18-يناير-2020

تعهّدت عدة كتل بتبني مطالب سكان تطاوين (صورة أرشيفية/ فتحي بلعيد/ أ ف ب)

 

فضّ ممثلون عن اعتصام الكامور، الجمعة 17 جانفي/ كانون الثاني 2020، اعتصامهم في مقر البرلمان بعد تعهّد رؤساء أربع كتل نيابية بجعل تنفيذ الاتفاقات المبرمة في إطار اتفاق الكامور لسنة 2017 شرطًا أساسيًّا وأولوية مطلقة لدى الحكومة القادمة. وتعهّدت كتل النهضة، والتيار الديمقراطي، وائتلاف الكرامة والإصلاح الوطني بتبني مطالب أهالي تطاوين وعبرت عن اعتزازها بنضالات الشباب المطالبين بحقوق الجهة المشروعة في التشغيل والتنمية الجهوية.

وقال الناطق باسم الاعتصام طارق الحداد لدى عودته إلى مقر الاعتصام بساحة الولاية إنه "تم تعليق الاعتصام إلى حين تشكيل الحكومة"، موضحًا أن الهدف من الاعتصام وإضراب الجوع تحقق بإيصال ملف ومطالب معتصمي الكامور إلى أعلى هرم في السلطة، ومحذّرًا من تبعات ما أسماه اللعب بأحلام المعتصمين المستعدين للعودة إلى الميدان متى اقتضت الضرورة ذلك، وفق تعبيره. 

اقرأ/ي أيضًا: عائلات "الدواعش".. نحن سجناء بلا محاكمة!

وفي هذا السياق، أكد رئيس كتلة ائتلاف الكرامة سيف الدين مخلوف لـ"ألترا تونس"، تفهّمه لمطالب المعتصمين للمطالبة بحق الولاية الأغنى والأكثر حرمانًا في تونس، وفق تعبيره، مضيفًا أن "كتلة ائتلاف الكرامة تتبنى كل نضالات أبناء تطاوين، وحقهم في فرض تنفيذ ما تعهّدت به الدولة لفائدتهم شرطًا لمنح الثقة للحكومة القادمة".

رئيس كتلة ائتلاف الكرامة سيف الدين مخلوف لـ"ألترا تونس": أتفهم مطالب المعتصمين للمطالبة بحق الولاية الأغنى والأكثر حرمانًا في تونس

وفي تعليقه حول تأخر الدولة في تنفيذ الاتفاقيات، قال مخلوف "بعض الأطراف السياسية والاجتماعية تستثمر في خلق الأزمات، ونحن نعتقد أن الفرصة سانحة الآن على ضوء المشاورات لتنظيم الأمور وإعطاء بعض الجهات حقها".

وكان رئيس الجمهورية قيس سعيّد قد استقبل البعض من معتصمي الكامور بقصر قرطاج، في لقاء أكد خلاله ضرورة "حلّ المشاكل المطروحة وفق مقاربة جديدة تتمثل في بلورة جملة من المشاريع النابعة من إرادة المواطنين أنفسهم بعيدًا عن أي توظيف". وتم الاتفاق على رفع الاعتصام الذي ينفذه شباب الكامور في مقر ولاية تطاوين في انتظار بلورة مشاريع لفائدة أبناء الجهة في مختلف المعتمديات.

وقبل ذلك، قضّى عدد من المعتصمين حوالي شهر في اعتصام متواصل في مقر ولاية تطاوين، ودخل البعض منهم في إضراب وحشي عن الطعام، احتجاجًا على ما أسموه التفافًا على بنود الاتفاق الموقع مع الحكومة منذ 15 جوان/ حزيران 2017، الذي تم التوقيع عليه بحضور الأمين العام للاتحاد العام التونسي للشغل نور الدين الطبوبي، تعهّدت بمقتضاه الحكومة ممثلة في وزير التكوين المهني والتشغيل عماد الحمامي، بعدد من الالتزامات بينها انتداب 1500 شخص في شركة البيئة والغراسة والبستنة سنة 2017 و1000 بداية من جانفي /كانون الثاني 2018 و500 آخرين بداية من جانفي/ كانون الثاني 2019، وتخصيص 80 مليون دينار لصندوق التنمية والاستثمار بتطاوين سنويًا، إلا أن ذلك لم يتم رغم انتهاء كل الآجال المحددة بالاتفاقية.

