مقيدون بقائمة من الممنوعات، لا حركة مفرطة ولا ممارسة الألعاب الصعبة والمنهكة وحتى العادية البسيطة منها. ممنوعون من إطلاق العنان للركض وسط الحي كأترابهم، ولا يمشون مسافات طويلة، وليس لديهم القدرة على حمل أثقال صغيرة، فحتى حقيبة الكتب التي باتت عبءًا ثقيلًا حتى على الأطفال العاديين، تمثل ثقلًا مضاعفًا بالنسبة لهم لا يمكنهم تحمّله. كلّ ذلك حتى لا يتعرّضون لأيّ كسور مفاجئة وهم يعانون هشاشة العظام، حتى بات يُطلق عليهم أشخاص من زجاج.
محظورات وقيود كثيرة تفرض على الأطفال المصابين بهشاشة العظام خاصة وأنّهم معرضون لخطر دائم يهدد صحتهم، ولعل من أبرز هذه القيود منعهم من المشي لمسافات طويلة والوقوف كثيرًا تفاديًا لأي إجهاد قد ينهك عظامهم
ممنوع حتى أن تمشي مسافات طويلة أو تقف كثيرًا، لأن عظامك لا تتحمّل أي إجهاد. تخيل معي طفلًا مقيّدًا لا يستطيع الحركة بحرّية أو الركض، أو فإنّه يعلم أنّ الجبس سيكون رفيقه خلال أيام إذا تعرّض إلى سقوط مفاجئ خلال اللعب.
محظورات وقيود كثيرة فُرضت عليهم، وخطر دائم يهدد صحتهم، حالة نفسية سيئة تلازمهم طوال الوقت بسبب تلك القيود.
لم يخطر ببال فاطمة غرس الله (45 سنة) أنّ وقعةً بسيطة لطفلها وهو يخطو خطواته الأولى، سينجم عنها كسر عميق في الساق، تطلّب جبيرة لازمته أكثر من شهرين. ولم تكن الأم تعلم شيئا عن المرض، ولا عن أعراضه أو عمّا قد ينجم عنه من مضاعفات، إلا أنّ تعرّض ابنها إلى كسر بسبب سقوط جعلها تُدرك أنّ الأمر يتعلق بمرض غير عادي، وهو إصابته بهشاشة العظام الذي بات يصيب الأطفال ولا يتعلّق فقط بمن تقدموا في السنّ.
فاطمة غرس الله (والدة طفل مصاب بهشاشة العظام) لـ"الترا تونس: لم أكن أعلم شيئًا عن هذا المرض وأعراضه ومضاعفاته إلى غاية تفطني لإصابة ابني به فأدركت حينها أن هشاشة العظام لا تصيب فقط من تقدموا في السن وتصيب أيضًا الأطفال
تقول فاطمة إنّ طفلها احتاج إلى مكملات غذائية أهمها الفيتامين "د"، والحصول على أغذية غنية جدًا بالكالسيوم، إضافة إلى ضرورة التعرّض للشمس يوميًا لساعة على الأقل، والمشي يوميًا أيضًا، مبرزةً أنّ رحلة علاج طفلها انطلقت منذ ذلك الوقت، حتى استطاع الشفاء من هذا المرض، لكنه ظلّ خاضعًا للمراقبة المستمرة التي تتطلب القيام بتحاليل من فترة إلى أخرى للاطمئنان على حالة العظام لديه بعد الحصول على العلاج".
قد يتعرّض المصاب بهشاشة العظام إلى إصابة بكسر بكل سهولة شديدة نتيجة سقوط بسيط لا يتسبب عادة في كسر عظام سليمة. وقد ارتبط في الأذهان أنّ هذا المرض يتعلّق فقط بكبار السنّ، لكنّه بات يصيب نسبة كبيرة من الأطفال.
وقد يعاني البعض الآخر من كسور تعرف بالكسور الانضغاطية في العمود الفقري، والتي تؤدي إلى تشوه في العمود الفقري خلال النمو، وهو ما حصل للطفل شمس الدين الذي لاحظت والدته شعوره دائمًا بالتعب والألم، ثمّ اعوجاجًا في العمود الفقري مذ بلغ عمره خمس سنوات. وبعد عرضه على الأطباء تم تشخيص حالته بإصابته بهشاشة العظام.
