24-يناير-2023
مظاهرات سابقة للمحامين ضد محاكمة المدنيين عسكريًا (حسن مراد/Eyepix group)

مظاهرات سابقة للمحامين ضد محاكمة المدنيين عسكريًا (حسن مراد/Eyepix group)

الترا تونس - فريق التحرير

 

 

أثارت أحكام سجنية صدرت، نهاية الأسبوع الماضي، عن الدائرة الجناحية بمحكمة الاستئناف العسكرية في علاقة بـ"قضية المطار"، ضد نواب البرلمان المنحل سيف الدين مخلوف ونضال سعودي ومحمد العفاس وعبد اللطيف العلوي والمحامي مهدي زقروبة، استياء وتنديدًا في تونس.

وتعالت أصوات عدة على منصات التواصل الاجتماعي تونسيًا تنديدًا بمحاكمة مدنيين أمام القضاء العسكري واستنكارًا لما اعتبروها إخلالات في سير ما صار يٌعرف إعلاميًا بـ"قضية المطار".

حركة النهضة: هذه الأحكام تمثل استهدافًا لقطاع المحاماة ومحاولة للترهيب والتخويف والإعدام الاجتماعي ضد المحامين الشرفاء المعارضين للانقلاب والمدافعين عن قيم الحرية والعدل والديمقراطية وحقوق الشعب

في هذا السياق، تتالت البيانات الحزبية مع بداية هذا الأسبوع، إذ اعتبرت حركة النهضة (معارضة) أن ما حصل "سابقة خطيرة في تاريخ القضاء التونسي وانتهاكًا متجدّدًا لشروط المحاكمة العادلة". وحمّلت الحركة، في بيان، "سلطة الانقلاب مسؤولية هذا الانتهاك الصارخ والمتجدد لحقوق الإنسان ضد المعارضين السياسيين بمحاكمة المدنيين أمام القضاء العسكري مع إكساء أحكامها بالنفاذ العاجل على خلاف أحكام القانون في وقائع اتصل بها القضاء العدلي وصدرت فيها أحكام باتة غير قابلة للطعن"، وفقها.

وأدانت ما اعتبرته "استهدافًا لقطاع المحاماة ومحاولة الترهيب والتخويف والإعدام الاجتماعي التي تطال المحامين الشرفاء المعارضين للانقلاب والمدافعين عن قيم الحرية والعدل والديمقراطية وحقوق الشعب، عبر شطبهم من قائمة المحامين في تعدٍّ سافر على صلاحيات الهيئات المشرفة على القطاع".

 

 

في سياق متصل، أكد الحزب الجمهوري (معارضة) "رفضه المبدئي لتتبع المدنيين أمام القضاء العسكري لتعارضه مع معايير المحاكمة العادلة والماس بضماناتها المكفولة في المعاهدات والمواثيق الدولية"، مستنكرًا تعهد القضاء العسكري بقضية سبق أن بت فيها القضاء العدلي وأصدر فيها أحكامًا نهائية وشجبه لمحاكمة مواطنين مرتين بنفس التهم باعتباره تعدًيا خطيرًا على حقوق الإنسان والمواطنة"، وفق بيان للحزب.

الحزب الجمهوري: نرفض توظيف القضاء في الخصومات السياسية والقضاء المستقل هو الضامن الأكبر للحقوق والحريات وإقامة العدل

كما شدد على رفضه توظيف القضاء في الخصومات السياسية، مؤكدًا أن القضاء المستقل هو الضامن الأكبر للحقوق والحريات وإقامة العدل، وداعيًا كل القوى الديمقراطية إلى "تنسيق جهودها للوقوف في وجه هذه الانحرافات الخطيرة والانتصار لقيم العدل والحرية بعيدًا عن كل اصطفاف أيديولوجي مقيت".

 

 

وفي بيان بعنوان لا لـ"عدالة" الانتقام وتصفية الحسابات، قال حزب العمال (معارضة) إنه "ظل منذ تأسيسه وفيًا لمبادئه ومواقفه التي ترفض أيّ انتهاك لأيّ حق من حقوق الإنسان بقطع النظر عن الأفكار التي يحملها ضحايا الانتهاكات ويرفض "عدالة" الانتقام وتصفية الحسابات والتوظيف البدائي للقضاء للتنكيل بالخصوم السياسيين وأصحاب الآراء المخالفة لفرض الصمت والخوف تدريجًيا على المجتمع".

