مجتمع

تربية الأبناء في تونس.. صعوبات متزايدة في واقع متحوّل ومعقّد

8 ديسمبر 2024
أسباب فشل الآباء في تربية الأبناء.jpg
تنشئة الأبناء مهمّة مركّبة تزداد تعقيدًا من سنة إلى أخرى، وحصر المسؤولية في الآباء موقف ظالم متعسّف (صورة توضيحية/ pexels)
أحمد الزوابي
أحمد الزوابيباحث من تونس

 

"بوك ما ربّاكش"، عبارة متواترة على ألسنة التونسيين في حالات الغضب والتوتّر ردًّا على سلوكٍ منحرف أو فعلٍ مُضجر صادر عن شابّ أو فتاة في مقتبل العمل. وبصرف النظر عن وجاهة هذا الملفوظ فإنه يُعد من أكثر ألوان السِّباب قسوة وأشدّها حدّة، فهو لا يطال الطفل المذنب فحسب، إنّما يطعن في سيرة أبيه ويفضح إعراضه عن واحدة من أوكد واجباته. لكن لو عالجنا هذه الشتيمة بقراءة أعمق، أمكن لنا الاهتداء إلى ضمنيّات واستتباعات في غاية الخطورة تجعلنا نتخذ موقفًا أكثر موضوعيّة.

فقد الأب مساحة كبيرة من دوره التربويّ وأصبحت تُشاركه عناصر أخرى، من بينها التقنيات الحديثة ومواقع التواصل الاجتماعي والمدرسة ودكاكين الدروس الخصوصيّة

ينطوي الملفوظ المذكور على ضمنيّة بديهيّة مفادها أنّ الابن سليل أبيه بيولوجيًّا وأخلاقيًّا، وبناء على ذلك فهو يستند إلى اعتراف بمنزلة الأبوّة في تنشئة الأطفال وبناء شخصيّاتهم، بل يعتبر دور الأب جوهريًّا مركزيًّا يتخطّى مجرّد التأثير والمشاركة إلى مرتبة الضبط والتحديد. وهو موقف لا يقوم فقط على المغالاة في تقدير منزلة الأب، إنّما يجعله يحظى بالنصيب الأوفر مدحًا وثناءً عند نجاح العمليّة التربويّة ويتحمّل وحده المسؤوليّة الاعتباريّة عند الإخفاق.

ما هي أصول التصوّر الذي يُحمّل الأب كلّ هذا العبء الثقيل؟ ما هي العناصر التقليدية والمتجدّدة التي تشارك الأب الدور التربويّ؟ أما آن لنا أن نعترف بعجز الأب عن دوره التربويّ في ظلّ التحوّلات الثقافية والتقنية وفي معترك الصعوبات والتعقيدات التي تفرضها حياتنا المعاصرة؟ هل يعود تراجع دور الأب إلى قصور عن أداء المهمّة أم إلى تقصير؟

  • سلطة أُحادية ومسؤولية مطلقة

يستمدّ ربّ العائلة في الثقافة التقليديّة سلطته المطلقة داخل الأسرة من أصول متعدّدة أدبيّة وثقافيّة ودينيّة زادتها بعض النصوص القانونيّة تثبيتًا وشرعيّة، وقد حاز الأب ضمن هذه المنظومة مزايا ومحامد عديدة عبّرت عنها الحكم والأقوال المأثورة وقصص المواعظ والعبر، فالوالد في عين أبنائه آية النسب الرفيع والقوّة والشجاعة والصبر ومنبع الكرم والحكمة والفصاحة والعِظة، وهو المنقذ والسند والعضد، وقد استمدّ كلّ هذه المآثر من الصورة النموذجيّة للرجل عامّة، ولنا في قصائد الفخر والمدح والرثاء أوضح دليل على ذلك، وقد مثّل مصطلحا "القوامة والمجتمع الأبويّ" التعليل الدينيّ والترجمة الثقافيّة لهذه السلطة التي حظي بها الأب منذ عصور في العديد من الحضارات.

