اقتصاد

أستاذ اقتصاد لـ"الترا تونس": تصنيفات دولية توضح ضعف الحرية الاقتصادية في تونس

1 أكتوبر 2025
اقتصاد عجز تجاري تونس Pexels.jpg
رضا الشكندالي لـ"الترا تونس": "تحقيق نجاح الانتقال الديمقراطي يتطلب تنفيذ إصلاحات اقتصادية متوازية مع الإصلاحات السياسية، بما يضمن استقرار الاقتصاد (صورة توضيحية/Pexels)
فريق التحرير
فريق التحرير

اعتبر أستاذ الاقتصاد رضا الشكندالي، في تصريح خاص لـ"الترا تونس"، يوم الأربعاء 1 أكتوبر/تشرين الأول أن "مستوى الحرية الاقتصادية في تونس لا يزال دون المستوى المطلوب"، مشيرًا إلى أن "البلاد احتلت المرتبة 27 على الصعيد الإفريقي و124 عالميًا" وفق "مؤشر الحرية الاقتصادية في العالم" (Economic Freedom of the World) الصادر عن معهد "فرايزر" (Fraser) الكندي. وأوضح الشكندالي أن "هذا التصنيف يعكس تحديات كبيرة تواجه الاقتصاد التونسي، ويجعلها من بين الدول قليلة الحرية الاقتصادية"، وفقه.

أستاذ الاقتصاد رضا الشكندالي لـ"الترا تونس": مستوى الحرية الاقتصادية في تونس لا يزال دون المستوى المطلوب والبلاد احتلت المرتبة 27 على الصعيد الإفريقي و124 عالميًا

الحرية الاقتصادية في تونس.. بين المؤشرات والتحديات

وأكد الشكندالي أن "مفهوم الحرية الاقتصادية يتجاوز مجرد حرية التجارة والإنتاج، ليشمل قدرة المواطنين على استهلاك السلع والخدمات بحرية، دون تدخل الدولة أو التعرض لأي ممارسات غير قانونية، كما يعتمد على حماية الملكية الخاصة وتقليل التدخلات الحكومية بما يتناسب مع حجم الاقتصاد الوطني". وأضاف أن "بيئة اقتصادية حرة تشجع على الابتكار وريادة الأعمال وفتح الأسواق أمام المنافسة، وهو ما ينعكس بشكل مباشر على رفاهية المواطنين وعلى قدرة الدولة على جذب الاستثمارات الأجنبية والمحلية على حد سواء".

وأوضح الشكندالي "الفروق بين المؤشرات المختلفة التي تقيم الحرية الاقتصادية"، مشيرًا إلى أن "المعهد الكندي يعتمد 5 محاور رئيسية: حجم الدولة من حيث الإنفاق العام والدعم والتحويلات والاستثمار العمومي والجباية، النظام القانوني وحقوق الملكية بما يشمل استقلالية القضاء ونزاهة المحاكم، استقرار النقود، حرية التجارة الدولية، والتنظيم الاقتصادي للسوق والبنوك وتحديد الأجور".

رضا الشكندالي لـ"الترا تونس": مؤشر الاستقرار النقدي وضع تونس في المرتبة 104، وهو ترتيب متدني جدًا، ما يستدعي العمل على تعزيز استقرار النقد والحد من التضخم لضمان بيئة استثمارية أكثر جاذبية

 في المقابل، تعتمد المؤسسات الأميركية، وفق الشكندالي على 4 محاور فقط: سيادة القانون، الحرية المالية، الكفاءة التنظيمية، وانفتاح الأسواق، وهو ما يجعل بعض التصنيفات تختلف من مؤشر إلى آخر، لكنه يؤكد جميعها على محدودية الحرية الاقتصادية في تونس.

وبخصوص تونس، أشار أستاذ الاقتصاد إلى أن "ترتيبها بين 104 و141 حسب المؤشرات المختلفة يعكس ضعف البيئة الاقتصادية الحرّة، فيما وضع مؤشر مؤسسة The Heritage Foundation تونس في المرتبة 149 من أصل 184 دولة، برصيد 49.1 من 100"، و"هو ما يدل على أن "القيود الاقتصادية الكثيرة تؤثر سلبًا على القدرة الاستثمارية وتشجع على مراجعة السياسات الاقتصادية لضمان جذب الاستثمارات وتحسين الوضع الاقتصادي العام للبلاد"، وفقه. وأضاف أن "مؤشر الاستقرار النقدي وضع تونس في المرتبة 104، وهو ترتيب متدني جدًا، ما يستدعي العمل على تعزيز استقرار النقد والحد من التضخم لضمان بيئة استثمارية أكثر جاذبية".