حزب العمال: نرفض منذ تأسيسنا أيّ انتهاك لأيّ حق من حقوق الإنسان بقطع النظر عن الأفكار التي يحملها ضحايا الانتهاكات كما نرفض "عدالة" الانتقام وتصفية الحسابات والتوظيف البدائي للقضاء للتنكيل بالخصوم السياسيين

وأدان في ذات البيان، "مواصلة سلطة الانقلاب محاكمة المدنيّين أمام القضاء العسكري. وهي ممارسة لم تتوقف منذ عهد الدكتاتورية واستمرت مع حركة النهضة وحلفائها بعد الثورة بالإضافة إلى تعطيلهم إصلاح القضاء العسكري وفقًا لما جاء في دستور 2014"، مدينًا كذلك "الانتهاكات الجسيمة لمبادئ العدل التي صاحبت هذه القضية ومنها خاصة محاكمة المعنيّين من قبل نوعين من القضاء في نفس الوقت من أجل نفس التهمة وهما القضاء المدني والقضاء العسكري في مسعى واضح للحصول على أشدّ حكم ممكن على المعنيّين. ومنها أيضا الاستعجال في اعتقالهم ومداهمتهم ليلاً بما يعبّر عن رغبة جامحة لسلطة الانقلاب في التسريع بحبسهم".

واستنكر الحزب كذلك "الحكم بمنع الأستاذ مهدي زقروبة من ممارسة المحاماة لمدة خمس سنوات وهو أمر من اختصاص الهيئة الوطنية للمحامين والذي يجب أن يكون كذلك كما هو معمول به في جميع بلدان العالم التي تحترم القانون".

حزب العمال: ندين مواصلة سلطة الانقلاب محاكمة المدنيّين أمام القضاء العسكري وهي ممارسة لم تتوقف منذ عهد الدكتاتورية واستمرت مع النهضة وحلفائها بعد الثورة

ونبه، في ذات البيان، إلى "خطورة المحاولات اليائسة واللامبدئية لتبرير التمشّيات القمعية لسلطة الانقلاب وهو ما من شأنه تسهيل التطبيع مع انتهاكات الحريات وحقوق الإنسان وفتح الباب أمام الاستبداد الشعبوي لتكميم الأفواه وبسط سيطرته المطلقة على المجتمع وهو ما سقطت فيه عدة قوى سياسية ومدنية مع نظام بورقيبة كما مع نظام بن علي بداعي أنّ استهداف الخصوم الأيديولوجيين والسياسيين مباح، حتى طالت عصى القمع والتصفية الجميع دون استثناء بمن فيهم أولئك الذين برّروا في لحظة من اللحظات القمع وصفّقوا له بذرائع انتهازية ولا مبدئية".

 

 

من جانب آخر، عبّر حزب حراك تونس الإرادة (معارضة منخرط في جبهة الخلاص الوطني)، وفق بيان أصدره، عن تضامنه المطلق مع المحكوم عليهم بما وصفها "الأحكام الجائرة التي أصدرتها محكمة الاستئناف العسكرية ضد رئيس كتلة ائتلاف الكرامة في مجلس نواب الشعب سيف الدين مخلوف وزملائه النواب نضال السعودي ومحمد العفاس وماهر زيد، والمحامي مهدي زقروبة".

حراك تونس الإرادة: إقدام القضاء العسكري على محاكمة مدنيين من أجل أفعال سبق للقضاء العدلي أن حاكمهم من أجلها يعدّ اغتيالًا للعدالة

واعتبر الحزب في بيانه أنّ "إقدام محكمة الاستئناف العسكرية على محاكمة مدنيين من أجل أفعال سبق للقضاء العدلي أن حاكمهم من أجلها واتصل القضاء بها وإكساء أحكامها بالنفاذ العاجل في خرق فاضح لأحكام الفصل 43 من مجلة المرافعات العسكرية، يعد اغتيالًا للعدالة وهتكًا لأبسط الحقوق الإنسانية"، حسب البيان. وجاء في ذات البيان أنّ هذه تعدّ "سابقة خطيرة جدًا تؤكد توظيف القضاء العسكري من طرف سلطة الانقلاب لترهيب المعارضين وقمعهم".