عدة عناصر فاعلة استحوذت على أذهان الأطفال ونفوسهم وألسنتهم، وجعلت عديد الآباء عاجزين عن توجيه أبنائهم لا بدافع التقصير وإنّما بسبب الانشغال وراء لقمة العيش

فالأب هو الحاكم بأمره والقائد الملحميّ والجندي الشجاع والطبيب الماهر والعالم المبتكر.. في المقابل، كادت تقتصر صورة المرأة في المدوّنة القديمة على قيمتيْ الجمال والعفّة، حتّى وجد الشعراء حرجًا في تأبينها عند الوفاة في مقام يقتضي التركيز على القيم والمزايا الأخلاقيّة وعدم الالتفات إلى الصفات الجماليّة.

  • هؤلاء افتكّوا من الرجل سلطته التربويّة

الناظر في الواقع الراهن، يتّضح له دون كدّ الذهن والإمعان في النظر والتقليب، أنّ الأب قد فقد مساحة كبيرة من دوره التربويّ فقد أصبحت تُشاركه عناصر أخرى نذكر منها:

أوّلًا: المرأة التي شقّت طريقها بثبات حرّيةً وشغلًا ونفوذًا ماديًّا وتشريعيًّا ممّا يجعلها تساهم بشكل فعّال في توجيه الأبناء، وقد بلغ الأمر في الكثير من الوضعيّات حدّ التفرّد بالفعل التربويّ لا بسبب غياب الأب وتقصيره، وإنّما بسبب احتكارها حقّ الحضانة في بلد تعدّ نسبة الطلاق فيه عالية جدًّا. إذ بلغت أحكام الطلاق في تونس في السنة القضائيّة 2021-2022 أكثر من 14700 حكم، وهو ما يعني أنّ عشرات الآلاف من الأبناء أو أكثر يتحولون سنويًّا إلى أطفال من ذوي "التأطير الأخلاقي الأحاديّ" داخل الأسرة.

صالح (56 سنة): كنتُ مخيّرًا بين ترك العمل للوقوف على تربية ابني عن كثب بعد تحوّله من الانضباط إلى التهوّر وكثرة الغيابات المدرسية، أو المحافظة على عملي في ولاية أخرى، حتّى أضمن لأسرتي الحدّ الأدنى

ثانيًا: التقنيات الحديثة ومواقع التواصل الاجتماعي التي افتكت الأبناء من آبائهم لما تملكه من قدرة على التوغّل في نفوس الأطفال وعقولهم، فهي الأقوى شدًّا وإقناعًا وإمتاعًا وإثارة وتأثيرًا، فوفق إحصائيّة صادرة عن مؤسسة "إمرود كونسيلتينغ" في ماي/أيار 2024 يبلغ عدد الساعات التي يقضيها التونسيون في تصفّح هذه المواقع (أغلبهم أطفال وشباب) 225 ساعة في الشهر موزعة بين فيسبوك (67 ساعة) وتيك توك (60 ساعة) وانستغرام (56 ساعة) ويوتيوب (42 ساعة) في هذه الحالة ما هو نصيب الأب من أبنائه فهمًا لحالاتهم وتوجيهًا وإرشادًا وتربية؟

 

التربية تونس
عشرات الآلاف من الأبناء أو أكثر يتحولون سنويًّا إلى أطفال من ذوي "التأطير الأخلاقي الأحاديّ" داخل الأسرة نتيجة ارتفاع حالات الطلاق (صورة توضيحية/ pexels)

 

