13-مارس-2020

أطلق مهنيو القطاع السياحي صيحة فزع (Getty)

 

لئن اقترنت ذروة انتشار فيروس "كورونا" في الصين بعيد الربيع الموافق للرابع عشر من جانفي/كانون الثاني الماضي، فإن تسجيل أول إصابة في تونس تزامن مع بداية شهر مارس/آذار الذي يقترن بالربيع وتفتح الأزهار واخضرار الزرع، بيد أن كل هذه المعاني ذهب ببهائها الخطر المحدق مع انتشار الفيروس متمددًا في المعمورة حتى أعلنته منظمة الصحة العالمية وباءً عالميًا.

وتؤكد أحدث الإحصائيات في تونس تسجيل 13 إصابة بـ"كورونا" في تونس ليتصاعد القلق ويتحول الهزل والنكات إلى الجدّ، خاصة في علاقة بالآثار المنتظرة على الاقتصاد التونسي الذي يعرف أصلًا ركودًا منذ سنوات، لتزيد هذه الأزمة من صعوباته وبالخصوص فيما يهمّ انعكاسات الفيروس العالمي على القطاع السياحي في تونس.

أدى فيروس "كورونا" إلى إلغاء الكثير من الحجوزات في النزل التونسية ما يهدّد الموسم السياحي خاصة بعد تعطّل النقل الجوي والبحري

في الساحل التونسي، حيث توجد 3 إصابات بالفيروس تحديدًا في منطقة بومرداس من ولاية المهدية وحيث يوجد في سوسة مستشفى فرحات حشاد الذي يستقبل جلّ المصابين، لاحظنا تقلص الزائرين من السياح الأجانب أو التونسيين وإن كانت هذه الفترة تعتبر بطبيعتها فترة ركود للموسم السياحي، لكن يبدو أن فيروس "كورونا" استبق التأثير منذ الشهر الفائت في ظل التخوفات تحديدًا من آثاره في الأشهر القادمة مع اقتراب فصل الصيف، ذروة الموسم السياحي في تونس.

اقرأ/ي أيضًا: حينما ينعش فيروس "كورونا" تجارة الأقنعة الطبية في السوق السوداء

وبمجرد الاعلان عن الاصابة الأولى بتونس، أعلنت السلطات الرسمية جملة من الإجراءات الوقائية بشكل تصاعدي ومطرد انتهى إلى تعطل عدة مصالح أهمها النقل البحري والجوي نحو البلدان الموبوءة، وتحديدًا إيطاليا، مع إلغاء الأنشطة الرياضية والثقافية وصولًا إلى اتخاذ قرار العطلة الدراسية المبكرة.

وفي آخر تصريح لوزير السياحة محمد علي التومي على هامش الجلسة العامة الانتخابية للجامعة التونسية للنزل، أكد معطى، كان منتظرًا واقعًا، وهو تراجع في الحجوزات السياحية في تونس وهو ما يعود بالأساس لحالة الذعر لدى الأوروبيين خاصة، وفق قوله. وأفاد رئيس جامعة النزل المغادر خالد الفخفاخ، بدوره، أن فيروس "كورونا" تسبب في إلغاء الكثير من الحجوزات وتوقف البعض منها مما يهدد الموسم السياحي بأكمله على حد تعبيره.

انخفاض في المؤشرات السياحية

باعتبار أن ولاية سوسة تعتبر الشريان الحيوي للسياحة في الساحل، اتصل "ألترا تونس" بالمندوب الجهوي للسياحة توفيق بالقايد لاستجلاء آخر المؤشرات السياحية في مرجع نظر الولاية خلال شهر مارس/آذار الجاري.

وخصّنا محدثنا بآخر الأرقام التي تفيد تسجيل وفود 13789 سائحًا في شهر مارس/آذار حتى الآن على منتجع القنطاوي السياحي أي بنقص يقدر ب37.2 في المائة مقارنة بنفس الفترة من السنة الفارطة، مضيفًا تسجيل وفود 21965 سائحًا في منطقة سوسة عمومًا في العشرية الأخيرة من 1 إلى 10 مارس/آذار 2020.

المندوب الجهوي للسياحة بسوسة: تأثير فيروس "كورونا" كبير وهو في تصاعد مطرّد

وأوضح أن هذا التقلّص انعكس سلبيًا على عدد الليالي المقضاة إذ بلغت عام 2019، 65079 ليلة لتنخفض إلى 52749 ليلة أي بانخفاض بنسبة 18.9 في المائة، مضيفًا أن هذا التراجع أثر كذلك على نسبة الإشغال فتراجعت من 21.1 إلى 16.9 في المائة.

وأكد المندوب الجهوي أن مردّ هذا التراجع هو انتشار هذا الوباء العالمي الذي تسبب في الحدّ من تواتر الحجوزات وكذلك إلغاء العديد من الحجوزات على بعض الأسواق التقليدية الهامة بالنسبة للسوق التونسية وخاصة سوسة والقنطاوي، مشيرًا إلى تراجع عدد الفرنسيين والإيطاليين والبريطانيين وكل الدول باستثناء السويد التي حافظت على نسق الأعداد الوافدة منها.