وقال الحزب إن "انخراط القضاء العسكري في تحقيق رغبات سلطة الانقلاب في التشفي والانتقام من المعارضين وإسراع السلطات الأمنية بتنفيذ الأحكام بعد ساعات قليلة من صدورها، يبيّن حالة الانحدار التي تشهدها المؤسسات في البلاد تحت إمرة سلطة الانقلاب"، وفق ذات البيان.

 

 

وكانت الدائرة الجناحية بمحكمة الاستئناف العسكرية قد قضت، مساء يوم الجمعة الماضي، فيما سمي بقضية المطار بالأحكام التالية:

  • النائب بالبرلمان المنحل سيف الدين مخلوف: سجن سنة وشهران مع النفاذ العاجل
  • المحامي مهدي زقروبة: سجن 11 شهرًا مع النفاذ العاجل و5 سنوات حرمان من ممارسة المحاماة
  • النائب بالبرلمان المنحل نضال سعودي: سجن 7 أشهر
  • النائب بالبرلمان المنحل ماهر زيد: سجن 5 أشهر مع النفاذ العاجل
  • النائب بالبرلمان المنحل محمد العفاس: سجن 5 أشهر
  • النائب بالبرلمان المنحل عبد اللطيف العلوي: عدم سماع الدعوى

وفي تطورات الموضوع، أكد عميد المحامين التونسيين حاتم المزيو، الاثنين 23 جانفي/ يناير 2023، خلال ندوة صحفية، أنّه تم تشكيل هيئة دفاع عن سيف الدين مخلوف ومهدي زقروبة، سيترأسها بنفسه، رفضًا للأحكام الصادرة في شأنهما من طرف القضاء العسكري.

عميد المحامين التونسيين: بعد إحالة سيف الدين مخلوف ومهدي زقروبة أمام القضاء العدلي وإصدار أحكام في شأنهما، كيف تقع إحالتهما من أجل الفعل نفسه على أنظار القضاء العسكري؟

وتابع المزيو بقوله: "لدينا ثوابت في مهنة المحاماة، إذ نرفض محاكمة المدنيين أمام المحاكم العسكرية، ونحن مع المحاسبة في إطار محاكمة عادلة تتوفر فيها جميع الضمانات القانونية، لكن بعد إحالتهم أمام القضاء العدلي وإصدار أحكام في شأنهم، كيف تقع إحالتهم من أجل الفعل نفسه على أنظار القضاء العسكري؟ وكيف يحاكم شخص ما على فعل مرّتين؟".

واعتبر المزيو أنّ هذا الأمر غير معمول به حتى في دول العالم الثالث، وفق وصفه، قائلًا إنّ إصدار القضاء العسكري لأحكامه ورفض طلب التأخير، فيه هضم لحقوق الدفاع ومساس بمسألة عدم اختصاصه في محاكمة المدنيين، "والخطير هو أن يحكم القضاء العسكري بالنفاذ العاجل في طور استئنافي ويتم تنفيذ تلك الأحكام بتلك الطريقة ليلًا، إذ نرفض تطبيق القانون بتلك الطريقة التعسفية كأننا في دولة غير ديمقراطية" وفق تعبيره.

عميد المحامين التونسيين: سنقدم كمحامين مطالبنا لمحكمة التعقيب بإيقاف التنفيذ، كما سيتم الاعتراض على أحكام القضاء العسكري

وشدّد حاتم المزيو على أنّ مجلس الهيئة الوطنية للمحامين في حالة انعقاد دائم لاتخاذ جميع الخطوات الممكنة، "وسنقدم كمحامين مطالبنا لمحكمة التعقيب بإيقاف التنفيذ، كما سيتم الاعتراض على هذا الحكم، ومن دور محكمة التعقيب أن تعدّل بين القضاء العسكري والقضاء العدلي باعتبار أنها المختصة للفصل حين تتنازع المحكمتان في الاختصاص" وفقه.

يشار إلى أنّ المحامية إيناس الحرّاث، قد دوّنت أنّ الجلسة الاعتراضية على الحكم الغيابي الاستئنافي العسكري الصادر في حق سيف الدين مخلوف عُيّنت ليوم 10 فيفري/ شباط 2023.