ثالثًا: المدرسة ودكاكين الدروس الخصوصيّة التي تأخذ من الأطفال وقتًا طويلًا وطاقة كبرى يغيب فيها البعد التربويّ ولا تحضر إلّا الجوانب التعليميّة الصلبة القائمة على منطق النجاعة في وسط يكاد يفتقر فيه التلميذ إلى القدوة الحسنة والتوجيه الأخلاقيّ السليم، وقد ساهمت المنظومة التربويّة في جعل التلامذة يهجرون النوادي الرياضيّة والثقافيّة في سبيل حصص التدارك والاستعداد للامتحانات حتّى أصبحنا نشاهد في فترة المراجعة للامتحان الوطني، أطفالًا يغادرون محلّات الدروس الخصوصيّة الساعة الثانية بعد منتصف الليل في مشهد حقّ وصفه بكونه سرياليًّا، ولو اقتصر الأمر على الجانب المادّي لهان (معدّل الكلفة الماليّة الإجماليّة يتخطّى سنويّا 300 مليون دينار)، ولكن المسألة تتعلّق بالحيّز الزمني الذي تأخذه المدرسة الرسمية والمدرسة الموازية على حساب العمليّة التربويّة وعلى حساب الوليّ في التوجيه والنصح والهداية إلى الطريق المستقيم.

المدرسة والدروس الخصوصية تأخذان من الأطفال وقتًا طويلًا وطاقة كبرى يغيب فيها البعد التربويّ، في وسط يكاد يفتقر فيه التلميذ إلى القدوة الحسنة والتوجيه الأخلاقيّ السليم

رابعًا: المادّة الإعلاميّة التي تراهن في الغالب على الكسب المادّي والانتشار الواسع، حتّى أصبحت بعض المؤسّسات ترى حرجًا في تمرير عدد من الومضات التوعوية ذات البعد الأمني والوطني والبيئي خشية أن تخسر في تلك اللحظات فئة من الجمهور المهووس بالإضحاك الساذج السخيف والسجال السطحي المتهافت ومواضيع العنف والجنس والخصام الرياضي والأسريّ..

هذه العناصر الفاعلة وغيرهما ما كان لها أن تستحوذ على أذهان الأطفال ونفوسهم وألسنتهم لو لم يكن الأب عاجزًا عن توجيه ابنه لا بدافع التقصير وإنّما بسبب الانشغال وراء لقمة العيش والتصدّي لهموم الحياة المتناسلة، فكلّما "أجزت لهذه الدنيا مدى لقيت مدى".

  • "الرجال اللي تْعاني" هذه حكايات منهم وإلينا

"صالح" كهل في السادسة والخمسين يعمل في شركة دهن بالعاصمة، عائلته تقطن في أحد أرياف القيروان، لا يزورها إلا في الأعياد أو في المآتم أو بعض حفلات الزفاف التي تراجع تواترها خلال العقود الأخيرة، تبيّن له أنّ ابنه المراهق قد تحوّل من تلميذ منضبط مواظب جادّ إلى طفل متهوّر متكاسل مشاغب كثير الغيابات عن المعهد، والده مخيّر في هذه الوضعيّة الحرجة بين ترك العمل والوقوف على تربية ابنه عن كثب، أو المحافظة على عمله حتّى يضمن لأسرته الحدّ الأدنى الذي يكفل لها الكرامة الماديّة، أفضى به الأمر إلى ترجيح الخيار الثاني و"لا يكلّف الله نفسا إلّا وسعها".

الطفل ابن أبيه وأمّه بيولوجيًّا، أمّا تنشئته وتربيته وتعليمه، فهي من الأفعال المشتركة التي يتقاسمهما من زوايا مختلفة، الوالدان والمعلّم والأستاذ والإعلاميّ والسلطات والدولة عامّة