اقرأ/ي أيضًا: تاريخ الأوبئة الأكثر فتكًا بالتونسيين

وأكد القايد أن أغلب الأسواق تشهد تراجعًا ملاحظًا، أيضًا، نقصًا في السوق الجزائرية بلغ نسبة 25 في المائة، وبيّن أنه تم استقبال 2056 سائحًا جزائريًا مقارنة بـ 2740 سائحًا في نفس الفترة في أواخر الشهر الماضي، مع انخفاض طفيف في الليالي المقضاة بنسبة 3.7% في المائة.

وعلى مستوى الوقاية، أكد على المتابعة اليومية لتطور الوضع الصحي مشيرًا إلى تشكيل لجنة يقظة على مستوى المندوبية الجهوية للسياحة وأخرى على مستوى الوزارة. وأكد على متابعة الوضعية في مختلف مؤسسات الإيواء السياحي والتعرّف على طرق التوقي على أعلى مستوى استعدادا لمواجهة أيّ طارئ يمكن أن يحدث.

وأكد المندوب الجهوي للسياحة في سوسة، في ختام حديثه معنا، أن تأثير فيروس "كورونا" كبير وهو في تصاعد مطرّد على حد تعبيره.

وكالات الأسفار تلقت ضربات قاسية

وفي سياق متصل بتراجع الوفود السياحية بسوسة، اتصلنا بفرج البرجي، رئيس جامعة وكالات الأسفار بالوسط والساحل، الذي أكد على الوضع المتردي الذي وصل إليه وكلاء الأسفار ومتعهدي الرحلات في تونس عامة والساحل خاصة، مضيفًا أن "القطاع تلقى ضربات قاسية بسبب فيروس كورونا".

وأكد أن "مبدأ حفظ النفس هو المبدأ الأساسي ولكن في نفس الوقت تعتبر هذه المرحلة أسوأ فترة تمر بها السياحة التونسية والسياحة العالمية ككل" مشيرًا إلى أن وكالات الأسفار التي تعتبر الوسيط في النقل الجوي والبحري وجدت نفسها عاجزة عن ممارسة المهنة في ظرف أيام قليلة على حد تعبيره.

وقال محدثنا إن "الضربة الموجعة كانت بإلغاء العمرة" مبينًا أنه تم إلغاء 42 سلسلة من الرحلات الجويّة غير المنتظمة بين تونس وجدّة وبين تونس والمدينة المنورة منها 28 سلسلة تعود للخطوط الجويّة التونسيّة و14 سلسلة لشركة الطيران الجديد تبعًا لقرار المملكة العربية السعودية تعليق دخول المعتمرين إلى أراضيها لتجنّب انتشار فيروس "كورونا". وأضاف أنه تم إلغاء الحجوزات والرحلات نحو آسيا وأوروبا ومصر بنسبة 100 في المائة، ونحو المغرب بنسبة 80 في المائة، ونحو الأردن واسطنبول بنسبة 60 في المائة.

فرج البرجي (رئيس جامعة وكالات الأسفار بالوسط والساحل): نسبة إلغاء تذاكر سفر الطيران بلغت 65 % فيما بلغت نسبة 80 % في الباخرات

وتحدث رئيس جامعة وكالات الأسفار بالوسط والساحل، أيضًا، عن إلغاء المنتديات والملتقيات والرحلات السياحية الداخلية إذ تواصلت سلسلة الإلغاءات لتصل إلى نسبة 68 في المائة، مضيفًا أن نسبة إلغاء تذاكر سفر الطيران بلغت 65 في المائة فيما بلغت نسبة 80 في المائة في الباخرات، وقال إنه يمكن تقدير توقف النشاط اليوم بنسبة تتراوح بين 85 و90 في المائة.

وأمام هذا المنزلق الخطير الذي آلت إليه المهنة، سألنا فرج البرجي عن الحلول المقترحة لاحتواء الأزمة مجيبًا أن أغلب وكالات الأسفار التونسية هي عبارة عن شركات صغرى ومتوسطة وغير قادرة على مصارعة هذا الوضع.

وأضاف لـ"ألترا تونس" قائلًا: "كنا قادمين على ذروة النشاط فوجدنا أنفسنا في أدناه وموضوعنا اليوم المحافظة على هذه المؤسسات وبالتالي رفعنا طلبًا للحفاظ على قرابة 1280 وكالة أسفار في تونس والتي تساهم في الناتج الخام بنسبة 14 في المائة وذلك بالتماس الجهات المسؤولة بتوقيف وقتي للأداءات والمساهمة في الضمان الاجتماع ودفوعات الايجار المالي".

 كما أشار محدثنا إلى تقديم مقترح بتأسيس صندوق الجوائح السياحية لتتكفل بتعويضات عن الخسائر على غرار الصناديق المحدثة في قطاعات اقتصادية أخرى.

هكذا إذًا بدأ يعرف القطاع السياحي في تونس أزمة تلامس حجم وباء "كورونا" الذي أصاب العالم، وكان عنصر المفاجأة اللاعب الأساسي في اضطراب جميع الحسابات والمؤشرات التي كان قد تم التخطيط لها اقتصاديًا، كما أن الخط الزمني ساهم كذلك في ضبابية الرؤية حول موعد انجلاء هذا الخطر وبناء ما تهدم جراء هذا التعطل لكافة المرافق الحيوية في البلاد.

 

اقرأ/ي أيضًا:

كيف تفاعل التونسيون مع فيروس كورونا؟.. قراءة سوسيولوجية ونفسية

"سوسيولوجيا النكتة".. عندما أضحى فيروس "كورونا" مادّة للنكات