اقرأ/ي أيضًا: مراكمات الثورة التونسية.. ثورة "الرمال المتحرّكة"

تراجع الدولة عن التزاماتها

وفي سياق متصل، قدّر الناشط المدني لطفي رحومة نسبة تنفيذ الاتفاقية بحوالي 30 في المائة، وهو ما دفع بشباب الكامور إلى الاعتصام مجددًا أواخر ديسمبر/ كانون الأول الماضي. وأعلن، في تصريح لـ"ألترا تونس"، عن تبني المجتمع المدني في تطاوين مبادرة للوساطة وحلحلة الأزمة وتغليب منطق الحوار خاصة في وجود ما أسماه فوضى الاعتصام منذ أكثر من سنة.

لطفي رحومة (ناشط في المجتمع المدني) لـ"ألترا تونس": نسبة تنفيذ اتفاقية الكامور بلغت حوالي 30 في المائة

الاتحاد العام التونسي للشغل، الضامن لتنفيذ الاتفاق، أقر عبر بيان أصدره الاتحاد الجهوي للشغل بتطاوين، تنصّل الحكومة بتعهّداتها وتخليها عن التزاماتها بتنفيذ الاتفاق حسب الروزنامة المتفق عليها وفي الآجال المحددة". وسجّل بيان الاتحاد الصادر يوم 20 ديسمبر/ كانون الأول 2019، "سياسة التسويف والمماطلة وعجز الحكومة عن إلزام الشركات البترولية المتغولة بتفعيل ما اتفقت حوله من تشغيل أبناء الجهة في شركات الإنتاج"، بالإضافة إلى تسجيل عدم جدية الحكومة حول الإشكاليات الناتجة عن بعث شركة البيئة مثل توفير أجور الأعوان وحقهم في الزيادة في الأجور وإصدار قانون أساسي خاص بالشركة. لكن الحكومة لم تعلق على هذه الاتهامات ولم ترد على مطالب المعتصمين الذي رابطوا بمقر الولاية أسابيع.

من جهته، اعتبر محمد التومي، الأستاذ باحث في مركز الدراسات والبحوث الاقتصادية والاجتماعية بتونس، أن المسألة أصبحت في خانة المزايدات السياسية، بحسب قوله. وأضاف التومي، في تصريح لـ"ألترا تونس"، أن الأمر يتعلق أيضًا "بتخوف بعض الشركات النفطية". وأشار إلى أن العقوبة على ولاية تطاوين لا تزال سارية المفعول لاعتبارات إيديولوجية أهمها الخلاف التاريخي مع البورقيبية، وفق قوله.  

محمد التومي  (باحث) لـ"ألترا تونس": العقوبة على ولاية تطاوين لا تزال سارية المفعول لاعتبارات إيديولوجية أهمها الخلاف التاريخي مع البورقيبية

وتعود أحداث الكامور التي شهدتها ولاية تطاوين إلى الفترة الممتدة بين 23 أفريل/ نيسان و16 جوان /حزيران 2017، التي انطلقت باعتصام شباب أمام محطة لإنتاج النفط، يرفعون مطالب اجتماعية وتنموية، لتتطور إلى احتجاجات وحملات أمنية أدت إلى مقتل أحد المعتصمين دهسًا بسيارة تابعة للحرس الوطني وإصابة آخر بجروح خطيرة وهو ما أجّج الوضع في المنطقة آنذاك، قبل أن يتم التوصل إلى اتفاق الكامور.

 

اقرأ/ي أيضًا:

في ذكرى الثورة.. رفض للاحتفال الفلكلوري وتأكيد التشبث بمطالبها

تسع سنوات على الثورة.. تنكر السلطة متواصل لعائلات الشهداء والجرحى