"منير" محظوظ لأنّه يبيت بين أفراد عائلته، يقطن بمنطقة المحمديّة ويعمل بإحدى حظائر البناء بولاية أريانة، يغادر المنزل حوالي الخامسة صباحًا فيترك أبناءه نيامًا ويعود في ساعة متأخرة فلا يدركهم إلا وقد غلبهم النعاس، فلا محادثة ولا مسامرة، حدّثني يومًا عن ابنه الذي ظلّ محرومًا من نيل بطاقة دخول أكثر من ثلاثة أيّام لأنّه لم يُحضر الوليّ إلى المعهد إثر غياب غير مبّرر، وما كانت أمّه قادرة على أن تنوبه لأسباب يعزّ ذكرها، فتساءل في حيرة "هل ثمّة صيغة أخرى تحدّ من نزيف الغياب دون أن يخسر الأب يوم عمل في نشاط مهنّي هشّ لا يمكن فيه بأيّ حال من الأحوال الاسترخاص أو الغياب خالص الأجر؟".

"فريد" رجل ميسور يملك مقهى، غير أنّه يعاني من أمراض مزمنة وممّا زاد في تعكير حالته إصابته بجلطة جعلته يتحرّك ويتكلّم بصعوبة، أصبح خلال الأشهر الأخيرة غير قادر على إلزام أبنائه بالانضباط في الحيّ وفي المدرسة، فقد فقدَ هيبته بعد أن كان بصوته وساعده يصول ويجول ولا يُرفض له طلب في البيت وفي العمل.

الإخفاق في تربية طفل واحد هو إخفاق جماعيّ، فكلّ الأطراف تتحمّل الوزر بدرجات متفاوتة

صالح ومنير وفريد وأمثالهم، أصبحوا عاجزين عن توجيه أبنائهم، يعانون شعورًا بالعجز وممّا يزيد في إحساسهم بالغبن والقهر، تجرُّؤ القاصي والداني على تحميلهم المسؤوليّة في واقع متحوّل متقلّب شديد التعقيد، يقتضي من العاقل الاستدراك والتنسيب والنأي بنفسه عن الأحكام الإطلاقيّة.

 

التربية
عجز الآباء عن توجيه أبنائهم، يولّد شعورًا بالعجز والغبن، يفاقمهما تجرُّؤ القاصي والداني على تحميلهم المسؤوليّة في واقع متحوّل متقلّب شديد التعقيد (صورة توضيحية/ pexels)

 

يمكن أن نستخلص من خلال هذه العيّنات تصوّرين يفضيان إلى موقف نهائيّ:

- التصوّر الأول: الطفل ابن أبيه وأمّه بيولوجيًّا، أمّا تنشئته وتربيته وتعليمه، فهي من الأفعال المشتركة التي يتقاسمهما من زوايا مختلفة، الوالدان والمعلّم والأستاذ والمبدع والإعلاميّ والسلطات الجهويّة والمركزيّة والدولة عامّة.

- النتيجة الثانية: الإخفاق في تربية طفل واحد هو إخفاق جماعيّ، فكلّ الأطراف المذكورة تتحمّل الوزر بدرجات متفاوتة.

الموقف: إنّ حصر المسؤوليّة التربويّة في الآباء موقف ظالم متعسّف، لنكفّ عن تحميلهم فوق طاقاتهم فقد أصابهم الخذلان من سائر الأطراف والجهات، الظروف الماديّة والأوضاع الاجتماعية والتشريعات وزاد في تعقيد أوضاعهم حال الدولة والثقافة والتعليم والإعلام، إنّ مَثَلَ الآباء في تربية آبائهم كمثل من "يريد أن يحرّك المحيط بملعقة".

 

الكلمات المفتاحية

منها النقد والموعظة والسخرية.. معاني التشبيه في اللهجة التونسية ومرجعياته

منها النقد والموعظة والسخرية.. معاني التشبيه في اللهجة التونسية ومرجعياته

التشبيه في اللهجة التونسيّة ينطوي على عمق ثقافيّ ودينيّ وقيمي ويتّصف بالانفتاح على الواقع في بعده الاجتماعي والسلوكي ويتميّز بالطرافة وروح الإبداع والابتكار


مقهى مقاهي حسن مراد Universal Images Getty

ولهم في المقاهي مآرب أخرى..