أهمية الحرية الاقتصادية في سياق الانتقال الديمقراطي

أوضح الشكندالي أن "الحرية الاقتصادية تعتبر عنصرًا حاسمًا لفهم مسار الانتقال الديمقراطي في تونس"، مشيرًا إلى أن "البلاد لم تنجح في الانتقال الديمقراطي بين 2011 و2021، مع مرورها بمسار 25 جويلية/يوليو". وأضاف أن "تونس عاشت تجربة ديمقراطية تعايشت مع إخفاقات اقتصادية متراكمة، إذ تمكنت من إحراز تقدم كبير في المؤشرات السياسية، حيث احتلت المرتبة الأولى عربيًا في الحرية السياسية وفق تصنيف فريدم هاوس (Freedom House)".

وتابع "لكن، على الرغم من هذا التقدم السياسي، ما زالت تونس تواجه ضعفًا كبيرًا في الحرية الاقتصادية، وهو ما يخلق فجوة واسعة بين الإصلاح السياسي والإصلاح الاقتصادي". وأكد الشكندالي أن "هذه الفجوة هي سبب رئيسي في صعوبة نجاح الانتقال الديمقراطي، إذ لا يمكن للديمقراطية أن تزدهر في بيئة اقتصادية ضعيفة، حيث لا تتحقق نتائج ملموسة في دخل المواطنين ولا تنمو الثقة بالمؤسسات الديمقراطية".

اقرأ أيضًا: أرقام تنمو في بيئة سيئة.. مفارقة اقتصادية واجتماعية في تونس

وأشار الشكندالي إلى أن "الدول التي نجحت في الانتقال الديمقراطي، مثل البرازيل وجورجيا، تمكنت من تقليص الفجوة بين الإصلاح السياسي والإصلاح الاقتصادي، إذ عملت على الموازنة بين سرعة الإصلاحات السياسية والاقتصادية، ما أدى إلى تحقيق تقدم متزامن في كلا المجالين. بالمقابل، الدول التي لم تنجح في الانتقال الديمقراطي، مثل تونس، ركزت على الإصلاح السياسي دون تنفيذ الإصلاحات الاقتصادية الضرورية، ما جعل الديمقراطية شكلية دون أن تحسن واقع المواطنين أو تعزز الثقة في الدولة"، وفقه.

وأضاف الشكندالي أن "عدم التوازن بين الحرية السياسية والاقتصادية يعني أن الديمقراطية الموجودة في تونس حتى الآن لا تؤكل الخبز للشعب، أي أنها لم تنجح في تحسين مستوى المعيشة للمواطنين أو توفير الأمن الاقتصادي". وأوضح أن "تحقيق نجاح الانتقال الديمقراطي يتطلب تنفيذ إصلاحات اقتصادية متوازية مع الإصلاحات السياسية، بما يضمن استقرار الاقتصاد وتحسين مستوى دخل المواطنين وتعزيز الثقة بالديمقراطية".

رضا الشكندالي لـ"الترا تونس": عدم التوازن بين الحرية السياسية والاقتصادية يعني أن الديمقراطية الموجودة في تونس حتى الآن لا تؤكل الخبز للشعب، أي أنها لم تنجح في تحسين مستوى المعيشة للمواطنين أو توفير الأمن الاقتصادي

وختم الشكندالي بالتأكيد على أن "تعزيز الحرية الاقتصادية هو المفتاح لإصلاح المنظومة الاقتصادية وجعل الديمقراطية فعالة وناجحة"، مشيرًا إلى أن "أي تحسين في مؤشرات الحرية الاقتصادية سينعكس بشكل مباشر على الاستثمار، الابتكار، وتحسين حياة المواطنين، وهو ما يجب أن يكون محور السياسات الاقتصادية المقبلة في تونس".

اقرأ أيضًا: هيئة السوق المالية تدعو المستثمرين في تونس إلى توخي الحذر إزاء أي عرض استثماري مغر

وفي وقت سابق، سجّل الاقتصاد التونسي نموًّا بلغ 3.2% خلال الثلاثي الثاني من 2025 وفق بيانات نشرها المعهد الوطني للإحصاء يوم الجمعة 15 أوت/أغسطس 2025.

وفي نفس السياق، أكده المختص في التنمية حسين الرحيلي لـ"الترا تونس"، أن "حتى أكثر المتفائلين بالوضع الاقتصادي لم يكن يتوقع أن تسجل تونس نسبة نمو في حدود 3.2%"، معتبرًا أن هذه النسبة "لا تعكس الواقع الاقتصادي" في ظل ما وصفه بنسبة تضخم "غير صحيحة"، وتعطل محركات الإنتاج، والعجز الكبير في الميزان التجاري، وفقه.

أوضح الرحيلي أن "هناك توظيفًا سياسيًا للمؤسسات الرسمية، وأن الأرقام المعلنة لا تعكس الحقيقة الموضوعية التي يعيشها المواطن يوميًا"، متسائلًا عن تراجع التضخم من 5.3% إلى 5.2%، قائلاً: "المواطن يلمس الغلاء بشكل مباشر ويستغرب من مثل هذه الأرقام".