قد يعاني البعض من كسور تعرف بالكسور الانضغاطية في العمود الفقري والتي تؤدي إلى تشوهه خلال النمو، وهو ما حصل للطفل شمس الدين الذي لاحظت والدته شعوره دائمًا بالتعب والألم ثمّ اعوجاجًا في العمود الفقري مذ بلغ الـ 5 سنوات
تشير عزيزة والدة الطفل إلى أنّها لم تكن تعلم أنّ هذا المرض قد يصيب حتى الأطفال منذ يكونون رضّعًا، ولم تكن تعرف أنّ هشاشة العظام قد تتسبب له في اعوجاج العمود الفقري وصعوبة في المشي، لكنها اكتشفت أنّ هشاشة العظام قد تصيب الأطفال حتى الرضع بعد أن باتت تباشر حالة ابنها لدى طبيب مختص بالعاصمة، وملاحظتها ارتياد غيره من الأطفال على العيادة لنفس السبب".
وتضيف محدثة "الترا تونس" أنّ "ابنها ممنوع من الركض مخافة السقوط، وممنوع من حمل أي شيء، ما جعلها ترافقه يوميًا إلى المدرسة. كما أنّه ممنوع من أي حركة مفرطة فأي إصابة بسيطة قد تؤدي إلى كسور مفاجئة، وفق ما أخبرها به الطبيب المباشر لحالة ابنها.
والدة طفل مصاب بهشاشة العظام لـ"الترا تونس": ابني ممنوع من الركض مخافة السقوط وممنوع من حمل أي شيء ما جعلني أرافقه يوميًا إلى المدرسة، كما أنّه ممنوع من أي حركة مفرطة فأي إصابة بسيطة قد تؤدي إلى كسور مفاجئة
وبحسب المؤسسة الدولية لهشاشة العظام، يحتاج الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين سن الرابعة والثامنة إلى حوالي 1000 مليغرام من الكالسيوم يوميًا، ويمكنهم الحصول على هذه الكمية عن طريق تناول منتجات الألبان، بما فيها الزبادي واللبنة والجبن وشرب الحليب الذي يحتوي على بروتين عالي الجودة للمساعدة على نمو العظام، والكالسيوم وفيتامين "د" للمحافظة على العظام العادية والأسنان، والحديد وفيتامين "سي" لدعم نموهم المعرفي ومناعتهم. وهنالك أطعمة أساسية أخرى تعزز مستويات الفوسفور لديهم وهي اللحوم والدجاج والسمك والبيض والبقوليات.
وتعني هشاشة العظام النقص في كثافة العظام وتغيّر نوعيته كلّما تقدّم الشخص في العمر، وفقدانها صلابتها، وبالتالي فإنها يمكن أن تتكسر بمنتهى السهولة.
والعظام الأكثر عرضة للكسر لدى المرضى المصابين بهشاشة العظام هي الورك والفخذ والساعد، وعادةً فوق الرسغ مباشرة والعمود الفقري. وهذه الكسور التي تُصيب عظام فقرات العمود الفقري قد تجعل الأشخاص المصابين بهشاشة العظام ينقصون في الطول، وقد تصبح ظهورهم منحنية بشدة ومحدبة".
عوامل الإصابة بهشاشة العظام عديدة قد تعود لأسباب وراثية يتعرّض فيها الطفل إلى إصابة العظام بالوهن منذ تكوين العظام داخل الرحم ويستمر هذا المرض بعد الولادة، إضافة إلى قلّة تناول الحليب بالكميات المطلوبة خلال الرضاعة
كما أنّ عوامل الإصابة بهشاشة العظام عديدة قد تعود لأسباب وراثية يتعرّض فيها الطفل إلى إصابة العظام بالوهن منذ تكوين العظام داخل الرحم ويستمر هذا المرض بعد الولادة، إضافة إلى قلّة تناول الحليب بالكميات المطلوبة خلال الرضاعة لا سيما الحليب كامل الدسم للحصول على عناصر الكالسيوم والفوسفات، خلال بناء العظام.
إضافة إلى عدم التعرض لأشعة الشمس الضرورية بصفة مستمرة لتكوين فيتامين "دي" داخل جسم الإنسان وقلة ممارسة الرياضة، أو الإصابة بأمراض الكبد.
وتتمثل أسس الوقاية من مرض هشاشة العظام عند الأطفال في طرق بناء عظام قوية وسليمة وحمايتها من التلف وفقدان صلابتها خلال فترة بناء العظم القصوى التي تبدأ منذ الولادة وحتى سن الثلاثين تقريبًا. التركيز على المواد البروتينية وشرب الحليب بمقدار كوبين يوميًا، وشرب المشروبات الغازية، وشرب الكالسيوم وكذلك جرعة وقائية من فيتامين "د".