"نُشربو قهوة" في اللهجة التونسيّة دعوة تنطوي على رسائل شتّى منها طلب اللقاء للتشاور والحوار..


عاملات الفلاحة حسن مراد Getty Universal Images

الاعتراف بمهنة عاملة فلاحية في تونس بين النص والواقع

تواجه عاملات الفلاحة في تونس ظروفًا مهنية قاسية في ظل غياب الاعتراف الرسمي بنشاطهن من طرف مصالح الدولة


اللهجة التونسية المجتمع التونسي قهوة مقهى حسان مراد UCG

الثناء والاستحسان في اللهجة التونسية.. أصالة وطرافة وتجدّد

اللهجة العاميّة التونسيّة تحتاج كغيرها من الثروات الوطنيّة والموروث المشترك إلى التعهّد والنظر والتدقيق في سبيل الإحياء من جهة ورفع اللبس الدلالي من جهة ثانية

برنامج مباريات الجولة السادسة من البطولة التونسية
منوعات

البطولة التونسية.. تعرّف على برنامج الجولة 15 الختامية لمرحلة الذهاب

تدور مباريات الجولة 15 للبطولة التونسية لكرة القدم، على 3 دفعات أيام السبت 22 والأحد 23 والأربعاء 26 نوفمبر/تشرين الثاني 2025

نقابة الصحفيين التونسيين ندعو إلى تحرك وطني بالعاصمة والجهات أمام انتهاكات السلطة
میدیا

نقابة الصحفيين التونسيين: تحرك وطني بالعاصمة والجهات أمام انتهاكات السلطة

نقابة الصحفيين التونسيين: وضع قطاع الصحافة في تونس يعكس اتجاهًا ممنهجًا نحو التضييق على حرية التعبير واستقلالية الإعلام وحقوق الصحفيين المكتسبة، بما يتعارض مع الدستور التونسي والالتزامات الدولية للدولة في مجال حماية حرية الصحافة وحق المواطن في المعلومة


قضايا جديدة ضد 3 محامين في قضية التآمر.. هرسلة مستمرة للسان الدفاع
سیاسة

قضايا جديدة ضد 3 محامين في قضية "التآمر".. هرسلة مستمرة للسان الدفاع

قضايا جديدة ضد 3 محامين في قضية "التآمر".. ليست الأولى ضد محامين في هيئة الدفاع في هذه القضية على وجه الخصوص، وليست الأولى أيضًا إثر شكايات من الهيئة العامة للسجون على وجه التحديد

بسبب التأشيرة.. 8 من لاعبي المنتخب التونسي خارج قائمة مواجهة البرازيل وديًا
منوعات

بسبب التأشيرة.. 8 من لاعبي المنتخب التونسي خارج قائمة مواجهة البرازيل وديًا

المنتخب التونسي، بصدد الاستعداد لكأس العرب بقطر من 1 إلى 18 ديسمبر 2025 وكأس أمم إفريقيا بالمغرب من 21 ديسمبر 2025 إلى 18 جانفي 2026

الأكثر قراءة

1
اقتصاد

حوار| مستشار جبائي: ضغط جبائي مرتفع وتشجيع الاستثمار غائب في مشروع قانون المالية 2026


2
مجتمع

رابطة حقوق الإنسان: تسجيل حالات شلل جزئي في قابس ونطالب بإعلانها منطقة منكوبة


3
اقتصاد

جمعية: النمو الاقتصادي في تونس هشّ في ظل مخاطر محدقة وضعف هيكلي


4
مجتمع

وحدات سجنية جديدة في تونس ضمن مشاريع وزارة العدل لسنة 2026


5
سیاسة

جمعيات ومنظمات: وضع كارثي في السجون التونسية وانحراف خطير عن مسار العدالة