الكلمات المفتاحية

اقتصاد جيتي.jpg

جمعية: النمو الاقتصادي في تونس هشّ في ظل مخاطر محدقة وضعف هيكلي

معهد الإحصاء: النشاط الاقتصادي سجّل نموًّا بنسبة 2.4 بالمائة، خلال الأشهر التسعة الأولى من سنة 2025، والأنشطة الفلاحية تعد المحرك الأساسي لمنحى النمو الاقتصادي


هشام العجبوني.jpg

هشام العجبوني: تونس ستسدد فوائد أعلى من ميزانية الاستثمار للسنة الخامسة تواليًا

هشام العجبوني: "للسنة الخامسة على التوالي، مبلغ الفوائد التي ستسددها تونس في ميزانية الدولة، أكبر من ميزانية الاستثمار.. فالفوائد التي سنسددها هذه السنة في حدود 7.2 مليار دينار، أما نسبة الاستثمار فهي 6.5"


تونس توقّع اتفاق تمويل مع البنك الدولي بـ430 مليون دولار لدعم التحول الطاقي

تونس توقّع اتفاق تمويل مع البنك الدولي بـ430 مليون دولار لدعم التحول الطاقي

البنك الدولي: يساعد المشروع على خفض تكاليف إمدادات الكهرباء بنسبة 23%، وتحسين نسبة استرداد تكاليف الشركة التونسية للكهرباء والغاز من 60 إلى 80%


عجز تجاري صادرات واردات فتحي بلعيد أفب Getty

العجز التجاري لتونس يتجاوز 18 مليار دينار خلال الأشهر العشرة الأولى لسنة 2025

معهد الإحصاء: العجز التجاري لتونس يرتفع إلى 18435.8 ملايين دينار خلال الأشهر العشرة الأولى من سنة 2025، ونسبة تغطية الواردات بالصادرات تنخفض إلى 73.9%

برنامج مباريات الجولة السادسة من البطولة التونسية
منوعات

البطولة التونسية.. تعرّف على برنامج الجولة 15 الختامية لمرحلة الذهاب

تدور مباريات الجولة 15 للبطولة التونسية لكرة القدم، على 3 دفعات أيام السبت 22 والأحد 23 والأربعاء 26 نوفمبر/تشرين الثاني 2025

نقابة الصحفيين التونسيين ندعو إلى تحرك وطني بالعاصمة والجهات أمام انتهاكات السلطة
میدیا

نقابة الصحفيين التونسيين: تحرك وطني بالعاصمة والجهات أمام انتهاكات السلطة

نقابة الصحفيين التونسيين: وضع قطاع الصحافة في تونس يعكس اتجاهًا ممنهجًا نحو التضييق على حرية التعبير واستقلالية الإعلام وحقوق الصحفيين المكتسبة، بما يتعارض مع الدستور التونسي والالتزامات الدولية للدولة في مجال حماية حرية الصحافة وحق المواطن في المعلومة


قضايا جديدة ضد 3 محامين في قضية التآمر.. هرسلة مستمرة للسان الدفاع
سیاسة

قضايا جديدة ضد 3 محامين في قضية "التآمر".. هرسلة مستمرة للسان الدفاع

قضايا جديدة ضد 3 محامين في قضية "التآمر".. ليست الأولى ضد محامين في هيئة الدفاع في هذه القضية على وجه الخصوص، وليست الأولى أيضًا إثر شكايات من الهيئة العامة للسجون على وجه التحديد

بسبب التأشيرة.. 8 من لاعبي المنتخب التونسي خارج قائمة مواجهة البرازيل وديًا
منوعات

بسبب التأشيرة.. 8 من لاعبي المنتخب التونسي خارج قائمة مواجهة البرازيل وديًا

المنتخب التونسي، بصدد الاستعداد لكأس العرب بقطر من 1 إلى 18 ديسمبر 2025 وكأس أمم إفريقيا بالمغرب من 21 ديسمبر 2025 إلى 18 جانفي 2026

الأكثر قراءة

1
اقتصاد

حوار| مستشار جبائي: ضغط جبائي مرتفع وتشجيع الاستثمار غائب في مشروع قانون المالية 2026


2
مجتمع

رابطة حقوق الإنسان: تسجيل حالات شلل جزئي في قابس ونطالب بإعلانها منطقة منكوبة


3
اقتصاد

جمعية: النمو الاقتصادي في تونس هشّ في ظل مخاطر محدقة وضعف هيكلي


4
مجتمع

وحدات سجنية جديدة في تونس ضمن مشاريع وزارة العدل لسنة 2026


5
سیاسة

جمعيات ومنظمات: وضع كارثي في السجون التونسية وانحراف خطير عن مسار العدالة