل، وخاصة أحكام الفصل 63 من الأمر عدد 2478 لسنة 1999 المؤرخ في 1 نوفمبر/تشرين الثاني 1999 المتعلق بضبط النظام الأساسي لوسطاء البورصة، الذي يخضع كل تعيين لمسير جديد أو تغيير في هيكلة التنظيم أو الرقابة الداخلية إلى الموافقة المسبقة لهيئة السوق المالية"، مؤكدة أنها بادرت بإعلامه بصفة قانونية كبقية أطراف الدعوى بمنطوق القرار الاستعجالي.

وأوضحت الهيئة، من جهة أخرى أن "المتصرف القضائي، يعدّ انطلاقًا من تاريخ تسميته، الجهة المخوّل لها تمثيل الشركة والتصرّف باسمها تجاه كافة الأطراف، سواء كانوا حرفاء أو بنوك أو سلطات رقابية".

كما أضافت أنه يمثّل "الجهة المرجعية الوحيدة لمعالجة المطالب والتظلّمات المتعلقة بنشاط الشركة، وذلك تحت الرقابة القضائية المباشرة وبمتابعة من هيئة السوق المالية في إطار الصلاحيات المخولة لها قانونًا، بما يضمن حسن إدارة المصالح المرتبطة بالشركة خلال فترة التصرف القضائي".

واعتبرت الهيئة إلى أن "كل ما ورد يأتي في إطار متابعة هيئة السوق المالية الدقيقة والمعمقة لوضعية شركة الوساطة بالبورصة "التونسية السعودية للاستثمار" (TSI)، في ظلّ ما تشهده الشركة من إخلالات جسيمة على مستوى الحوكمة والتسيير، أدت إلى وضعية هشة وغير مستقرة، قد تنجرّ عنها تداعيات سلبية على حقوق وأموال الحرفاء، الأمر الذي يستوجب تدخلاً قضائيًا فوريًا ذا طابع وقائي يهدف إلى إرساء إطار رقابي مباشر لضمان استمرارية نشاط الشركة وحماية مصالح المستثمرين".

هيئة السوق المالية: إخلالات جسيمة تشهدها شركة الوساطة بالبورصة "التونسية السعودية للاستثمار" على مستوى الحوكمة والتسيير أدت إلى وضعية هشة وغير مستقرة، قد تنجرّ عنها تداعيات سلبية على حقوق وأموال الحرفاء

وأكدت هيئة السوق المالية "مواصلتها للبحث المعمق في هذا الملف في نطاق المسار التأديبي الجاري أمامها، وذلك بالتوازي مع الإجراءات القضائية، بما يرسخ حماية المدخرين ويدعم نزاهة واستقرار السوق المالية"، وفقها.

وسبق أن تحدثت منظمة آلارت (ALERT)، عن "فضيحة في السوق المالية"، وقالت إنها تتابع منذ فترة طويلة "تصرفات الوسيط في السوق المالية "الشركة التونسية السعودية للاستثمار (TSI)"  التي أثارت تساؤلات عديدة، إذ كان هذا الوسيط يقدم للمدخرين نسب عائدات ربحية تفوق بكثير معدلات السوق". وفقها.

واعتبرت المنظمة الناشطة في مجال مكافحة الاقتصاد الريعي والتنديد بالانتهاكات المنجرة عنه كما تعرّف نفسها، أن هذه العائدات المرتفعة بشكل غير طبيعي، والتي لا تتماشى مع المعايير المالية، تشير إلى وجود ممارسات مشبوهة"، وفق بيان صدر عنها مطلع شهر ماي/أيار الحالي.

منظمة آلارت: المدخرون الذين غالبًا ما يكونون غير مطلعين على المخاطر يواجهون خسائر فادحة، وهيئة السوق المالية تتحمل مسؤولية التقاعس عن مواجهة هذه الممارسات التي استمرت لسنوات

وقالت الجمعية إن "هذه التساؤلات تحولت اليوم إلى واقع مؤكد، حيث اندلعت فضيحة مالية كبرى مرتبطة بـ TSI، مع الاشتباه بوجود مخطط احتيالي تسبب في اختفاء ما بين 250 و400 مليون دينار من خزائن الشركة. ويكشف هذا المخطط، الذي استمر لسنوات، عن ثغرات خطيرة في الرقابة، خاصة من جانب هيئة السوق المالية".

واعتبرت المنظمة من جهتها أن "ما حدث يكشف خلل كبير في تنظيم السوق المالية التونسية". محملة "هيئة السوق المالية مسؤولية التقاعس عن مواجهة هذه الممارسات التي استمرت لسنوات"، وأضافت أن "المدخرين، الذين غالبًا ما يكونون غير مطلعين على المخاطر، يواجهون خسائر فادحة، مما يستدعي إصلاحات عاجلة لتعزيز الشفافية وحماية المدخرين"، وفقها.

وقالت المنظمة إن ""الشركة التونسية السعودية للاستثمار" TSI أصدرت سندات تجارية دون ضمانات بنكية، وهي ممارسة غير قانونية وفق منشور البنك المركزي رقم 89-14 بتاريخ 17 ماي/أيار 1989، إلا في الحالات الاستثنائية المذكورة. وللتغطية على ذلك، قدمت TSI ضمانًا خاصًا يتضمن تكاليف إضافية مرتفعة (3% ضمان بنكي و3% رسوم إدارية)، إلى جانب نسب فائدة مغرية. لكن غياب الضمانات القانونية عرّض المدخرين لمخاطر كبيرة رغم الوعود بالعائدات العالية"، وفقها.

وبينت أن الشركة اعتمدت على الشيكات دون رصيد لفترة طويلة، كأداة ضغط على الشركات المتعثرة. لكن مع إقرار قانون الشيكات الجديد، الذي خفف العقوبات على الشيكات دون رصيد، تعطلت هذه الآلية. وتزايدت الشيكات غير المدفوعة، وطالب المستثمرون باسترداد أموالهم، مما أدى إلى انهيار المنظومة"، وفقًا للمنظمة.

وتُعد "السندات التجارية أداة تمويل قصيرة الأجل تستخدمها الشركات، ويمكن تشبيهها بالقروض الصغيرة، حيث يتراوح أجل استحقاقها بين 10 أيام و5 سنوات. ولا يُسمح في تونس، بإصدارها إلا للشركات خفية الاسم (SA) التي يبلغ رأسمالها مليون دينار على الأقل. كما يجب أن تكون مدعومة بضمان بنكي أو خط ائتماني بديل يحمي المستثمرين في حالة العجز عن السداد، باستثناء الشركات المدرجة في البورصة أو تلك المصنفة من وكالة معتمدة"، وفق ذات المصدر.

والشركة التونسية السعودية للاستثمار "TSI" هي شركة مساهمة برأس مال قدره 5.000.000 دينار تونسي وتأسست سنة 1992، وفق ما ورد على موقعها الإلكتروني. 

ويشار إلى أن هيئة السوق المالية، كانت قد أعلنت للعموم منذ 30 أفريل/نيسان 2025 أنّه، "تمت إحالة ملف شركة الوساطة بالبورصة "التونسية السعودية للاستثمار" على القضاء ومواصلة الإجراءات التحفظية بشأنها، تبعًا لما تمّ رصده من تجاوزات وإخلالات جسيمة في علاقة بتسيير وإدارة الشركة".